هآرتس: حتى لو وقع اتفاق فان الطريق الى السلام مع سوريا طويلة

هآرتس – جاكي خوري – 26/8/2025 حتى لو وقع اتفاق فان الطريق الى السلام مع سوريا طويلة
بعد سنوات على القتال والعداء المتبادل فان مجرد الحوار الذي يجري مؤخرا بين سوريا واسرائيل يمكن ان يعتبر انجاز. كثيرون يغريهم بالفعل تخيل اتفاق بين الدولتين، وربما حتى تطبيع العلاقات. ولكن حتى لو تم التوقيع على اتفاق امني فان الطريق الى السلام الحقيقي بين العدوين اللدودين ستكون طويلة ومعقدة.
الرئيس السوري احمد الشرع يحاول طرح نفسه كمن يعمل باستراتيجية جديدة امام اسرائيل مقارنة مع سلفه. في حين ان الرئيس الجديد معني بالظهور كحليف للغرف وليس كارهابي دولي، الا ان الامتحان الحقيقي بالنسبة له سيكون هل هذا الاتفاق حقا سيؤدي الى الاستقرار الامني واعادة بناء اقتصاد بلاده والاعتراف به من قبل دول المنطقة. اذا كان الجواب نعم فهو سيحصل على الشرعية لاقامة علاقات مع اسرائيل.
هذا سيكون وقت الامتحان بالنسبة للشرع. فهل سيتجرأ على فعل ما لم يتجرأ على فعله سلفيه حافظ الاسد والابن بشار: الاعلان بشكل علني عن التنازل عن هضبة الجولان. في سوريا هذا الاعلان ما زال يعتبر خط احمر.
اضافة الى جانب يطرح سؤال آخر يرتبط ليس فقط بسوريا، بل ايضا بلبنان: هل الدولتان يمكنهما السير نحو التطبيع مع اسرائيل بدون الانشغال اطلاقا بالقضية الفلسطينية؟ يبدو ان الجواب يكمن لدى زعماء السعودية، الذين اضافة الى تركيا اصبحوا من يقررون النغمة في الساحة السياسية – الاقتصادية في الشرق الاوسط. واذا اختارت الرياض تشجيع عملية التطبيع مع اسرائيل بدون الدفع قدما بالدولة الفلسطينية فان المعنى سيكون مختلف جدا عما اذا بقيت لامبالية بالعملية أو عارضتها بشكل علني.
في نفس الوقت، الساحة اللبنانية تواصل التعقيد، والاحداث الاخيرة في سوريا وعلى راسها الشعور بعدم الاستقرار في اوساط الدروز والعلويين، فقط تعزز الشعور بالتهديد في اوساط الشيعة في لبنان، وتزيد اللهجة الهجومية لحزب الله. من ناحيته فان أي تنازل عن سلاحه الذي بحوزته يعتبر مثل تعريض الرقبة للخطر. هو يرى في التفكك العسكري أو السياسي كحكم بالموت على الطائفة الشيعية في لبنان.
ان عدم الاستقرار في سوريا وفي لبنان يمكن ان يؤثر ايضا على احتمالية الدفع قدما باتفاق مع اسرائيل. هذا الاتفاق لا يعتبر فقط اختبار سياسي خارجي، بل هو يمكن ان يشكل تهديد داخلي على شرعية النظام. في السابق دفعت اسرائيل نحو عقد اتفاق منفصل مع الرئيس اللبناني بشير الجميل، الذي انتخب بدعم منها، رغم ان خصمه كان في حينه م.ت.ف وليس حزب الله. الجميل لم يتجرأ على التوقيع على اتفاق منفصل، وفي نهاية المطاف تم اغتياله. هذا المثال التاريخي يدوي جيدا. ايضا جوزيف عون في لبنان واحمد الشرع في سوريا يواجهان تحديات داخلية تجعل مجرد بقائهما على كفة الميزان. السلام مع اسرائيل يمكن ان يضمن الاستقرار الخارجي، لكن سيتبين انه عملية داخلية خطيرة.
في اسرائيل في هذه الاثناء يتوقعون الحصول فقط على شيء واحد وهو الأمن. الجمهور في اسرائيل، حتى في ظل خطاب اقليمي جديد، ما زال يتبنى المعادلة القديمة: الاتفاق بدون التنازل عن اراض. وسواء بالنسبة لسوريا أو لبنان فان اسرائيل تطمح الى الحفاظ على الحدود الحالية، وفي نفس الوقت الاستمتاع بالاعتراف المتبادل.
لكن سؤال هل اسرائيل يمكنها ضمان الهدوء والامن لمواطنيها بدون اعادة الاراضي أو الاهتمام بالقضية الفلسطينية بقي مفتوحا. على أي حال السطر الاخير واضح. فطالما ان سوريا ولبنان يسود فيهما عدم الاستقرار الداخلي وطالما ان القضية الفلسطينية خارج المعادلة فان الاتفاق الامني مع اسرائيل سيعتبر دائما خطوة متهالكة، يمكن ان تؤدي الى انهيار النظام في سوريا أو في لبنان، وربما حتى موت زعماءهما.