هآرتس: ثمن استحواذ لفين لجهاز القضاء سندفعه جميعا، وربما نتنياهو ايضا
هآرتس 9/9/2024، يوسي فيرتر: ثمن استحواذ لفين لجهاز القضاء سندفعه جميعا، وربما نتنياهو ايضا
يوجد خط مستقيم يربط بين تنمر شرطة تل ابيب على الفتاة المشتبه فيها بنثر الرمال على وجه وزير الامن الوطني ايتمار بن غفير وبين تنمر وزير العدل المستمر على المحكمة العليا. هاتان الحالتان تشكلان انذارا مزعجا على انزلاق البلاد بشكل بطيء، لكنه مؤكد، نحو هاوية الديكتاتورية العميقة، مكان يتم فيه اختطاف أي شخص لا يتفق مع الحكومة، سواء كان مواطنا عاديا أو قاضيا في المحكمة العليا. نوعا غولدبرغ تم استدعاءها مرة تلو الاخرى من اجل التحقيق معها لانهاكها وكسرها. قضاة المحكمة العليا، المحافظين وغير المحافظين، اضطروا رغم أنفهم، بدون أي خيار، الى نشر أمر ضد وزير العدل كي ينفذ ما جاء في القانون وأن يعقد لجنة تعيين القضاة التي لم يقم بعقدها منذ سنة تقريبا، من اجل أن تختار اللجنة رئيس المحكمة العليا حسب اسلوب الاقدمية القديم والجيد.
لفين لا يحب هذه العادة وما يشتق منها، تعيين القاضي اسحق عميت. ردا على ذلك الهيئة التي ناقشت الموضوع تعرضت أمس الى سيل لفظي من مياه المجاري من جلالة الوزير، الذي لم يكن ليخجل رئيس عائلة اجرام. البيان المتطاول والتشهيري قاله حيث في الخلفية كان يوجد علم اسرائيل، كان يفضل لو أن العلم كان منكس الى نصف الصارية ازاء ما يفعله لفين بالدولة.
الفتاة المضطهدة من حوف غئولا والمرشح لرئاسة المحكمة العليا، هما ضحايا وزراء زعران يصممون على تحطيم العمود الفقري لاسرائيل كدولة ديمقراطية ليبرالية. الشرطة بقيادة بن غفير اصبحت مليشيا بأمر من الحكومة، التي بقايا العلاقة بينها وبين الحفاظ على القانون آخذة في التآكل. 56 معتقل من بين المتظاهرين تم احضارهم مؤخرا الى المحكمة، وقد تم اطلاق سراحهم على الفور بكفالة شخصية. لفين نجح بشكل اقل منه. جهاز القضاء، بدءا بالمحكمة العليا ومرورا بالمستشارة القانونية للحكومة ووانتهاء بالمدعي العام في الدولة ونائبته، كانوا وما زالوا السور الواقي الاخير من شرور الحكومة والهستيريا الخطيرة لاشخاص مثل وزير العدل.
ياريف (“المدمر”، كما يصفه بعض اعضاء الليكود)، لفين هو مهندس الشرخ والانقسام في الشعب الذي ساهم في حدوث هجوم 7 اكتوبر. “اصلاحه القضائي” اضر بالردع واضعف الاقتصاد وجعل الحكومة تتصادم مع الادارة الامريكية. ومتعاميا عن رؤية تداعيات افعاله ورؤية مسؤوليته الصارخة عن موت الـ 1200 شخص في مذبحة الغلاف، هو يسعى الآن الى استكمال المهمة، اذا لم يكن بالتشريع فليكن بالقوة.
هو لم يعلن بأنه لن يعقد اللجنة كما أمر قضاة المحكمة العليا، وفي الحقيقة هو يهدد بعدم العمل مع اسحق عميت. سيكون لهذه المقاطعة المهينة تداعيات على المواطن ايضا. “رؤساء المحاكم لن يتم تعيينهم، وحتى المسجلين والقضاة العاديي والقضاة الكبار. لفين يحكم بضائقة شديدة على جهاز القضاء الذي هو في الاصل ضعيف، التي ستضر بكل مواطن. هناك عدد كبير من الاجراءات في البلاد، ليس فقط في المجال الجنائي، تمر من خلال منظومة المحاكم.
هذا الامر لم يهمه في أي يوم. ما الذي يهمه اذا؟ التشاجر والمواجهة وخلق الاحتكاكات؛ اجبار المحكمة العليا على مناقشة مرة تلو الاخرى اوامر وقرارات واجراءات الوزير الذي يقوم بتخريب عمل المنظومة السليم من اجل أن يأتي في تشرين الثاني عند افتتاح الدورة الشتوية للكنيست لرئيس الحكومة واعضاء الائتلاف والقول لهم: انظروا، انهم يسيرون فوق رأسي، لا يمكن المواصلة بهذا الشكل، يجب علينا سن القوانين”.
استحواذ لفين المرضي للمس باستقلالية المحكمة العليا لن يهرب بالتأكيد من محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، التي يمكن أن تقرر في القريب الاستجابة لطلب المدعي العام اصدار اوامر اعتقال لرئيس الحكومة ووزير الدفاع وغيرهما في القيادة الامنية في اسرائيل. كل تحذيرات المستشارة القانونية للحكومة بأنه فقط لجنة تحقيق رسمية ومستقلة وغير متحيزة هي التي ستبعد هذا الشر، تنزل في هذه الاثناء على اذن صماء وكأن حرية حركتها الشخصية في اوروبا هي التي تتعرض للخطر. ربما هذا هو الامر الوحيد الذي سينقذنا أخيرا من حملة هستيريا لفين؛ نتنياهو، الجبان في كل ما يتعلق بمصيره الشخصي، سيدرك ما الذي ستفعله الحملة الجديدة لوزير العدل في حكومته بالضبط في هذا السياق: مكانة اسرائيل الدولية القانونية، وبالتالي مكانته كمتهم محتمل في لاهاي.
منذ سنتين يحاولون شرح لرئيس الحكومة سبب الانقلاب النظامي والفشل الامني، وحذف اسرائيل من قائمة الدول التي فيها نظام قضائي مستقل وقوي، يمكن أن تكون له عواقب وخيمة. في عقله هو يفهم ذلك، لكن معدته وعصائرها هي التي تحسم. السؤال الذي بقي هو ما هي الاثمان الاخرى التي سيكون مستعد لدفعها. واذا لم يكن الامر هكذا فقد حان الوقت ليقول للفين، بلغته المعتادة: لا تفعل.