ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم يغئال كفنس – غولدا لم تنس ونحن لم نتعلم

هآرتس – بقلم  يغئال كفنس – 7/10/2020

” صحيح أن غولدا مئير فشلت في الحرب مثلما فشل نتنياهو في ادارة الازمة اليوم، لكن الفرق بينهما هو أن اعتبارات غولدا في حينه التي أدت الى الفشل كانت اعتبارات وطنية، في حين أن اعتبارات نتنياهو ودوافعه هي شخصية “.

“نحن نحارب دفاعا عن حياتنا وحريتنا، لكن هذا لا يعني فقط أن نحارب على الحدود، بل ايضا المحاربة من اجل الوقوف الى جانب صديقنا، أي صديق واحد”، هذا ما قالته بغضب في صباح 6 تشرين الاول 1973 رئيسة الوزراء غولدا مئير لأحد الوزراء الذي عارض قرار عدم المصادقة لسلاح الجو بشن هجوم استباقي.

“هذا كان قرار سليم”، رد هنري كيسنجر في اليوم التالي عندما سمع هذه الاقوال من السفير سمحا دنيتس الذي التقى معه بناء على طلب رئيس الحكومة. دنيتس اضاف بأنه قال لغولدا “دكتور كيسنجر دائما قال لي بأنه ليس مهم ما الذي سيكون، المهم هو أن لا تكونوا أول من يهاجم. وغولدا اجابته: هو قال ذلك ايضا لرابين، هل تعتقد أنني نسيت؟”.

غولدا لم تنس. هكذا اعتادت. هذا التوثيق الهام غير مذكور في الكثير من الكتب والمقالات التي كتبت عن الحرب. وهو ايضا غاب عن الخطاب الاستحواذي في هذا الشأن. ربما لأنه ايضا يسحب البساط من تحت اقدام التحليل الخاطيء والذي يقول بأن فشل الاستخبارات هو الذي جلب لاسرائيل الازمة الكبيرة لحرب يوم الغفران. هو خاطيء ليس فقط بسبب حقيقة أنه اضافة الى الاستخبارات العسكرية، فشل ايضا رئيس الموساد الذي قال قبل عشرة ايام من الحرب “اذا تناولنا التقدير لسنة فعندها يكون توجههم ليس بالتحديد نحو الحرب”. هذه الاقوال أسسها زمير على المعلومات التي نقلها اليه العميل الكبير اشرف مروان، وهي خاطئة لأن فشل زعيرا، رئيس الاستخبارات العسكرية وزمير، اللذان قدرا وجود احتمالية ضعيفة للحرب، التقدير لم يلعب دور في اعتبارات غولدا. اعتباراتها ارتكزت على الاعتبار السياسي.

“انتظروا اكثر من ساعتين للقيام بنشاطكم المضاد”، قال كيسنجر في كانون الاول 1971 لغولدا مئير بواسطة السفير رابين. هذا كان المقابل في المساومة السياسية على استمرار تزويد اسرائيل بطائرات “سكاي هوك” و”فانتوم”. لأنهما هو والرئيس سيفشلان في 1972 مفاوضات للسلام بين اسرائيل ومصر. “هذا سيكون تظاهر شكلي بالمفاوضات”، قال الرئيس نيكسون لغولدا عن المحادثات التي أجراها مع السوفييت. هكذا حدث في توثيق كشف فقط مؤخرا. كل من شارك في أحداث الايام الاخيرة والساعات التي سبقت تلك الحرب يعرف تماما معنى الالتزام بـ “الانتظار اكثر من ساعتين”.

رئيس الاركان وقادة الجيش لم يعرفوا عنها، لكنهم عرفوا معناها. “أيها السادة المحترمون، استعدوا للحرب”، قال لهم في أيار 1973 وزير الدفاع موشيه ديان. “في النصف الثاني من ذلك الصيف”، حدد ديان لرئيس الاركان وجنرالات الجيش الاسرائيلي التوقيت. وشرح بالتفصيل بشكل دقيق سيناريو البداية – الحرب التي ستبدأ بهجوم مصري وسوري دون مشاركة الاردن. قادة الجيش عرفوا أن الجيش الاسرائيلي في هذه المرة لن يكون المبادر. بناء على ذلك جرت المناورات الحربية. ولكن يبدو أنه لم يتم فهم كامل معنى حقيقة أن المبادرة ستكون لدى الطرف الثاني.
كما هو معروف، بعد أن قام السادات بالالتفاف على السوفييت وعرض سرا على كيسنجر في شباط 1973 مبادرته للسلام، غير كيسنجر ونيكسون معاملتهما. وقد قررا الاستجابة لمبادرة السادات ودفعها قدما في مسارين. الاول في قناة المحادثات السرية بين كيسنجر والسادات. “حتى الصيف نستطيع ربط المسارين وهذا سيزيل الروس عن ظهرنا. نستطيع انهاء هذا حتى 1 ايلول، وهذا سيكون انجاز كبير”، قال كيسنجر للرئيس. “لن نراهن على ذلك”، اجابت غولدا مئير عندما ابلغها كيسنجر بعد يومين عن نيته.

غولدا وديان عرفا أن الحرب التي ستندلع هي “استمرار لحقيقة أننا لا نوافق على العودة الى الخط السابق… نقطة البداية تبدأ بحقيقة أنهم مستعدون للسلام ولنظام اتفاقيات وضمانات دولية وما شابه – كل ذلك شريطة أن ننسحب بصورة كاملة الى الخط السابق”، هكذا قيل، حسب اقوال غليلي،  في نقاش جرى فيما بينهم في “المطبخ الصغير والحميمي لغولدا”. لهذا ايضا، كل تفسير يلغي مبادرة السلام للسادات هو بعيد عن الحقائق. هذا التفسير الاعتذاري هو ايضا باطل امام الاقوال التي قالها السادات ونيكسون وكيسنجر وغولدا وديان وغليلي في الغرف المغلقة. ايضا بهذا فان التوثيق لا يترك أي مجال للتحليل. رئيس الحكومة ووزراؤه ايضا قرروا عدم اشراك أي أحد من اعضاء الحكومة في المعلومات حول مبادرة السادات وقرارهم عدم الاستجابة لها. يمكن تأييد سياستهم ويمكن انتقادهم بسبب ذلك. ولكن لا يمكن انكار حقيقة أنهم هكذا رأوا الامور وهكذا تصرفوا.

غولدا لم تنس. ولكن الباحثون في تلك الفترة، الذين لا يكلفون انفسهم عناء الاطلاع كما هو مطلوب على الارشيف الامريكي، حيث يوجد هناك توثيق للقاء الذي ذكر اعلاه بين دينتس وكيسنجر، لا يعرفونه، وربما أخطر من ذلك، هم يتجاهلونه. ولكن في العهد الذي فيه تحول الكذب الى وسيلة مشروعة فان تكراره تحول الى وسيلة فعالة. هكذا يوجد هناك من يواصلون ترديد فشل تقدير الاستخبارات كتفسير لما اعتبر في نظر الكثيرين ككارثة كبرى تسببت بما حدث في تشرين الاول 1973.

هذه الفرضية الخاطئة ليس فقط لا تجعلنا نفهم سلوك اسرائيل في حرب يوم الغفران، حيث أن اهمية فهم احداث 1973 تختلف عن الرغبة في فهم الماضي، بل هي تمنع استخلاص الدرس المطلوب للمستقبل. وتعقيد العلاقات المتبادلة بين رئيس الحكومة والوزراء وبينهم وبين المستويات المهنية العليا، كانت توجد في حينه وهي موجودة الآن ايضا. يكفي أن نذكر قضية الغواصات والاتفاق مع الامارات، وفوق كل ذلك ادارة ازمة الكورونا. ولكن الفرق بين العام 1973 والآن هو فرق كبير. في 1973 رئيسة الحكومة فشلت، لكن اعتباراتها كانت وطنية. أما اليوم رئيس الحكومة فشل وفقد ثقة الجمهور المطلوبة جدا في هذه الايام، ومن الصعب عدم الادراك بأن دوافعه شخصية.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى