ترجمات عبرية

هآرتس: جهود الوساطة لوقف إطلاق النار توفر لإسرائيل نقطة انطلاق ملائمة

هآرتس 11-5-2023، بقلم عاموس هرئيل: جهود الوساطة لوقف إطلاق النار توفر لإسرائيل نقطة انطلاق ملائمة

احتاج “الجهاد الإسلامي” ما لا يقل عن 35 ساعة ما بين عملية الاغتيال الإسرائيلية لثلاثة قادة كبار منها في القطاع وبين الرد – إطلاق صليات مكثفة نحو جنوب البلاد وبضع الصواريخ أطلقت إلى مداخل “غوش دان”. في هذه الأثناء، وفي غياب عدد كبير من المصابين في الجانب الإسرائيلي، هذه فرصة جيدة لإسرائيل لإنهاء جولة القتال، والتي من المشكوك فيه أن يتم تحقيق نتائج أفضل في حالة استمرارها. آخذين بالاعتبار أن الفلسطينيين لم ينجحوا في إلحاق أي ضرر حقيقي، لم يتضح حتى الآن نهائياً فيما إذا كانوا سيوافقون على وقف سريع لإطلاق النار. أمس، أجرت المخابرات المصرية اتصالات مكثفة مع الطرفين في محاولة للوصول إلى اتفاق لإطلاق النار حتى ساعات الصباح.

إن تأخر الرد الفلسطيني ليوم ونصف كان أمراً استثنائياً جداً، وأثار قدراً لا بأس به من علامات الاستفهام في إسرائيل. في البداية، حاول الجيش الإسرائيلي الادعاء وكذلك في المستوى السياسي أن الأمر ينبع من الصدمة التي ألحقتها العملية بقيادة الجهاد والتي تكبدت خسارة فادحة. ولكن إسرائيل تميل دائماً للمبالغة في تأثير خطواتها العسكرية على الطرف الآخر. ربما بحث “الجهاد” في البداية عما تعتبره المنظمة هدفاً نوعياً في الجانب الإسرائيلي، على أمل تحقيق رد أكثر فاعلية. في البداية، وجد “الجهاد” صعوبة في تنسيق نشاطاته مع حماس. في الوقت الذي انقضى، اكتشف “الجهاد” أن لديه أفضلية معينة في الانتظار: لقد كانت إسرائيل هي التي ضغطت. الحياة اليومية في العديد من بلدات الجنوب شلت أيضاً أمس (الأربعاء) انتظاراً للرد الفلسطيني.

في غضون ذلك، تبنت الفصائل الفلسطينية رواية خاصة بهم لـ “سنرد في الوقت والمكان الذي نراه مناسباً”، وهي الوعد المشهور لرئيس الحكومة إسحق شامير بعد إطلاق صواريخ السكاد من العراق في 1991، في حرب الخليج الأولى. عثر الفلسطينيون بالخطأ على نوع من المشاريع: كيف ندخل الإسرائيليين في هلع دون أن نضغط على الزناد. في ساعات الظهر، انتقل “الجهاد” إلى الخطوط العملية. بدأت خلايا منه بتلقين أجهزة إطلاق صواريخ في مواقع الإطلاق تمهيداً للإطلاق. سلاح الجو أصاب أحدها وقتل عدداً من النشطاء. كما تم قصف عشرات أجهزة الإطلاق ومواقع إطلاق أخرى.

بعد ذلك، وفي حوالي الساعة 13:30 ظهراً، أطلق الجهاد الإسلامي للمرة الأولى عدة مئات من الصواريخ نحو غلاف غزة وإلى الشمال منه. سمعت صفارات الإنذار في تل أبيب. ولكن تأثير الصلية الأولى كان ضعيفاً. الأغلبية الساحقة من الصواريخ التي هددت مناطق مأهولة تم اعتراضها، ونسبة كبيرة منها سقط في حدود القطاع. حماس، التي صعدت تصريحاتها منذ أمس، نسقت مع “الجهاد” عملية الإطلاق من قبل، ولكن كما يبدو تركت معظم النشاطات للتنظيم الأصغر. حماس تمتلك قوة النيران الأهم، ومشاركة فاعلة نشطة منها في الإطلاق ستزيد مدى الإصابة وتزيد فداحة الأضرار.

