هآرتس: تحرير عيدان الكسندر كمثال على سلوك الحكومة الاجرامي

هآرتس 13/5/2025، يوسي فيرتر: تحرير عيدان الكسندر كمثال على سلوك الحكومة الاجرامي
اهانة وطنية لاذعة مثل التي عانت منها اسرائيل على يد ترامب، لا يمكن أن تحدث الا في ظل الحكومة الحالية التي تطلق على نفسها الوطنية. من فوق رأسها ومن وراء ظهرها كانت تجري مفاوضات مباشرة مع حماس، التي أدت الى اطلاق سراح عيدان الكسندر. بعد التعلم من الفشل السابق فان الامريكيين حافظوا على امن الميدان كي لا يتمكن أي اسرائيلي، لا سيما الامريكي – الاسرائيلي رون ديرمر، من احباط الخطوة مرة اخرى. هذا نجح وعاد عيدان الكسندر، الجندي الاسرائيلي، الى اسرائيل بدون أن يكون لحكومة اسرائيل أي دور في ذلك.
يمكن تخيل، بشيء من الرعب، كيف كانت المعارضة السابقة بقيادة نتنياهو ستتصرف لو أن حكومة بينيت – لبيد استيقظت في الصباح واكتشفت ان الرئيس الامريكي توسط لاطلاق سراح جندي لديه جنسية مزدوجة من خلال التفاوض مع “النازيين الجدد”. جو بايدن لم يكن شجاع بما فيه الكفاية، مثلما لم تكن كمالا هاريس معادية للسامية ، لكن على الاقل نتنياهو كان يعرف ما الذي يجب فعله – في نهاية المطاف فان كل مهنته هي السم والتدمير، وليس البناء والامل. كم هو عدد مقاطع الفيديو الغاضبة، وما هي احاطات التشهير التي كان هذا المصدر سيطلقها.
البيان حول تحرير الكسندر تسلمه مساء اول امس مثلنا جميعا. السماء سقطت على مكتب رئيس الحكومة. هذا جعله لا ينام في الليل، مسكين، ومحاميه اشار الى أنه “نام فقط ساعة ونصف”. مهم معرفة اذا كان نام هذا الوقت بضمير مرتاح. المتحدثون بلسانه في وسائل الاعلام سارعوا الى توبيخ الرئيس ترامب، كيف يتجرأ على التحدث مباشرة مع منظمة ارهابية قبيحة، وكيف كان المعلقون قبل بضعة اشهر يوبخون اعضاء الادارة السابقة على الجرأة على وقف سلاح معين، وعموما كيف ان دولة رعاية مثل امريكا تتجرأ مرة تلو الاخرى على تلويث فمها بكلمات عن الدولة العظمى اسرائيل؟.
الادارة الامريكية الحالية توصلت بسرعة الى الاستنتاج الذي استغرق بايدن وقت طويل. ها هو ستيف ويتكوف يعطي احاطات لعائلات المخطوفين بأن الحرب في قطاع غزة لم يعد لها أي هدف أو جدوى. ولكن نتنياهو يصمم على مواصلتها. وها هو المسيح، دونالد بن بيرد ترامب، يكتب بأنه يجب وقف “الحرب الوحشية” في القطاع. هذا التعريف يتعلق من ناحيته بالمخطوفين الاسرائيليين، لكن بدرجة اقل بسكان غزة.
التحرير المنفرد لالكسندر أمس والطريقة التي حدث فيها، هي مثل السلوك الاجرامي لحكومة نتنياهو. لا تبادر الى أي شيء، ولا تحرك خطوات، ولا “تنتحر” من اجل انقاذ حياة المخطوفين العشرين الباقين، واحضار الأخرين للدفن. بعد أن تمت اقالة رئيس الشباك المقال، رونين بار، ورئيس الموساد دادي برنياع، في هذه السنة من طاقم المفاوضات، وتم استبدالهما من قبل رون ديرمر الفاشل والمنتفخ، دخلت اسرائيل الى وضع سلبي. الطاقم السابق بادر طوال الوقت، 7/24. الانباء عن ذلك وعن قيود التفويض لهم كانت دورية. هذا اصاب نتنياهو بالجنون. لم تكن لديه نية في أن ينجحوا، بل كان يريد كسب الوقت والتراجع وافشال عملهم. كل ذلك من اجل أن لا يتفكك الائتلاف.
خلافا للاعتقاد السائد فان الفضل في عقد الصفقة السابقة في هذه السنة التي تحرر فيها 33 مخطوف من اسر حماس، هو لرونين بار، الذي خلق مسار متميز ومباشر مع حماس، وبفضله تم تحقيق الصفقة. ترامب، بواسطة ويتكوف، وفر الدعم والاجواء الايجابية، التي بالاساس لم تسمح لنتنياهو بالهرب من الحلبة التي ادخله اليها الطاقم السابق. هذا سبب آخر من ناحيته يجعله يحمل الضغينة الدائمة ضدهم والافتراء عليهم والتحريض ضدهم الى الابد ويطلق عليهم اسم “الدولة العميقة” والزمرة العسكرية.
امس بعد الظهر جرت محادثة هاتفية بين الرئيس الامريكي ورئيس الحكومة الاسرائيلية، التي في اعقابها نشر مكتب رئيس الحكومة نوع من التصريح السياسي، جاء فيه ان نتنياهو شكر الرئيس على “المساعدة في اطلاق سراح عيدان الكسندر”. المساعدة؟ ما صلة ذلك؟ نتنياهو كان آخر من عرف عن ذلك. وفي نهاية المطاف ترامب لم يشكره أبدا، بل شكر قطر ومصر.
ترامب سيهبط اليوم في السعودية (بعد ذلك سيصل الى اتحاد الامارات وقطر) في زيارة هامة، التي تنوء من فائض التوقعات المبالغ فيها. هو سيلتقي مع زعماء شباب، محمد بن سلمان ولي عهد السعودية، محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي ورئيس الحكومة القطرية محمد آل ثاني. ايضا ربما سيلتقي مع الجولاني من سوريا، وزعيم اقل شبابا هو أبو مازن من رام الله. اين نتنياهو خاصتنا؟ في نفس المكان بالضبط. بعد سلسلة اهانات من ترامب تم جره الى ارسال وفد المفاوضات الى الدوحة اليوم. المباحثات مع ايران والاتفاق مع الحوثيين وفرض آلية جديدة للمساعدات وتشغيلها على الفور، كل ذلك هو المقدمة فقط. تحرير الكسندر هو سعادة كبيرة للجمهور الاسرائيلي، لكنه سحق وحشي لدولة اسرائيل. لم يكن امام نتنياهو أي خيار باستثناء رفع علامة نصر معينة.
لكن ليس لمحركي الدمى لديه، ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، ما يقلق. فقد بذل الجهد لتهدئتهم مسبقا وضمان لهم حدود القطاعات، خطة ويتكوف القديمة. نعم، نفس الخطة التي ماتت بالفعل، والتي اعقبها مبادرات للوسطاء. لقد تم القاءها فورا في سلة القمامة كي لا يكون لدى “قوة يهودية” و”العنصرية الدينية” أي فرصة لنبس بنت شفة. الآن نحن عالقون في الحرج. الجيش الاسرائيلي في حالة تاهب لعملية “عربات جدعون”، وكل الشرق الاوسط في حالة تاهب لعربات ترامب، وعائلات المخطوفين في حالة تاهب خوفا من المزيد من الحزن، ونحن جميعا عالقون في عربة الفشل المستمر لحكومة نتنياهو.