هآرتس: ترامب سيهتم أولا بمصالحه وهذه لن تستقيم دوما مع مصالح نتنياهو
هآرتس 7/11/2024، عاموس هرئيل: ترامب سيهتم أولا بمصالحه وهذه لن تستقيم دوما مع مصالح نتنياهو
بنيامين نتنياهو قدر وأمل وآمن بأن هذه ستكون النتيجة – نصر ساحق لدونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة. التداعيات يمكن ان تكون معقدة، وحتى متناقضة في بعضها. ترامب كان دائما لغز مغطى. فهو شخص يركز على نفسه ويصعب توقعه ومتقلب. في نسخة 2025 هو كما يبدو سيعرض نسخة جديدة لولايته الاولى: بدون كوابح وعوائق، وتقريبا بدون جنرالات احتياط يحيطون به، الذين يؤمنون عبثا بأنه يمكنهم السيطرة عليه، كما حدث قبل ثماني سنوات.
لا فائدة من المقامرة على السياسة الخارجية للرئيس القادم. هذا مبكر جدا. كثيرون من المقربين منه، مثل مايك كومباو، هم من مؤيدي اسرائيل ومحبي نتنياهو. ولكن في فترة ولايته الاولى ظهرت في السياسة الخارجية للادارة الامريكية أسس متناقضة ومختلطة. ترامب بث نزعة انفصالية والتحفظ الشديد من غرق امريكا في أمن الحلفاء وعدم الرغبة في الدخول الى حروب أخرى زائدة. في المقابل، ترامب صدق ادعاءات نتنياهو وقام بالانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران بصورة قربت النظام في طهران من موقف جعلها اقرب من أي وقت مضى من انتاج القنبلة.
يوجد شيء واحد واضح وهو أن الايرانيين يخشون من ترامب وطبيعته غير المتوقعة، الامر الذي سينعكس في اعادة التفكير في الاستراتيجية المستقبلية المقبولة عليهم. من الآن سيتعين على ايران فحص ما اذا كانت ستطبق على الفور تهديداتها وشن هجوم آخر بالصواريخ والمسيرات على اسرائيل، بعد ضربة اسرائيل الاخيرة في 26 تشرين الاول الماضي.
بشكل علني اكثر ترامب من التعبير عن التماهي مع اسرائيل، وعلى الاغلب اظهر التعاطف مع نتنياهو. في تشرين الثاني 2020 حدثت ازمة استثنائية عندما غضب من نتنياهو، الذي اتصل لتهنئة جو بايدن في فوزه في الانتخابات (نتنياهو تعلم الدرس وكان من اوائل المهنئين لترامب، منذ اللحظة التي تبين فيها فوزه). في المقابل، بعد المذبحة في 7 اكتوبر تعامل ترامب مع الاسرائيليين (لا سيما مع وزير الدفاع يوآف غالنت، الذي اقاله نتنياهو أول أمس) كـ “خاسرين” ازاء المفاجأة التي تسببت بها لهم حماس. بعد ذلك طلب انهاء الحرب في غزة، وفي الفترة الاخيرة قبل الانتخابات أكد على الحاجة الى انهاء الحرب في لبنان.
سجّل ترامب فيما يتعلق باسرائيل معقد اكثر مما يميلون لذكره. لذلك فان التبجيل والاستخذاء مبكرة قليلا. ترامب سيهتم قبل أي شيء آخر بمصالحه، التي ليست بالضرورة ستتساوق دائما مع التوقعات في ائتلاف نتنياهو. الدول التي يجب عليها القلق بشكل خاص هي التي توجد على خط الجبهة الاول امام اعداء الغرب، وعلى رأسها تايوان (امام الصين) واوكرانيا ودول البلطيق (امام روسيا). ترامب لم يخف في أي يوم اعجابه بالديكتاتوريين، وحتى السوقيين بينهم مثل حاكم كوريا الشمالية. اوكرانيا تصمد امام الغزو الروسي القاتل منذ سنتين ونصف، وكل ذلك بفضل المساعدة الامنية والاقتصادية التي ارسلتها اليها ادارة بايدن. ترامب يتوقع أن يتصرف بشكل مختلف، ومن غير الغريب أنه في اوروبا يزداد الضغط وهناك من يتحدثون عن خطر حقيقي على عصر الديمقراطيات الغربية.
هناك أمر واحد حقا لن يقلق ترامب وهو الانقلاب النظامي في اسرائيل. في العام 2016، بعد فترة قصيرة من فوز ترامب للولاية الاولى، نشر بأن ننتنياهو اعطى توجيهات لرجاله “كي يكونوا مثل ترامب”، وطلب منهم تبني خط اكثر عنفا في التصادم مع الخصوم السياسيين وفي ردودهم على وسائل الاعلام. المثال الاكثر بروزا هو جواب طويل وعنيف ارسله مكتبه على تحقيق اجرته ايلانا ديان في برنامج “عوفدا”. يبدو أنه من شهر كانون الثاني نتنياهو لن يضطر الى الخوف من الادانة الامريكية عندما سيواصل الدفع قدما بالتشريع غير الديمقراطي هنا. الخط العنيف الذي اتبعته ادارة بايدن ضد خطواته، احيانا بالتدخل الواضح في شؤون اسرائيل الداخلية، لن يعود في ولاية ترامب الذي يتخيل صلاحيات مستبدة.
