هآرتس – تأخير التمويل في الكونغرس يشير ان الموقف من اسرائيل اصبح موضوعا للبحث
هآرتس – بقلم الون بنكاس – 23/9/2021
” ازمة تأخير التمويل الامريكي لمنظومة القبة الحديدية ستنتهي في القريب. ولكنها تبشر بنهاية العصر الذي كانت فيه اسرائيل ليست محل خلاف في الولايات المتحدة. وسبب ذلك يكمن في سلوك اسرائيل في السنوات الاخيرة “.
مجموعة من المشرعين الديمقراطيين في الكونغرس أخرت المصادقة على منحة امريكية بمبلغ مليار دولار لتجديد مخزون الصواريخ الاعتراضية لمنظومة القبة الحديدية، وفي اسرائيل يوجد مارق جديد وهم “التقدميون”. الادعاء هو أنهم يهددون المساعدات الخارجية الامريكية لاسرائيل – لكن هم لا. قوتهم صغيرة نسبيا، وتزداد في اوقات الازمة، مثل نقاشات الميزانية، عندما تكون الاغلبية الصغيرة للديمقراطيين في الكونغرس يجب عليها اظهار تكتل ووحدة في التصويت. هذه هي ساعة التقدميين لتحقيق انجازات، من خلال استعراض العضلات في مواضيع مختلفة كليا. قوتهم صغيرة حقا، لكن من الخطأ تجاهل تأثيرهم الكبير على الخطاب السياسي في الحزب الديمقراطي، وتجاهل توسع قاعدة قوتهم في اوساط المصوتين الديمقراطيين. ايضا التغيير في الاجيال في الولايات المتحدة يحول العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل الى موضوع من المشروع انتقاده. هذا ربما غير لطيف، لكن هذا هو الواقع.
مخزون الصواريخ الاعتراضية لاسرائيل، سواء الصواريخ من انتاج اسرائيل أو من انتاج امريكي، وصل الى الخط الاحمر السفلي بعد جولة القتال في غزة في أيار الماضي. والرئيس الامريكي جو بايدن وعد علنا بأنه سيجدد المخزون وسيسلح بطاريات القبة الحديدية. تكلفة تحديث المخزون هي مليار دولار. الديمقراطيون الذين يديرون مؤخرا نقاشات الميزانية المركبة حاولوا ادخال بند تسليح القبة الحديدية في الميزانية العادية، بعدد من التشريعات غير المرتبطة بالامن. عدد من المشرعين الديمقراطيين عارضوا، وهكذا ولدت الازمة. هذا في الحقيقة تأخير اجرائي وتقني: البند سيطرح لتصويت منفصل يحتاج الى اغلبية ثلثي اعضاء الكونغرس، هذا سيتم الحصول عليه، أو سيتم تضمينه كاضافة على ميزانية الدفاع. مع ذلك، محاولة حل المشكلة بالقول “هذا اجرائي” هي انكار لواقع سياسي خطير.
الى جانب انتقاد ميل نتنياهو الى التدخل في السياسة الامريكية، الامر الذي سماه اهود باراك في تويتر “سنوات من المؤامرات والتدخل الفظ في السياسة الامريكية”، والتصريحات الصاخبة حول كيفية “تدمير العلاقة مع الديمقراطيين”، فانه فيما يتعلق بالتقدميين ارتكبت اسرائيل خطأ متواصل ومركب يتمثل في الجهل والكسل والنية المتعمدة لاحداث استقطاب بين الاحزاب في الولايات المتحدة.
في الوقت الذي تتجاهل فيه وتتنكر بسهولة للاتجاهات الثقافية والسياسية في المجتمع الامريكي، فقد حددت اسرائيل الكتلة التقدمية فقط حسب بعد واحد وهو تصريحات الاعضاء فيها ضد اسرائيل وموقفهم منها. وحتى لا يكون هناك سوء فهم، كانت هناك تصريحات مناوئة لاسرائيل، البعض منها متطرف وفظ ومثير للغضب، وبعضها يخلو من الفهم والمعلومات، والغرض كله منها هو انتاج عناوين واثارة للجدل. ولكن بغض النظر، فقد كانت مجرد مجموعة صغيرة داخل الكتلة التقدمية.
هذا لا يعفي اسرائيل من الفشل السياسي. فقد جمعت التقدميين في كتلة واحدة وعزلتهم كمجموعة محددة ومنحتهم صفات مستخفة، التي تراوحت بين “متطرفون” و”يسار متطرف” و”مناوئون لاسرائيل” و”كارهو اسرائيل”، وبالطبع “لاساميون”. هذا خدم نتنياهو وحلفاءه من الجمهوريين في اواخر عهد اوباما، وهو بالتأكيد خدم قصة الغرام بين نتنياهو وترامب.
ولكن من خلال فعل ذلك لعب نتنياهو وتعاون بنية متعمدة كاملة مع رغبة الجمهوريين في تسييس اسرائيل في الرأي العام، وتطلعهم الى خلق تمايز والفصل بين الاحزاب حول دعم اسرائيل. من تحليل البيانات منذ العام 1952 يتبين أن 72 في المئة من يهود الولايات المتحدة يصوتون للمرشح الديمقراطي للرئاسة في كل جولة انتخابية. هؤلاء يهود ليبراليون، لكن في معظمهم هم اشخاص من الوسط – لا يسار ولا راديكالي ولا معادي. هذا ما اراد الجمهوريون تغييره. وبهذا حاول نتنياهو مساعدتهم طوال سنين بدون نجاح.
الديمقراطيون يمتلكون 220 مقعد في الكونغرس الحالي. 95 منهم هم اعضاء في الكتلة التقدمية، وهي اتحاد ضعيف وغير ملزم انشيء في 1991. هذه المجموعة تضم ايضا مؤيدون اشداء لاسرائيل، لهم سجل تصويت مؤيد لاسرائيل بدون عيوب. اسرائيل تسمي “يسار راديكالي ومعادي” اشخاص مثل جيمي ريسكن وجيري ميدلر وديفيد سيسليني والين لفنتال وجيم شكوفسكي واندي كيم وهاكيم جيفريس.
البعض منهم يرون انفسهم جزء من الكتلة في مواضيع محددة، ويتحفظون علنا من المجموعة في مواضيع اخرى. جميعهم لا يشعرون بالانتماء رغم أنهم مسجلون كجزء من المجموعة. هكذا يتم بناء معظم المجموعات داخل الكونغرس: عضوية حسب الموضوع، بدون التزام واسع وعميق لكل قضية. المجموعة التقدمية ليست جسم واحد. هي تتكون من اعضاء مختلفين، من دول وخلفية مختلفة، الذين يتفقون على عدد من المباديء الاساسية المشتركة، جميعها في مواضيع داخلية وليس على نظرية واحدة مرتبة تشمل مواضيع كثيرة وشاملة.
كيف اخذت اسرائيل الاربعة اعضاء كونغرس من النساء اللواتي اصواتهن مرتفعة وانتقادية، وفي احيان كثيرة هي مثيرة للجدل وهن الكسندريا اوكسيو كورتيز والهام عمر ورشيدة طليب وايانا بيرسلي. اسرائيل وجزء من المستشارين لها في تلة الكابتول وعدد من اعضاء الكونغرس الديمقراطيين الذين يخشون من زيادة قوة المجموعة التقدمية، قرروا بأن هؤلاء الاربعة هم الوجه للديمقراطيين، بدون بحث وبدون عمل سياسي وبدون نقاش وبدون محاولة تفكيك هذه المجموعة غير المتجانسة فيما يتعلق باسرائيل.
كلما كانت اصواتهن عالية وحادة اكثر فان حكومة نتنياهو والجمهوريين كان يمكنهم القول “لقد قلنا لكم”، للديمقراطيين توجد مشكلة مع اسرائيل. هم ببساطة لا يؤيدون اسرائيل، قال الافنغلستيون واليمين الترامبي الذي سيطر على الحزب الجمهوري وعلى نتنياهو نفسه، حتى لو لم يكن بشكل علني. على السطح اسرائيل واصلت التمسك بادعاء أن “دعم الحزبين هو من اسس التحالف بين امريكا واسرائيل”، وفعلت العكس بالضبط. هذه الازمة الصغيرة ستنتهي، لكن كانت هناك توجهات بارزة بشكل واضح. الاول، “اسرائيل” هي موضوع سياسي في العلاقات بين الاحزاب في واشنطن، وعهد “دعم الحزبين” الذي فيه اسرائيل ليست موضوع خلاف واستقطاب ينتهي ببطء. هذا وضع سيء تجنبته اسرائيل، بمهارة واستثمار كبير طوال عقود. الثاني، النقاش حول المساعدة لاسرائيل انتقل من الهامش الى المركز واصبح شرعي. ولكن لا يوجد لاسرائيل أي اجابة على جميع الاسئلة التي اصبحت شرعية، مثل سؤال لماذا دولة غنية تحصل على 3.8 مليار دولار كمساعدة عسكرية سنوية، تحتاج الى مليار اضافي بدلا من أن تدفع بنفسها؟.