هآرتس: ترامب يستغل تهديدات اسرائيل لايران وحماس من اجل الدفع قدما بأهدافه

هآرتس 8/4/2025، عاموس هرئيل: ترامب يستغل تهديدات اسرائيل لايران وحماس من اجل الدفع قدما بأهدافه
في الوقت الذي بورصات العالم فيه في حالة سقوط حر نتيجة اصلاح الجمارك الذي قام به فان الرئيس ترامب يستضيف رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في واشنطن. ترامب يبدو في هذه الاثناء كمن هو مصمم على تخريب الاقتصاد العالمي. اللقاء المليء بالاستخذاء مع نتنياهو، للمرة الثانية في غضون شهرين، ربما يفيد في تحسين صورة الرئيس في نظر نفسه التي فيها حتى ناخبيه بدأوا يتشككون في حكمته. ولكن في اللقاء أمس، يبدو أنه كانت على الاجندة قضايا أمنية، على رأسها ايران وقطاع غزة. مهم لنتنياهو بشكل خاص أن يظهر وكأنه في حالة تنسيق متقدم مع ترامب قبل امكانية مهاجمة المنشآت النووية الايرانية. ترامب فاجأ أمس عندما اعلن بأن الولايات المتحدة بدأت في مباحثات مباشرة مع ايران، التي تستمر في يوم السبت القادم، في اعقاب الرسالة التي ارسلها الى النظام في طهران في الشهر الماضي. وبخصوص قطاع غزة فان هنا من يدفع اكثر من اجل تحقيق التقدم هو الادارة الامريكية. نتنياهو ينشغل بالاساس في تبديد الوقت رغم أنه أمس اكتملت سنة ونصف على الحرب ضد حماس، ومرت سنة بالضبط منذ وعد الجمهور “نحن على بعد خطوة من النصر في القطاع”.
في الخلفية توجد تطورات كثيرة في تبادل الرسائل بين الولايات المتحدة واسرائيل مع ايران. الامريكيون قاموا بتكثيف في اسرائيل منظومة الصواريخ المضادة للصواريخ من نوع تائد، لتعزيز منظومة الحيتس المحلية. في وسائل الاعلام الاجنبية تزداد التقديرات بشأن استعداد اسرائيل لهجوم محتمل. الولايات المتحدة تقوم ببناء قوة عسكرية بحجم ضخم في الشرق الاوسط والمحيط الهندي، التي تشمل ايضا قاذفات ضخمة من نوع “بي 52”. في نفس الوقت تستمر الهجمات الجوية الكثيفة للولايات المتحدة وبريطانيا ضد الحوثيين في اليمن.
موقف امريكي – اسرائيلي مشترك ضد النووي يساعد على زيادة الضغط على ايران ويتساوق مع الاحداث في اليمن. الجنرال احتياط كانت ماكنزي، قائد القيادة الوسطى للجيش الامريكي (السنتكوم سابقا)، كتب أول أمس في مقال في “نيويورك تايمز” بأن الهجوم الذي اعلنت عنه ادارة ترامب ضد الحوثيين يعكس تغير في المقاربة مقارنة بسياسة ادارة بايدن، الذي فضل تجاهل التهديد الذي تشكله اليمن على الملاحة البحرية. حسب قوله فان المس بالحوثيين هو مس بطيف نفوذ ايران، التي في الاصل تعرضت لضربة شديدة بعد الحرب بين اسرائيل وحزب الله وبعد سقوط نظام بشار الاسد في سوريا.
ماكنزي قدر أن الاحداث في اليمن هي عملية افتتاحية، التي حسب رأيه تبدو كسنة سيئة جدا بالنسبة لايران. النظام في ايران يحترم القوة، كما كتب. ولأن رؤساء النظام في ايران يدركون أن امكانية حدوث هجوم اسرائيلي أو امريكي للمنشآت النووية هي اعلى من أي وقت مضى فربما أنه وافق على استئناف المحادثات النووية خشية على بقائه.
عمليا، ربما أن ترامب يريد استخدام اسرائيل بشكل يشبه استخدام الساحتين، في ايران وفي غزة. في هذه الاثناء هو يطلق العنان لنتنياهو لهجوم عسكري محدود (في غزة)، أو اطلاق تهديدات بالهجوم (في ايران) على أمل أن يستخدم الضغط الاسرائيلي لصالح الحلول التي يفضلها بشكل عام، تحقيق اتفاقات مناسبة لمواقف الولايات المتحدة وتسوية الامور بطرق سلمية. المبعوث الخاص للرئيس، ستيف ويتكوف، الذي شارك أمس في اللقاءات مع الضيوف الاسرائيليين، مرة اخرى بث مؤخرا لعائلات المخطوفين تفاؤل معين فيما يتعلق بما سيحدث لاحقا.
مع ذلك، ويتكوف يتحدث عن صفقة من مرحلتين، وقف لاطلاق النار لبضعة اسابيع، واطلاق سراح عدد من المخطوفين خلالها، بعد ذلك تحقيق اتفاق دائم يتضمن اعادة المخطوفين الباقين والجثامين. هذا يندمج في اقتراح وساطة مصر الجديد، اطلاق سراح ثمانية مخطوفين في المرحلة الاولى. ورغم الخطط الكبيرة التي رسمها رئيس الاركان، ايال زمير، لاحتلال القطاع، إلا أن الجيش الاسرائيلي لم ينقض كليا على هذه المهمة، بل هو يأمل أن يؤدي الضغط الحالي الى صعود المفاوضات مرة اخرى على المسار. الوحيد المتحمس وبحق لاحتلال القطاع هو الوزير بتسلئيل سموتريتش، الشخص الذي ينظر بانغلاق الى صعوبات الاقتصاد واحتجاج رجال الاحتياط، والذي حسب جميع الاستطلاعات الاخيرة حزبه يجد صعوبة في اجتياز نسبة الحسم.
هنا مدفون الكذب
المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي اعلن أمس بأن رئيس الاركان استكمل التحقيق الاولي في مسألة اطلاق النار على عاملي الاغاثة الفلسطينيين في رفح في 23 آذار الماضي. في البيان قيل إن زمير اصدر تعليمات لتعميق الفحص بواسطة طاقم التحقيق التابع لهيئة الاركان برئاسة الجنرال احتياط يوآف هار ايفن، وأنه “من التحقيق الاولي تبين أن القوة اطلقت النار بسبب الشعور بالتهديد على خلفية احتكاك سابق في المنطقة”.
البيان لم يتطرق أبدا الى سبب تسريع الجيش الانشغال بالتحقيق مع التدخل المباشر لرئيس الاركان. ففيلم الفيديو الذي نشرته “نيويورك تايمز” من الهاتف المحمول الذي عثر عليه على جثة أحد القتلى، الذي يناقض الرواية الاولية للجيش، ويكشف بأنها كاذبة. الادعاء الرئيسي الذي تم طرحه في الرد الاول للمتحدث بلسان الجيش عن الحادث هو أن السيارات في القافلة التي اطلقت عليها النار لم تضع اشارات عليها مثل الاضواء الساطعة كما هو مطلوب من سيارات الانقاذ. الفيلم اظهر بشكل واضح أن الاضواء كانت مشتعلة.
هذا الكذب لم يولد في مكتب المتحدث بلسان الجيش في تل ابيب، بل على الارض. فقد قاد القوة التي اطلقت النار نائب قائد الكتيبة وقائد سرية في الكتيبة تابعة للواء غولاني، هذا ما ابلغه للمسؤولين عنه. هذه الرواية تم تسويقها لقيادة الجيش الاسرائيلي العليا، ومن هناك عبر المتحدث بلسان الجيش تم تسويقها ايضا لوسائل الاعلام الاجنبية، التي اظهرت الاهتمام بالحادثة اكثر من وسائل الاعلام الاسرائيلية. ضابط كبير في الجيش قال للصحيفة بأن الرواية من الميدان اسقطتنا جميعنا. الآن يتضح من الفيلم أن سلسلة القيادة الدنيا ببساطة قامت بالكذب.
حسب اقواله رئيس الاركان يجب عليه أن يصمم على استيضاح الحدث والاهتمام باتخاذ اجراءات قاسية ضد المتورطين.”هذا حدث اوسع بكثير مما يعتقد الناس”، قال. “في القطاع يحدث الآن مس شديد بالمدنيين الفلسطينيين، فقط بسبب تواجدهم في المكان غير الصحيح وفي الزمن غير الصحيح. هل تعرف من هو المخرب في غزة في نظر الجيش الاسرائيلي؟ كل من قتل. والى حين خروج ايال زمير باعلان أنه يوجد ابرياء في قطاع غزة، وأنه مسموح فقط اطلاق النار على من يعرض حياة الجنود للخطر فاننا لن ننجح في اصلاح هذا الوضع”.
بطل التسريب
يونتان اوريخ، مستشار نتنياهو الكبير، تم اطلاق سراحه أمس الى الاقامة الجبرية بعد التحقيق معه في قضية الاموال القطرية. في هذه الاثناء يتبين أن نتنياهو، في محاولة للاشارة الى الاخلاص لمستشاره، قال في التحقيق إن تسريب جلسات الكابنت التي بسببها تم التحقيق مع اوريخ، جرى بتوجيه منه. هذا غير مفاجيء بشكل كبير، لكنه يتناقض مع الرسالة التي قام بتسويقها رئيس الحكومة خلال سنوات، حيث أنه مرة تلو الاخرى كان يتظاهر بالصدمة من التسريبات. عمليا، الصورة كانت مختلفة كليا، بدءا بتسريب عرض الجيش الاسرائيلي عملية “الجرف الصامد” في 2014 وانتهاء بتسريب رئيس الشباك نداف ارغمان للنقاشات حول استخدام الشباك تعقب المدنيين في فترة وباء الكورونا في 2020.
الضغط الكبير الذي يبثه نتنياهو في قضية قطر، والبيانات العنيفة لمكتبه ضد رئيس الشباك رونين بار، يمكن أن تدل على أنه يوجد لرئيس الحكومة وحاشيته ما يمكن اخفاءه في هذه القضية. في هذه الاثناء رؤساء الجهاز السابقين بدأوا في خلع القفازات كجزء من الدفاع عن بار. احدهم وهو يورام كوهين، أكد أمس في مقابلة مع “صوت الجيش” على أن نتنياهو حاول تجنيده من اجل المس بالسرية الامنية للوزير في حينه نفتالي بينيت، بالذريعة (الكاذبة) وهي أنه عندما كان جندي تم عزل بينيت من دورية هيئة الاركان بسبب مشاكل الولاء (مكتب رئيس الحكومة نفى ذلك، لكنه ايضا قام في السابق بنفي وجود علاقة مع المتحدث المعتقل ايلي فيلدشتاين).
في نفس الوقت بلاط ننتنياهو يبذل الجهد لتشويه سمعة كل الشباك. في الفترة الاخيرة ثارت عاصفة مفتعلة في اعقاب تسجيل اقوال رئيس القسم اليهودي في الجهاز، التي تناولت السلوك الاشكالي تجاه مشبوهين يهود. مثلما في السابق فان اليمين تأثر من المس بحقوق المشبوهين، فقط عندما كانت الادعاءات تخدم هدف اكبر (في هذه الحالة الدفاع عن نتنياهو). التسريب هو اعداد للجلسة التي ستعقد اليوم في المحكمة العليا لمناقشة الالتماسات ضد اقالة بار من رئاسة الشباك. من جهة اخرى، قدم أمس يورام كوهين تصريح مشفوع بالقسم للمحكمة العليا، أكد فيه على ادعاءاته بشأن نتنياهو. الصراع على بقايا الديمقراطية في اسرائيل ارتفع الآن درجة اخرى، وهو لا يجري في واشنطن، بل في القدس.
مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook