هآرتس: جبهة سوريا يمكنها الآن تمكين نتنياهو من العمل على وقف اطلاق النار في غزة

هآرتس 11/12/2024، نوعا لنداو: جبهة سوريا يمكنها الآن تمكين نتنياهو من العمل على وقف اطلاق النار في غزة
مثل الكثير من الحكام في تاريخ العالم الحديث، الذين طوروا شهية متزايدة لتركيز الصلاحيات، ايضا بنيامين نتنياهو وصل في السنة الاخيرة الى وضع فيه استراتيجية بقاءه السياسي تقتضي حالة طواريء دائمة، سواء كايديولوجيا، لأن اليمين في اسرائيل مضطر الى تعزيز دائم للاعداء، في الداخل وفي الخارج، من اجل تبرير القمع الداخلي المتزايد، أو كتلاعب، لأن الادعاء بشأن الانشغال الذي لا ينقطع لنتنياهو بظروف أمنية معينة، التي كما يبدو لا تسمح له بأي وقت، حول ذريعة رئيسية الى تأجيل وتباكي في نضاله القضائي.
في السنة الاخيرة، لسوء الحظ، تم استنزاف الايديولوجيا والتلاعب، ووصلت الى وضع نهائي بالنسبة له. فقد كانت الحرب الاقليمية المستمرة في جبهات كثيرة الارض الخصبة للدفع قدما بموجة كبيرة من التشريعات المناهضة للديمقراطية واحداث تغيير جذري. حملة سياسية تسعى الى تقديمه كقائد كبير يتم الزعم بأنه يتم اضطهاده بسبب امور تافهة، بينما كان يمكنه قيادة ازمة وطنية.
مثلما في النظرية المعروفة لكارل شميدث التي بحسبها السيد هو الذي يمكنه تأجيل أو الغاء القانون في حالة الطواريء، الحرب المتواصلة مكنت نتنياهو وحكومة اليمين المتطرفة برئاسته، من زيادة محاولات قضم استقلالية منظومات القانون والشرطة والجيش ووسائل الاعلام والاكاديميا وما شابه. الحرب مكنت، برعاية النضال المتزايد ضد الارهاب الحقيقي أو الموهوم، من زيادة اعتبار الاقلية الفلسطينية في اسرائيل والمعارضين لحكم نتنياهو “اعداء في الداخل”، الذين يجب ملاحقتهم وتقييدهم.
ايضا العملية الاكثر اهمية، وهي نية المس بحقوق العرب من مواطني اسرائيل في أن ينتخبوا ويترشحوا بصورة يمكن أن تعزز بشكل كبير سلطة الليكود. كل ذلك لأن اخراج الاقلية العربية من اللعبة السياسية غير مدفوع بايديولوجيا عنصرية فقط، بل هو ايضا نسخة محلية للغش الامريكي. منذ افتتاح الدورة الشتوية للكنيست لا توجد أي لحظة لم يحاول فيها الائتلاف أن يدفع قدما وبشكل فعلي بالانقلاب النظامي، الذي سيجعل اسرائيل دولة مستبدة في كل مجال مدني محتمل.
في السنة الاخيرة اشار الكثير من السياسيين والمحللين مرة تلو الاخرى الى هذه الحقائق كسبب رئيسي لغياب الدافع الشخصي لنتنياهو من اجل التوصل الى الصفقة التي ستنهي أخيرا الحرب ايضا في قطاع غزة. ولكن في الفترة الاخيرة يبدو أن الاحداث الجيوسياسية يمكن أن تعزز مصالح اخرى. على الصعيد السياسي فان الدخول القريب لادارة دونالد ترامب الى البيت الابيض يزيد الضغط على نتنياهو من اجل التوصل الى صفقة في القطاع ايضا. وقف اطلاق النار في الشمال وفر له “فصل الساحات” الذي دعا اليه، أي عدم تمكين ايران من الربط بين الساحة الفلسطينية والساحة الشمالية. على الصعيد العسكري فانه يبدو أن نتنياهو يبني في الفترة الاخيرة الرواية عن انجازات اسرائيل في كل المعارك.
بالذات سقوط نظام الاسد يمكن أن يوفر الآن التعزيز الكبير لنتنياهو من أجل وقف اطلاق النار ايضا في قطاع غزة. ليس فقط لأن سقوط نظام الاسد يمكن نتنياهو من رسم الآن الرواية عن هزيمة ساحقة كما يبدو لمحور ايران (الذريعة الوقحة والسريعة في هذه المرحلة)، بل لأنها توفر له البديل عن حالة الطواريء التي هي حيوية جدا بالنسبة له من ناحية سياسية. معركة اخرى مع اجماع مدني شامل، للدفاع عن دولة اسرائيل من امكانية تواجد قوات القاعدة على حدودها، يمكن أن توفر لنتنياهو استبدال الحرب في قطاع غزة بحرب ضد سوريا من اجل مواصلة تغذية، للأسف، ذريعته الساخرة بشأن الانقلاب النظامي والتهرب من المحاكمة.
مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook