هآرتس: جذور الاخفاق في 7 اكتوبر والاصلاح اللازم

هآرتس – شلومو يناي – 2/5/2025 جذور الاخفاق في 7 اكتوبر والاصلاح اللازم
كارثة 7 أكتوبر حدثت نتيجة فهم وتفسير خاطيء للتغييرات في الواقع المحيط بنا، ونتيجة عمليات مدمرة استمرت لفترة طويلة، التي اضرت بشكل كبير بالقدرة العملياتية للجيش الإسرائيلي على أن ينفذ في يوم الامتحان هدفه: الدفاع عن مواطني دولة إسرائيل.
التحقيقات التي تنشر في هذه الاثناء من قبل الجيش تتناول بالأساس توضيح الحقائق والعوامل المباشرة لاخفاقات معينة حدثت في أماكن معينة. ولكن من اجل الإصلاح ومنع الإخفاقات في المستقبل يجب رؤية كل الصورة المتعلقة بكامل البنية. التركيز على التحقيقات الخاصة يمكن أن يؤدي الى وضع فيه جوهر الأمور لا يجد تعبيره ولا يحصل على الاهتمام المناسب، كما لو أننا من كثرة الأشجار لا نرى الغابة. يجب أن نحقق ونشخص العوامل الجذرية للفشل، والظروف والعمليات التي أدت اليه.
الفشل حدث في 7 أكتوبر، لكنه جاء من مشكلات جذرية كانت موجودة قبل فترة طويلة. للأسف الشديد، “العنوان كان موجود على الحائط” خلال سنوات، وكان يمكن رؤية احرفه منذ نتائج حرب لبنان الثانية وجولات القتال في قطاع غزة في العقد الأخير.
من المهم التأكيد على أنه لا يوجد في الاقوال التي تقال هنا ما يمكنه أن يبريء المستوى السياسي أو المستوى الأمني من المسؤولية عن الكارثة. فهي يجب أن تتضح في اطار لجنة تحقيق رسمية، التي ستفحص كل العوامل والجهات المشاركة في فشل 7 أكتوبر. في نفس الوقت حقيقة أن لهم مسؤولية عن الفشل ليس فيها ما من شأنه أن يقلل من خطر فشل الجيش الإسرائيلي الذي سأكز عليه.
برؤية متعددة الجوانب يجب الإشارة الى مفارقة مؤلمة: فحص حروب إسرائيل وجولات قتال الجيش الإسرائيلي منذ حرب الاستقلال وحتى حرب 7 أكتوبر، يظهر بأنه كلما كانت الفجوة بيننا وبين العدو قد تم سدها وتحسنت في صالحنا، فان منحى الإنجازات العملياتية كان في حالة انخفاض. بكلمات أخرى، رغم أن الفجوة النوعية والكمية في الوسائل وحجم القوات، قد زادت لصالحنا فان إنجازات الجيش الإسرائيلي في المواجهات أخذت في التناقص. وبصورة متناقضة، بالتحديد عندما كنا متدنيين في الكمية وفي نوعية الوسائل القتالية فان الجيش الإسرائيلي وصل الى الإنجازات الكبيرة.
فشل الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر كانت له خمسة عوامل جذرية بنيوية: قراءة خاطئة للوضع الأمني وتبني استراتيجية امنية خاطئة، التركيز على الامن الداخلي على حساب الاستعداد للحرب، الاعتماد الزائد على التفوق التكنولوجي، تآكل كبير في القدرات العملياتية، ضعف القيم الأساسية للجيش الإسرائيلي.
