هآرتس: تعيين البروفيسور رون شبيرا في لاهاي هو بصقة في وجه محكمة العدل

هآرتس 3/7/2024، مردخاي كرمنتسر: تعيين البروفيسور رون شبيرا في لاهاي هو بصقة في وجه محكمة العدل
تلميذ متوسط في السنة الاولى في دراسة القانون، الذي لو سئل من حسب رأيه يجب عدم تعيينه في جسم معين لكان بالتأكيد سيجيب بأن من عبر عن عدم الثقة المطلقة بهذا الجسم هو غير المناسب كي يعمل فيه. ولكن يبدو أنهم في حكومة اسرائيل لا يوافقون على ذلك، ويعتقدون أن من يرفض أي جسم بشكل كامل هو الشخص المناسب للانضمام اليه.
هكذا يعتقد ايضا البروفيسور رون شبيرا. فقد كتب في صفحته في الفيس بوك تحت عنوان “تقريبا كل سكان دولة اسرائيل اليهود” يعتقدون أن محكمة العدل الدولية “لا تستحق أي ذرة من الثقة”. واضاف، هذه المرة بعنوان “الاجماع في اسرائيل” بأن “هذا الجسم يجسد ويضخم بشكل كبير كل عيوب الخطاب القانوني على انواعها”. وواصل بتفصيل لا يبقي في المحكمة حجر على حجر.
ليس هذا وليس حتى ذاك في مباركة الطريقة التي زود بها شبيرا رئيس المحكمة العليا المتقاعد، البروفيسور اهارون براك، عندما تم تعيينه كقاض في محكمة العدل الدولية، حيث كلف شبيرا نفسه عناء تذكير براك بأنه “يتعاطف مع مصالحنا جميعا”، الامر الذي يعني بأنه غير محايد في دوره كقاض، خلافا لما يقتضيه قانون المحكمة. الحقيقة هي أن محكمة العدل الدولية، البعيدة عن أن تكون مؤسسة مثالية، أحد الاجسام الاكثر تقديرا في الامم المتحدة، وعدد من القضاة فيها هم رجال قانون من الدرجة الاولى من كل النواحي.
يمكن الافتراض أنه حتى أصحاب التفكير الجريء مثل وزراء الحكومة والبروفيسور شبيرا لا يقدرون أن انضمام الاخير لطاقم القضاة في دعوى جنوب افريقيا ضدنا سيقلب الامور رأسا على عقب، وسيحول هذه المحكمة من مؤسسة غير جديرة بأن يطأها انسان عقلاني، الى هيكل للعدل والحق. لذلك، يبدو أن تفسير هذا التعيين، يجب الاعتراف بأن ذلك غير سهل الوصول اليه، هو بصقة في وجه المحكمة واعلان الحرب عليها ومواجهتها. كيف يمكن لشبيرا أن يتم استقباله في محكمة العدل الدولية بعد أن اوضح بشكل جميل ما الذي يفكر به ويشعر به تجاهها؟. لن يكون من المفاجيء اذا تعامل معه قضاة المحكمة على أنه “حصان طروادة” الذي قامت اسرائيل بادخاله الى المحكمة. هكذا انتهت احتمالية تأثيره على القضاة الآخرين بالنسبة لهذه القبيلة. في التعيين المفاجيء لبراك (المفاجيء لمن قام بتعيينه، أي حكومة نتنياهو) حصلت الحكومة على قاض يتمتع بمهارة غير عادية ومكانة خاصة في العالم تمنحه مكانة لها تأثير غير عادي في المحكمة. وفي التعيين الحالي تحقق العكس بالضبط.
يجب علينا الاتفاق بأن خط العمل هذا لا يعتبر خطا منطقيا. فهو خط مشوه وغير منطقي. ولكن من غير الصحيح فهم خطوات الحكومة هذه بمفاهيم عادية للعقل السليم، حيث كل سلوكها معكوس. هل حكومة سليمة كانت ستعيد خطة بايدن للتطبيع مع السعودية خالية الوفاض، أو حتى عرضه كعدو لليهود؟ هل في حكومة سليمة كان الوزراء سيرقصون على انغام بن غفير وسموتريتش الهستيرية؟ وهناك الكثير من الأسئلة.
الحكومة تعرف أننا ننتظر قرارات صعبة منه بالنسبة للدعوى التي قدمتها جنوب افريقيا، ايضا بالنسبة للرأي المتوقع لهذه المحكمة بخصوص الضفة الغربية، لأنها لا تستبعد أي وسيلة بالنسبة للهيئات الدولية، ربما من هنا يأتي الاستعداد لشن الحرب. لا يوجد في ذلك ما يفاجيء. فقد سبق لنا وتعلمنا بأنه في الوقت الذي وفرت فيه احدى يدي اسرائيل، بواسطة الاموال القطرية، الاوكسجين لحماس في غزة، فانها باليد الثانية قامت بالتنكيل بالمدعية العامة في محكمة الجنايات الدولية، باتو بنسودا، واستخدمت عليها الضغط من قبل الموساد اثناء ولايتها.
في الوقت الذي تسعى فيه اسرائيل الى تعزيز علاقاتها مع الدول التي انتقلت من المعسكر الديمقراطي الى المعسكر الشعبوي – الديكتاتوري – المتطرف، ومع هيئات سياسية في اليمين المتطرف، فانها تتعامل بشكل فظ مع بقايا المعسكر الديمقراطي. يجب الاعتراف بأن هذا هو نوع من الاظهار المفاجيء للشفافية لحكومة بعيدة جدا عن الاستقامة. الانقلاب النظامي يستمر بشكل حثيث ومنهجي، وفي موازاة ذلك اسرائيل آخذة في احتلال مكانة محترمة في الدول شبه الديمقراطية، غير الليبرالية، والاحزاب اليمينية المتطرفة.
الطريقة الاساسية لتخريب الديمقراطية الليبرالية، وفي الاصل من العلامات الواضحة للنمط الديكتاتوري، هي في مجال التعيينات والاقالات. المعيار الوحيد للتعيين هو الاخلاص للحكم، والانتماء لـ “معسكرنا”. هذا ليس فقط اعتبار مهيمن، بل هو الاعتبار الوحيد، ويوجد فيه منطق. في الاجندة الشعبوية، كلما كان الشخص المعين مناسب أقل، فانه يكون ممتن اكثر، وهكذا فان اخلاصه يكون مضمون اكثر. من هنا ايضا التهديدات المخجلة التي لا تنتهي بعزل المستشارة القانونية للحكومة بسبب الخطيئة الشديدة – القيام بدورها بشكل مهني وموضوعي. الحوكمة التي باسمها يعمل الشعبويون لا تعتبر حكم حكيم وناجع، الذي يتعامل مع مشاكل حقيقية لصالح كل الجمهور، بل هو على العكس تماما، حكم نزواتي وفاسد لاشخاص غير مؤهلين لصالح مصالح شخصية وخاصة.
طريق الحكومة تؤدي الى صراع لانهائي مع الفلسطينيين (الذي هو بحد ذاته يدمر الديمقراطية)، والى العزلة الدولية مع تداعياتها الخطيرة على كل المجالات، الاقتصادية والاكاديمية والثقافية. ويجب القول بأنه اذا نزلت علينا كارثة من ايران فمن الذي سيهب لمساعدتنا؟ هل فيكتور اوربان؟.