هآرتس: تهويد الجليل والنقب في زمن الصهيونية الدينية

يتناول الاتفاق الائتلافي بين “الليكود” و”الصهيونية الدينية” بلورة وتطبيق برامج “لتهويد الجليل والنقب”. وحسب البرنامج السياسي لـ”الصهيونية الدينية” وتقديرات جهات في منظمات اجتماعية فإن القصد هو بالأساس إعطاء تسهيلات اقتصادية لليهود فقط في هذه المناطق. الخطوات المخطط لها يمكن أن تشمل خفض أسعار الأراضي وتسهيلات أخرى لمن خدموا في الجيش، مثل توسيع تطبيق “قانون لجان القبول”، استنادا إلى قانون القومية الذي نص على أن تطوير الاستيطان اليهودي هو “قيمة قومية” يجب الدفع بها قدما وترسيخها.
“السيطرة المدنية على الأرض هي شرط لسيادة دولة إسرائيل”، هكذا كتب في برنامج “الصهيونية الدينية” السياسي الذي وعد بـ”باستئصال البيروقراطية من الجذور في سياسة الأراضي وسياسة التخطيط”. وكتب أيضا في الوثيقة بأن “ضعف الاستيطان، لا سيما في مناطق حساسة في البلاد مثل الجليل الأوسط وشمال شرقي النقب، يشكل خطرا أوليا على المجتمع الإسرائيلي”. وحسب الحزب فإن تعزيز “الاستيطان اليهودي” سيجري بواسطة “إزالة العوائق الإدارية والبيروقراطية” وذلك “دون أي صلة بقرارات الإدارة القانونية ومواقفها”.
من اجل ضمان ذلك فإنه يوجد للحكومة المكلفة اتفاق على سن قانون بحسبه فإن المدراء العامين في وزارات الحكومة سيعينون بأنفسهم المستشارين القانونيين في وزاراتهم. إضافة إلى ذلك سيتم فحص السبل لإلزام ممثلي الحكومة (الذين في جزء منهم يعتبرون موظفين مهنيين) بهيئات مثل مجلس أراضي إسرائيل الذي يحدد سياسة تخصيص أراضي الدولة عن طريق سلطة أراضي إسرائيل، وإلزامهم أيضا بالمجلس القطري للتخطيط والبناء من اجل الدفع قدما وتأييد قرارات الحكومة.
التأثير على سياسة الأراضي سيتم تحقيقه أيضا من خلال الممثلين، الذي حصل عليه الحزب برئاسة بتسلئيل سموتريتش في هذه المؤسسات. حسب الاتفاق الائتلافي فإن “وزارة المهمات الوطنية” التي ستترأسها اوريت ستروك (الصهيونية الدينية) ستعين عضوا في مجلس أراضي إسرائيل وستحصل على ممثل في المجلس القطري للتخطيط والبناء، وفي كل لجنة من اللجان اللوائية الست التي توجد في مناطق تفضيل وطني. الآن في المخطط الهيكلي القطري 35 يوجد بند يقيد توسيع المستوطنات القروية، الذي بحسبه يمكن زيادة الاستيطان فقط بشرط أن الاكتظاظ فيه سيزداد أيضا. ستمكن السيطرة على مؤسسات التخطيط من إلغاء القيود وستزيد تسويق القسائم في المستوطنات القروية اليهودية دون زيادة اكتظاظ السكان فيها.
تسهيلات لليهود، ضغط على العرب
يتوقع أن تشمل خطط “الصهيونية الدينية” ليس فقط تسهيلات لليهود، بل أيضا زيادة الضغط على الجمهور العربي. نقل الشرطة الخضراء والدورية الخضراء وسلطة إنفاذ القانون على الأراضي إلى مسؤولية إيتمار بن غفير في “وزارة الأمن القومي”، كل ذلك آلية ضغط واضحة يمكن أن تخدم هذا الهدف. آلية أخرى هي دعم الحكومة للتعليم والمناطق الصناعية وتخصيص الأراضي للبناء وما شابه بواسطة تضمين بلدات في “خارطة مناطق التفضيل الوطنية”. وتضمين مستوطنة في منطقة التفضيل تعطيها عدة تسهيلات مثل خفض ضريبة الدخل.
في العام 2006، وافقت المحكمة العليا على التماس للجنة المتابعة العليا لعرب إسرائيل وألغت الخارطة التي كانت سارية في حينه في مجال التعليم، لأنها ميزت ضد القرى العربية. منذ ذلك الحين تم وضع عدة خرائط جديدة، لكن في 2020 قدمت منظمة “عدالة” التماسا للمحكمة العليا باسم سبعة مجالس محلية عربية في وادي عارة وطالبت بأن يتم شملها في مناطق التفضيل الوطنية المتعلقة بالسكن.
في نيسان 2021، أصدرت المحكمة العليا أمرا مشروطا ضد الدولة والزمت الحكومة بالتبرير: لماذا لم يتم إلغاء خارطة مناطق التفضيل ولماذا لم يتم إدخال القرى العربية إليها؟ في الجلسة الأخيرة في الاستئناف قبل شهر ونصف الشهر، قالت الدولة، إن “هناك حاجة إلى طرح الأمور على الحكومة الـ 37 التي لم يتم تشكيلها بعد”.
استنادا إلى تجربة الماضي فقد قدرت المحامية سهى بشارة، من جمعية عدالة، بأن الحكومة الجديدة “ستعثر على الآلية التي ستمكنها من الحفاظ على خارطة مناطق التفضيل، بالأساس للبلدات اليهودية، مثلا تحت تعريف جديد للمناعة الوطنية”. إشارة على ذلك ربما نجدها في بند آخر في الاتفاق الائتلافي مع قوة يهودية، الذي أعاد تعريف نطاق نشاطات وزارة تطوير الضواحي والنقب والجليل، بحيث لا تسري على بلدات “الضواحي الاجتماعية” التي لا توجد في النقب والجليل، منها عدد غير قليل من السلطات العربية. السلطات اليهودية، رغم أنه تم إبعادها من القائمة إلا أنها ستحصل على ميزانيات أخرى.
مسار آخر لتطوير البلدات اليهودية فقط، الذي اتبعه سموتريتش في السابق، هو توسيع “قانون لجان القبول”، والذي يتناول بلدات مجتمعية وأحياء توسيعية لكيبوتسات وموشافات. الآن، القانون يسمح لبلدات صغيرة (400 عائلة) في النقب وفي الجليل باستبعاد مرشحين استنادا إلى معايير مثل عدم التناسب مع حياة المجتمع في التجمع، أو عدم مناسبة المرشح مع النسيج الاجتماعي – الثقافي للبلدة. مشروع قانون قدمه في السابق الحزب طالب بتوسيع سريان القانون على بلدات تعيش فيها 700 عائلة، وأن يشمل أيضا “الاستيطان المجتمعي في الضواحي”، وضمن ذلك أيضا في الضفة الغربية.