هآرتس: تسريب كبير يكشف حملة السلاح في اسرائيل

هآرتس 9/3/2025، عومر بن يعقوب: تسريب كبير يكشف حملة السلاح في اسرائيل
معلومات حساسة تشمل هوية وعناوين آلاف الإسرائيليين الذين يحملون السلاح متاحة في الشبكة. هذا ما يتبين من تحقيق أجرته “هآرتس”. هذه القاعدة للبيانات تعرض للخطر المواطنين الذين تم كشفهم، حيث أن جهات جنائية أو قومية متطرفة معنية بالسلاح يمكنها ايجادهم. في بداية شهر شباط الماضي سرب القراصنة الإيرانيون عشرات آلاف الوثائق التي مصدرها في الشرطة ووزارة الامن الوطني وشركات حراسة، وتشمل أيضا معلومات شخصية كثيرة عن رجال حراسة مسلحين وعن غرف السلاح في مؤسسات عامة وغيرها. بعد نشر موضوع التسريب نفت الشرطة بشكل كامل أن المعلومات تسربت من حواسيبها. “بعد فحص عميق قمنا به لم يكن لأي جهة خارجية أي قدرة على الوصول الى قاعدة بيانات الشرطة، ولا يوجد أي مؤشر على حدوث اختراقة أو تسرب من أجهزة الشرطة”.
رغم أنه حتى الآن من غير الواضح كيف ومن أين تسربت المعلومات الحساسة، إلا أن فحصها يظهر أن الامر يتعلق بـ 100 ألف ملف مصدرها، ضمن أمور أخرى، قسم الحماية والترخيص في الشرطة وقسم ترخيص السلاح في وزارة الامن الوطني وشركات حماية مختلفة. قسم الترخيص يقف في مركز تحقيق “لاهف 433” الذي تم فتحه في اعقاب كشف “هآرتس” لتوزيع رخص السلاح بدون صلاحيات. عاملون في مكتب وزير الامن الوطني السابق ايتمار بن غفير وفي قسم الترخيص تم التحقيق معهم في اطار هذه القضية.
بناء على طلب قدمته “هآرتس”، فحصت شركة أمريكية باسم “داتا بريتش” المعلومات التي تسربت. الشركة لها خبرة في تشخيص التسريبات ومساعدة المتضررين في شطب تفاصيلهم من الشبكة. “كل من لديه سلاح في البيت هو الآن في خطر اعلى”، قالوا في الشركة. “حسب التقدير هناك معلومات تشخيصية عن 10 آلاف إسرائيلي”.
الملفات التي تم تسريبها هي ملفات محدثة جدا، من السنتين الأخيرتين، وتشمل مئات الوثائق من العام 2025. في الوثائق التي تتناول الحصول على السلاح أو تجديد ترخيص السلاح يمكن العثور على تفاصيل شخصية لصاحب السلاح، عنوانه، صورته، خلفيته العسكرية والصحية، نوع السلاح، رقم الرصاص الموجود لديه ومكان وجود السلاح في بيته.
من بين الوثائق أيضا هناك بطاقات هوية شرطي لمن يرتدون الزي العسكري والذين يحملون السلاح، ووثائق تقدير وتوصية لرجال الامن الذين تسرحوا. في الملفات التي تسربت توجد أيضا معلومات شخصية كثيرة بخصوص رجال حراسة مسلحين، تدربهم ورخص سلاحهم ووثائق داخلية كثيرة لشركات حراسة وحماية، المصادقة على تنفيذ دورات للرماية من قبل جهات مختلفة مرخصة.
“هآرتس” توجهت الى عشرة إسرائيليين تم الكشف عنهم في قاعدة البيانات التي تسربت، وقد أكدوا على أن التفاصيل الموجودة هي صحيحة، وأنهم قاموا باستصدار تجديد لرخصة السلاح في السنتين الأخيرتين. “أنا مصدوم لأنهم لم يتحدثوا معي. هذا ببساطة خطير. هذا يعني أن تضع اشخاص مثلي كهدف”، قال أ.، الذي قام في السنة الماضية بتجديد الرخصة. معلوماته الشخصية الكاملة، بما في ذلك العنوان ورقم الهاتف، مكشوفة في التسريب. “كنت أتوقع أن تقوم الشرطة أو السايبر في إسرائيل بفعل كل ما في استطاعتهم لشطب ذلك من الشبكة. هذا خطير وبحق”.
فيض من التسريبات
مجموعة القراصنة ادعت في البداية أنها اخترقت منظومات وزارة الامن الوطني، ونشرت عدد من صور الشاشة لرخص السلاح وهددت بأنها ستنشر 4 تريبايت من المعلومات. في شباط الماضي نشرت كمية صغيرة، 40 غيغا بايت من الملفات. أيضا في السابق حاولوا في “هندلة” تضخيم هذا الإنجاز.