تحذير متهور
هناك عائق آخر تمت ازالته أول أمس من الطريق وهو غالنت. اقالة غالنت في المرة السابقة في آذار السنة الماضية كانت رد من قبل نتنياهو على تحذيرات لوزير الدفاع من الضرر الذي يتسبب به الانقلاب بقدرة الجيش العملياتية. ولكن في حينه اضطر رئيس الحكومة الى التراجع عن ذلك في اعقاب احتجاج كبير للجمهور. ايضا في هذه المرة الامر ليس هكذا. في الواقع كانت هناك مرة اخرى مظاهرات كبيرة، لكن يبدو بوضوح أنه تنقص رياح في اشرعة الاحتجاج، رغم أن نشاطات الحكومة اصبحت اكثر خطورة. اسرائيل كاتس في وزارة الدفاع لن يجلب أي خطر يشوش على خطط نتنياهو بعيدة المدى. كاتس لن يدعم رئيس الاركان هرتسي هليفي وكبار قادة الجيش ورئيس الشباك رونين بار عندما سيواصل نتنياهو جهوده لالقاء كل المسؤولية عن فشل المذبحة عليهم.
من الممتع في هذا السياق ما حدث في الاستوديوهات بعد ساعة تقريبا على نشر عميت سيغل في “اخبار 12” عن رسالة الاقالة التي ارسلها نتنياهو الى غالنت. المراسلون تمت احاطتهم بأن رئيس الحكومة يفحص اقالة ليفي وبار في القريب. مكتب رئيس الحكومة نشر بيان عن محادثات لنتنياهو مع رئيس الاركان ورئيس الشباك ورئيس الموساد دافيد برنياع، والتي قال فيها لهم بأنه “يتوقع منهم مواصلة العمل المشترك مع وزير الدفاع الجديد”. في هذه الاثناء، ربما من خلال التفكير ذهب الى مكان آخر بعيد جدا، اصدر المكتب ايضا نفي لما قيل عنه: “المنشورات عن نية رئيس الحكومة اقالة قادة كبار غير صحيحة، وهي تستهدف زرع الانقسام”. هذا لا يقل موثوقية عن الادعاء بأن ايلي فلدشتاين، المتحدث المعتقل، لم يعمل لصالح نتنياهو.
ذات مرة في سبعينيات القرن الماضي كانت قيادة م.ت.ف موجودة في لبنان، ومن هناك شغلت مخربين من المناطق لتنفيذ العمليات داخل اسرائيل. طريقة الاتصال بين المخربين في الداخل والمخربين في الخارج كانت محدودة. وفلسطينيو المناطق اختاروا احيانا انفسهم الاهداف الذي يقومون بمهاجمتها، هكذا نشرت منظمات في لبنان بيانات تحملت فيها المسؤولية عن عمليات لم ينفذها رجالها، وفقط فيما بعد تبين أن المخرب كان من تنظيم آخر. في جهاز الامن اعتادوا على تسمية هذه الاحداث بـ “التبني المتسرع”، ويسرعون الى اعتقال المخرب الذي نشر اسمه قبل تنفيذ خطته. يتولد الانطباع بأنه في هذه المرة ايضا خرج من شخص ما تحذير متهور، ومن هنا جاء التنكر السريع. في هذه الاثناء الرسالة التهديدية تم استيعابها في المكتبين، إما التساوق أو اقالتكم.
في الخلفية هناك امور ملحة: جهود نتنياهو لتمرير تسوية قانونية تلتف على غالنت، تضمن استمرار تهرب الحريديين من أي خدمة وعدم اسقاط حكومته؛ استمرار التحقيقات التي تجري مع مكتب رئيس الحكومة حول قضية فيلدشتاين والادعاءات بتزوير محاضر جلسات في بداية الحرب. الجهات الرفيعة التي تم ذكرها هي ذات صلة بالازمتين. بار يرتبط بالتحقيق مع فيلدشتاين وهليفي يرتبط بقانون التهرب من الخدمة. ليس مجرد قانون، بل قانون يضمن استمرار عبء لا يحتمل على من يخدمون في الاحتياط، الذين الكثير منهم خدموا 200 يوم في الجيش في السنة الاخيرة. بعد اقالة وزير الدفاع والتهديد باقالة اشخاص آخرين من المهم معرفة ما هو المطلوب من اجل اخراج مئات آلاف الاسرائيليين الى الشوارع.