هآرتس: تحطُّم حصانة إسرائيل الاقتصادية
هآرتس 10-6-2024، إيتان افرئيل: تحطُّم حصانة إسرائيل الاقتصادية
حسب التقديرات الحالية فإن الحرب في غزة كلفت الاقتصاد 250 مليار شيكل تقريباً حتى الآن، بالأساس من أجل السلاح وخدمة الاحتياط والدفعات للمخلَوْن.
هذا المبلغ يخلق فجوة كبيرة في ميزانية الدولة وعجز بلغ في أيار 7.2 في المئة من الناتج المحلي، ويمكن أن يصل في هذه السنة إلى 8 في المئة.
عجز كبير يتوقع أيضاً في السنة القادمة. الآن رغم أن الحرب في غزة بعيدة عن الانتهاء فإن زعماء الحكومة، برئاسة إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وبنيامين نتنياهو، يريدون منا الاستسلام لكل طلباتهم شن حرب وعملية برية واسعة أخرى، هذه المرة ضد حزب الله في الشمال.
هناك ادعاءات عسكرية واستراتيجية، مع وضد خطوة كهذه، لكن قبل ذلك يطرح سؤال: كم ستكلف هذه العملية، ومن أين ستأتي الحكومة بالأموال؟ الجواب المؤسف هو أن لا أحد يعرف. لأنه في الحكومة لم يتم إعداد خطة اقتصادية كهذه. لذلك فإن أي رقم هو صحيح.
إسرائيل يمكنها التخطيط لحرب جديدة، لكن ليس كيف، بالأساس كم ستستغرق، هل ستكلف 100 مليار شيكل؟ 200؟ هل أكثر من ذلك؟ حسب المعلومات المتوفرة عن قدرات حزب الله مقارنة مع قدرات حماس، وعن شبكة الأنفاق في لبنان، فإن الثمن العسكري، والاقتصادي أيضاً، سيكون مرتفعاً.
العملية في لبنان ستكلف مليارات الشواكل
إلى جانب النفقات العسكرية المباشرة، التي ستشمل إخلاء منطقة الشمال حتى مدينة حيفا، يجب حساب أيضاً حجم الأموال التي لن تدخل إلى ميزانية الدولة بسبب الهبوط المتوقع في النشاطات الاقتصادية وانخفاض المداخيل من الضرائب.
الجهة الوحيدة التي نشرت تقديراً اقتصادياً لهذا السيناريو هو معهد أهارون للسياسة الاقتصادية، في كلية الاقتصاد في جامعة رايخمان.
حسب تقدير المعهد فإن حرباً “لبضعة أشهر” في لبنان ستقود الدولة إلى نمو سلبي، 2 في المئة، في العام 2024. وبالتالي، خسارة بعشرات مليارات الشواكل في مداخيل الضرائب بسبب فقدان النشاطات الاقتصادية.
في أي سيناريو، باستثناء وقف الحرب في الفترة القريبة القادمة، سواء في الجنوب أو في الشمال، الحكومة ستحتاج إلى الكثير من الأموال، مليارات الشواكل، أكثر مما خططت لإنفاقه في هذه السنة.
هذا الرقم هو بالطبع تخمين ذكي. الأمر الوحيد المؤكد هو أنه في خزينة الدولة سيكون نقص لاحتياجات عملية برية في لبنان يقدر بعشرات، أو مئات، مليارات الشواكل الأخرى. من أين ستأتي وزارة المالية بهذه الأموال؟
على مستوى المبدأ توجد للدولة ثلاثة مصادر مالية لتمويل النفقات الخاصة مثل العملية العسكرية: رفع الضرائب وتقليص الميزانية والنفقات المدنية والحصول على دين من مستثمرين أجانب ومن مواطني الدولة. أي خطوة من هذه الخطوات ستتبع؟.
1- الحصول على دين آخر. بالنسبة لنشاطات لمرة واحدة، إصدار سندات أخرى، يبدو كمصدر مطلوب. هذا ما فعلته دول كثيرة، منها إسرائيل، لمواجهة الأزمة الاقتصادية في فترة وباء الكورونا. بالنسبة لمعظم هذه الدول هذا الأمر نجح.
2- تقليص النفقات المدنية. إذا كان يجب تمويل الحرب فإن الأمر الطبيعي أكثر هو تقليص النفقات المدنية غير الضرورية، مثل التعليم الرسمي والمنظومات الصحية والرفاه وإقامة بنى تحتية مدنية.
3- فرض الضرائب. سموتريتش ونتنياهو في الحقيقة وعدا بعدم رفع الضرائب. لكن هل يوجد أي أحد يشك في أن هذا ما سيحدث إذا تم شن عملية برية في الشمال؟ السؤال الذي ما زال مطروحاً هو أي ضرائب سترتفع، وأي مجموعة سكانية ستتضرر أكثر.
لكن عملياً، أيضاً في هذا السؤال لا يوجد للحكومة خيارات كثيرة. هي ستختار تقريباً بشكل مؤكد البدائل المعروفة مثل فرض الضرائب في المكان الذي سيكون من السهل عليها فعل ذلك من ناحية سياسية. وستقوم بجبايتها بالأساس من الأشخاص الذين توجد لديهم الأموال.