ترجمات عبرية

هآرتس: حرب ابدية في خدمة رؤيا نتنياهو

هآرتس 14/10/2024، عاموس هرئيلحرب ابدية في خدمة رؤيا نتنياهو

الغزو البري الاسرائيلي لجنوب لبنان يسير حتى الآن وفقا للخطط. الجيش الاسرائيلي يسيطر على قرى ومناطق معقدة في قطاع يبلغ عدة كيلومترات وراء الجدار الحدودي، ويدمر منشآت عسكرية ومخازن سلاح لحزب الله ويواصل الى القرى التالية. المقاومة التي يبديها حزب الله الآن محدودة. منظومة نيرانه بدأت تتعافى وتطلق مئات القذائف كل يوم نحو مستوطنات الشمال. أمس نجح حزب الله في ادخال مسيرة الى قاعدة للواء غولاني قرب بنيامينا وتفجيرها والتسبب بأربعة جنود قتلى وحوالي 60 مصاب. ولكن قوات الجيش الاسرائيلي التي تعمل في داخل المنطقة لا تواجه حتى الآن صعوبات حقيقية في التقدم.

يبدو أنه هذه ظروف يمكن أن تمكن اسرائيل من التطلع الى اتفاق سياسي جديد، بوساطة الولايات المتحدة والامم المتحدة، ومحاولة انهاء الحرب في الشمال خلال بضعة اسابيع. مشكوك فيه أن هذا ما سيحدث بالفعل. في الفترة الاخيرة بدأ الجيش الاسرائيلي في ادخال مراسلين لزيارات قصيرة في القرى ومواقع لحزب الله التي عمل فيها الحزب قرب الجدار. هذه المواقع اعدت لتكون نقطة انطلاق لحزب الله قبل هجوم مفاجيء لقوات الرضوان الى داخل اراضي اسرائيل. قرار حماس القيام بهجوم مستقل للمواقع ومستوطنات غلاف غزة في 7 اكتوبر الماضي، في الحقيقة حرق لحزب الله خطته التي اعدها لسنوات كثيرة.

ولكن ما يتبين الآن يكشف أن حجم التهديد الذي تم اعداده في الشمال كان اكثر خطورة حتى مما طبق في الجنوب. خلال سنوات جمع الجيش الاسرائيلي معلومات عن منظومات حزب الله واستعد لمواجهة معه (كما تم  الاثبات في الهجمات التي تضرر فيها جزء كبير من منظومات حزب الله)، لكن في نفس الوقت قادة الجيش ايضا اهتموا بتهدئة المخاوف التي اظهرها السكان على طول الحدود الشمالية، سواء بخصوص الانفاق التي توجد تحت الحدود أو بخصوص حجم الاستعداد المسبق لحزب الله. الآن حيث بدأ يتضح أن التهديد بالكامل فانه من المرجح القول بأن رؤساء المجالس المحلية وسكانها سيطلبون من الجيش الاستمرار في السير الى داخل لبنان، الى عمق المنطقة من اجل ازالة اخطار اخرى، وإلا فانه سيكون هناك خوف من أنه خلف منطقة القرى التي سيتم تدميرها ينتظرنا تهديد آخر، المزيد من الصواريخ المضادة للدروع بمدى 10 كيلومتر وحتى قذائف كاتيوشا قصيرة المدى والمزيد من قواعد قوات الرضوان.

مثير للاهتمام أنه حتى الولايات المتحدة لا تضغط في الوقت الحالي على اسرائيل للاسراع في انهاء المعركة في لبنان. الادارة الامريكية، التي حتى اغتيال رئيس حزب الله، حسن نصر الله، حاولت فرض على الطرفين وقف فوري لاطلاق النار، يبدو أنها توصلت الى استنتاج بأنه سيكون من الصعب الآن املاء خطوة مشابهة. يبدو أنهم ايضا في واشنطن يلاحظون امكانية هز المنظومة السياسية في لبنان بشكل يقلص المكانة الثابتة لحزب الله التي حظي بها في العقد الاخير في قوة ذراعه العسكرية. 