“هندلة” التي تعتبر ذراع للمخابرات الإيرانية تبحث على الاغلب عن إنجازات معنوية، خلافا للقراصنة الذين يركزون على الاختراق لجمع المعلومات، “هندلة” خبيرة في الاختراق لغرض التسريب والتأثير. منذ بداية الحرب في غزة هي ومجموعات مشابهة تسرب معلومات كثيرة تمت سرقتها من شركات خاصة ومن وزارات حكومية وجهات أمنية، ووثائق وصور خاصة لشخصيات أمنية رفيعة. في السنة الماضي نشرت في الشبكة معلومات كثيرة تم الحصول عليها من اختراق وزارة العدل ووزارة الدفاع والامن الوطني وما شابه. ومثلما نشر في “هآرتس” فان مجموعة قراصنة أخرى أنشأت موقع محدد لنشر تسريبات من قواعد بيانات حساسة في إسرائيل، حيث نشرت هناك آلاف الوثائق.
الحادثة الحالية، تسريب معلومات عن أصحاب السلاح، هي خطيرة من حيث حجمها مثل اقتحام وزارة العدل”، قال المحققون في “داتا بريتش”. بعد الاقتحام في نيسان حاولوا في وزارة العدل وفي منظومة السايبر تقزيم الحدث وقالوا “الامر يتعلق بوثائق من سنوات سابقة”، وأنه “يبدو أنه لم يكن اقتحام لمنظومات وزارة العدل”. ولكن تحقيق “هآرتس” اظهر أن المعلومات التي تسربت، شملت ضمن أمور أخرى، معلومات شخصية عن جهات رفيعة، مراسلات حساسة، وثائق داخلية سرية للوزارة، محاضر جلسات عقدت في غرف مغلقة وحتى الآن يمنع نشرها.
يبدو أن إسرائيل تحاول، مثلما في حالات سابقة، شطب المعلومات التي تسربت من الشبكة. قنوات “هندلة” في التلغرام، هناك ينشرون روابط لتنزيل التسريبات، ازيلت مؤخرا. ولكن الحديث يدور عن معركة خاسرة. القراصنة يفتحون على الفور قنوات جديدة، ويستخدمون المواقع المخزنة في دول لا تتعاون مع طلبات إسرائيل القانونية، ويستندون الى تكنولوجيا منتشرة لا يمكن شطبها من الشبكة. مؤخرا بدأ القراصنة في نشر المعلومات المسروقة أيضا في حافظات رقمية. وهي مواقع محصنة لا يمكن شطبها، تستخدم كنوع من ويكيليكس للتسريبات. في هذه المواقع نشرت خلال سنين قواعد بيانات ضخمة، فيها وثائق بنما، التي مولت عدد من التحقيقات الدولية وكشفت مئات حالات الفساد في ارجاء العالم. قاعدة بيانات أصحاب السلاح في إسرائيل نشرت مؤخرا في حافظة كهذه، يمكن الوصول اليها بسهولة، وهي تظهر أيضا في البحث في “غوغل”. في الفترة القريبة القادمة سيتم نشر قاعدة البيانات في موقع تسريبات آخر.
إسرائيل تشهد موجة غير مسبوقة من هجمات السايبر منذ اندلاع الحرب في غزة. تقرير تلخيصي للعام 2024 لمنظومة السايبر الوطني كشف ارتفاع دراماتيكي أيضا في عدد حالات التسريب والهجمات المرتبطة بعمليات التأثير. “في هذه السنة تمت مشاهدة 900 عملية نشر في الشبكة مثل التلغرام بخصوص هجمات على الاقتصاد الإسرائيلي، و500 ملف تسريب معلومات مرتبطة بإسرائيل نشرت في الشبكة وفي “داركنت”. المنشورات هي محاولة للعدو من أجل التأثير على الرأي العام في إسرائيل”.
تسريب المعلومات هو على الاغلب المرحلة العلنية النهائية للاختراق الذي بدأ في السابق وتم اغلاقه أو استنفاده. وحتى أنه يصعب وربما من غير المحتمل العثور على مصدر التسريب. وحسب خبراء السايبر فان الحديث يدور بشكل عام عن اختراق تحقق في اعقاب محاولة فاشلة – عندما يقوم موظف في منظمة تم اختراقها بطريقة ذكية بالنقر على رابط خبيث تم ارساله اليه في البريد الالكتروني.
حسب منظومة السايبر فان المحاولة الفاشلة هي وسيلة هجوم مفضلة للقراصنة الإيرانيين في محاولة لجمع أكبر قدر من المعلومات عن إسرائيل. رغم التهديد إلا أنهم في إسرائيل يجدون صعوبة في وقف هذه الظاهرة، وفي مناورة واسعة أجريت مؤخرا ضغط حوالي 200 ألف جندي على رابط مزور تم ارساله للجيش الإسرائيلي.