هآرتس: بن غفير ينصب حاجزاً أمام قطار نتنياهو المتجه إلى السعودية
هآرتس 2023-08-01، بقلم: أمير تيفون: بن غفير ينصب حاجزاً أمام قطار نتنياهو المتجه إلى السعودية
بالغت عناوين الصحف الإسرائيلية في الخيال، مؤخراً، في أعقاب ما نشر عن الاتصالات من أجل اتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية. مقال المحلل الكبير، توماس فريدمان، في “نيويورك تايمز”، الذي رسم فيه سيناريو عن انضمام يائير لابيد وبيني غانتس لحكومة نتنياهو من أجل تمهيد الطريق أمام اتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية، جر خلفه سيلاً من التحليلات والتنبؤات. وعد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من جهته بإقامة خط قطار بين إسرائيل والسعودية، وهو وعد استقبل بالضحك على خلفية صعوبات الأداء اليومي لقطار إسرائيل الذي يجد صعوبة في ربط بئر السبع وحيفا مع تل أبيب في أيام معينة.
في هذه الأثناء، في عالم الواقع، وقع في نهاية الأسبوع حدث يمثل بصورة أكثر واقعية العلاقات بين إسرائيل والعالم العربي في هذه الأيام. وزير الخارجية، إيلي كوهين، كان يمكن أن يسافر إلى البحرين التي استثمر فيها عملاً كبيراً من مكتبه. هذه كانت يمكن أن تكون الزيارة الأولى لوزير كبير إلى إحدى دول الخليج منذ تشكيل الحكومة الحالية، والزيارة الثانية لكوهين نفسه في دولة عربية، بعد سبعة أشهر على أداء الحكومة لليمين. هذا مقارنة مع سلفه في هذا المنصب، يائير لابيد، الذي زار في نصف السنة الأولى لتشكيل “حكومة التغيير” مصر والأردن والبحرين والمغرب والإمارات.
من أجل تنفيذ زيارة البحرين قرر كوهين تأجيل زيارة نسقت مسبقاً مع دولتين أوروبيتين، رومانيا ومولدوفا. في وزارة الخارجية شرحوا لنظرائهم في بوخارست وكشنيف بأن زيارة البحرين تتمتع بأولية عليا بسبب الاعتبارات الإستراتيجية إزاء إيران. في مولدوفا استقبلوا بتفهم التأجيل ونسقوا موعداً لزيارة جديدة لكوهين، لكن في رومانيا أوضحوا أنه في أعقاب ضغط الجدول الزمني فإنه لا يمكن الآن تنسيق موعد بديل.
في وزارة الخارجية عملوا بشكل مكثف على الرحلة إلى البحرين، لكن بعد ذلك وقبل بضعة أيام على موعد السفر قرر وزير الأمن الوطني، إيتمار بن غفير، أن يحج إلى الحرم. بعد بضع ساعات من ذلك أعلنت البحرين أنه في أعقاب “ضغط الجدول الزمني”، فإن زيارة كوهين تم تأجيلها إلى أيلول. ولم يتم نشر موعد رسمي حتى الآن. هذه هي المرة الثانية منذ تشكيل الحكومة التي يحبط فيها بن غفير زيارة سياسية إلى دول الخليج من خلال زيارة الحرم. في المرة السابقة أحبط زيارة نتنياهو إلى الإمارات، التي لم يتم تحديد موعد بديل عنها حتى الآن.
تفسّر هذه القصة بشكل جيد لماذا أكدت المنشورات الأخيرة في موضوع السعودية على أن التشكيلة اليمينية المتطرفة لائتلاف نتنياهو هي لغم. في واشنطن يعتقدون أن السعودية ستجد صعوبة في الإعلان عن اختراق تاريخي أمام إسرائيل في الوقت الذي تجد فيه الدول المجاورة لها، التي سبق أن وقعت على اتفاقات مع إسرائيل في 2020، صعوبة حتى في استضافة نتنياهو ووزير الخارجية.
حذرت الإدارة الأميركية نتنياهو في السابق من أن البناء المسرّع في المستوطنات والتصريحات المتطرفة لعدد من وزرائه تضر بإمكانية توسيع دائرة التطبيع. مثال أولي على ذلك هو إلغاء لقاء “منتدى النقب”، الذي كان من المفروض أن يعقد في المغرب في الشهر الماضي. أيضاً بادرة حسن النية المهمة التي قام بها نتنياهو لصالح المغرب، الأسبوع الماضي، اعتراف إسرائيل رسمياً بالصحراء الغربية منطقة تحت سيادة المملكة، لم تؤد حتى الآن عن إعلان موعد جديد لعقد المنتدى الذي تشارك فيه الولايات المتحدة وإسرائيل والمغرب ومصر والإمارات والبحرين.
وتقول جهات رفيعة في إسرائيل منذ أشهر: إن الرئيس الفلسطيني غير مهم بالنسبة للسعودية، وهو مهم فقط للأميركيين. ثمة تصريحات رسمية للمملكة تناقض ذلك، وتؤكد طوال الوقت على الحاجة إلى التقدم في الساحة الفلسطينية، لكن حتى لو أن الأمر يتعلق فقط بضريبة كلامية، فإن للسعودية والإدارة الأميركية سبباً آخر للتصميم على حل القضية الفلسطينية، وهو مرتبط بإجراءات المصادقة على أي اتفاق مستقبلي في الكونغرس الأميركي.
الخوف الأكبر في الإدارة الأميركية وفي المملكة هو من معارضة حازمة للسيناتورات في الحزب الديمقراطي الأميركي لاتفاق في إطاره تعطي الولايات المتحدة هدية دبلوماسية لشخصين مكروهَين بشكل خاص على قاعدة الديمقراطيين، نتنياهو وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان. الأول يعتبر الاتفاق مع السعودية حبل نجاة من الأزمة الكبيرة التي خلقتها حكومته في إسرائيل في الأشهر الأخيرة، والثاني قدم للإدارة الأميركية قائمة طلبات غير مسبوقة تشمل اتفاق دفاع مشترك ودعماً أميركياً لبرنامج نووي في السعودية.
من أجل تليين انتقاد الحزب الديمقراطي، فإن هناك في الإدارة من يعتقدون أن أي اتفاق يجب أن يشمل عنصراً فلسطينياً مهماً، تجد الحكومة اليمينية المتطرفة برئاسة نتنياهو صعوبة في الموافقة عليه. في حين أن مشرعين ديمقراطيين سيجدون صعوبة في رفضه. السيناريو المتخيل لفريدمان عن انضمام غانتس ولابيد لحكومة نتنياهو، كان يبدو أنه رأي شخصي له. ولكن مقاله شمل أقوالاً مهمة للسيناتور الديمقراطي، كريس فان هولن، أحد الأصوات البارزة في الحزب، حول الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني، الذي أوضح أن أي اتفاق يبقي الفلسطينيين بيد فارغة سيواجه بمقاومة شديدة في صفوف حزب بايدن.
يحتاج أي تقدم في هذا الموضوع إلى أشهر أخرى من العمل. طلبات السعودية من الولايات المتحدة ضخمة، وبعضها يثير التخوفات أيضاً في جهاز الأمن الإسرائيلي، كما نشر في السابق عاموس هرئيل في “هآرتس”. القطار السعودي يمكن أن ينطلق في نهاية المطاف، لكن في هذه الأثناء على الأقل ما زالت الاتصالات تنشغل بمرحلة إقامة المحطة.