هآرتس: جميعنا قمنا بالخيانة، التضحية بالمخطوفين وبأبنائنا، من اجل القضاء على آلاف الغزيين

هآرتس 6/7/2025، ايريس ليعال: جميعنا قمنا بالخيانة، التضحية بالمخطوفين وبأبنائنا، من اجل القضاء على آلاف الغزيين
اسرائيل ستتم محاكمتها تاريخيا على ثلاث خيانات، ولن تجد أي شفقة عليها. خيانتها للمخطوفين والتخلي عنهم وتركهم للعذاب والجوع والموت؛ خيانتها للانسانية، أي الاعمال الفظيعة التي نفذتها في غزة والتدمير الوحشي والقتل الجماعي عديم التمييز والتجويع المتعمد للمدنيين، من بينهم اطفال ماتوا بسبب سوء التغذية دفنوا تحت انقاض المباني التي تم قصفها؛ الخيانة الثالثة هي خيانة اجيال من المدنيين، من بينهم آباء وأمهات، لابنائهم الجنود الذين اصيبوا أو قتلوا أو تحطمت انفسهم ولم يتجرأوا على القول لهم: نحن قمنا بتربيتكم على الطاعة، لقد اخطأنا، هذه حرب ليس لها هدف، توقفوا عن الطاعة، ارفضوا.
ذكرى خيانة المخطوفين لاسباب سياسية لن تتلاشى مع مرور الوقت، بل هي ستنقش على جلودنا جميعا: من لم يملأوا الشوارع، من باعوا في الاستوديوهات كذبة “الضغط العسكري سيعيدهم”، مثل تجار المخدرات الذين يجذبون الضعفاء الى الادمان القاتل، الذين استخدموا زعران شبكة نتنياهو من اجل شتم واهانة عائلات المخطوفين، وبالطبع هو نفسه. هو وزوجته اللذان حصلا على عناق موثق من عيناف تسنغاوكر، كل واحد كان سيعانق ويحضن الشيطان من اجل انقاذ اولاده. ولكن مطالبة ترامب المرضية من المخطوفين الذين تم اطلاق سراحهم، وهي العودة والقول امام العدسات أنه فقط بفضله هم ما زالوا على قيد الحياة أو التقاط الصور ونشر العناق مع تسنغاوكر، تذكر بالعناق والقبلات والشكر الذي طلبته حماس من المخطوفين قبل لحظة على تحريرهم.
من اجل التعبير عن رأي حول افعال اسرائيل في غزة لا يجب انتظار محاكمة التاريخ، لأنها تجري في الواقع والثمن يتم دفعه. اذا كان في احتفال كبير مثل غلاستونافري في بريطانيا كان اقل قدر متوقع هو شعارات ضد اسرائيل، فانه في هذه السنة هتفوا هناك “الموت لجيش الدفاع الاسرائيلي”، والجمهور الواسع انضم الى ذلك. ايضا المقاطعة الاكاديمية لاسرائيل تزداد، بعد ان تمت مقاطعة اتحاد الاخصائيين النفسيين من قبل المؤسسة الدولية الأم، وادارة جامعة ايندهوفن في هولندا طلبت من اعضاء الكادر الاكاديمي فيها تعليق أي تعاون شخصي مع الباحثين الاسرائيليين. الثقافة والفن في اسرائيل اصبحا منبوذين، واذا كان يوجد أي ناشر معني بان ينشر كتاب لمؤلف اسرائيلي فانه يخشى من ان تتم مقاطعته. عن جوائز ادبية لا يوجد ما يقال. لا احد ينتظر ما سيقوله القضاء الدولي. الصور من غزة تتدفق وايضا الشهادات. اسرائيل، كما قرروا في العالم الحر، ترتكب ابادة جماعية.
شهادات الجنود في مقال توم لفنسون، الذين فقط بالأمس شاركوا في حفل التخريج في المدرسة الثانوية، ربما هي الدليل القاطع على ثقافة العقيدة السائدة فيها، وهكذا ايضا خطابات التابين التي تلقى منذ سنة وتسعة اشهر، التي يتحدث فيها الاباء عن التضحية والبطولة. حتى لو كان في البداية يمكن الاعتقاد ان هؤلاء الاولاد سينقذون الدولة من الخطر الفوري فكيف يمكن ان يستمر ابناء الـ 19 سنة في ان يُقتلوا، عندما اصبح من الواضح للجميع لماذا تستمر هذه الحرب؟ كمجتمع، آباء، وازواج، الاسرائيليون انتظروا فترة طويلة من اجل المطالبة بوقف الحرب. وطوال هذه الفترة جنود يعانون من ما بعد الصدمة ما زالوا ينتحرون.
هل ما زال يمكننا تحويل هذه الدولة الى ما كان يمكن ويجب ان تكون؟ ازاء ما قيل اعلاه فانه يصعب عدم مهاجمتنا بالعجز، لكن هناك شيء واحد واضح وهو انه اذا لم يستيقظ ضمير كل الشعب، ولم يعترف بحقيقة انه اصيب بالجنون، ولم يتحمل المسؤولية الجماعية ويعترف بالافعال والتهمة – فانه ليس فقط القيادة وليس فقط نتنياهو، بل جميعنا سمحنا وتعاونا وخضعنا وضحينا بالمخطوفين وبأبنائنا من اجل القضاء على عشرات آلاف المدنيين، اطفال ونساء في القطاع. واذا لم يكن هناك اعتراف كهذا فانه لن تقوم لنا قيامة.