كل ذلك يخدم بالطبع حلم الحرب الأبدية لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. تقريبا بعد شهر على هجوم البيجرات في لبنان يبدو أن وسائل الاعلام في اسرائيل طبعت تماما وضع فيه ثلث اراضي الدولة يتم استهدافه كل يوم بالصواريخ والقذائف والنيران، ولا أحد ينبس ببنت شفة أو يحتج. المفتش العام للشرطة، داني ليفي، قال في الاسبوع الماضي بعد عملية دموية في الخضيرة بأن هذه الهجمات هي في الحقيقة أمر محتم. عكذا فان الحكومة تنوي أن يتعود الجمهور ايضا على اطلاق الصواريخ، الذي لم يعد أي أحد تقريبا يتساءل متى سيتم انهاءه. 

تسليم مشابه مع ما يتم عرضه كأمر واقعي يحدث ايضا في موضوع المخطوفين. نتنياهو خلق ازمات بشكل متعمد خلال اشهر الشتاء والربيع في كل مرة ظهر فيها تقدم محتمل في الاتصالات لعقد الصفقة. بعد ذلك عادت حماس ووضعت صعوبات. الآن حيث لبنان يحتل معظم الاهتمام الجماهيري والسياسي- في نفس الوقت اسرائيل تعد بالانتقام من ايران بسبب هجوم الصواريخ البالستية في 1 تشرين الاول – فان قضية المخطوفين تم كنسها تحت الاجندة. لم يعد هناك حتى أي تظاهر بأن العملية العنيفة في شمال القطاع، التي تركزت في جباليا، تهدف الى تحرير المزيد من الرهائن. وبعد قتل المخطوفين الستة على يد حراسهم في رفح فانه من الواضح أن حماس ستنفذ بشكل وحشي أمر اعدام المخطوفين كلما تم الكشف عن محاولة انقاذ اسرائيلية. 

في المقابل، حسب التقارير من القطاع فانه تجري حملة تدمير للجيش الاسرائيلي في جباليا، حيث في الخلفية توجد خطط لطرد السكان الفلسطينيين من شمال القطاع الى جنوبه. حتى الآن الغزيون يرفضون العمل وفقا للضغوط الاسرائيلية، ويبدو أنه لا توجد أي حركة نحو الجنوب الى خلف ممر نتساريم. ولكن الاحتكاك العسكري هناك يستمر ويحصل على اهتمام ضئيل على خلفية الاحداث الاخيرة في الساحة اللبنانية والايرانية. الجناح اليميني المتطرف في الحكومة لن يتراجع عن خطة السيطرة على المساعدات الانسانية للقطاع ونقلها من المؤسسات الدولية الى جهات اخرى. الجيش الاسرائيلي غير معني كليا بتحمل هذه المهمة الصعبة. الآن وافق نتنياهو على فحص بعد شهر ونصف تقريبا “مشروع ريادي”، الذي يدفع به وزراء الصهيونية الدينية، نقل ارساليات المساعدات الى يد مقاول فرعي، شركة امريكية.

توسيع الائتلاف بعد انضمام ساعر وقائمته والتحالف الوثيق مع احزاب اليمين المتطرف، يعطي نتنياهو الاستقرار السياسي – ويدفع قدما في ظله بالمزيد من الافكار الخطيرة، التي ستعمق غرق اسرائيل في الحرب، ويتوقع أن تورطها في مشكلات اخرى. في الساحة السياسية الائتلاف يحاول الآن الدفع قدما بقانون يضمن السيطرة على لجنة التحقيق التي ستفحص اخفاقات الحرب وابعاد منها ممثلي المحكمة العليا. وحتى بخصوص ما يحدث في الجيش الاسرائيلي، فان نتنياهو ومحيطه، واليمين المتدين، عادوا الى التنقيب في تعيين وترقية جنرالات. هذا يحدث مع الاهتمام المتزايد بتعيين رئيس الاركان القادم في محاولة لتشديد القبضة السياسية على هيئة الاركان وضمان نمو جيل جديد من الضباط الذين سيتم عرضهم بأنهم شجعان وجريئون، وعمليا يتميزون بالاساس بالخضوع للتوجيهات الجامحة من قبل الحكومة. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى