هآرتس: تقرير ترجمان يشخص إخفاقات، لكن زمير سيحاول الامتناع عن استخلاص استنتاجات شخصية
هآرتس 11/11/2025، عاموس هرئيل: تقرير ترجمان يشخص إخفاقات، لكن زمير سيحاول الامتناع عن استخلاص استنتاجات شخصية
من اقوال رئيس الاركان ايال زمير لهيئة الاركان أمس في اعقاب طرح تقرير تجمان حول تحقيقات 7اكتوبر، غابت كلمة واحدة، حاسمة، وهي “رسمية”. زمير اعتمد على استنتاجات الطاقم الذي كان برئاسة الجنرال احتياط سامي ترجمان، ودعا الى تشكيل “لجنة تحقيق” منهجية، خارجية، متعددة التخصصات ومتكاملة، تتناول كل المجالات التي هي في غير متناول التحقيقات العسكرية. لقد قفز، ليس بعفوية، عن الاضافة المطلوبة وهي ان ستكون هذه اللجنة رسمية، أي لجنة مستقلة يعينها رئيس المحكمة العليا ولا تكون جزء من أي تكتل سياسي.
من السهل فهم زمير، هو يعمل في ظروف غير ممكنة، امام حكومة ترفض ان تتحمل المسؤولية عن الاخفاقات المرتبطة بالمذبحة، ولا تستبعد الاشارة الى ضباط كبار كخونة واشعال العنف ضدهم (المثال الاخير يمكن ايجاده في الفتك الاعلامي الموجه للمدعية العامة العسكرية السابقة يفعات تومر يروشالمي)، في حين ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يبذل جهود كبيرة لاحباط أي تحقيق مستقل، ويريد تشكيل لجنة يسيطر هو على الاعضاء فيها وعلى نتائجها، فان نفتالي بينيت اعتبرها أمس وبحق “لجنة مزيفة”.
الآن جميع الاستطلاعات في السنة الاخيرة تشير الى تاييد ثابت في الجمهور (اغلبية 70 في المئة من المستطلعين) لتشكيل لجنة تحقيق رسمية. “مجلس اكتوبر” الذي يضم نصف العائلات الثكلى وعائلات المخطوفين يطالب بذلك – فقط اول امس كان نقاش في الكنيست حول مطالبة المعارضة الاسراع في هذه الخطوة، الآن حيث انتهت الحرب.
ايضا من سبق زمير في هذا المنصب هرتسي هليفي، ورئيس الشباك السابق رونين بار، ومعظم الشخصيات الرفيعة الاخرى التي استقالت او اضطرت الى الاستقالة في اعقاب الفشل، طرحوا طلب مشابه.
زمير تصرف بشجاعة عامة كبيرة عندما اتخذ موقف اخلاقي واضح في صالح استكمال صفقة المخطوفين، وتجاهل شعبوية وزراء اليمين ورفض الانجرار الى هجوم خطير داخل القطاع في مراحل نهاية الحرب. بالتحديد لانه غير مرتبط بصورة مباشرة باخفاقات المذبحة في 7 اكتوبر، (حيث كان يشغل منصب المدير العام في وزارة الدفاع ولم يكن مشارك في عملية اتخاذ القرارات المسائية)، كان يتوقع منه اتخاذ موقف حازم اكثر. وبينما يتحمل وبحق المسؤولية بدلا من الجيش الاسرائيلي عن الاخفاقات الفظيعة التي تسببت بقتل تقريبا 1200 اسرائيلي واختطاف حوالي 250 آخرين، الا انه يعرف ان الائتلاف سيفعل كل ما في استطاعته من اجل ازاحة عن نفسه أي اثر للمسؤولية، طوال الطريق حتى الانتخابات القادمة.
نفس التقرير يحتوي ايضا على قدر من الامل والتفاؤل. لقد اتخذ هليفي خطوة صحيحة عندما بدأ التحقيقات اثناء الحرب. لقد اجري عدد كبير منها بجدية وعمق، ولكن كانت هناك صعوبات متأصلة في فتح تحقيق عندما كان معظم الاشخاص الرئيسيين المعنيين لا يزالون في مناصبهم. القيادات والاقسام فحصت نفسها بدرجة كبيرة، واحيانا لم يكن المحققين على مستوى عال من الكفاءة والعزيمة لاتخاذ موقف مستقل في فحص تصرفات القادة. اضافة الى ذلك ورغم اعتراف الجيش باخطائه وبصدق، الا انه كان هناك نقص كبير في اعطاء صفات حاسمة بما فيه الكفاية. في بعض الاحيان اعطت قراءة التحقيقات انطباع بان من قاموا بصياغتها كانوا يسيرون على البيض في صياغاتهم.
لا يوجد لترجمان وطاقمه، جميعهم ضباط مخضرمين ومجربين في الاحتياط، مشكلة كهذه. الطاقم لم يتردد في الاشارة الى سلسلة طويلة من الاخفاقات ووصفها بقسوة. لقد شخصوا فشل مفاهيمي من جانب الجيش الاسرائيلي في فهم الواقع في غزة، عندما بدأ بتعريف حماس كجيش ارهابي، ولكنه استمر في معاملتها كمنظمة ارهابية مع قدرات محدودة، ولم يستعد لسيناريو محدد من الغارات المتزامنة في عدة مواقع، كان ذلك في الوقت الذي كانت فيه حماس تستعد منذ سنوات لهجوم طموح، احتلال وهزيمة فرقة غزة (من المؤسف ان الخطة العملياتية المعروفة في اسرائيل باسم “جدار اريحا” سقطت في يد شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، لكن لم يتم تفسيرها بشكل صحيح، وتم تجاهل التعامل الاستخباري والاستعدادات الدفاعية معها تماما.
الطاقم يقول ان الاستخبارات فشلت في اعطاء انذار وفهم الواقع، وعانت من الجمود في طريقة التقليل من الخطر الذي تشكله حماس. رغم ان رئيس قسم الابحاث في الاستخبارات العسكرية اصدر اربع رسائل تحذير لنتنياهو حول الوضع المتفجر في ضوء الازمة المحيطة بالانقلاب النظامي، الا ان الجيش الاسرائيلي لم يتخذ أي اجراءات دفاعية غير عادية في اعقاب هذا التحذير، وهو ما يعتبره ترجمان تحذير استراتيجي. اضافة الى ذلك الثقافة العملياتية والتنظيمية (اجراءات التشاور، اداء القيادات وغيرها من البنود)، تشوشت، وتم اكتشاف فجوة جوهرية بين التهديد والرد العملياتي الذي تمت بلورته امامها. وتم العثور على اخطاء كثيرة في عملية اتخاذ القرارات في تلك الليلة المصيرية.
الطاقم لا يتوانى في توجيه الانتقاد لهيئة الاركان العامة وقسم العمليات والاستخبارات وقيادة المنطقة الجنوبية وفرقة غزة وسلاح الجو. من بين التحقيقات الـ 26 السابقة التي قام بمراجعتها اعضاءه صنفت خمسة منها تحت بند “حمراء” – أي التي تحتاج الى تحقيق جديد بسبب عدم كفاية مستواها المهني. لم يتم ايجاد أي دليل على تحيز أو اهمال متعمد. من بين النتائج الكثيرة يلخص عنوان رئيسي الفشل الذي دفع ثمنه كثيرون بحياتهم أو المعاناة المستمرة – الذي لا تزال دولة باكملها (ربما باستثناء نتنياهو وعيديت سلمان)، تعاني من الصدمة في اعقابه بعد اكثر من سنتين.
في صباح 7 اكتوبر لم يمتلك الجيش القدرة العملياتية والعقلية من اجل التعامل مع سيناريو حرب فجائية. هذا هو النقيض التام للنهج الذي تعلمه ضباط الجيش الاسرائيلي، بمن فيهم ترجمان وزمير، على يد قادتهم الذين تعرضوا لصدمة حرب يوم الغفران. وهذا خلل اساسي يجب اصلاحه.
بدون استنتاجات شخصية
وراء الكواليس، بين زمير والطاقم، يعتمل موضوع آخر. ترجمان ورجاله ايدوا نشر استنتاجات شخصية حول بعض الضباط المتورطين. زمير قال انه سيفحص ذلك بجدية وسيقرر في المستقبل. ولكن عمليا، واضح جدا انه يريد اطفاء اللهيب في هذا الشان. ان الامتناع عن القيام بخطوات فورية سيثير بالتاكيد انتقاد شديد في اوساط العائلات التي تضررت.
لكن في هذه المواجهة يوجد لاعبون آخرون – نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس. لم يدفع أي سياسي حتى الآن ولو ثمن قليل بسبب مسؤوليته عن الحرب (يوآف غالنت اقيل من منصب وزير الدفاع لاعتبارات سياسية تتعلق بنتنياهو). ولكن الحكومة مسرورة بالانشغال بتوسع في مسالة مسؤولية رجال الامن. يصعب التصديق ان كاتس سيتنازل عن الفرصة ليظهر وكأنه هو الذي يقرر المصير، مثلا، بشان رئيس “أمان” شلومي بندر، الذي وجهت اليه انتقادات كثيرة في التقرير بشان اداء لواء العمليات الذي يترأسه.
في الخلفية لم تهدأ قضية المدعية العامة العسكرية حتى الآن. امس قال يارون ابراهام في القناة 12 بان نتنياهو يعارض تعيين المحامي ايتاي اوفير في منصب المدعي العام العسكري. وقد سارع مكتب كاتس الى اصدار بيان يفيد بانه قد وقع بالفعل على كتاب تعيين اوفير، وصرح بانه سيتولى منصبه في 24 الشهر الحالي. ولان هؤلاء متشائمون دائما (معارضة اوفير مبررة بتحفظ في عائلة نتنياهو بسبب حجج واهية)، فانه تصعب معرفة أي لعبة بوكر تلعب هنا وكيف ستنتهي. الواضح هو ان القضية ما زالت تتكشف. كل فصل في الملحمة هو فقط مقدمة لصراع جديد على السلطة، الذي لا صلة له بالحاجة الحيوية لتوضيح الحقيقة.



