ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  ينيف كوفوفيتش – بعض الاهداف في غزة تقصف دون فحص ، تواجد المدنيين في الزمن الحقيقي

هآرتس – بقلم  ينيف كوفوفيتش   – 28/11/2019

لقد مر اسبوعين بالضبط على هجوم سلاح الجو في دير البلح، الذي قتل فيه تسعة اشخاص من عائلة السواركة الذين كانوا يتواجدون في المبنى الذي اعتبر “قاعدة ارهابية” للجهاد الاسلامي. في الوقت الذي ما زال فيه الجيش يحقق في لماذا لم يتم اعطاء مصادقة على الهجوم على خلفية معلومات محدثة، فان التحقيق الذي اجرته “هآرتس” اظهر أن هذا السلوك هو سلوك غير استثنائي في الجيش: حسب مصادر في جهاز الامن فان الجيش يكثر من قصف اهداف ارهابية في غزة، دخلت الى بنك الاهداف قبل وقت طويل من الهجوم دون فحصها في الوقت الحقيقي من اجل التأكد من عدم وجود مدنيين في المكان أو أن المكان لم يتم تحويله للسكن.

حتى الآن في الجيش يواصلون القول بأن المبنى الذي هوجم هو حقا كان “منشأة تدريب” للجهاد. وجهات أمنية تعرف تفاصيل الحادثة قالت إن الحديث لا يدور عن بيت لعائلة، بل عن اكواخ مع اكوام ترابية وجدران تحيط بمنشأة التدريب. مع ذلك، صورة المبنى قبل عشرة اشهر والتي وصلت للصحيفة تظهر أن الامر يتعلق بكوخ صغير من الصفيح محاط بسور مهدم يمكن من الوصول الحر الى المكان دون اكوام من التراب، كما هو دارج في منشآت التنظيمات الارهابية (لكن في المقابل لم تتم مشاهدة تفاصيل تشير الى وجود عائلات مثل اغراض الاطفال). وبعد النشر بأن المعلومات عن المبنى لم تحدث قبل الهجوم، قالوا في الجيش إنه تم القيام بفحص آخر قبل بضعة ايام على القصف. ولكن بعد ذلك تبين أن الفحص الاخير تناول ظروف الهجوم والقيود الواقعة عليه – وأن وضع المبنى في زمن الهجوم ومعلومات استخبارية محدثة لم يتم فحصها. جيران العائلة قالوا بعد ذلك إنه في السنوات الاخيرة تم اشغال المبنى من قبل المدنيين.

قائد المنطقة الجنوبية، الجنرال هرتسي هليفي، قال عن الهجوم في هذا الاسبوع “امور كهذه يمكن أن تحدث، نحن لم نتفاجأ من ذلك. من جهة اخرى، هذه لم تكن النتيجة التي رغبنا بها”. وفي مقابلة مع “صوت الجيش” كرر هليفي الادعاءات التي تقول إن المنشأة “استخدمها الجهاد الاسلامي بضع مرات لنشاطات عسكرية واضحة، ونحن نتصرف بدقة”، قال واضاف “نحن نعرف كيف نهاجم بصورة متأنية وحذرة. ولكن مهمتنا هي النظر الى كل المعادلة. اذا هاجمنا بشكل بطيء وعملنا بحذر فهذا يمكن أن يضر بنا. المعضلة هي بين مواطني الجنوب ومواطني غزة. اذا كنت تعرف بأنك تعيش قرب منشأة ارهابية فيجب عليك مغادرة المكان في بداية جولة التصعيد”.

ادعاء التموضع ظهر مؤخرا ايضا في اقوال مصدر امني قال إنه اذا صنف الجيش مكان ما كـ “بنية ارهابية” فهناك قيود قليلة جدا لمهاجمته، خاصة اذا كانت توجد في منطقة زراعية أو بعيدة عن منطقة مأهولة. الهجوم حسب قوله تم من خلال الافتراض بأنه لا يتوقع في المنشآت العسكرية أن يتواجد مدنيون. لذلك، الضرر سيقع على نشطاء ارهابيين يوجدون في المكان. في عملية الحزام الاسود، التي فيها حدث الهجوم، اضاف، كان هناك طلب عملياتي بأن يتم جبي ارواح، لذلك، لم تفحص في الوقت الحقيقي قيود اخرى على الهجوم: “اهداف مثل مخزن لتخزين الوسائل القتالية لا يقوم الجيش بفحصه قبل الهجوم، ولا يوجد احتمال بأن ينجح الجيش في فحص ذلك. ولا يمكن أن نطرق على الباب”. واضاف المصدر بأنه في الحرب تتم مهاجمة آلاف الاهداف يوميا، ولا يمكن النظر الى كل هدف في الوقت الحقيقي أو توثيقه قبل الهجوم. وحسب قوله، معظم البنى الارهابية تقصف بطريقة “أطلق وانس” حيث الطيار لا يرى على الاطلاق الهدف.

في جهاز الامن فهموا منذ التحقيق الاولي بأنه يجب اعادة فحص عملية اتخاذ القرارات في الجيش قبل مهاجمة الاهداف. “بنك الاهداف” للجيش الاسرائيلي وجد لحالات حرب فيها يطلب من الجيش مهاجمة العدو بقوة عالية وبصورة كثيفة. كل “موجة هجوم” في هذا الوضع تشمل عشرات أو مئات الاهداف الارهابية. وحسب اقوال مصدر مطلع على عملية تصنيف الاهداف، فانه عند تحديد هدف جديد يتم تحديد التوجيهات بشأن طبيعة مهاجمته. مع ذلك، عملية الحزام الاسود لم تكن تشبه الحرب أو جولات السنتين الاخيرتين في غزة (رغم مئات الصواريخ التي أطلقت على اسرائيل)، لذلك، ليس واضحا لماذا كانت هناك حاجة لشن “موجة هجمات” سريعة دون فحص معمق، بالأحرى، عندما ادار الجيش الاسرائيلي المعركة بدقة كبيرة دون تهديد الجهاد الاسلامي لسلاح الجو، وفي الوقت الذي يعمل فيه كل ما في استطاعته من اجل الامتناع عن المس بقادة حماس.

الكمية بدلا من النوعية

“بنك الاهداف” هو الاسم المعروف لخطة مهاجمة الاهداف “تاتي” للجيش الاسرائيلي، التي تشمل ايضا المبنى الذي قصف في دير البلح. بعد الهجوم اوضح الجيش بأن اهداف بنى تحتية لتنظيمات ارهابية هوجمت في جميع الجولات الاخيرة في غزة. وحسب قولهم، لم يكن في هذه العمليات حادثة مشابهة. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي باللغة العربية نشر بيان جاء فيه أن الجيش كان يريد تصفية أحد نشطاء الجهاد الاسلامي الذي يعيش في المكان. ولكن بعد ذلك اظهر تحقيق للجيش بأن الهدف كان ضرب بنية تحتية للجهاد. مصدر عسكري يقول الآن إن عددا من مصادر الاستخبارات ما زالت تعتقد أن المنطقة تستخدم كمنشأة تدريب لنشطاء الجهاد، لكن رغم هذا الادعاء وادعاءات اخرى مثل “تجريم الهدف وتخطيط الهجوم تم وفقا للتعليمات الملزمة”، فانهم في الجيش يرفضون اعطاء تفاصيل حول ما هي “التعليمات الملزمة” بادعاء أن “الامر يتعلق باجراءات عملياتية وطرق عمل استخبارية لا يمكن كشفها بسبب أمن المعلومات”.

في السنة الماضية، في نهاية محاكمة وبناء على طلب من نشطاء لحقوق الانسان في أن يحصلوا من الجيش على اجراءات مهاجمة الاهداف في الضفة وغزة، أمر قاضي المحكمة المركزية في تل ابيب، شاؤول شوحط، بأن يسلم للنشطاء صيغة معدلة للاجراءات – دون القضايا التي ادعت النيابة العامة بأنها حساسة من ناحية أمنية. في الوثيقة التي تسلمها المحامي ايتي ماك كتب بأن “قائد المهمة مطلوب منه التأكد، وعلى اساس تقدير الوضع الذي تم ايضا في الوقت الحقيقي، بأن مهاجمة الاهداف ستتم من خلال التمسك بمبدأ التمييز، ومبدأ التوازن وواجب اتخاذ وسائل الحذر”. الجملة الاهم في الوثيقة توجد في السطرين الاخيرين: “مستشارون قانونيون يتم اشراكهم في جزء من مهام تخطيط مهاجمة الاهداف، مع التأكيد على اجراءات المصادقة على الاهداف المخططة مسبقا” – أي أن المستشارين يفحصون الهدف عندما يتم ادخاله الى البنك، وقبل امكانية مهاجمته هم ليسوا ملزمين بأن يفحصوا دائما معلومات جديدة تم الحصول عليها.

مصدر حكومي شارك في السنوات الاخيرة في لقاءات أمنية بشأن “بنك الاهداف” قال إنه في محادثات مغلقة بعد حرب لبنان الثانية وعملية الجرف الصامد، وجهت جهات امنية انتقاد شديد لكون الجيش لم يكن جاهزا مع بنك كبير للاهداف، الذي كان يمكن أن يعزز قدرة ردع الجيش في زمن حرب طويلة. وحسب ادعاء المصادر الامنية اضاف المصدر بأن الجيش الاسرائيلي بدأ في خلق اهداف لنفسه بصورة مصطنعة من اجل مواجهة الانتقادات، بحيث أن عدد الاهداف التي تم التأشير عليها لا تشير بالضرورة الى نوعيتها. مصدر امني آخر قال إنه بسبب استخدام الضغط على المستوى العسكري لطرح بنك كبير للاهداف، فانه في حالات كثيرة فان المباني التي تتكون من اربعة طوابق أو منشآت صغيرة للبنى التحتية حصلت على  مكانة “اهداف نوعية”، التي تمت المبالغة في أهميتها. وحسب قوله، في غزة لا توجد آلاف الاهداف للارهاب، وبالتأكيد لا توجد اهداف اهميتها الامنية عالية، لذلك، فان ايجاد بنك اهداف من اجل صد الانتقاد غير صحيح. واحيانا جاء على حساب نوعية المعلومات التي تم جمعها عن هذه الاهداف.

الى هذه الاقوال ينضم مصدر امني كبير سابق كان في مركز الاحداث في الجيش الاسرائيلي في السنوات الاخيرة وهو يعرف جيدا عملية اختيار الاهداف والمصادقة على الهجوم. هذا المصدر قال للصحيفة بأنه عندما يدخل الهدف الى البنك لا يتم تحديث الشروط العملياتية لمهاجمته، التي تم تحديدها في الوقت الذي تم فيه ادخالها الى بنك المعلومات. وحسب قوله، الفحص الآخر الذي اجري قبل الهجوم شمل فحص القيود الاصلية، وقدرة الجيش على تلبيتها. واوضح بأنه غير مطلع على تفاصيل الهجوم في دير البلح، ولكنه اشار الى أنه “أخطاء حدثت ايضا في السابق، لاسباب مختلفة”. وحسب قوله فان جزء من المعلومات عن الاهداف يأتي من مصادر تعمل لاعتبارات غير مهنية مثل عداء بين الجيران أو نزاع تجاري. “يجب فعل كل ما في استطاعتنا من اجل فحص المعلومات، لكن القول بأنه يمكن دائما فعل ذلك، هذا لن يكون دقيق”، اضاف المصدر.

هذا المصدر الكبير السابق ليس المصدر الوحيد الذي يقول إن المعلومات عن المبنى في دير البلح جاءت من مصدر غير موثوق، نقل معلومات خاطئة بشكل متعمد. بعد الهجوم قدمت عضوة الكنيست ميراف ميخائيلي (العمل) استجواب لنائب وزير الدفاع آفي ديختر، طلبت فيه معرفة ما هو اجراء تحديد الاهداف وما هي وتيرة فحص أهليتها، اذا كان الجيش قد قصف اهداف غير محدثة واذا لم يكن في ذلك تبذير للاموال ومس بنجاعة الجيش. ايضا ديختر اشار الى امكانية أن يكون مصدر الهجوم غير موثوق واضاف “احيانا يتم بناء الاهداف ليس فقط استنادا الى معلومات الجيش، لذلك أنا اقترح انتظار التحقيق. واحيانا توجد قيود على فحص أهلية الهدف، ويجب اتخاذ قرار بشأن هل سيهاجم رغم مرور وقت طويل. في هذا الوضع إما أنهم يتنازلون وإما يخاطرون. وهذا ليس ما حدث في هذه المرة”.

المتحدث بلسان الجيش قال ردا على ذلك “حسب ما سبق وجاء من الجيش الاسرائيلي، في الحادثة تمت مهاجمة مبان تم تجريمها باعتبارها اهداف بنى تحتية للجهاد الاسلامي. هذه المباني تم تجريمها كأهداف عسكرية للمرة الاولى قبل بضعة اشهر، والجهات المهنية صادقت على هذا التجريم مرة اخرى قبل بضعة ايام على الهجوم. ومن التحقيق الاولي، تجريم الاهداف وتخطيط الهجوم تم وفقا للتعليمات الملزمة في الجيش. وحسب المعلومات التي توفرت لدى الجيش اثناء تنفيذ الهجوم لم يكن يتوقع اصابة مدنيين غير مشاركين في الهجوم. الجيش يأسف على أي مس بالمدنيين غير المتورطين ويبذل بشكل دائم الجهود الاستخبارية والعملياتية من اجل منع المس بهم اثناء مهاجمة اهداف عسكرية. الجيش الاسرائيلي يحقق في الحادثة بمختلف جوانبها. ومع ذلك، ايضا ضمن ذلك مسألة وجود مدنيين غير متورطين في المنشأة التي هوجمت”.

“هآرتس” وجهت للمتحدث بلسان الجيش اسئلة اخرى منها “هل المبنى في دير البلح هوجم في جولات سابقة؟”، “هل الجيش يعرف بشكل مؤكد أنه في الاشهر الاخيرة استخدمت هذه المنشأة للتدريب؟” و”هل الفحص الآخر الذي يدعي الجيش بأنه قام باجرائه قبل ايام على الهجوم قد شمل معلومات استخبارية محدثة تتعلق بالرقابة والتوثيق؟”. ولكن ردا على هذه الاسئلة ورد “لا يمكن الاجابة على هذه الاسئلة في هذه المرحلة لأن التحقيق لم يستكمل، وعدد من الاسئلة يتعلق باجراءات عملياتية وطرق عمل استخبارية لا يمكن كشفها بسبب أمن المعلومات”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى