هآرتس: تحرير المخطوفين أو حرب خداع

هآرتس 23/5/2025، اهود باراك: تحرير المخطوفين أو حرب خداع
الأيام القريبة القادمة سيضطر نتنياهو الى الاختيار بين بن غفير وسموتريتش وبين ترامب وزعماء العالم الحر، بين الحرب السياسية العبثية وبين تحرير المخطوفين وانهاء الحرب. لا يوجد هنا تماثل. أيضا السير مع ترامب ورؤساء فرنسا وبريطانيا وكندا لن يكون مسار مليء بالورود، هو سيكون مقرون بصعوبات ونحن سنكون بحاجة الى زعامة ذكية مزودة برؤية وثقة بالنفس. زعامة مع قدرة على قراءة روح الشعب، وما الذي يحرك الأصدقاء والاعداء. الأساس: الشجاعة لاتخاذ قرارات وقدرة على تنفيذها. باختصار، اقوال اقل وافعال اكثر.
نحت بحاجة الى قيادة تعترف بإمكانية تحرير جميع المخطوفين دفعة واحدة، ووقف الحرب عديمة الجدوى وانهاء الازمة الإنسانية، وتجريد حماس من السيطرة والقدرة على التهديد من غزة، والانضمام، حتى لو كان ذلك متأخر، الى “الشرق الأوسط الجديد” على صيغة ترامب، بما في ذلك التطبيع مع السعودية وفرصة للمشاركة في مشروع “الممر التجاري” – من الهند ومرورا بالخليج ومن هناك الى أوروبا.
ان اختيار حرب الخداع، التي تحت ستار دخان تتظاهر بأنها حملة من اجل امن الدولة ومستقبلها، بينما هي في الحقيقة حرب سياسية، “حرب سلامة الائتلاف”، سيكتب فصل جديد في “موكب الغباء”: من جهة، مشكوك فيه جدا اذا كانت ستتمكن من تحقيق نتائج تختلف عن الجولات السابقة في قطاع غزة. ومن جهة أخرى، ستؤدي بدون أي شك الى تفاقم العزلة الدبلوماسية والقانونية لإسرائيل، واثارة موجة من معاداة السامية والحكم على بعض الرهائن الاحياء بالاعدام.
لقد كان يمكن أن تكون منطقية لو أنها تمكنت من تحقيق “النصر المطلق” على حماس. ولكن ذلك لن يحدث، لأنه عندما ستتوقف “خلال فترة قصيرة نسبيا” تحت الضغط الدبلوماسي على خلفية الازمة الإنسانية أو الاحداث على الأرض، نحن سنجد انفسنا مرة أخرى في نفس الوضع مثلما هي الحال الآن.
الحقيقة هي ان الطريقة الوحيدة لضمان ان حماس لن تتمكن من حكم غزة وتهديد إسرائيل من هناك، تكمن منذ 7 أكتوبر في استبدال حماس بعامل قوة آخر، يكون شرعي في الوعي الجماعي وفي القانون الدولي، وبالنسبة للجيران العرب والفلسطينيين انفسهم. التفسير العملي هو قوة عربية مؤقتة بتمويل دول الخليج: حكومة تكنوقراط مع موظفين فلسطينيين وجسم امني سيتم تشكيله بالتدريج باشراف القوة العربية والولايات المتحدة. إسرائيل ستضع شروط لذلك. الأول هو ان لا أحد كان عضو في الذراع العسكري لحماس يمكنه أن يشارك في الجسم الجديد. الثاني هو ان الجيش الإسرائيلي سيقوم بالانسحاب الى نقطة معينة في محيط القطاع، لكنه لن يعود الى الحدود حتى يتم وضع كل الترتيبات الأمنية موضع التنفيذ، كما تم الاتفاق على ذلك مسبقا. عندما ندرك بأن هذه هي الخطة العملية لليوم التالي، وهي الخطة التي يتهرب منها نتنياهو منذ 7 أكتوبر فنحن ندرك انه لا معنى للتضحية بحياة الرهائن أو تعريض حياة الجنود للخطر من اجل لا شيء. من سينظر في عيون الآباء والارامل والايتام الجدد والمعاقين والمرضى النفسيين ويقول بضمير مرتاح بأن كل شيء تم فعله كان لمنع الخسارة وأنه كان مبرر بشكل مطلق.
كلما صممت إسرائيل على التهرب من هذا النقاش فانه ستزداد احتمالية قدوم مبادرة دولية واسعة، تشمل عدد من الجيران العرب، التي ستدعو الى مقاطعة إسرائيل والدفع قدما بشكل فعلي للاعتراف بالدولة الفلسطينية (في الواقع يرتفع الان امام انظارنا التسونامي السياسي).
الاحتلال الدائم للقطاع، ترحيل 2 مليون فلسطيني وإعادة توطين قطاع غزة بالاسرائيليين، كل ذلك أوهام عبثية، التي ستعود الينا مثل السهم المرتد، وفقط ستسرع المواجهة مع كل العالم.
هذا هو الاختيار الموجود امامنا. هناك شك كبير اذا كان نتنياهو والحكومة يمكنهم مواجهته من خلال القلق الحقيقي على امن الدولة ومستقبلها. في نهاية المطاف يوجد سبب آخر من اجل الحاجة الملحة كي نزيح عن انفسنا هذه الحكومة الأكثر فشلا في تاريخنا. وكلما بكرنا في ذلك سيكون افضل.