ترجمات عبرية

هآرتس: بينما تنتظر إسرائيل ترامب، الضباب حول نواياه يزداد كثافة

هآرتس 20/6/2025، عاموس هرئيلبينما تنتظر إسرائيل ترامب، الضباب حول نواياه يزداد كثافة

ربما هو ما زال مترددا إزاء العملية التي تقف بشكل متناقض مع ميوله السياسية الأساسية جدا. وربما هو ببساطة يستمتع بالاهتمام الكبير الذي يخلقه تردده الدراماتيكي منذ بضعة أيام. ولكن حتى أمس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يعلن بشكل واضح عن قراره حول زيادة التدخل الأمريكي في الحرب بين إسرائيل وايران. إسرائيل تتوسل للامريكيين من اجل الانضمام للهجوم، بالأساس استغلال القدرات المتميزة لها من اجل قصف من الجو المنشأة النووية المحمية في فوردو، والتي توجد بعمق 90 متر تحت الأرض.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ما زال يبث التفاؤل حول احتمالية اقناع ترامب بالقيام بهذه الخطوة، التي بدونها ستكون نتيجة ضرب المشروع النووي ضئيلة جدا. اذا فشلت جهود الاقناع فان إسرائيل يمكن أن تعمل لوحدها حتى وهي تعرف بان الإنجاز سيكون جزئي فقط. بدون التدخل الأمريكي فان هناك احتمالية للتدهور الى حرب استنزاف مع نظام متصلب، الذي في هذه الاثناء يعلن أنه ليست لديه أي نية للاستسلام.

ترامب عقد في الأيام الأخيرة سلسلة مشاورات مستعجلة، واكثر من تصريحاته وتغريداته المهددة للنظام في ايران. الإيرانيون ارسلوا وزير الخارجية عباس عراقجي الى جنيف من اجل اجراء محادثات مع وزراء خارجية المانيا وبريطانيا وفرنسا، وعبروا عن الاستعداد لاستئناف المفاوضات المباشرة مع الولايات المتحدة. ربما ان الرئيس الأمريكي سيبقي بضعة أيام أخرى للمحادثات، رغم أنه يعبر عن يأسه من المحادثات. حتى الآن يوجد اغراء كبير بالنسبة له للانضمام الى العملية الإسرائيلية التي تبدو ناجعة، وأن ينسب لنفسه الفضل في المستقبل، سواء هزيمة ايران في الحرب أو فرض اتفاق جديد بشروط اكثر تطلبا من ناحيتها. المتحدثة بلسان البيت الأبيض قالت أمس ان “الرئيس سيقرر في غضون أسبوعين” من اجل إعطاء فرصة للمحادثات. هذا لا يبدو كجدول زمني معقول في ذروة حرب، الامر الذي يزيد الشك بان الامر ربما يتعلق بتضليل. “تعالوا نلقي القنبلة الأكبر ونشاهد ماذا سيحدث”، كتب راندي نيومان ذات مرة في السبعينيات، وكأنه تنبأ بايام الرئيس الأمريكي الأكثر غرابة على الاطلاق. في الواقع ترامب يفكر فقط بالقاء قنابل ضخمة تقليدية وليس قنابل نووية، لكن حتى شاعر عبقري مثل نيومان لم يستطع التنبؤ بواقع فيه السفير الأمريكي في إسرائيل يصلي علنا من اجل تدخل ترامب في الحرب، وخيبة امل الرئيس بسبب العرض العسكري الباهت الذي اجبر الجيش على اقامته بمناسبة عيد ميلاده بأنه احد الاعتبارات الذي قد يقنعه بالقيام بالقصف.

وراء الكواليس يحدث صراع شديد بين الصقور والحمائم في الإدارة الامريكية. الامنيون القلائل الذين بقوا حول ترامب في ولايته الثانية يسعون الى القصف، وهكذا أيضا المستوى العسكري. رجال الماغا (لنجعل أمريكا عظيمة ثانية)، يتمسكون بالمواقف الانعزالية. نائب الرئيس جي دي فانس من كبار الانعزاليين اختار مع ذلك الدفاع عن ترامب في تغريدة مطولة في تويتر أول أمس. وقد اكد على ان الرئيس يعارض سلاح نووي لإيران منذ عشر سنوات، وانه اجرى مفاوضات مع الإيرانيين بهدف التوصل الى صفقة، وهو يصمم على منعهم أيضا من إمكانية تخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية. فانس عبر عن ثقته بحكمة ترامب. هذا صراع يحدث خارج منطقة نفوذ إسرائيل، باستثناء نتنياهو وربما الوزير رون ديرمر. العلاقة مع المستوى المهني في البنتاغون وفي وزارة الخارجية مشوشة. فقد بقي هناك القليل من الخبراء، الذين درجة تاثيرهم على ترامب ضئيلة وربما حتى معدومة.

حتى الآن ايران تحذر التورط في استفزاز مباشر من خلال مهاجمة القواعد الامريكية في الشرق الأوسط، من اجل عدم دفع ترامب الى الرد. ومن الواضح لإسرائيل بانه بدون انضمام الولايات المتحدة فانه تنقصها قدم مهمة في خطواتها الهجومية، خاصة في فوردو. خبراء امريكيون يقدرون بانه حتى الآن أعاد هجوم إسرائيل المشروع النووي نصف سنة الى الوراء. هناك خلافات حول أي تأجيل سيحققه قصف فوردو من الجو. المتفائلون يعتقدون ان الامر يتعلق بتاجيل لسنتين تقريبا. المتشائمون يتحدثون عن بضعة اشهر. هناك خشية من ان الإيرانيين قد راكموا قدرات نووية ما زالت في أماكن محمية أخرى، وليست جميعها معروفة بشكل كامل للاستخبارات. على أي حال، توجد فجوة كبيرة بين قدرة أمريكا على اختراق التحصينات بالقاء قنابل الى الاعماق وبين قدرة إسرائيل. هذه الفجوة كما وصف لي تتراوح بين القضاء كليا على المنشأة وبين خدش أطرافها (صحيفة “الغارديان” البريطانية أعربت أمس عن شكها في قدرة أمريكا، وزعمت أنه توجد علامات استفهام حول قدرة اختراق هذه القنابل الموجودة لدى الولايات المتحدة).

مقطوعو الاتصال

هذا كان كما يبدو الأسبوع الأكثر قسوة في حياة الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي منذ ورث الخميني في 1989. الزعيم مضغوط، معزول، فقد معظم رؤساء أجهزة الامن الذين عملوا معه خلال عشرات السنين، مخضرمو الحرب الطويلة والدموية مع العراق في الثمانينيات. ولكن في إسرائيل يقدرون في هذه الاثناء بان خامنئي هو عنيد ومصمم ولا توجد لديه نية في هذه الاثناء للتراجع امام الطلبات الإسرائيلية والأمريكية.

إسرائيل تتسلى اكثر فاكثر بفكرة اسقاط النظام، مثلما ظهر ذلك بوضوح في خطابات نتنياهو وفي التصريحات المخجلة لوزير الدفاع يسرائيل كاتس، الذي هدد أمس علنا اثناء زيارته في ساحة الدمار في حولون حياة خامنئي وسماه بـ “هتلر العصر”، وقال ان “ديكتاتور مثله لا يمكن ان يبقى على قيد الحياة”. الى جانب اقوال الهراءات هذه فانه من المثير ان وزراء الحكومة مرة أخرى يتجولون في الخارج بدون خوف بعد ان تم منعهم تقريبا من أي اتصال مع جمهور غير مغربل تماما منذ المذبحة في 7 أكتوبر. من المرجح انهم يعتقدون أن الشعور بالنجاح في أوساط الجمهور سيخفف الغضب من الإخفاقات التي جلبها هجوم حماس في بداية الحرب.

نتنياهو أيضا شوهد اكثر فاكثر من قبل الجمهور. امس خرج الى ساحة سقوط أخرى في مستشفى سوروكا في بئر السبع، لكن حينئذ مرة أخرى اظهر الانغلاق الذي يدل على الابتعاد الكبير بينه وبين المواطنين، حيث قال “هناك اشخاص قتلوا، كل واحد منا يحمل ثمن شخصي… مرة أخرى ابني افنير يقوم بإلغاء حفل زفافه بسبب تهديد الصواريخ”، قال ولم ينس كالعادة مدح بطولة زوجته. رئيس الحكومة ليس الوحيد الذي يوجد في فقاعة، أيضا هيئة الأركان غارقة في نجاحات الهجوم وهي لا تستمع الى قلق المواطنين.

دعم الجيران

في خلاف تام للحرب التي طالت بدون حاجة في قطاع غزة فان إسرائيل حصلت على دعم دولي واسع جدا (لكن ليس دائما معلن)، لعملياتها في ايران. مع كل الانتقاد الدولي لحكومة إسرائيل فان ايران تعتبر وبحق في المجتمع الدولي عامل خطير مع نوايا شريرة. اذا نجحت إسرائيل في ابعاد التهديد النووي الإيراني فهذه بشرى جيدة للاوروبيين، وبالتأكيد للدول السنية في الشرق الأوسط. في قنوات سرية جهات رفيعة في الدول الجارة يقولون لنظرائهم الإسرائيليين: “فقط استمروا”، بالضبط مثلما فعلوا في الحرب مع حزب الله في 2006 و2024.

هذه الاتصالات يرافقها تقدير كبير للانجاز العملياتي والاستخباري الإسرائيلي، ولكن أيضا ترافقها التخوفات: زعماء الدول الجارة لا يريدون أن يجر نتنياهو المنطقة الى حرب استنزاف دموية أخرى بدون تحقيق نهاية سريعة بعقد اتفاق. أيضا الحرب الطويلة يمكن ان تعرض مواقع النفط في دول الخليج للخطر، خاصة اذا بدات إسرائيل في القيام بجهد ممنهج لتدمير مواقع مماثلة في ايران. ومن المرجح ان يكون هناك امران مؤكدان من الان فصاعدا: زيادة مبيعات أنظمة السلاح الإسرائيلية في الشرق الأوسط وفي انحاء العالم بعد اثبات نجاعتها ضد ايران. وسيبقى حساب ايران مع إسرائيل مفتوح لسنوات كثيرة، على افتراض بقاء النظام في طهران. وسيبقى على كبار المسؤولين الإسرائيليين النظر وراء اكتفاهم لسنوات كثيرة في دول كثيرة، ربما باستثناء الولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى