هآرتس / تجنيد الحريديين ؟ هم بشكل عام ضحايا المقاربة
هآرتس – بقلم انشل بابر – 20/6/2018
سؤال واحد لم يسأل في كل النقاش حول قانون التجنيد، الذي يثور لدينا مرة كل بضعة اشهر. عفوا، لكن بأي حق نحن نطالب بتجنيد الشباب الحريديين للجيش الاسرائيلي؟.
دولة اسرائيل ملزمة بأن توفر لكل طفل ولد وتربى فيها تعليم اساسية واعداد للحياة. خلال سبعين سنة الدولة تهمل تماما ابناء الحريديين. قبل أن نطلب منهم التجند، ربما نسأل ماذا فعلنا من اجلهم؟ فماذا لو أن المؤسسة الحريدية تضارب بأولادها مقابل المخصصات ومن اجل الحفاظ على قوتها السياسية. كل الحكومات الاسرائيلية تعاونت مع السياسة التي تحول الشباب الحريديين الى ادوات، وعقدت اتفاقات من فوق رؤوسهم. ولكن في اللحظة التي نتطرق فيها اليهم كجنود في طور الامكان فاننا يجب أن نتطرق اليهم بصورة منفصلة عن زعمائهم المتهكمين والعدوانيين وأن نسأل ماذا فعلنا حقا من اجلهم.
بعد أن فرض حاخاماتهم على الشاب الحريدي أن يعيش وهو منفصل عن كل علاقة بالعالم الخارجي، وفي سنوات دراسته في جهاز التعليم الحريدي سحبوا منه كل امكانية لتعلم مهن ضرورية من اجل نجاحه في المستقبل، فاننا ايضا نفرض عليه أن يتجند لثلاث سنوات من الخدمة العسكرية متطلبة وخطيرة؟.
آباء كثيرون من الحريديين اهتموا بأن يتعلم اولادهم مهن اساسية ويحصلون على اعداد افضل لحياة بلوغهم. شباب حريديون كثيرون معنيون بهذا هم ايضا، لكنهم يعيشون في مجتمع فيه يملي الحاخامات القواعد، وطبقا لها التعلم في “مدرسة دينية صغيرة”، التي فيها كل دقيقة تكرس للتوراة والتلمود من جيل 13 سنة، وهذه تشكل شرط ضروري لبقائهم في الطائفة الحريدية. حقيقة أنه بسبب اتفاقات ائتلافية تسمح دولة اسرائيل بوجود مؤسسات كهذه وحتى أنها تمولها، لا تحول دعم المدارس الدينية لـ “احسان” لهؤلاء الشباب الحريديين. هذه المصلحة هي للمؤسسة الحاخامية – السياسية. بالنسبة للشباب انفسهم يدور الحديث عن عقاب فظيع، يحكم عليهم بحياة الجهل والفقر وعدم التناسب. ونحن نطالبهم بالمساواة في العبء؟.
المساواة في العبء هي بالطبع شعار فارغ. جندي مقاتل يجتاز خدمة جسدية ذات متطلبات كثيرة ويعرض حياته للخطر. وبشكل عام لا يتم اطلاق سراحه بمؤهلات تساعده في الحياة المدنية، ربما باستثناء عدة سنوات عمل كرجل حماية اثناء الدراسة في الجامعة. في المقابل، جندي في وحدة في الجبهة الداخلية يضحي اقل، وفي حالات كثيرة يخرج الى الحياة المدنية مع تجربة وقدرة تساعده على أن يتم قبوله في عمل فاخر. لا يوجد ولن هناك امكانية للمساواة في العبء في الخدمة، التي تقتضي فقط من جزء من الذين يخدمون أن يقدموا انفسهم في وقت الحاجة. تجنيد الشباب الذي سمحت الدولة بسلب حقه ليس مساواة بل عقاب مزدوج.
الجيش الاسرائيلي يتطرق بالضبط الى التعليم العام كمعطى هام في عملية التجنيد. في عملية استيعاب المجندين هو يصنف من سيتم تجنيدهم، وضمن امور اخرى حسب مستوى تعليمهم. العلامات في المهن مطلوبة، وحقيقة أن المتجند سيتم فحصه فيها في المستويات العليا التي تتكون من خمس وحدات، تشكل معيار قبول لوحدات معينة. في اطار وظيفته الاجتماعية وكذلك من اجل تحسين مستوى جنوده فان الجيش الاسرائيلي يجري على حساب فترة الخدمة دورات لانهاء البغروت لجنوده.
الشاب الحريدي هو ضحية سبعين سنة من الاعيب القوة السياسية. هو يستحق الاعفاء من الخدمة العسكرية ليس بفضل اتفاق “توراته – مهنته”، بل بسبب الاهمال المستمر لدولة اسرائيل. الاعفاء من الخدمة العسكرية ليس نوع من “التسهيل” الذي يحصلون عليه، بل اعتراف بأن الجهاز تنازل عنهم. ومثلما أن الجيش الاسرائيلي لا يفرض على من يعانون من مشكلات جسدية معينة التجند، هكذا من المحظور أن يتم تجنيد من لم يحظ بالتعليم الاساسي الذي يستحقه كل شاب في اسرائيل لأي سبب كان للجيش الاسرائيلي.
المطالبة الشعبوية لسياسيين مثل افيغدور ليبرمان ويئير لبيد واتباعهم في الاعلام “المساواة في العبء” تتجاهل تماما الاضطهاد المتواصل للشباب الحريديين. يجب اصلاح هذا الظلم التاريخي الذي تم التسبب به لهم، وأن يسحب التمويل الحكومي من كل مؤسسة تعليم لا تدرس المهن الاساسية بالمستوى المطلوب، وعلى الاقل أطر لاستكمال التعليم للمتسربين من التعليم الحريدي، قبل البدء بالحديث عن تجنيدهم للجيش الاسرائيلي.
خلافا لمقولة جون كنيدي المشهورة “احيانا يجب أن نسأل ما الذي قدمته الدولة لمواطنيها وليس فقط ما الذي استطاعوا تقديمه من اجلها”، فان دولة اسرائيل تخطيء بحق مواطنيها الحريديين الشباب بأن تفرض عليهم التحول الى ضحايا للاتفاقات السياسية مع زعماء الطائفة الحريدية، الذين يتركونهم في جيل 18 دون مؤهلات اساسية لمواجهة العالم الحديث وسوق العمل. التزامنا كمجتمع ليس تجاه الحاخامات الذين يريدون السيطرة على طائفتهم بواسطة الجهل المفروض الذي يشكل شرط للحصول على تسهيلات أو مصالح اقتصادية، بل تجاه المواطنين الشباب المسجونين داخل نظام لا يمكنهم من الحصول على تعليم مناسب في سنوات تعليمهم. هذا التزام يجب الوفاء به قبل أن نطلب منهم الخدمة في الجيش.