هآرتس: جسر غولان يصل فقط الى منتصف النهر
هآرتس 28/8/2024، ران شوشان: جسر غولان يصل فقط الى منتصف النهر
جميعنا نأمل انتهاء الحرب وعودة المخطوفين بسرعة الى البيت. ولكن من اجل تحقق هذا الامل هناك شرطان. اولا، اجراء الانتخابات للكنيست. ثانيا، فوز المعارضة وتشكيل حكومة جديدة. ولكن للاسف المفتاح لاغلبية برلمانية وتبكير موعد الانتخابات ليس في جيبنا، بل في جيب اعضاء كنيست مجهولين في الليكود. اذا قام خمسة منهم بالانشقاق عن الائتلاف وانضموا للمعارضة فان الحكومة ستسقط.
في مقال له بعنوان “أين كنتم، يا رؤساء الليكود؟” (“هآرتس”، 26/7) تساءل اودي فريدمان وزراء الليكود. “ماذا ترون في الصباح في المرأة؟ كيف لا تخجلون من التعاون مع الذي يقوم بتدمير دولة اسرائيل؟”. لا يوجد لدولة اسرائيل إلا أن تأمل في أن يكون في الليكود اعضاء كنيست يخافون على أمنها ووجودها. مع ذلك، يجب التذكر بأن المسيرة السياسية لاعضاء الكنيست هؤلاء هي القوت اليومي، وبطبيعة الحال هم يخشون على مورد الرزق وليس فقط على مصير الدولة. لذلك، اضافة الى التوجه للمنطق والضمير يجب أن نعرض عليهم مقعد في الكنيست من قبل المعارضة. أين؟.
لذلك، يجب خلق المعارضة من جديد وارتكازها على قدمين بدلا من خمسة. القدم الاولى حزب الوسط – يسار للمصوتين الديمقراطيين وحزب يوجد مستقبل. وقدم اخرى من حزوب وسط – يمين لمصوتي المعسكر الرسمي واسرائيل بيتنا وامل جديد والذين انسحبوا من الليكود. القدم الاولى، اتحاد حزب الوسط – يسار مع حزب العمل – ميرتس، والاتحاد مع حزب يوجد مستقبل سيستكمل ذلك. القدم الثانية تحتاج الى بذل جهد اكبر بسبب التحديق الخالد لبني غانتس للحريديين. كل من له عقل في رأسه يعرف أن الحريديين لن يتنازلوا عن التحالف مع نتنياهو. واذا تركوه فان الحديث ما زال يدور عن قنبلة ديمغرافية موقوتة ستنفجر في أي لحظة. ربما أن غانتس هو السياسي الوحيد الذي يمكنه انقاذ الدولة من الخنق لحكومة نتنياهو، لأن اسمه ما زال يسير امامه بصفته زعيم رفيع في معسكر الوسط، ولأن حزب كبير ما زال يسير وراءه. مستقبل الدولة يوجد في يده. فاذا قام بتشكيل حزب وسط – يمين مع افيغدور ليبرمان وجدعون ساعر فان التاريخ سيعتبره المخلص لدولة اسرائيل؛ لكن اذا ادار الظهر لهم واستمر في مغازلة الحريديين فسيتم تسجيل اسمه بالسوء على صفحاته وسيتم تذكر شراكته مع نتنياهو في التسبب بانهيار الدولة.
توحيد احزاب المعارضة وتقسيمها الى قسمين لن يأتي من تلقاء نفسه. فاذا لم يتم تشكيل طاقم من اجل دعوة وعقد لقاء لرؤساء الاحزاب وباشراك مهنيين وخبراء في ادارة الازمات فانه لن يحدث أي شيء. من سيكون اعضاء الطاقم؟. أنا فكرت ببعض كتاب المقالات في هذه الصحيفة مثل رئيس الحكومة السابق اهود اولمرت، الجنرال احتياط اسحق بريك، البروفيسورة انيتا شبيرا، البروفيسور دان بن دافيد – الذين جميعهم حذروا من الخطر الذي يحدق بالدولة بسبب نتنياهو. وأنا آمل أن يقوموا بخلع القفازات.
المعارضة لا يمكنها الرهان على احزاب صغيرة لا تكاد تلامس نسبة الحسم. من يفضل خمسة احزاب صغيرة وضعيفة بدلا من حزبين كبيرين وقويين، فانه لم يتعلم أي شيء من فشل ميرتس التي لم تتجاوز نسبة الحسم، وسلمت مقاعدها للصهيونية الدينية. بفضل هذه المقاعد حول المستوطنون وشبيبة التلال حياة الفلسطينيين الى جهنم والاحتلال الى أمر لم يعد بالامكان تحمله. معارضة قوية لحزبين كبيرين هي البديل الافضل امام حكومة الجحيم لنتنياهو، التي تعني حرب بلا نهاية وجلوس دائم على كرسي المتهمين في المحكمة الدولية في لاهاي، ومقاطعة دولية آخذة في التصاعد وافلاس اقتصادي، نتيجته الجوع والحرب الاهلية والدمار، مثل الدمار الذي يوثقه يوسف بن متتياهو في كتابه “حروب اليهود”.
الديمقراطية يتم فعلها في الكنيست وليس في الميدان. وبسبب خيبة الامل من المعارضة نحن تنازلنا عن النشاط البرلماني وقمنا باستثمار جهودنا في المظاهرات. وقد نسينا أن المظاهرات هي أداة تساعد في الدفاع عن الديمقراطية، لكنها لا تحل مكانها. لو أننا كنا نتظاهر اقل بقليل ونطلب من اعضاء الكنيست الذين هم من جماعنا توحيد الاحزاب بشكل اكبر، لكانت المعارضة لم تتدهور الى الحضيض الذي وصلنا اليه.
المظاهرات لن تنهي الحرب. من اجل انهاء الحرب واعادة المخطوفين نحن بحاجة الى حكومة جديدة. 18 سنة كنا غارقين حتى العنق في لبنان، ولولا حكومة اهود باراك لكنا حتى الآن غارقين هناك. ايضا في نتساريم كنا سنكون مثل الأوز في حقل الرماية لولا حكومة اريك شارون. اذا لم نقم بتوحيد الاحزاب فلن يتم تشكيل حكومة جديدة، واذا لم يتم تشكيل حكومة جديدة فنحن سنكون عالقين الى الابد في لبنان وفي نتساريم.
توحيد ميرتس وحزب العمل برئاسة يئير غولان هو خطوة كبيرة في طريق تشكيل حكومة عقلانية تقوم بانهاء الحرب، لكنها لا تصل، مثل الجسر المشهور لافينيون، إلا الى منتصف النهر فقط. في مرحلة معينة في المستقبل القريب سيضطر حزب اسرائيل بيتنا وحزب أمل جديد الى التوحد مع احزاب اخرى من اجل البقاء سياسيا. اذا كان الامر هكذا فلماذا لا يتحدون مع المعسكر الرسمي الآن؟ أليس من الافضل الانتهاء من بناء الجسر في اسرع وقت والوصول الى الضفة الثانية للنهر وعرض حزب على اعضاء الكنيست من الليكود يكون من الجدير الانضمام اليه؟.