هآرتس: بينيت، لبيد وليبرمان – بدلا من تحالف “الخدم”، اعقدوا تحالف مع العرب
هآرتس – اوري بار يوسف وسليم بريك – 10/11/2025 بينيت، لبيد وليبرمان – بدلا من تحالف “الخدم”، اعقدوا تحالف مع العرب
رؤساء المعارضة سيتم تذكرهم في سجلات دولة اسرائيل كمجموعة اشخاص عاجزين، وكمن ليست لهم قدرة سياسية، والذين لم ينجحوا حتى بعد كارثة 7 اكتوبر في اسقاط النظام الاكثر كرها في تاريخ اسرائيل. سيتم تذكرهم كسياسيين فضلوا التركيز على جهود سرقة الاصوات من بعضهم بدلا من اسقاط الحكومة، كما يتضح من عجزهم عن صياغة بديل واضح عن الحكومة الحالية.
اذا لم يكن عجز المعارضة الذي اظهرته حتى الان غير كاف، فان هذا المعسكر الضعيف يضع خطة سيتبين انها فشل سياسي واخلاقي كبير آخر في حملة الانتخابات القادمة. اسم هذه الخطة التي عرضها نفتالي بينيت هو “تحالف الخدم”. الفكرة منها هي انشاء تحالف من 70 في المئة من المواطنين الاسرائيليين الذين يعتقد انهم يتحملون العبء، الذي من شانه ان يهزم فئة المتهربين من الخدمة العسكرية. رئيس المعارضة يئير لبيد ذهب بعيدا عندما وعد بأنه ينوي في الحكومة القادمة الدفع قدما بقانون يحرم كل من لا يخدم في الجيش الاسرائيلي من حقه في التصويت. وافيغدور ليبرمان عبر عن دعمه لذلك.
هناك شك كبير في ان تنجح براءة الاختراع هذه في جذب مصوتي احزاب الائتلاف الى المعسكر المعارض. من جهة اخرى، واضح من الذي سيتضرر – المواطنون العرب في دولة اسرائيل الذين لا ينتمون الى فئة السكان الخدم التي يصنفها بينيت. وبالتالي، هم لن يتمكنوا من المشاركة في الحكومة القادمة اذا تم تشكيلها على اساس المعارضة الحالية.
ان استبعاد 20 في المئة من مواطني الدولة هو امر لا مبرر له. وهو يتناقض مع المبدأ الاساسي في وثيقة الاستقلال، الذي يضمن بان تحافظ اسرائيل على “المساواة السياسية والاجتماعية الكامل لكل مواطنيها، بغض النظر عن الدين، العرق والجنس”. اغلبية الجمهور العربي تسعى الى الاندماج، وهي تساهم بشكل كبير في مجالات كثيرة في خدمة الدولة وبنائها وازدهارها. المواطنون العرب ليسوا بناة الدولة فحسب، بل هم ايضا جزء لا يتجزأ من الاطباء والصيادلة والمهندسين والمعلمين فيها. واندماجهم في النظام الحكومي ليس بادرة خير فقط، بل هو عنصر مهم وضروري في ضمان ازدهار الدولة وتقدمها في كل المجالات.
ان ابعادهم استنادا الى الادعاء بانهم لا يخدمون الجيش، يصب في مصلحة ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش في الطرف اليهودي، وفي مصلحة “بلد” والجناح الشمالي للحركة الاسلامية في الطرف العربي.
الجمهور العربي هو ايضا الذي دفع ويواصل دفع الثمن الاعلى الذي تدفعه أي فئة في اسرائيل منذ تشكيل الحكومة الحالية. التعابير الاكثر وضوحا عن ذلك هي عجز شرطة بن غفير ازاء تفشي الجريمة في الوسط العربي، وتقليص الميزانيات الذي يمنع تطور المجتمع العربي، والدعاية المناوئة للعرب التي اصبحت مصدر الرزق لكثير من السياسيين في الائتلاف وعدد لا بأس به في المعارضة. يضاف الى ذلك شعور المواطنين العرب بالحزن والفقدان بسبب الدمار في قطاع غزة والحرب التي تجري فيه، التي جبت عشرات آلاف القتلى، الذين كثير منهم من ابناء عائلاتهم.
من الجدير التذكير بانه حتى اندلاع الحرب تم تحذيرنا كثيرا من الخطر الذي يتربص منا من عرب اسرائيل، الذين قد يشعلون صراع كبير آخر في حالة اندلاع حرب. مثلا، حذر اللواء (المتقاعد) اسحق بريك دائما من ان احد اخطار الحرب القادمة يتمثل في آلاف المشاغبين العرب الذين سيحاولون اقتحام المنازل”. هذه الرؤية المخيفة كانت جزء من رؤية يحيى السنوار للحرب، الذي توقع ان موجات الشغب للعرب في اسرائيل (الداخل) ستضعضع استقرار الجبهة الداخلية في اسرائيل.
عمليا، يمكن الافتراض انه حتى بريك سيقر بان المواطنين العرب في البلاد قد لبوا شرط الولاء. واستبعادهم من المشاركة في الحكومة القادمة يتجاهل هذا الامر. هم جديرون بعلاج مصابي الحرب في المستشفيات، لكنهم لا يستحقون ان يكونوا شركاء في الحكومة. واضح ان هذا النهج سيعزز شعور الجمهور العربي بان الولاء للدولة في وقت الازمات لا اهمية له، وقد يؤثر ذلك على الامتحان القادم.
يجب اضافة الى كل ذلك الجانب الانتخابي والضرر السياسي الكامن في “تحالف الخدم”. ففي انتخابات 2022 خسر الائتلاف 6 في المئة من اصوات ناخبيه الذين صوتوا لميرتس و”بلد”، اللذان لم يجتازا نسبة الحسم. لقد كانت نسبة المصوتين اليهود في الانتخابات 75 في المئة، ونسبة التصويت في اوساط الحريديين 80 في المئة، ونسبة المصوتين العرب، بما في ذلك الدروز الذين يميلون للتصويت للاحزاب اليهودية، كانت 52 في المئة. ولو ان نسبة المصوتين العرب كانت مشابهة لنسبة المصوتين اليهود لكان من المشكوك فيه ان يتمكن بنيامين نتنياهو من تشكيل ائتلافه.
ان ان المعارضة كانت جديرة وتدرك ان دورها الرئيسي هو منع معسكر نتنياهو من العودة الى الحكم، لكانت جعلت زيادة نسبة المصوتين العرب في اسرائيل الهدف الرئيسي لها. وهذا لن يتحقق من خلال الوعود الفارغة عشية الانتخابات، بل من خلال طرح خطط عملية لمعالجة مشكلات المجتمع العربي واظهار الرغبة الحقيقية في دمجهم في كل مجالات الحياة، بما في ذلك العضوية في الحكومة. أما شعار “تحالف الخدم” فهو عكس ذلك تماما.
ايضا حسب الاستطلاعات الاكثر تفاؤلا، مشكوك فيه ان تحصل احزاب المعارضة على اغلبية برلمانية في الكنيست القادمة تكون كافية لتشكيل الحكومة. والالتزام العلني بتشكيل حكومة بناء على ما يصفه بينيت بـ “تحالف الخدم” يقوض فرصة حدوث ذلك مسبقا. اما أن تجبر المعارضة على الموافقة على جولة انتخابات اخرى، أو يجبر قادتها على ابتلاع الضفدع وطلب الدعم من حزب راعم برئاسة منصور عباس على الاقل، مثلما فعلوا في انتخابات 2021.
القاسم المشترك الاصغر الذي يخلقه شعار “تحالف الخدم” غير قائم، سواء على العدالة أو على الحكمة. الحريديون كسبوا ويكسبون المصادقة على اقصائهم. العرب لا. لذلك فان من الجدير شطب هذا الشعار من جدول الاعمال.