عدم فهم التغيرات في المحيط وتبني استراتيجية امنية خاطئة. منذ العام 1973 لم يواجه الجيش الإسرائيلي جيوش نظامية لدول، بل واجه منظمات إرهابية، ولم يدرك فهم أن حماس قامت ببناء، إضافة الى قدرات إرهابية، أيضا قدرات عسكرية. نموذج العمل في مواجهة الجيش، أيضا لمنظمة إرهابية، يختلف أساسا عن محاربة الإرهاب. خلافا لحزب الله، الذي بخصوصه ادرك الجيش الإسرائيلي ذلك بعد حرب لبنان الثانية واستعد لمحاربة قدراته العسكرية، فان نظرته لحماس واصلت كونها نظرة لمنظمة إرهابية. رغم المعلومات التي كانت لدينا بشأن بناء القدرة العسكرية لحماس إلا أن الجيش الإسرائيلي لم يتوصل الى الاستنتاجات المطلوبة من هذه المعلومات ولم يغير نظرته تجاه حماس. لقد كانت لذلك تعبيرات كثيرة، وأنا سأكتفي هنا بمثالين. الأول هو اهمال الاستخبارات العملياتي. فخلافا للاستخبارات المخصصة لإحباط أو ضرب الأهداف يجب أن تفحص القدرات العملياتية العسكرية للعدو من خلال عيون قيادية. الثاني هو عدم وجود خطة دفاعية مهنية مناسبة تعالج القدرات العسكرية لحماس.
الجيش الإسرائيلي واصل في ان يرى بحماس منظمة إرهابية، وركز على احباط وعلى الاستخبارات حول الأهداف. هذه القراءة الخاطئة للقدرات التي بنتها حماس في القطاع أدت الى تبني نظرية امنية للاحتواء، التي في أساسها الاعتماد الزائد على التكنولوجيا. الجدار، قوة النيران وتجنب عملية برية هجومية. هذه الرؤية أدت خلال سنوات الى تحلل قدرات العمل البري، وحتى الخوف وتجنب استخدام العمليات البرية، رغم أنه أسلوب العمل الضروري لمواجهة التهديد العسكري.
التركيز على الامن الداخلي على حساب الاستعداد للحرب. منذ الانتفاضة الأولى (1987) يستثمر الجيش الإسرائيلي معظم الوقت، وموارد متزايدة، في مهمات الامن الداخلي مثل الحفاظ على النظام في الضفة الغربية ومواجهة الإرهاب الفلسطيني، هذا على حساب اعداد القوة والتدريبات والاستعداد لحرب مع أعداء من الخارج لديهم قدرة عسكرية.
مهمات الامن الداخلي تختلف في جوهرها عن مهمات محاربة عدو له قوة عالية. معالجة عمليات تخريبية معادية، وإرهاب وخرق للنظام، تحتاج الى قوة محددة، شرطية في طابعها وتوجهاتها، مع اعداد معين ووسائل معينة لمهماته، باختصار، حرس حدود ووحدة شرطة خاصة.
بعد اكثر من خمسين سنة لم نتمكن من استيعاب أن التحدي الذي نواجهه في مجال الامن الداخلي غير مؤقت، تحد يمكن أن نرتجل له حل مع قوات الجيش الإسرائيلي، وأن هذه المهمة المختلفة يجب أن تكون ملقاة على جهاز محدد لمعالجة الامن الداخلي. في الواقع ليس هناك “أي شيء من ذلك”، استخدام الجيش، النظامي والاحتياط، في مهمات شرطية لفترة طويلة، خلال سنوات كثيرة، جبت منا ثمنا باهظا يتمثل بالمس بالاعداد والتدريبات القليلة وعدم استعداد القوات لمواجهة اهدافها العسكرية.
خلال عشرات السنين نمت في الجيش البري أجيال من القادة بدون اعداد كاف، ومع نقص في الخبرة والمعرفة في إدارة معركة بقوة كبيرة امام عدو. هذا الواقع المستمر أدى الى المس الشديد بمهنية الجيش. عندما لا تكرس القيادة معظم وقتها للتعلم والتدرب على جوهر المهنة العسكرية – إدارة معركة واستخدام قوة عسكرية – فانها تفقد خبرتها الحاسمة، الفهم الاستراتيجي والتكتيكي لساحة المعركة وجوهر التهديد العسكري.
تعبير عن التآكل المقلق في القدرة العسكرية يمكن رؤيته في الخطط العملياتية، الأخطاء والإنجازات الصغيرة للقتال في حرب لبنان الثانية، وفي جولات قتال الجيش في قطاع غزة في العقود الأخيرة. الاعلام الحمراء رفعت منذ ذلك الحين.
