هآرتس – بقلم ينيف كوفوفيتش وجاكي خوري – بيت العائلة التي قتلت في غزة كان ضمن “بنك الاهداف” ، الذي لم يُحدث ولم يفحص استخباريا قبل القصف
هآرتس – بقلم ينيف كوفوفيتش وجاكي خوري – 17/11/2019
المبنى الذي تواجد فيه الاشخاص الثمانية¬ من أبناء عائلة السواركة الذين قتلوا في هجوم الجيش في الليلة بين الاربعاء والخميس كان ضمن “بنك اهداف” غير محدث، والذي هوجم دون فحص هل يوجد فيه مدنيون. مصادر في جهاز الامن قالت للصحيفة بأن المبنى الذي تواجد فيه أبناء العائلة اعتبر في السابق هدفا حسب تعليمات الجيش، ولكنهم أكدوا أنه لم يعد فحصه قبل الهجوم أو في السنة السابقة.
بعد الهجوم قال المتحدث بلسان الجيش باللغة العربية إن هدف الهجوم كان اغتيال قائد وحدة الصواريخ للجهاد الاسلامي في وسط القطاع، رسمي أبو ملحوس. ولكن “هآرتس” علمت أن الامر يتعلق باعلان غير مؤكد ارتكز على شائعات في الشبكات الاجتماعية، واعترفت جهات امنية بأن القائد المذكور كهدف للهجوم كما يبدو غير معروف.
من تقرير للصحيفة تبين أن المبنى الذي عاشت فيه العائلة في دير البلح تم ادخاله قبل اشهر كثيرة الى “بنك الاهداف” في قيادة المنطقة الجنوبية كـ “احد اهداف البنية التحتية للجهاد الاسلامي”، أي أن الهدف لم يكن شخص، بل مبنى، في الجيش صنفوا البيت وهو أحد الاكواخ القديمة، كمنشأة تدريب. ولكن من محادثات مع جهات عليا في جهاز الامن تبين أنه منذ ذلك الحين لم يتم فحص هل الهدف ما زال يستخدم كبنية تحتية للجهاد، وفي الجيش يؤكدون بأنه لم يتم في أي مرحلة فحص هل يتواجد مدنيون في المكان.
وقد علمت “هآرتس” أنه في عملية الفحص التي قام بها الجيش بعد الهجوم تبين أن هدف الهجوم لم يكن اغتيال نشيط في الجهاد الاسلامي خلافا للبيان الذي نشره المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي باللغة العربية، بل ضرب البنية التحتية للجهاد. خلافا للبيانات التي وزعت على وسائل الاعلام والتي بحسبها الحديث يدور عن هدف نوعي، فانهم في الجيش أكدوا بأن الامر يتعلق بمجموعة أكواخ – أي هدف سهل وليس هدف مهم، الذي مهاجمته لم تكن ستمس بقدرة الجهاد.
في الساعة 1:30 بعد منتصف الليل، في الليلة بين الاربعاء والخميس، تم تلقي مصادقة لقصف المبنى وقصف اهداف اخرى بواسطة قنبلة “جي.دي.اي.ام” المخصصة للطائرات الحربية في سلاح الجو. الحديث يدور عن نظام للسلاح يتم وضعه مع قنبلة جوية ويمكن من الاصابة الدقيقة للهدف بواسطة الـ “جي.بي.اس”. ثمانية من أبناء العائلة قتلوا في المكان: رسمي أبو ملحوس من قبيلة السواركة (45 سنة)، إبنه مهند (12 سنة)، مريم السواركة (45 سنة)، معاذ محمد السواركة (7 سنوات)، وسيم محمد السواركة (13 سنة)، يسرى السواركة (39 سنة) وطفلان لم تنشر اسماءهم بعد. الثمانية تم دفنهم في دير البلح في ظهر يوم الخميس بمشاركة الآلاف من سكان المكان. و10 اشخاص آخرين اصيبوا في عملية القصف.
مصدر امني قال للصحيفة بأنه في هذه المرحلة ليس واضحا كيف لم يتم اكتشاف أن العائلة كانت موجودة في المبنى قبل الهجوم. وفي الجيش لا يستبعدون ادعاء الفلسطينيين الذي يقول إن العائلة لم تدخل الى المبنى قبل وقت قصير من الهجوم، بل تواجدت فيه قبل وقت طويل من الهجوم. جهات مطلعة قالت إنه ربما يكون مصدر الخطأ هو حقيقة ان الهدف لم يفحص مؤخرا.
جار العائلة الذي كان يعرفها بصورة شخصية قال للصحيفة بأن العائلة سكنت في المبنى خلال سنوات كثيرة. “أنا شخصيا يمكنني أن أشهد بأنهم يوجدون في المنطقة منذ عشرين سنة تقريبا. هم معروفون كأناس بسطاء سكنوا في اكواخ واعتاشوا من رعي الاغنام ومن القليل من الزراعة الحقلية، وليس أكثر من ذلك”، قال، “هم ليسوا اشخاص جاءوا الى هنا مؤخرا أو أنه تم نقلهم الى هنا لأي سبب ما”. نفس هذا الجار أكد بأن المنشأة غير معروفة كمنشأة تستخدم لنشاطات أمنية أو عسكرية. وحسب قوله، على بعد مئات الامتار يوجد موقع معروف للجهاد الاسلامي الذي هاجمته اسرائيل عدة مرات.
أحد سكان المدينة الذي عرف العائلة جيدا قال إن الامر يتعلق بعائلة بسيطة وفقيرة عاشت ليومها في كوخ بائس من الصفيح، بدون كهرباء أو ماء”. وحسب قوله “هم عاشوا على رعي الاغنام وكانوا معروفين كأناس بسطاء وفقراء”. هل هكذا يعيش رئيس نظام الصواريخ أو قائد كبير في الجهاد الاسلامي؟.
الشخصية الكبيرة التي لم تكن موجودة
المتحدث بلسان الجيش باللغة العربية، المقدم افيحاي ادرعي، نشر بعد الهجوم اعلان في صفحته في تويتر كتب فيه أنه في القصف قتلت شخصية كبيرة من الجهاد الاسلامي. هذه الشخصية قيل إنها رسمي أبو ملحوس، المسؤول عن وحدة الصواريخ للجهاد في وسط القطاع. إسم هذه الشخصية، كما يبدو يشبه اسم والد العائلة الذي قتل في الهجوم. أدرعي ايضا ارفق صورة لهذه الشخصية، وتغريدته حظيت بالنشر في وسائل الاعلام وفي الخارج. وبعد ذلك تبين أن شخصية كبيرة كهذه غير موجودة، وأن الصورة التي ارفقت بالاعلان ايضا غير صورة والد العائلة الذي قتل.
في الجيش اعترفوا بأن الاعلان غير صحيح. في اعقاب توجه للصحيفة حول صدق الاعلان وهوية الشخصية الكبيرة، أكدوا في الجيش أنهم لا يعرفون أي شخص باسم رسمي أبو ملحوس، الذي هو مسؤول كما يبدو عن نظام الصواريخ للجهاد. حسب قولهم، مضمون الاعلان والتفاصيل التي عرضت فيه غير معروفة لأي جهة في جهاز الاستخبارات أو في قيادة المنطقة الجنوبية أو أي اجهزة امنية اخرى في اسرائيل.
تقرير “هآرتس” اظهر أن مصدر اعلان الجيش الاسرائيلي هو معلومة اخذت من الشبكات الاجتماعية، الذي تمت مشاركته في مجموعة تلغرام اسرائيلية من قبل مصدر مجهول. مصادر رفيعة قررت نشر المعلومة رغم أنها لم تفحص كجزء في محاولة للجيش بخلق شعور بأن جولة القتال الاخيرة في القطاع تختلف عن سابقتها – بعد نجاح الجيش في تصفية هذه المرة قادة في الجهاد.
مصادر في الجيش تم كشف هويتها في اعقاب توجه “هآرتس” اظهرت الغضب الشديد على تطور الاحداث، وأحد هذه المصادر قال إنه من غير المعقول أن شخص مهم يتولى رئاسة نظام الصواريخ يتواجد في كوخ قديم في منشأة تدريب للجهاد في وسط القطاع. وهذا المصدر أكد أن الجيش الاسرائيلي لا يعرف هذا الشخص باسمه أو وظيفته، وأن نشر المعلومات لم يتم بالتشاور أو بفحص من قبل المستوى المهني الذي كان يمكنه دحض هذا الامر على الفور.
بعد توجه “هآرتس” للحصول على رد قالوا في الجيش إن الامر يتعلق بخطأ حدث بحسن نية، ولم يكن هناك أي نية على الاقل لقتل أبناء العائلة بذريعة أن الامر يتعلق بتصفية شخصية كبيرة في الجهاد الاسلامي. وفي الجيش اعترفوا أن السلوك الذي سبق النشر لم يكن مهنيا واستند الى معلومات في الشبكات الاجتماعية المشكوك في صحتها، دون فحصها.
وجاء عن الناطق بلسان الجيش بأنه في الحادثة “هاجم الجيش بنية تحتية ارهابية لمنظمة الجهاد الاسلامي الارهابية في دير البلح. وطبقا للمعلومات التي توفرت لدى الجيش اثناء تنفيذ الهجوم لم يكن متوقعا أن يتم اصابة مدنيين غير مشاركين في القتال كنتيجة للهجوم. معلومات أولية اظهرت أنه في الهجوم قتل عضو من الجهاد الاسلامي، يبدو أنه قائد في وحدة صواريخ الجهاد الفلسطيني. والمعلومات نشرت ايضا في الشبكات الاجتماعية باللغة العربية من قبل المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي. فحص أولي اظهر أن المعرومات حول هويته غير مؤكدة، والموضوع يتم فحصه في الجيش”.
بعد نشر المقال اضاف الجيش في رده “في الحادثة هوجمت مبان اعتبرت كهدف للبنى التحتية للجهاد الاسلامي الارهابي. هذه المباني اعتبرت هدفا عسكريا للمرة الاولى قبل بضعة اشهر، وهذا التجريم تم تأكيده من قبل جهات مهنية مرة اخرى قبل بضعة ايام من الهجوم”. في رد على سؤال حول ماهية صلاحية هذا التجريم ورد من الجيش “لا يمكن الاجابة على ذلك في هذه المرحلة لأن الفحص لم يستكمل بعد. وجزء من الاسئلة يمس اجراءات تنفيذية وطرق عمل استخبارية لا يمكن كشفها لاسباب تتعلق بأمن المعلومات”. وورد ايضا أنه “من فحص اولي، تجريم الهدف وتخطيط الهجوم تم وفقا للتعليمات الملزمة في الجيش. وطبقا للمعلومات التي توفرت لدى الجيش اثناء تنفيذ الهجوم لم يكن متوقعا أن يصاب مدنيون غير مشاركين كنتيجة للهجوم. عمليا، ووفقا للمعلومات التي تم الحصول عليها اصيب في الهجوم ايضا عدد من المدنيين غير المشاركين.
“الجيش الاسرائيلي يأسف على اصابة المدنيين غير المتورطين. وهو يتبع بشكل دائم عدد كبير من الوسائل الاستخبارية والعملياتية من اجل عدم المس بالمدنيين غير المشاركين قدر الامكان، اثناء مهاجمة اهداف عسكرية. الجيش الاسرائيلي يفحص الحادثة من مختلف الجوانب، وضمن ذلك ايضا مسألة تواجد مدنيين غير مشاركين في المنشأة التي هوجمت”.