هآرتس: ترامب يحلم بالتطبيع لكنه يعين مؤيدي الضم
هآرتس 14/11/2024، امير تيفون وبن سمولس: ترامب يحلم بالتطبيع لكنه يعين مؤيدي الضم
تصريح واحد للرئيس الامريكي المنتخب، دونالد ترامب، في بداية هذا الاسبوع، نجح في اثارة بعض القلق في اوساط مؤيديه اليهود. ترامب اعلن بأن وزير الخارجية الامريكي الاسبق مايك بومبيو والسفيرة المتقاعدة نيكي هيلي، لن يتم تعيينهما في ادارته الجديدة. بومبيو وهيلي كانا من اصحاب المناصب المؤيدة جدا لاسرائيل في ولاية ترامب الاولى، وقد حصلا على الاعجاب الحقيقي في اسرائيل في اعقاب دعمها. هيلي استقبلت كنجمة روك اثناء زيارتها الى اسرائيل، وبومبيو حصل على تسمية نبيذ على اسمه يتم انتاجه في مصنع للنبيذ في احدى المستوطنات في الضفة الغربية.
قرار ترامب عدم تعيينهما في الادارة التي يتم تشكيلها الآن، والسعادة التي اعلن فيها عن ذلك في صفحته في “اكس”، اثارا الخوف من أن الرئيس الجديد ينوي تبني في ولايته الحالية سياسة خارجية انفصالية. هيلي وبومبيو يؤيدان سياسة خارجية صقورية والتدخل الامريكي الواسع في الساحة الدولية. تخلي ترامب عنهما ظهر كمحاولة مسبقة من قبله لتبني سياسة تدخل نشط من قبل الولايات المتحدة في الحروب، سواء في اوكرانيا أو في الشرق الاوسط، وهي سياسة اقرب الى الخطاب الانفصالي الذي اتبعه عدد من المؤيدين البارزين للرئيس الجديد – القديم، ومن بينهم المحلل تاكر كارلسون.
سلسلة التعيينات التي اعلن عنها ترامب في الـ 48 ساعة الاخيرة ازالت هذه المخاوف واوضحت بأن انتقامه من هيلي وبومبيو كان شخصيا، دون صلة بمواقفهما. ترامب اعلن عن تعيين عضو الكونغرس السابق مايكل وولتس، جمهوري من ولاية فلوريدا، في منصب مستشار الامن القومي، والسناتور ماركو روبيو، جمهوري من فلوريدا، هو المرشح لمنصب وزير الخارجية، وعضوة الكونغرس اليس ستيفانيك، التي اصبحت عزيزة يهود امريكا في اعقاب جلسات الاستماع العلنية التي عقدتها حول النظرة لليهود في الجامعات الامريكية الكبيرة، ستكون السفيرة في الامم المتحدة. ومايك هاكبي، رجل دين افنغلستي وفي السابق كان حاكم ولاية اركنسو، سيكون السفير في اسرائيل.
يوجد قاسم مشترك بارز بين هؤلاء الاربعة وهو أنهم جميعا يعتبرون مؤيدين واضحين لاسرائيل، على الاقل في حالة هاكبي، وحلفاء موثوقين لليمين المتطرف وحركة الاستيطان. روبيو، وولتس وستيفانيك، الذين تأييدهم لاسرائيل هو تأييد مطلق ولا يشوبه أي انتقاد (على الاقل علنا)، يعتبرون معتدلين مقارنة بهاكبي، الذي عبر عن دعمه للاستيطان ودعا الى اقامة دولة فلسطينية في السعودية، وأنه سيكون السفير الامريكي الاكثر قربا من رؤساء المستوطنين، حتى أكثر من السفير السابق لترامب، دافيد فريدمان، الذي هو ايضا كان مؤيد متحمس للاستيطان.
مساء يوم الثلاثاء اعلن ترامب عن تعيين آخر، الذي يتوقع أن يعزز الخط الصقوري في الادارة الذي يؤيد اسرائيل، فيت هاغست، المحلل في “فوكس نيوز” ومرشح الرئيس لمنصب وزير الدفاع. من بين جميع التعيينات فان هذا التعيين هو الاكثر اشكالية، والاحتمالية الاكبر لمواجهة صعوبة في الموافقة عليه في مجلس الشيوخ. رغم اغلبية الحزب الجمهوري فان هاغست يمكن أن يجد صعوبة في الحصول على اغلبية للمصادقة على ترشيحه بسبب نقص التجربة لهذا المنصب والخلفية الغنية له من التصريحات المتطرفة. بالنسبة لعلاقته مع اسرائيل فهو قريب من موقف هاكبي ومعروف بعلاقته الوثيقة مع جهات يمينية في اسرائيل.