الاعتماد الزائد على التفوق التكنولوجي. التفوق التكنولوجي لإسرائيل أدى الى الاعتماد الزايد للجيش على التكنولوجيا. في العقود الأخيرة تطورت جدا قدرة التشغيل من بعيد للنيران، النيران الدقيقة بشكل خاص، وازداد الاعتماد عليها. ان الاستخدام الذكي للتكنولوجيا هو امر يضاعف القوة بدرجة كبيرة ويمكن ان يساهم كثيرا في تحقيق النصر، وتقصير مدة القتال وحتى تقليص الخسائر والاضرار. ولكن الاعتماد الزائد على التكنولوجيا أدى الى تفضيل، بشكل غير اشكالي، الاحتياجات العملية البرية والبعد الإنساني للقوة العسكرية – في الاعداد والتدريب.
الاعتماد الزائد على التكنولوجيا أدى الى تآكل متواصل في القدرة على المناورة للقوات البرية والقدرة على تنفيذ مهماتها وتحقيق أهدافها، وخلق وهم أنه يمكن حسم الحروب باستخدام النار عن بعد فقط، والاعتماد الزائد على الجدار والتكنولوجيا التي حوله، الامر الذي الحق الضرر باستعداد القوات لمهمة الدفاع. وعلى المستوى الوطني: التسليم بواقع اطلاق الصواريخ على السكان المدنيين وتبني سياسة احتواء واستيعاب.
للمفارقة، التكنولوجيا المدهشة للقبة الحديدية التي قللت الاضرار، مكنت من وشجعت هذه السياسة. أيضا في العصر الحديث يتم الانتصار في الحروب ليس فقط بواسطة التكنولوجيا. في المدرعات يقولون: “الانسان الذي يوجد في الدبابة هو الذي ينتصر”. الانسان وليس الدبابة.
تآكل القدرة العملياتية للجيش الإسرائيلي. هناك فهم أساسي يعرف القدرة العملياتية بأنها “نتاج قدرة القوة والسلاح، قدرة التحمل وحالة الاستعداد. القدرة بحد ذاتها تشمل التدريب والمناورة، والقدرة على التحمل تشمل الموارد المتاحة للجيش والاستعداد والدافعية لعملية متواصلة. ويتم تعريف جاهزية القوة بأنها درجة توفر القوة ووعيها للقتال. كل عامل من هذه العوامل في المعادلة يؤثر على النتيجة. واذا ضعف أحدها أو هبط الى الصفر فان القدرة العسكرية تتأثر وفقا لذلك. السلاح المتقدم الذي يستخدمه الجنود غير المدربين سيكون غير ناجع، أيضا الجنود المدربون والمجهزون، غير المتأهبين كما هو مطلوب، سيكونون غير فعالين أيضا.
خلال سنوات لم يتم تنفيذ التوازن المطلوب بين التسلح بسلاح جديد وبين التدريبات، وبين بناء القوة والحفاظ عليها وبين عوامل القوة العسكرية، أي بين المناورة والنار. الوزن غير المتزن الذي يعطى للسلاح وغياب التوازن المطلوب أدى مع مرور السنين الى تآكل كبير في القدرة العملياتية للجيش الإسرائيلي.
لكن تدني القدرة العملياتية ساهم فيه عامل آخر وهو الزيادة في النفقات التنظيمية للجيش الإسرائيلي. فخلال السنين أضيفت قيادات وكوادر قيادية كثيرة، كبار وصغار. هذا الوضع أدى الى ضعف العلاقة بين منظومة القوة المحاربة وبين منظومات الدعم والمساعدة في غير صالح منظومة القوة المقاتلة. عبء النفقات الثابتة في الميزانية، الذي ازداد، اضر بمرونة بناء القوات، لا سيما احتياجات صيانة القوات، في التدريب والاستعداد. وبدلا من جيش “رشيق” مشبع بالتركيز على العمليات تم انشاء نظام سمين يتم فيه توجيه جزء كبير من اهتمام القيادة والإدارة الى إدارة البيروقراطية بدلا من بناء القوة وتدريب القوات واعدادها للمعركة.
أبحاث مقارنة جرت في العالم أظهرت انه توجد علاقة مباشرة بين نسبة النفقات والقوة المقاتلة وبين نوعية الجيش، وأيضا بين نسبة عدد الضباط وعدد الجنود وبين نوعية الجيش.
