ترجمات عبرية

هآرتس – تسفي برئيل – حقوق الانسان في مصر يجب عليها الانتظار

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل – 8/11/2021

” براك اوباما ودونالد ترامب ايضا جمدا لفترة قصيرة اموال المساعدات لمصر، ولكنهما قاما بتحريرها مقابل بادرات حسن نية غير كبيرة، التي بالاساس مكنت وزراء الخارجية من القول بأن مصر تعمل على تحسين وضع حقوق الانسان فيها، وهذا ما سيفعله جو بايدن بسبب ادراكه لاهمية السيسي “.

اقوال مؤلمة وفي الصميم، بشرى حقيقية، أسمعها المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية، نيد برايس، ردا على سؤال حول تجميد 130 مليون دولار من اموال المساعدات الامريكية لمصر. “نحن نقوم بمناقشة موضوع حقوق الانسان مثلما نناقش قيمنا. الامران مرتبطان ببعضهما. اذا لم نتمسك بقيمنا واذا لم نتمسك بحقوق الانسان فلن نتمسك بمصالحنا. نحن يمكننا القيام بكليهما”، قال برايس واضاف بأنه “في مصر يوجد قمع للمجتمع المدني ومس بحقوق الانسان”.

اليوم يتوقع أن يسمع وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مرة اخرى المحاضرة الامريكية حول ضرورة اصلاح وضع حقوق الانسان واطلاق سراح 16 سجين سياسي واعادة فتح منظمات حقوق انسان اغلقت وسن قوانين تعطي مساحة لحرية التعبير. ولكن شكري، الذي سيهبط في زيارة لمدة يومين في واشنطن، جاء مع جعبة مليئة بالخيرات. وبعد جهود ضاغطة كلفت مصر نحو 56 ألف دولار. مصر الغت للمرة الاولى بعد سنوات وضع الطواريء (لكن بدلا من ذلك عدلت قانون مكافحة الارهاب الذي يعطي لقوات الامن هامش واسع للعمل). الرئيس عبد الفتاح السيسي استضاف رئيس الحكومة الاسرائيلي نفتالي بينيت، وحتى أنه رفع علم اسرائيل اثناء اللقاء. رئيس المخابرات المصري، عباس كامل، استجاب لطلب واشنطن استخدام سحره على الجنرال عبد الفتاح البرهان، الذي قام بانقلاب عسكري في السودان، وكي يعيد الحكومة المؤقتة التي اقالها الى العمل. مصر، أكد شكري، هي الدولة الوحيدة التي يمكنها تهدئة الحدود بين اسرائيل وقطاع غزة بفضل تأثيرها على حماس، ويمكنها انهاء قضية الاسرى والمفقودين الاسرائيليين.

هل كل ذلك لا يساوي 130 مليون دولار؟ واذا كانت واشنطن قلقة جدا من وضع حقوق الانسان في مصر فلماذا لا تتخذ خطوات كهذه ايضا ضد اسرائيل؟. شكري بالطبع لن يقدم هذا الادعاء بصوت مرتفع، لكنه سيحلق فوق المحادثات، حيث أن اسرائيل اغلقت منظمات حقوق انسان وقدمت لواشنطن تفسيرات غير مقنعة. كما أن هناك موضوع صغير آخر وهو الاحتلال. لا يوجد أي جديد في تجميد اموال المساعدات لمصر من اجل استخدام ضغط لتحسين وضع حقوق الانسان هناك. ايضا براك اوباما ودونالد ترامب قاما بوقف اموال المساعدات قليلا، لكنهما قاما بتحريرها خلال فترة قصيرة مقابل بادرات حسن غير كبيرة، التي بالاساس مكنت وزراء الخارجية من القول بأن مصر تعمل على تحسين هذا المجال. جو بايدن ذهب ابعد من ذلك ووضع الدفع قدما بحقوق الانسان في العالم على اعتبار أنه وتد مركزي في سياسته الخارجية في الشرق الاوسط.

ولكن اضيف لهذه السياسة دفتر مليء بالاعفاءات. مثلا، العقوبات على نظام بشار الاسد بسبب المذبحة الجماهيرية التي قام بها في مناطق سوريا ستتآكل بموافقة الولايات المتحدة وحتى بتشجيع منها، ومن اجل انقاذ اقتصاد لبنان وافقت مصر والاردن على تقديم الغاز والنفط للبنان. المشكلة هي أن انابيب النفط والكهرباء التي سيوفرها الاردن تمر في الاراضي السورية، وفي الطريق ستقتطع نصيبها. هذا يكفي من اجل اعطاء الاسد شرعية ومكانة الشريك في المشروع الذي تدفع به الولايات المتحدة قدما. 

صحيح أن خطوط التزويد هذه تستهدف وقف ارساليات النفط من ايران ومساعدة اقتصاد لبنان، لكن كيف يتساوق هذا المشروع مع مطالبة واشنطن من مصر والسعودية واتحاد الامارات والبحرين أن توقف التطبيع الذي تقوم به مع سوريا؟. اذا كان مستقبل لبنان مهم لبايدن فلماذا لا يضغط على السعودية لالغاء المقاطعة الوحشية التي فرضتها على لبنان بسبب اقوال وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي؟. في نهاية المطاف، قرداحي بالاجمال قال ما تكرر الولايات المتحدة قوله وهو أن الحرب في اليمن هي عبثية وأن المتمردين الحوثيين يحاربون من اجل حقوقهم. واذا كانت حقوق الانسان وقيم الولايات المتحدة هي مفاهيم مترادفة، تخدم مصالح الولايات المتحدة، فكيف أن المفاوضات حول الاتفاق النووي مع ايران تتساوق مع هذه القيم في الوقت الذي فيه الولايات المتحدة لا تطرح هذا الامر للنقاش؟. يتبين أن دمج هذه الاسس، حقوق الانسان وقيم الولايات المتحدة وسياسة خارجية ناجعة، هو تطلع مناسب وحتى مرغوب فيه، لكن تنفيذه بعيد عن أن يكون كامل. بناء على ذلك فان تجميد 130 مليون دولار، التي وعدت بها مصر في اطار اتفاقات كامب ديفيد، ليس اكثر من ورقة تين، التي الادارة الامريكية ملزمة بها حسب القانون.
منظمات حقوق انسان دولية، امريكية ومصرية، تقول إن المبلغ قليل جدا ولن يؤثر على مصر. هم يطالبون بتجميد 300 مليون دولار على الاقل. ولكن الادارة الامريكية لا تريد الذهاب بعيدا. فهي تحتاج الى مصر، لا سيما عندما يتطلع بايدن الى الابتعاد عن الشرق الاوسط وترك حلفائه يطبقون سياسته بدلا منه. مستشارو بايدن يعرفون جيدا الابحاث التي اجريت في العقود الماضية، والتي بحسبها المساعدات الخارجية أو منعها لم تساعد بشكل كبير في الدفع قدما بمصالح الولايات المتحدة، سواء في باكستان أو افغانستان أو العراق، وايضا ليس في مصر أو في اسرائيل.

بايدن كان نائب اوباما عندما تعامل ببرود مع السيسي بعد الانقلاب الذي اطاح فيه بالاخوان المسلمين واستولى على السلطة. هو نفسه انتظر بضعة اشهر الى أن اتصل مع الرئيس المصري. الآن بايدن اصبح يعترف بضرورة السيسي. حقوق الانسان في مصر ستضطر الى الانتظار، ايضا مصروف الجيب الذي جمده بايدن ستتم اعادته. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى