هآرتس: ترامب يتبنى موقف اسرائيل ويشدد الشرك الفلسطيني

هآرتس25/9/2025، جاكي خوري: ترامب يتبنى موقف اسرائيل ويشدد الشرك الفلسطيني
في خطابه أول أمس في الجمعية العمومية للامم المتحدة حاول الرئيس الامريكي دونالد ترامب أن يخفف، وحتى أن يوقف، التسونامي السياسي – موجة الدول التي اعلنت عن اعترافها بالدولة الفلسطينية. ولكن ما يقف الآن امام هذا التسونامي هو اختبار مختلف كليا – خطوات عملية لانقاذ ما تبقى من المشروع الوطني الفلسطيني.
ترامب اختار تجاهل الخطاب الذي القاه رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في نفس المناسبة – قبل يوم من ذلك وعن بعد، الذي ادان فيه هجوم 7 اكتوبر واكد على ان حماس لن تكون شريكة في اليوم التالي. الرسالة التي استهدفت بث المسؤولية وتحديد ان السلطة هي الشريك الشرعي، تم الرد عليها بالتجاهل. وبدلا من ذلك كرر ترامب رواية اسرائيل، تقريبا كلمة كلمة: الاعتراف بفلسطين هو هدية للارهاب، أي جهد دولي يجب ان يوجه ضد حماس وليس ضد الاحتلال، كل ما يحدث لغزة في السنتين الاخيرتين سينتهيعند تحرير المخطوفين. ولكن كيف سينتهي وما الذي سيحدث في اليوم التالي؟ هذه الاسئلة لم يتم ذكرها أبدا. تجاهل صارخ. بالنسبة لرام الله الصورة واضحة: ترامب هو نتنياهو والعكس صحيح. الفرق في الاسلوب اصبح هامشيا حيث الرسالة الاستراتيجية واحدة: تصفية القضية الفلسطينية وابعادها عن الخطاب السياسي.
في الواقع على الارض، قرار اغلاق معبر اللنبي “بتوجيه من المستوى السياسي”، كما اكدوا في سلطة المعابر، اثبت جيدا عمق سيطرة اسرائيل. المعبر، الذي هو شريان الحياة الوحيد بين الضفة والاردن والعالم، تم اغلاقه في هذا الاسبوع بعد موجة الاعتراف. خطوة عقاب جماعية توضح انه حتى بعد الاعتراف اسرائيل هي التي تقرر من الذي يخرج ومن الذي يدخل. مصدر فلسطيني رفيع اعتبر ذلك “ضوء اخضر” لنتنياهو من اجل استمرار هجماته في غزة وخطوة الضم. امام الخنق السياسي والمادي فانهم في رام الله اصبحوا يعرفون انه لا يوجد من يتحدثون معه، وليس هناك من يتملقونه أو يتوسلون اليه. وحتى الاستخذاء لن يساعد. والامر الذي زاد الطين بلة هو الرد اللفظي الشديد الذي صدر من مكتب عباس، الجهود الان موجهة لانقاذ ما يمكن انقاذه بوسائل مالية. رئيس الحكومة الفلسطينية محمد مصطفى يجري محادثات محمومة مع السعودية وفرنسا وجهات اخرى لانشاء شبكة امان تضخ حوالي 200 مليون دولار في الشهر لمدة نصف سنة، كاوكسجين مؤقت لدفع الرواتب والخدمات الاساسية. القرار حول ذلك سيكون فيمركز النقاش الذي سيعقد اليوم بمشاركة الدول المانحة، الذي سيشارك مصطفى فيه ايضا عن بعد. من مكتبه في رام الله سيحاول اقناع الدول بان السلطة من ناحيتها تستمع، وستدفع قدما بخطة اصلاحات شاملة توحد بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
مع ذلك، في رام الله ايضا يعترفون انه بدون اموال الضرائب التي تحتجزها اسرائيل فان أي شبكة امام مالية لن تصمد لفترة طويلة. مصدر رفيع في السلطة شبه ذلك بـ “عملية تنفس صناعي لمريض شديد المرض”. من هنا جاءت المفارقة الشديدة للفلسطينيين: من جهة، اعتراف دولي غير مسبوق بالدولة الفلسطينية، ومن جهة اخرى، خنق يومي يثبت الاعتماد المطلق على اسرائيل. في الوقت الذي حاولوا فيه في رام الله ركوب موجة الاعتراف وبناء منها زخم تاريخي، ترامب انهاه بخطاب واحد، واسرائيل تقوم بتحييده من خلال خطواتها على الارض.
الاختبار الحقيقي الآن ليس في تصريحات اخرى مثلما نشرها رؤساء الدول العربية والاسلامية الذين التقوا مع ترامب وطالبوا بانهاء الحرب، أو بطبيعة الرد للقيادة الفلسطينية، بل بخطوات عملية – ضمان عدم انهيار السلطة، تحديد ثمن لاستمرار الضم والاحتلال، ترجمة الاعتراف الرمزي بخطوات عملية لها معنى على الارض. اذا لم يفعل المجتمع الدولي بذلك فان “التسونامي السياسي” سيتم تذكره كحلقة عابرة، وحل الدولتين سيواصل الابتعاد، الى أن يصبح شعار فارغ من المضمون.