اضعاف القيم الأساسية للجيش الإسرائيلي. الجيش القوي يتم بناءه ليس فقط على قوة النار، بل أيضا على الإخلاص التي لا هوادة فيه تجاه قيمه. القيم هي البوصلة التي بدونها حتى الجيش الأقوى لن يحقق الأهداف. الانضباط هو احد الأسس الرئيسية لوجود الجيش وادائه. مستوى الانضباط العالي يمكن القادة والجنود من تنفيذ الأوامر والمهمات في ظروف قاسية، تعرض الحياة للخطر. الانضباط حيوي لتحقيق مستوى عال للاداء ومنع تكرار أخطاء سابقة.
لكن الانضباط بحاجة الى صيانة الوعي، التعليم، الحرص، وبالاساس مواجهة لا هوادة فيها مع احداث انضباطية، تجاهل، غض النظر من قبل القادة وعدم المواجهة هي منحدر زلق. يجب التصرف مع خرق الانضباط البسيط هو مثل الخرق الخطير. والتنازل عن الخرق البسيط يؤدي الى الخرق الشديد.
واقع المجتمع الإسرائيلي والاحتكاك المحتوم مع الفلسطينيين منذ سنوات طويلة، أدى الى تدهور قيم وسلوك قادة وجنود الجيش الإسرائيلي. أيضا الافراط في تخصيص القوة للامن الجاري على حساب النشاطات المطلوبة لبناء القوة والحفاظ عليها كان له اثر كبير في اضعاف القيم الأساسية للجيش. وقد ساهم هذا الضعف في خلق حالة من الرضا عن الذات والشعور المفرط بالامن، الامر الذي حال دون التساؤل وتحديد نقاط الفشل واستخلاص الدروس الحقيقية. من المؤسف أن هذه الممارسات اضرت أيضا بمبدأ قول الحقيقة وتقديم التقارير غير المتحيزة عن الحقيقة في التحقيقات المتعلقة بالنشاطات العملياتية وفي الحوادث والتدريب.
إن اضعاف القيم أدى الى ثقافة تنظيمية تجاهلت الضوء الأحمر الذي اشتعل في جولات القتال السابقة وادت الى المفاجأة والفشل.
الإصلاح المطلوب. مثلما في تحليل عوامل الفشل أيضا في موضوع الإصلاح المطلوب أنا ساركز فقط على المباديء التي تمكن من الإصلاح وتحسين القدرة العملياتية للجيش الإسرائيلي. هنا ساشير الى خمسة مواضيع رئيسية بمثابة أسس خطة عمل مفصلة من اجل الوصول الى الإصلاح المطلوب، وهي تركيز الجيش الإسرائيلي على الهدف، إدارة موجهة الى الإنتاج، جودة الضباط، تحسين الرقابة والتفتيش، والثقافة التنظيمية.
تركيز الجيش على الهدف. هدف الجيش هو الدفاع عن دولة إسرائيل من الأعداء الخارجيين. الحديث يدور عن مهمة معقدة جدا في عدد كبير من الجبهات. يجب على الجيش التركيز على هذا الهدف فقط. المهمات الأخرى، خاصة الامن الداخلي – الحفاظ على النظام في الضفة ومحاربة الإرهاب – يجب القاءها على أجهزة امنية أخرى مثل حرس الحدود أو جهاز آخر تتم اقامته لهذا الهدف. تعزيز القوات لاحتياجات الامن الجارية سيتم بصورة استثنائية وفي حالات طواريء معينة فقط.
التعزيز سيكون لفترة محدودة وبحجم لا يمس بعدد القوات واستعدادها. كجزء من تركيز الجيش على هدفه يجب اخراج من الجيش كل النشاطات غير العسكرية في طابعها والتي يمكن أن تنفذها جهات أخرى، وضمن ذلك مهمات تطوير السلاح، الإنتاج، البناء وكل نشاطات الصيانة التي يمكن تنفيذها من قبل جهة خارجية. الجيش الإسرائيلي عليه التركيز فقط على عمل ونشاطات تخدم مباشرة الهدف الحربي وليس لها بدائل أخرى.