هذه التعيينات تثير الآمال في صفوف اليمين المتدين وفي اوساط حركة الاستيطان في اسرائيل، التي يشاهد اعضاءها فرصة تاريخية كي يخرجوا الى حيز التنفيذ عملية ضم الضفة الغربية، التي سقطت في اواخر ولاية ترامب الاولى بسبب التوقيع على اتفاقات ابراهيم. ايضا احتمالية اقامة المستوطنات في غزة، لا سيما في شمال القطاع، تظهر لوزراء احزاب اليمين المتطرف في الحكومة احتمالية واقعية على خلفية مواقف كبار رجال الادارة الجديدة. وزير المالية سموتريتش عبر بشكل جيد عن هذه المقاربة عندما قال في بداية الاسبوع بأن “السنة القادمة ستكون سنة السيادة في الضفة الغربية”.
تعيين واحد لترامب، الذي اثار اهتمام الجمهور القليل في اسرائيل، هو تعيين رجل الاعمال ستيفن فتكوف في منصب المبعوث الخاص للرئيس في منطقة الشرق الاوسط. في ولاية ترامب السابق شغل هذا المنصب محاميه جايسون غرينبلاد، يهودي ارثوذكسي اظهر مباديء واضحة مؤيدة لاسرائيل. غرينبلاد فقد بسرعة ثقة الفلسطينيين وتسبب بوقف الاتصالات بين ادارة ترامب والسلطة الفلسطينية. وقد تم استبداله بسرعة بجارد كوشنر، وهو صهر الرئيس ترامب ومستشاره المقرب، الذي تم تعيينه كمسؤول عن ملف الشرق الاوسط، وهو من اجرى الاتصالات التي انتهت بالتوقيع على اتفاقات ابراهيم.
فتكوف هو مليوني، من مواليد نيويورك، ويعتبر صديق شخصي لترامب منذ عشرات السنين. على مدى السنين عبر عن دعمه لاسرائيل وعن اعجابه برئيس الحكومة نتنياهو على خطابه في الكونغرس قبل اربعة اشهر. وخلافا للتعيينات الاخرى التي اعلن عنها الرئيس فانه لا توجد له أي خلفية حقيقية في هذا المجال، وهو لم يعبر عن مواقف متطرفة مثل المواقف التي عبر عنها هاكبي.
المهمة الاساسية لفتكوف هي محاولة صياغة اتفاق التطبيع بين اسرائيل والسعودية، استمرارا لاتفاقات ابراهيم. هذا الاتفاق سيعتبر انجاز دبلوماسي مهم لترامب، لكن يتوقع أن يتطلب من اسرائيل اظهار المرونة في القضية الفلسطينية. في بداية الاسبوع عبر ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عن خيبة امل عميقة للمملكة من اسرائيل على خلفية استمرار الحرب في غزة وتصريحات شركاء نتنياهو في الائتلاف المتطرفة. ابن سلمان اتهم اسرائيل بارتكاب ابادة جماعية في غزة، وهاجم القانون الذي تمت المصادقة عليه في الكنيست ضد وكالة الاونروا التي تساعد اللاجئين الفلسطينيين، وعبر عن تأييد سيادة ايران وطالب بالوقف الفوري للحرب في غزة.
في السنة الاخيرة تبنت السعودية خط علني مؤيد لفلسطين وواضح اكثر، ازاء تغير الرأي العام العربي بالنسبة لاسرائيل. قبل سنة تقريبا اعلن ابن سلمان في مقابلة مع شبكة “فوكس” بأن دولته قريبة من التوصل الى الاتفاق مع اسرائيل، وأن هذا الاتفاق سيخفف على حياة الفلسطينيين. هذا كان تصريح غامض، وكان يمكن تفسيره كعدم اهتمام من قبل السعودية بطلب الفلسطينيين، اقامة الدولة. الآن، في المقابل، السعودية تعبر عن موقف مصمم اكثر. وحتى أن وزير الخارجية السعودي نشر قبل فترة مقال اوضح فيه بأنه لن يكون أي تطبيع بدون تقدم حقيقي في اقامة الدولة الفلسطينية.
السؤال الكبير هو أي تعيين من هذه التعيينات سيقود بالفعل خط الادارة في قضية اسرائيل والشرق الاوسط، هل سيكون هاكبي الذي يطمح الى ضم المستوطنات لاسرائيل، وربما ليس فقط الضفة الغربية، بل اجزاء من الضفة الشرقية، التي تعود بقوة الوعد التوراتي لاسرائيل وليس للاردن. أو رجل الاعمال فتكوف الذي دوره هو جلب امام الرئيس الاتفاق السعودي. هذا السؤال سيؤثر بشكل حقيقي ايضا على خطوات اسرائيل في السنة القادمة.
مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook