هآرتس: جهاز الامن استنفد القتال في لبنان وفي قطاع غزة، وماذا بشأن نتنياهو؟
هآرتس 30/10/2024، عاموس هرئيل: جهاز الامن استنفد القتال في لبنان وفي قطاع غزة، وماذا بشأن نتنياهو؟
الاجماع في جهاز الامن واسع بدرجة مفاجئة. كل كبار القادة في الجهاز، من وزير الدفاع يوآف غالنت فما دون تحدثوا في الاسبوع الاخير بصوت شبه موحد. بعد سلسلة الانجازات العسكرية والاستخبارية في الاشهر الثلاثة الاخيرة فان الحرب في قطاع غزة وفي لبنان قريبة من الاستنفاد. فقد بقيت للجيش الاسرائيلي خطوات حيوية معدودة على الارض. وبعد ذلك في اقرب فرصة يفضل السعي الى التوصل الى اتفاقات تنهي القتال في الشمال وفي الجنوب وتشمل صفقة لاعادة جميع المخطوفين من أسر حماس.
في جهاز الامن يقولون بأنه اذا استمرت الحرب لفترة طويلة اخرى فسيكون من الصعب تحقيق الكثير مما تم تحقيقه في السابق، في حين أن البقاء الطويل في المناطق التي تم احتلالها يزيد خطر التورط والكثير من الخسائر. قوة الضربات ضد حزب الله وحماس، ومؤخرا ايران، تخلق فرصة معقولة من اجل التوصل الى اتفاق. ولكن هذا الاتفاق سيكون مقرون ايضا بتقديم تنازلات غير سهلة بالنسبة لاسرائيل.
هذا التفسير المتفائل مبني على أمل أن اعداء اسرائيل سيتساوقون في هذه المرة مع تقديرات الاستخبارات – الامر الذي لم يحدث حقا في الـ 13 شهر الاخير منذ الهجوم الارهابي على بلدات غلاف غزة في 7 اكتوبر. وهو ايضا يتعلق برغبة شخص رئيسي واحد وهو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. في قيادة الجيش العليا يقولون بأنه من الصعب قراءة نوايا نتنياهو الذي ينثر اشارات متناقضة في تصريحات علنية وفي نقاشات مغلقة.
ربما أن اللغز أسهل على الحل مما يعتقدون. في “أخبار 12” تم بث أول أمس تسجيل يقولون إن نتنياهو قاله في قائمة الليكود حول صفقة التبادل. نموذج العملية معروف منذ بداية السنة الحالية: في كل مرة يظهر فيها ظل احتمالية لتحقيق صفقة (في هذه الحالة ارسال رؤساء الشباك والموساد الى مصر وقطر، واقتراح مصري ضبابي لاطلاق سراح بعض المخطوفين مقابل فترة قصيرة من وقف اطلاق النار)، الذي اهتم رئيس الحكومة برفضه على الفور، من خلال التسريب أو التسجيل. في هذه المرة قال إنه لن يوافق على صفقة لا تسمح للجيش الاسرائيلي باستئناف القتال في القطاع. في الجيش يعتقدون أن هذا خلاف زائد: في الاصل حماس لن تضبط نفسها فيما بعد وهي ستخرق الاتفاق بصورة تلزم في مرحلة معينة بالعودة الى القتال.
مع ذلك، تغيرت عدة امور منذ المرة السابقة التي اتبع فيها نتنياهو اسلوب مشابه في شهر تموز الماضي. أولا، الاهتمام بحياة المخطوفين زاد كثيرا. كل عشرة ايام بالمتوسط نحن نفقد حياة المخطوفين، حذر مؤخرا الوزراء مصدر مطلع على هذه القضية. توجد ايضا حالات لمخطوفين الذين اعلنت الدولة عن موتهم، لكن لا توجد معلومات دقيقة عن مكان دفنهم، بسبب أن رجال حماس الذين دفنوهم قتلوا اثناء المعارك مع الجيش الاسرائيلي.
في مركز الاسرى والمفقودين العسكري توقفوا عن التحدث عن دفعة “انسانية” اولى في الصفقة، التي كان يمكن أن تشمل النساء والمرضى والجرحى. يفترضون هناك بأن جميع المخطوفين بعد فترة طويلة جدا وظروف قاسية جدا يوجدون في حالة صحية خطيرة. وضع جثث المخطوفين الستة الذين قتلوا على يد حماس في رفح يدل على ذلك. ايضا احتمالية تنفيذ عمليات انقاذ ناجحة اخرى تضاءلت جدا، بعد أن اصدرت حماس أمر للحراس باعدام على الفور المخطوفين في أي حالة تشخص فيها حركة لقوة للجيش الاسرائيلي قرب المكان.
ثانيا، هناك شيء ما في موقف الجيش تغير، هذه المرة اخيرا نحو الافضل. سلسلة النجاحات للجيش الاسرائيلي وجهاز الاستخبارات، في لبنان وفي ايران وفي غزة، اعادت القليل من الحيوية الى وجه هيئة الاركان، المسؤولة الرئيسية عن الاخفاقات في 7 اكتوبر، والتي من الجدير بها أن تنسب لنفسها ايضا المس الكبير بقدرات حزب الله وحماس ونجاح الهجوم الجوي في نهاية الاسبوع الماضي في ايران (نتنياهو الذي يتملص كليا من المسؤولية عن الفشل ينسب لنفسه في المقابل الفضل في النجاح). جيوش واجهزة مخابرات صديقة غربية وفي المنطقة، التي كانت مصدومة من فشل اسرائيل قبل سنة، يغدقون الثناء على الجيش الاسرائيلي، بفضل الانجازات في هذه الاشهر. هم يتأثرون من جودة المخابرات ودقة الضربات الجوية والقدرة على العمل على مسافة بعيدة عن حدود اسرائيل، ايضا في مناطق مأهولة ومكتظة. يصعب الحديث عن ردع اقليمي بعد كارثة كبيرة بهذا الحجم، لكن من الواضح أن وضع اسرائيل تحسن في الفترة الاخيرة.
هذا ايضا يؤثر على قدرة المساومة للقيادة الامنية في النقاشات وفي الخلافات المتواترة مع نتنياهو. اذا فكر رئيس الحكومة في التخلي عن رئيس الاركان هرتسي هليفي ورئيس الشباك رونين بار من اجل القاء مسؤولية الفشل عليهما، فهو سيجد الآن صعوبة في فعل ذلك. وضع غالنت معقد أكثر. فنتنياهو اهتم في ضم للائتلاف اربعة اعضاء كنيست من قائمة جدعون ساعر، وحتى الآن هو يهتم بالحفاظ على التهديد باستبدال غالنت بساعر، أو مثلما طرح أمس، حتى استبداله باسرائيل كاتس. مع ذلك، الاحتمالية الفورية لاقالة وزير الدفاع ربما ستتضاءل اذا تم التوصل الى التسوية التي تلوح في الافق حول مواصلة تهرب الحريديين من الخدمة بدون حاجة الى دفع الائتلاف الى تمرير قانون جديد، يعارضه غالنت.
فقط لا تُبلغوا بن غفير
الفجوة بين الخطاب القاطع في اسرائيل والوضع على الارض تتجسد في عمليات الجيش الاسرائيلي في مخيم جباليا في شمال القطاع، التي بدأت في بداية الشهر الحالي. الجيش دخل الى جباليا من اجل القضاء على البنية التحتية للارهاب التي احيتها حماس من جديد في المخيم، وهي تشمل مئات المخربين. في الخلفية كانت هناك محاولة للدفع نحو تطبيق “خطة الجنرالات”، التي تقترح استخدام الضغط الكبير على سكان المنطقة بهدف دفع مئات آلاف المدنيين الفلسطينيين نحو الجنوب.
نشر الخطة التي لم يتم تبنيها رسميا، اثار ردود شديدة في الغرب ومطالبة الادارة الامريكية بتوضيح من اسرائيل. عمليا، في الحقيقة تم ابعاد بشكل مؤقت عشرات آلاف المواطنين عن المخيم، لكنهم لم يواصلوا طريقهم نحو الجنوب. حسب بيانات الجيش الاسرائيلي فانه في ثلاثة ايام في الاسبوع الماضي انتقل نحو الجنوب عبر ممر نتساريم 12 – 29 شخص في اليوم فقط. وبعد أن شوشت اسرائيل بشكل متعمد ادخال المساعدات الانسانية الى شمال القطاع فقد اضطرت الى التراجع. مؤخرا أمر المستوى السياسي الجيش، بضغط امريكي، بالاهتمام بادخال 250 شاحنة في اليوم الى القطاع، الامر الذي بالطبع لم يتم ابلاغ اعضاء اليمين المتطرف به، الذين يطالبون بتجويع وتعطيش السكان.
الجيش الاسرائيلي قلص في هذا الاسبوع حجم العملية واخرج من المخيم لواء من الالوية الثلاثة التي عملت فيه. بالنسبة لعدد القتلى، صحيح أنه قتل حسب الجيش مئات المخربين، لكن هناك خسائر ايضا في الطرف الاسرائيلي. أمس قتل ضابط وثلاثة جنود من الوحدة متعددة الابعاد بسبب انفجار بيت مفخخ. في الاسبوع الماضي قتل بانفجار عبوة ناسفة العقيد احسان دقسة، قائد اللواء النظامي المدرع 401. وفي حادثة اخرى اطلق صاروخ مضاد للدروع على بيت احتله الجيش في المنطقة بعد فترة قصيرة من انهاء رئيس الاركان زيارة له في البيت.
نتنياهو عقد أمس جلسة مشاورات أمنية مقلصة لمناقشة الاقتراح الامريكي لتسوية تنهي القتال في لبنان. الادارة الامريكية تبذل هنا جهد اخير بقيادة المبعوث عاموس هوخشتاين قبل الانتخابات الرئاسية الامريكية بعد ستة ايام. الاتفاق يتحدث عن ابعاد حزب الله الى شمال نهر الليطاني وتعزيز الجيش اللبناني بمساعدات دولية، ضمن امور اخرى بتدريب بريطاني وثيق، وتعزيز قوة اليونفيل الفاشلة واقامة آلية لتنفيذ ناجع للقرارات. ضباط كبار في الجيش قالوا للصحيفة بأنه يوجد على الاجندة “اقتراح افضل بكثير من القرار 1701، الذي انهى حرب لبنان الثانية. ولكن كل شيء مرهون بقوة احتمالية التنفيذ”.