الجيش الإسرائيلي يواجه قضية الاستعانة بمصادر خارجية بنجاح جزئي لسنوات كثيرة، مع مراعاة الاعتبارات المتعلقة بالميزانية والكفاءة الاقتصادية. يجب أن تتم الاستعانة بمصادر خارجية في المقام الأول لتحرير المورد الأكثر أهمية وهو اهتمام القيادة والإدارة بهدف الجيش ومهمته الأساسية. وأيضا ينبغي أن تكون الاعتبارات الأخرى ثانوية في هذا السياق.
إدارة تستهدف تحقيق الهدف والإنتاج. من اجل استخدام افضل للميزانية المعطاة للجيش يجب على المنظومة العسكرية أن تنتقل من توجه يستهدف المداخيل الى توجه يستهدف المخرجات. هذه قضية واسعة وجوهرها يتجاوز التركيز على النتيجة – القدرة العسكرية الناتجة عن الميزانية وليس على النضال من اجل المزيد من الموارد. من الواضح أن التحول الى نهج الإنتاج يحتاج الى تحسين قدرة القياس لكل النشاطات العسكرية الجارية وبناء القوات وكفاءتها وجاهزيتها.
جودة الضباط. الجودة هي كلمة كبيرة. العامل الأكثر أهمية في تحديد جودة الجيش هو جودة مستوى الضباط. هذه حقيقة معروفة يتم طرحها خلال كل التاريخ العسكري. يجب تحسين خبرة الضباط في الجيش الإسرائيلي. العمل العسكري هو مهنة فريدة تدمج الرسالة مع الخبرة، تطوير التفكير العسكري، امتلاك المعرفة والخبرة في تشغيل ودمج منظومات معقدة ومواجهة أوضاع طارئة تحتاج الى ضباط بمستوى شخصي عالي، الذين يجتازون تدريب مهني واسع ومعمق ويحصلون على تجربة ويصبحون مهنيين في مجالهم.
تحسين الرقابة والاشراف. كتنظيم له دور حاسم في وجودنا فان الجيش الإسرائيلي “يعاني” من ميزتين تؤثران بشكل جوهري على قدرته على التحسن. الأولى هي أن الجيش الإسرائيلي جهة احتكارية. ليس له تنظيم منافس. ومثل أي احتكار هو يعاني من غياب عامل المنافسة الذي يحث ويجبر أي تنظيم على زيادة النجاعة والتحسن والتطور. ثانيا، لا يوجد للجيش الإسرائيلي مجلس إدارة يوجه ويصادق على نشاطاته واستراتيجية عمله وبناء القوة والحفاظ عليها، ويقوم بالرقابة والاشراف. يبدو أن هذا الدور ملقى على حكومة إسرائيل التي تعتبر في القانون “قائد الجيش الإسرائيلي”، (رئيس الأركان ليس هو قائد الجيش، هو المستوى القيادي الأعلى في الجيش)، وبدرجة معينة على لجنة الخارجية والامن في الكنيست وعلى جهات اشراف مثل مراقب الدولة. عمليا، لاسباب لن افصلها هنا، التوجيه، الاشراف والرقابة، ناقصة وجزئية حتى أنها غير موجودة. النتيجة هي أن الجيش الإسرائيلي يعمل بدون توجيه ورقابة ناجعة منذ عشرات السنين.
الثقافة التنظيمية. يكثرون الحديث عن أهمية الثقافة التنظيمية وبحق. الثقافة التنظيمية تأتي ليس من استشارة تنظيمية، بل من قيادة ضباط الجيش، من رئيس الأركان وحتى آخر الضباط، تقدير التميز، السلوك الأخلاقي في نشاطات الجيش على ضوء القيم الأساسية مثل الصدق والاستقامة، الانضباط الذي لا هوادة فيه، تشجيع التشكك والتواضع (العلاج للغطرسة) وتقديم المثال الشخصي، كل ذلك ضروري لوجود جيش قوي يمكنه القيام بمهماته.
الجيوش لا تقوم بالإصلاحات العميقة بسبب الرؤية المستقبلية. الجيوش تتحسن في اعقاب الازمات والحروب. الفشل الفظيع هو فرصة يجب عدم تفويتها لاجراء علاج جذري للجيش الإسرائيلي. الاكتفاء بسد الثغرات وحلول معينة فقط سيزرع بذور الكارثة القادمة.
اذا لم يكن الآن فمتى؟