هآرتس: جنون الدولة التي تهاجم اشخاص تقوم بالتفاوض معهم حول اطلاق سراح مخطوفيها

هآرتس 11/9/2025، أوري مسغاف: جنون الدولة التي تهاجم اشخاص تقوم بالتفاوض معهم حول اطلاق سراح مخطوفيها
هجوم سلاح الجو في الدوحة يبدو كأنه العملية العسكرية الاكثر هستيرية في اسرائيل. أي دولة تغتال بشكل وحشي اشخاص تقوم باجراء مفاوضات معهم حول تحرير مخطوفين، في الوقت الذي يجتمعون فيه لمناقشة خطة الصفقة وانهاء الحرب، والتي تمت بلورتها برعاية امريكا؟ وتفعل ذلك على ارض دولة وسيطة دائمة منذ 7 اكتوبر، التي ليس فقط ساعدت على بلورة الصفقات السابقة، بل هي حتى استضافت وبحق في هذه المدينة الوفود، بما في ذلك الوفد الاسرائيلي.
فقط دولة فقدت الصواب بشكل نهائي ومطلق. حتى الآن عمل نتنياهو ومساعدوه وابواقه ومن زرعهم كل ما في استطاعتهم لتخريب صفقات التبادل، بعدة طرق متعرجة وذكية. نحن اعتقدنا ان هذا يفوق أي تخيل، وعندها حدث صعود درجة: محاولة قتل هؤلاء، مهما كانوا حقيرين، الذين يمكن أن يعيدوا لنا المخطوفين الذين يموتون في الانفاق.
المرحلة القادمة كما يبدو هي ببساطة قتل من الجو المخطوفين انفسهم. عمليا، ربما هذا الامر اصبح في ذروته، وبواسطة قصف مدينة غزة، مع المليون مدني فيها، فان “العاصفة البركانية” التي عاد ووعد بها وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، وتشمل “اسقاط ابراج الارهاب”، كما تبجح نتنياهو – بدون التطرق الى مسألة هل تحت الانقاض والى جانب مئات الضحايا “غير المشاركين” لم يدفن ايضا مخطوفون اسرائيليون.
انا ببساطة أخجل من ان أكون اسرائيلي. فالدولة التي احببتها وتفاخرت بها، رغم اخفاقاتها وعيوبها، اصبحت رسميا كيان مجنون، تهاجم وتدمر وتقصف في كل الاتجاهات، وتستخدم فقط القوة وتعمى عن رؤية عواقب افعالها (المحلية، الاقليمية والدولية).
أنا انظر بيأس الى وسائل الاعلام المتحيونة، التي مرة تلو الاخرى تقف بصمت متوتر ويسيل لعابها على “العملية التاريخية” والذخيرة الدقيقة، بدون التوقف وسؤال السؤال الرئيسي: ما الذي تم تحقيقه وبأي ثمن، وهل هذا يخدم مصالح اسرائيل ومواطنيها القومية، وليس مصلحة نتنياهو، وكيف ان القرار والتوقيت يرتبطان بمحاكمته والتحقيق معه (قطر غيت والغواصات)، ومع وضعه السياسي (قتلى، عمليات واستطلاعات).
بعد ذلك انا انظر الى المعارضة. لا يوجد هناك وبحق كائن حي في اسرائيل على يمين الديمقراطيين. يئير لبيد يسارع الى المباركة، غانتس وتروفر يستندان، بينيت يواصل الركض بين الاستوديوهات في امريكا وبريطانيا ويكرر التحدث عن اعمال الحكومة ورئيسها، الذي يتفاخر بأن يحل مكانه. المشكلة هي الاعلام، أي ليس السياسة الكارثية والاجرامية، بل عدم القدرة على شرحها.
الاتحاد الاوروبي بعد قليل سيفرض عقوبات. وبعد ذلك سيأتي حظر دخول الاسرائيليين. الامن الشخصي والامن القومي في حضيض غير مسبوق. الاسرائيليون يقتلون في عمليات ويحرقون في الدبابات وفي ناقلات الجنود، وهم يتحدثون عن “الرسمية” و”الاعلام” و”الاسرائيلي الجيد” بدلا من تمزيق صورة الاوغاد الفاشلين، المسؤولين عن هذه الكارثة المتدحرجة. ولكن كل ذلك يتقزم امام مسؤولية وعار من ينفذون الاوامر. وكما هو متوقع فانه في سلوك بافلوفي حقيقي نشرت بعد الهجوم التقارير المعتادة عن معارضة رؤساء جهاز الامن. رئيس الاركان عارض، القائم باعمال رئيس الشباك عارض، رئيس الموساد عارض، وحتى رئيس هيئة الامن القومي عارض!. يمكن هنا الضحك أو البكاء.
يعارضون وينفذون، يتباكون ويطلقون. بدرجة كبيرة ذنبهم هو اكبر من ذنب نتنياهو. لم يعد هناك أي أمل منه. لقد قرر منذ فترة التخلي عن المخطوفين والتضحية بمئات آخرين من الجنود من اجل الحفاظ على الحرب وحالة الطواريء التي ستمنع اسقاطه. بالنسبة له الهجوم استهدف تخريب اعادة المخطوفين وحرف انتباه الرأي العام عن اخفاقاته. لذلك فان الهجوم نجح بشكل كامل، حتى لو أنه في نهاية المطاف هؤلاء القادة الكبار لم تتم تصفيتهم.
لكن أي قائد، مخطط أو طيار، شارك في هذه العملية هو مذنب بسبب مشاركته في الجريمة، وازاء هذا الافلاس الذي وصف هنا فانه من الواضح ان ذلك لن يتوقف عند طهران وقطر. الهدف القادم بالتاكيد يمكن ان يكون اسطنبول أو القاهرة. هجوم تاريخي مع ذخيرة دقيقة.