التصريحات الفلسطينية أبرزت النشاط المنسق للتنظيمات في إطار غرفة العمليات المشتركة في القطاع. شخصية رفيعة في حماس، حسام بدران، أكد أن الاغتيالات الإسرائيلية مست بالشعب الفلسطيني كله، ولهذا فإن الرد سيمثل كل فصائله. متحدثون آخرون ذكّروا بالسيناريو الذي يقلق جهاز الأمن منذ عدة شهور – رد من ساحات متعددة (ومن بينها لبنان والضفة الغربية) والذي من شأنه أن يدهور المنطقة ويوصلها إلى حافة حرب. في هذه الأثناء، نشر عن عمليات أخرى. ففي قباطيا، بالقرب من جنين، قتل ناشطان مسلحان من “الجهاد الإسلامي” في اصطدام مع قوة من الجيش الإسرائيلي. في تونس قتل خمسة أشخاص من بينهم يهوديان أحدهما مواطن إسرائيلي، في عملية إطلاق نار بالقرب من كنيس، والتي حتى الآن من غير المعروف فيما إذا كانت رداً على مشاهد القتل في القطاع.

جهود الوساطة لوقف النار بدأت أمس، بعد ساعات معدودة من بدء إسرائيل بجولة القتال. الرسالة التي نقلتها إسرائيل لحماس بواسطة مصر، طلبت من التنظيم أن يقف جانباً ولا يتدخل في القتال. استجابة حماس في هذه اللحظة جزئية. رسمياً، حماس تؤيد “الجهاد” تسمح له بالعمل. فعلياً، مشاركتها في القتال محدودة. من المفهوم أن اطالة المعركة، ووقوع إصابات أكثر في الجانب الفلسطيني سيحثها على المشاركة في الإطلاق بنفسها أو محاولة المبادرة بعمليات أكثر طموحاً. في عمليات سابقة، استخدمت حماس من بين أمور أخرى الحوامات والغواصين. في الغالب دون تحقيق إنجازات حقيقية. الغطاء الدفاعي الذي توفره بطاريات القبة الحديدية، إلى جانب الجدار والسور ضد الأنفاق التي بنيت على طول الحدود، قلصت جزءاً من قدرات حماس على إلحاق الأضرار. بموازاة ذلك، تم استخدام ناجح أول بمنظومة “مقلاع داود” لاعتراض صاروخ أطلق باتجاه “غوش دان”.

باختصار، بقيت الاستراتيجية الإسرائيلية كما هي منذ نهاية عملية “حارس الأسوار” والتي بدأت في مثل هذا اليوم قبل سنتين بالضبط. لم تتغير رغم تبديل الحكومات المتعددة. إسرائيل تفضل الاشتباك مع “الجهاد الإسلامي” وعدم المواجهة المباشرة مع حماس من أجل أن يجلس التنظيم الأكبر والأخطر بهدوء نسبي، هي مستعدة لتجاهل المرات التي يساهم فيها في القتال بصورة محدودة وتسمح بإدخال أموال المساعدة القطرية للقطاع (حوالي 30 مليون دولار شهرياً) وتسمح بعمل 17 ألف عامل من غزة في أراضيها (والذين تدخل أجورهم على القطاع ما يقارب من 40 مليون دولار أخرى في الشهر).

بهذه الطريقة تجنبت إسرائيل تصعيداً كبيراً، ولكنها تدفع ثمناً. حماس تستثمر الوقت والمال في بناء قوتها العسكرية. وتضع نفسها كمنافسة حقيقية للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. العلاقة الإسرائيلية مع السلطة هي في حدها الأدنى، وبالتأكيد في ظل الحكومة الحالية، ويبدو أنها تفضل حتى تقديم تسهيلات لحماس بدلاً من مساعدة قيادة السلطة في رام الله. على كل الأحوال، إذا بقيت حماس قوية نسبياً ولا تخاف من إسرائيل، من الواضح أن كل التصريحات عن إعادة الردع الإسرائيلي يعتبر كلاماً فارغاً.

في الخلفية، يجب الانتباه لتاريخ آخر: 19 أيار، الجمعة من الأسبوع القادم والتي يحل فيه يوم القدس. في السنوات الأخيرة، هذا موعد حساس بشكل خاص على خلفية مسيرة الأعلام التي تقوم بها “الصهيونية الدينية” في البلدة القديمة والمحاولات الفلسطينية للتشويش عليها. البيانات الفلسطينية تذكّر بهذا التاريخ. ربما سيكون في غزة من يريدون مد الجولة القتالية حتى “يوم القدس”، واستغلال التوتر الديني حول المدينة لإذكاء اللهب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى