هآرتس – بقلم يغيل ليفي – لعبة الأرقام للجيش

هآرتس – بقلم يغيل ليفي – 8/12/2019
قضية تحيز معطيات التجنيد التي تتطرق لجمهور الاصوليين تثير مرة اخرى النقاش حول فشل جهود التجنيد للشباب الاصوليين. ولكنه ينتمي الى مسألة أوسع تتعلق بمستقبل التجنيد الالزامي. في العام 2007 حدث شيء ما. معطيات عدم التجنيد المعروفة تجاوزت سقف الـ 10 في المئة، والجمهور شاهد معطى صادم، ظاهريا: نحو ربع الشباب اليهود لا يتجندون.
هذا الاكتشاف اشعل ما سمي فيما بعد ” طقوس زيادة الدافعية” – عندما اعتبرت ازمة التجنيد ظاهرة تهدد المجتمع الاسرائيلي. ونتيجة ذلك، بدأ “المجتمع المدني” بـ “حملة المتهربين”.
ضباط الجيش ادركوا في حينه للمرة الاولى أن شرعية نموذج التجنيد الالزامي تتآكل، والحديث لا يدور عن حدث معين. ولكنهم لم ينجحوا في رسم طريقة عمل ممنهجة ووضع اهداف واضحة، بل اكتفوا بصياغة الشعارات الجوفاء مثل “مساواة في تحمل العبء” من اجل الحفاظ على “جيش الشعب”، واتباع عدة استراتيجيات تعاني من التناقضات الداخلية، التي احد الفقاعات لواحدة منها تنفجر الآن.
الجيش اعتقد بأن الشرعية التي تمكن من الحفاظ على نموذج التجنيد القائم وتمنع الانتقال الى “جيش مهني”، مرتبطة بشكل حصري بتحسين نسبة التجنيد. لذلك، عمل بتصميم غير مسبوق من اجل تقليص المعفيين، بما في ذلك معدل التسريح من الخدمة بسبب الوضع الصحي أو الخلفية الثقافية. ولكن مراقب الدولة كشف قبل عقد حقيقة أن الجيش لم ينجح في استنفاد قدرة الذين تم عليهم فرض استمرار الخدمة. في موازاة ذلك، عندما تم الغاء “قانون طال” واستبدل في العام 2014 بقانون حدد للمرة الاولى حصص جماعية لتجنيد الاصوليين، تعاون الجيش مع المستوى السياسي في خلق بنية رياضية جديدة لنسبة التجنيد.
دور السياسيين ظهر في صياغة تعريف موسع لـ “من هو الاصولي”، الذي حسب قاضي المحكمة العليا نير هندل “التعريف يسخر من اهداف التجنيد ويسمح بتلبيتها بصورة وهمية، من خلال متجندين تحملوا افضل من الجميع واجب التجنيد – سواء لأنهم لم يتعلموا في أي يوم في مدرسة دينية… أو لأنهم تركوا التعليم في سن صغيرة”. دور الجيش تمثل، كما يتبين الآن، بتوسيع آخر للتعريف، وتطبيقه ايضا على غير المتدينين. من الخطأ الافتراض بأن الجيش فقط خضع لضغوط سياسية. لقد كانت له مصلحة واضحة في اظهار أنه يكبح التآكل في نسبة المعفيين، وبهذا ايضا يمنع الضغوط من اجل الغاء التجنيد الالزامي.
هكذا، بدون قصد، ساهم الجيش في تآكل شرعية التجنيد الالزامي. عندما تحولت نسبة التجنيد الى نسبة مقدسة، ليس فقط أن الجيش يحدد المعدل لقوة بشرية غير متناسبة، بل كل تغيير في المستقبل (مثلا تقليص نسبة التجنيد بسبب الاغراق بالقوة البشرية) سيضعضع الثقة بنموذج التجنيد من خلال ضعضعة روح “المساواة في تحمل العبء”.
بحماسة التعامل مع هندسة الارقام، المشرع الذي يلعب دور سلبي في رسم سياسة التجنيد لم يفحص بدائل تحافظ على نموذج التجنيد الالزامي، مثل الانتقال الى نموذج تجنيد انتقائي رسمي (ليس بصورة رمادية، كما يحدث الآن). في اطار هذا النموذج الجيش سيجند فقط حسب الحاجة، وفقا لمعايير واضحة تستند الى المؤهلات الشخصية والثقافية – الجماعية، وهي طريقة ستعفي من تجنيد الاصوليين “الحقيقيين” والعرب والذين يمنعهم الضمير من الخدمة. هذه هي الخطوة المطلوبة وليس المزيد من التحيز في الارقام الذي يشجع سلوك غير سوي.