هآرتس: تدخل ترامب في القضاء يسحق كرامة الشعب الاسرائيلي

هآرتس 6/7/2025، ديمتري شومسكي: تدخل ترامب في القضاء يسحق كرامة الشعب الاسرائيلي
يجدر توضيح ما يبدو أنه غير مفهوم ضمنا، ليس “الصهيونية الدينية” برئاسة بتسلئيل سموتريتش، أو “قوة يهودية” برئاسة ايتمار بن غفير، ستنسحب من الائتلاف اذا سعى بنيامين نتنياهو بشكل فوري ونهائي نحو الصفقة مع حماس، التي تعني انهاء الحرب مقابل تحرير 20 مخطوف على قيد الحياة ودفن 13 قتيل. لأن حزب سموتريتش لا يجتاز في الاستطلاعات نسبة الحسم، في حين أن بن غفير لن يرغب باي شكل في تذكره كمن اسقط الحكومة “اليمينية المطلقة”.
التهديد باسقاط الحكومة، الذي يبثه الاعضاء الكهانيين والمسيحانيين فيها، هو تهديد مصطنع وتم تنسيقه بشكل جيد مع نتنياهو، الذي هدفه الواحد والوحيد هو خلق عرض مزيف بدافع ايديولوجي موضوعي من اجل معارضة الصفقة مع قتلة حماس. كل ذلك من اجل طمس وتغطية العامل الحصري الذي يمنع هذه الصفقة المنقذة للحياة. الجهد الكبير الذي لا يتوقف لرئيس الحكومة لمواصلة الحرب في غزة من اجل تاخير بشكل لانهائي محاكمته الجنائية، على أمل الغاءها بشكل نهائي، وايضا تاخير تشكيل لجنة تحقيق رسمية تحقق في موضوع الفشل في كارثة 7 اكتوبر.
اذا بقي لدى أحد اي شك بان بقاء نتنياهو هو العائق الاساسي والاكثر جوهرية في الطريق للصفقة مع حماس، جاءت التغريدة الثانية لشريكه في جهنم القانونية من وراء البحار وكشفت للجميع طبيعة الصفقة الحقيقية المطروحة الآن على الطاولة، وهي الدفع قدما بالمفاوضات مع حماس مقابل الغاء محاكمة نتنياهو.
ما هو تفسير الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي قال بان محاكمة نتنياهو تضر بالمفاوضات مع حماس حول انهاء الحرب واعادة المخطوفين؟ يبدو ان القصد من هذه الاقوال هو قصد غبي: استدعاء وتقديم شهادات في المحكمة تسرق من رئيس الحكومة الوقت والاهتمام، وهكذا فهي تمنعه من تكريس جل جهده للمفاوضات المعقدة. ولكن هذه دعوة ساذجة وسطحية لرسالة ترامب. في الحقيقة ترامب يعرف جيدا ان نتنياهو غير معني بالتقدم بجدية في مسار الصفقة طالما أن سيف المحاكمة الجنائية موضوع فوق رأسه.
هكذا يعمل الشخص الاكثر فسادا من بين الرؤساء الامريكيين كمبعوث لنتنياهو لدى جهاز القضاء في اسرائيل، ربما مقابل اموال مريام ادلسون ومكاسب اخرى ومداعبة “الأنا” – وهو يحمل في فمه مطالبة عديمة الخجل، اساسها الابتزاز بالتهديد: لا يوجد لدى نتنياهو صبر، قوموا بالغاء المحاكمة ونحن سندفع قدما بالصفقة. اذا واصلتم “جهنم” القضائية فان المخطوفين سيواصلون المعاناة في جهنم حماس.
من المثير للقشعريرة التفكير بانه يوجد بيننا اشخاص مثل نتنيناهو، الذين هم مستعدين للاتجار بحياة الاسرى مقابل التهرب من المحاكمة الجنائية. والاكثر اثارة للقشعريرة من ذلك هو الاعتقاد بان الامر يتعلق برئيس الحكومة. ولكن دولة اسرائيل، التي يمثلها جهاز القضاء امام المتهم نتنياهو، لم يبق لها ما تفعله الآن عدا عن الاعلان عن الاستسلام المطلق.
نعم، لقد هزمنا. هزمنا مع شريكه في واشنطن، حتى الصهيونية نفسها. حيث أن تدخل ترامب الصارخ في جهاز القضاء في اسرائيل، لا يوجد له أي معنى باستثناء سحق كرامة سيادة الشعب اليهودي في دولته، لب الفكرة الصهيونية. ولكن عندما تكون حياة الناس، حياة المخطوفين الذين يتم اهمالهم في انفاق العدو، هي الموجودة على كفة الميزان فانه يجب التخلي عن الافكار السامية لأنه لا توجد أي فكرة سامية اكثر من التي تمجد حياة الانسان. لذلك، يجب التغلب على الغثيان، واذا كان هذا غير ممكن، فانه يمكن التقيؤ سرا على جانب الطريق والسعي الى صفقة مع الزعيم الاكثر حقارة في اسرائيل: الغاء محاكمته مقابل تحرير المخطوفين وانهاء الحرب.
بعد ذلك، ذات يوم عندما سينسحب بشكل نهائي من الحياة السياسية، شعب اسرائيل سيعرف كيف سيحاسبه، هو وعشيرته وعائلته، على كل الحقارة والتنكيل. بالطبع قانونيا فقط.