ترجمات عبرية

هآرتس: تغيير طابع القتال في غزة: عقبة “ائتلاف نتنياهو”

هآرتس 2023-12-21، بقلم: عاموس هرئيل: تغيير طابع القتال في غزة: عقبة “ائتلاف نتنياهو”

 

في المستوى السياسي وفي جهاز الأمن يتبلور الفهم بأن الحرب في قطاع غزة يتوقع أن تنتقل إلى المرحلة الثالثة (بعد مرحلة القصف الجوي ومرحلة العملية البرية) خلال الشهر القادم.
حسب توصية الولايات المتحدة فإن تغيير طبيعة القتال يمكن أن يشمل الانتقال إلى إقامة منطقة عازلة على حدود القطاع، وربما أيضاً بين شمال القطاع وجنوبه، وتقليص عدد قوات الاحتياط والانتقال إلى صيغة الاقتحامات اللوائية، بدلاً من الفرق الأربعة التي تقوم الآن بعملية برية واسعة، بطيئة وفتاكة، في جزء كبير من أراضي القطاع.
النقاشات في إسرائيل تتركز على مسألة متى هو الموعد الصحيح للانتقال إلى هذا التغيير، هل في منتصف كانون الثاني أو في نهايته. ولكنّ هناك عائقاً أساسياً واحداً أمام هذا الانتقال وهو الوضع السياسي لرئيس الحكومة الذي يخشى من انهيار الائتلاف تحت ضغط اليمين.
الإدارة الأميركية، بما في ذلك البنتاغون وقيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي، توصي إسرائيل بتغيير طبيعة العملية منذ فترة طويلة. ولكن الأميركيين لا يقفون ومعهم ساعة توقيت صلبة.
هم يظهرون التفهم الخارج عن المألوف لعدالة الحرب الإسرائيلية إزاء مذبحة حماس في الغلاف، ويعطوننا الدعم العسكري والسياسي الكبير ويحافظون على طول النفس المدهش، إذا أخذنا في الحسبان الاستفزازات المستمرة لنتنياهو وبعض أعضاء الجناح اليميني المتطرف في حكومته. ولكنهم يقلقون أيضاً من عمليات القتل الكثيفة للمدنيين في القطاع. ومثلما أشار الرئيس الأميركي في الأسبوع الماضي فإنهم في الولايات المتحدة يتوقعون من إسرائيل تقليص هجماتها الجوية من أجل تقليل عدد المدنيين الذين يصابون في القطاع.
عائق آخر يواجه إسرائيل يتعلق بالعبء غير المسبوق على نظام الاحتياط وتأثيره بعيد المدى على الاقتصاد.
الروح القتالية لدى الجنود، بمن في ذلك جنود الاحتياط، مثيرة للإعجاب. لكن مئات الآلاف منهم بقوا في الخدمة مدة شهرين متواصلين تقريباً. وأصبحت العواقب المترتبة على ذلك بالنسبة للعائلات والشركات والتعليم مرهقة أكثر فأكثر.
ويبدو أنه سيكون من الضروري أخذ هذا في الاعتبار وإجراء تغييرات في التحضيرات في شهر كانون الثاني.
الولايات المتحدة لا تتحفظ من مجرد رغبة إسرائيل في تعميق العملية في خان يونس، التي قال وزير الدفاع يوآف غالانت أمس عنها إن الهدف الرئيس لها هو المس بقيادة حماس. النشاطات هناك تتقدم بشكل بطيء وحذر، بسبب الخوف من المزيد من المصابين في صفوف الجيش الإسرائيلي، ومن أجل تجنّب المس بالمزيد من المخطوفين، الذين تفترض إسرائيل أن حماس تفضل الحفاظ عليهم كبوليصة تأمين قرب قادتها.
في هذا الشأن جاءت أقوال رئيس الأركان، هرتسي هليفي، التي قالها في جلسة كابينيت الحرب يوم الاثنين، إنه استغرق الأمر عشر سنوات من أجل تصفية أسامة بن لادن رئيس القاعدة، بعد أحداث الحادي عشر من أيلول في 2001.
هليفي قال للوزراء إن قتل يحيى السنوار، رئيس حماس في قطاع غزة، سيستغرق إسرائيل وقتاً أقل. لكن كانت هناك رسالة خفية في ذلك وهي أنه يمكن أن تنهار العملية وتغير صورتها قبل أن تحقق أهدافها.
هذه لم تكن الرسالة التي فرح من سماعها الكثير من الأعضاء في الكابينيت الأمني، خلافاً لكابينيت الحرب.
وليس بالصدفة أن انقض إيتمار بن غفير وميري ريغف وضباط كبار في الجيش تم استدعاؤهم للمشاركة في الجلسة بالانتقاد على هليفي بسبب قرار الجيش تعليق قتال جنود الاحتياط الذين قاموا بالاستيلاء على الميكروفون في المسجد في جنين من أجل استفزاز سكان المكان.
رد رئيس الأركان الحاد يدل على أنه سئم من القيام بدور المنبر المريح للعلاقات العامة لوزراء عديمي الجدوى. لكن عدم الرضا في الكابينيت يعكس أمراً أكبر وهو الخوف المتزايد في اليمين من أن حجم القتال في القطاع سيتقلص دون أن يتم تحقيق أهداف الحرب المعلنة، وهي تدمير حماس (الجيش الأكثر حذراً يتحدث عن تدمير قدراتها) وإعادة المخطوفين وخلق وضع أمني جديد يمكّن سكان بلدات الغلاف من العودة إلى بيوتهم.
هذا كان نتنياهو نفسه الذي صمم رغم تحذيره على التعهد بنسبة أهداف طموحة جداً من بداية الحرب.
الآن هذه الآمال تصطدم مع الواقع. قتال الجيش الإسرائيلي جبى ثمناً باهظاً من حماس ومن سكان القطاع – قتل آلاف المخربين وتدمير كثيف في شمال القطاع وإبعاد تقريباً كل سكان الشمال نحو الجنوب والإضرار الكبير بالسلاح والأنفاق.
ما لم تفعله الحرب حتى الآن هو التسبب بالانهيار الكامل لمنظومة القيادة والسيطرة في حماس أو نزع الروح القتالية لدى رجالها.
في إحدى المعارك الأخيرة قام الجيش الإسرائيلي بأسر قائد فصيل في حماس. وفي التحقيق معه قال إنه لم يعرف أبداً أن قائد كتيبته قد قتل في قصف سابق لإسرائيل.
الاتصال بينهما انقطع والقائد الأصغر استمر في القتال، حسب قوله، حتى خوفاً من قائده. وعندما استسلم في مرحلة متأخرة قال إنه لو كان عرف أن قائد كتيبته قد مات لكان استسلم قبل ذلك.
أمور مشابهة تحدث في قطاعات أخرى. حماس قامت ببناء نظام لامركزي، الذي أجزاء منه تستمر في القتال حتى عندما تمت تصفية القيادة المحلية في كتيبة معينة.
ولأن الأمر يتعلق بمنطقة مأهولة ومكتظة، ولأن الجيش لديه قوات كبيرة تنتشر فيها، فإنه يوجد لحماس أهداف لضربها.
في معظم الهجمات الخلايا يتم تشخيصها وضربها قبل أن تلحق الأضرار. ولكن يكفي حادثة أو حادثتان في اليوم كي تجبي الثمن بحياة الجنود.
نتنياهو، الذي له تجربة من بين أعضاء الحكومة والكابينيت، يعرف ذلك جيداً. ولكن على رأس سلم أولوياته يقف، كما يبدو، بقاؤه في الحكم.
لذلك، ربما يختار إدارة مواجهة مصطنعة مع الأميركيين كي يحافظ على أحزاب اليمين معه.
في هذه الحالة الكرة ستنتقل إلى وزراء المعسكر الرسمي، بني غانتس وغادي ايزنكوت، اللذين سيضطران إلى اتخاذ قرار حول متى وعلى أي صراع يجب عليهما حل الائتلاف الذي وافقا على الانضمام إليه إزاء الهجوم الإرهابي من الأسبوع الأول للحرب.

حماس بكامل الشر
في بداية الأسبوع جرت في وارسو لقاءات هدفت إلى تحريك المفاوضات مجدداً على صفقة تبادل للمخطوفين.
الرئيس الأميركي، بوساطة رئيس الـ سي.آي.ايه، وليام برانس، يريد حث إسرائيل والوسيطة قطر أيضاً كي ينقذ المزيد من المخطوفين الاسرائيليين الأحياء. لكن اختراقة في المفاوضات تبدو في هذه المرة أصعب على الوصول مقارنة مع الصفقة التي كانت في نهاية تشرين الثاني.
يمكن الافتراض بأن السنوار، سواء بقي تحت الأرض في خان يونس أو هرب، يجد صعوبة في إجراء الاتصالات مع العالم الخارجي. كبار قادة حماس في الخارج يبثون في هذه الأثناء خطاً واحداً: الصفقة ستتم فقط إذا أوقفت إسرائيل القتال وانسحبت من القطاع.
فقط عندها سيكون بالإمكان مناقشة تسوية أخرى التي حسب طلباتهم ستشمل إطلاق سراح عدد كبير من السجناء – القتلة.
هذا يبدو موقفاً سيكون من الصعب تزحزح حماس عنه. لكن إسرائيل أيضاً تبث الآن أقوالاً فارغة عن تأييدها لإطلاق سراح جميع المخطوفين.
في غضون ذلك حماس تلاحظ حسب رأيها نقاط ضعف في أوساط الجمهور الإسرائيلي إزاء القلق المتزايد والمبرر على مصير المخطوفين الباقين، في الوقت الذي فيه كل بضعة أيام يتم الإبلاغ عن موت مخطوفين آخرين.
هذا كما يبدو الخلفية لنشر فيلم الحرب النفسية أول من أمس الذي ظهر فيه ثلاثة من المخطوفين، ثلاثة مسنين من كيبوتس نير عوز.
منظر المخطوفين الضعفاء والمتعبين أثار قلق عائلاتهم على صحتهم، إلى جانب ارتياحهم بسبب معرفتهم أنهم على قيد الحياة.
وقد كشف الفيلم أيضاً حماس بكامل الشر كمنظمة تقوم باحتجاز أشخاص مسنين، 80 سنة تقريباً، ووضعهم الصحي سيئ، كورقة مساومة في الوقت الذي تواصل فيه إعاقة إطلاق سراح فتيات اختطفن وتم التنكيل بهن من المشاركات في الحفلة.

ملاحظتان
لبنان. أي نقاش حول استمرار الحرب في القطاع يتعلق مباشرة بما يحدث على الجبهة اللبنانية. حتى أثناء زيارة وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، أول من أمس في إسرائيل تم عرض موقف قاطع لواشنطن.
الحل للتوتر في الشمال هو سياسي فقط. الولايات المتحدة ستحاول بلورة اتفاق يتضمن إبعاد قوة الرضوان إلى خلف نهر الليطاني. لكنه سيضطر إلى التعامل أيضاً مع النزاعات على الحدود التي لم يتم حلها بين إسرائيل ولبنان.
إسرائيل بقيت متشككة بخصوص احتمالية نجاح هذه المبادرة، لكنها ستعطي لهذه المبادرة الوقت.
حزب الله يستمر في هذه الأثناء في إطلاق الصواريخ والقذائف المضادة للدروع والمسيّرات على طول الحدود، حيث إنه في كل يوم تسجل 5 – 10 أحداث.
إسرائيل تجبي ثمناً غير قليل، عدد القتلى الرسمي لحزب الله في الشهرين ونصف الشهر الأخيرين بلغ 115 قتيلاً. لكن النجاح العملياتي هذا للجيش الإسرائيلي لا يردع حزب الله عن الاستمرار في إطلاق النار ولا يقنع عشرات آلاف السكان الذين اضطروا إلى ترك بيوتهم في البلدات القريبة من الجدار بأنه يمكن أن تكون هناك عودة آمنة لهم إلى بيوتهم في الفترة القريبة.
اليمن. لقد مر شهر منذ أن اختطف الحوثيون طاقم سفينة كانت تبحر في البحر الأحمر، بالذريعة الضعيفة أنها مرتبطة بإسرائيل.
منذ ذلك الحين اتسعت كثيراً العملية الحوثية لتشويش الملاحة في مضائق باب المندب، ما  تحول إلى مشكلة اقتصادية وسياسية عالمية.
الولايات المتحدة قامت في هذا الأسبوع بتشكيل تحالف دولي يهدف إلى تأمين الملاحة، لكن في هذه الأثناء هي تكتفي باعتراض الصواريخ والمسيّرات التي تطلق من اليمن، ولا تقوم باتخاذ أي سياسة هجومية.
وقد انضم لهذا التحالف بشكل علني على الأقل عشر دول، بعضها دول عربية. لكن حتى الآن دولة عربية واحدة هي البحرين، وافقت على أن يتم النشر عن انضمامها.
لكن الخاسر الأكبر من هذه العملية التي قام بها الحوثيون بدعم من إيران، هي مصر. حصار الحوثيين هو ضربة قاضية لقناة السويس التي هي مصدر الدخل الرئيس لنظام السيسي.
إسرائيل في هذه الأثناء هي متضررة ثانوية من هجمات الحوثيين العنيفة، رغم أن كل العملية تجسد التأثير الإقليمي الشديد للحرب في غزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى