ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  نير حسون – العقل السليم كان يمكنه أن يخفض مستوى اللهيب في العيسوية، ولكن الشرطة رفعته

هآرتس – بقلم  نير حسون – 11/11/2019

بنظرة سطحية العيسوية تظهر كما يصفها رجال الشرطة في مسلسل “محافظة القدس”: حي عنيف ومتمرد وسكانه يمنعون دخول القوات الوحشية. هكذا ترى شرطة اسرائيل القرية التي توجد في شرقي القدس. ولكن بنظرة قريبة، هو مكان مختلف تماما. يوجد فيها عنف وجريمة مثلما في جميع الاحياء في شرقي القدس، ولكن في مركز الحي هناك ايضا بقالة لكبسولات القهوة ومحل جيد للمثلجات، وفي آخر الشارع يوجد عدة صالونات حديثة للحلاقة. معظم السكان يتكلمون العبرية الجيدة، ويعملون في غربي المدينة ويبحثون عن طريقة للعيش بسلام في الوضع غير المحتمل.

في نصف السنة الاخيرة يعيش سكان الحي في تشويش يومي في ظل عملية تطبيق القانون والعقاب الجماعي الذي تقوم به الشرطة. العملية نجحت حتى الآن في أن تؤدي الى تدهور كبير في العلاقة بين الشرطة والسكان، وسلسلة من الاحداث العنيفة. الانجازات، اذا وجدت، غير واضحة.

ومن اجل فهم الوضع الحالي يجب النظر الى الخلف قليلا. العملية التي بدأتها الشرطة في شهر أيار شملت الاقتحامات اليومية واقامة الحواجز ووضع الكمائن واقتحام البيوت واجراء اعتقالات وفرض غرامات ومواجهات يومية مع السكان. العملية كسرت بقوة الروتين اليومي في العيسوية – مصالح تجارية اغلقت والاهالي منعوا الاولاد من التجول في الشوارع. وفي 2 تموز حصدت العملية القتيل الاول، محمد عبيد، إبن الـ 19 الذي اطلقت النار عليه وقتل اثناء اطلاقه العاب نارية غير قاتلة على رجال الشرطة. موته زاد العنف الذي بدوره زاد من حدة رد الشرطة. وفي بداية شهر آب احرجت الشرطة في اعقاب كشف “هآرتس” بأنه في اطار مسلسل وثائقي – درامي “محافظة القدس” تم زرع سلاح في منزل أحد السكان في الحي. القضية اوضحت للسكان المحليين وللجمهور الاسرائيلي بشكل عام العلاقة الحقيقية بين الشرطة وسكان العيسوية.

في نهاية شهر آب اعلنت لجنة أولياء الامور في الحي عن اضراب عن التعليم الى حين انتهاء العملية. رئيس بلدية القدس، موشيه ليئون، وقائد شرطة القدس، دورون يديد، التقيا مع ممثلين عن السكان وتوصلوا الى اتفاق بحسبه رجال الوحدة الخاصة للشرطة لن يعملوا في منطقة مداخل المدارس اثناء الدخول والخروج منها. وبعد بضعة ايام بدأت الشرطة بخرق الاتفاق. وقبل اسبوعين احرجت الشرطة مرة اخرى، هذه المرة في اعقاب فيلم قصير فيه يعترف رجال الشرطة بأنه لا يوجد أي هدف للنشاط في الحي عدا عن استفزاز السكان.

الوضع في العيسوية وصل الى ذروة جديدة في الاسبوع الماضي عندما اقتحم رجال الشرطة ساحة المدرسة الثانوية في الحي وقاموا بدفع المدير والحارس واعتقلوا طالب في الصف الـ 12 بتهمة رشق حجر عليهم. الشاب تم اطلاق سراحه في اليوم التالي. ومثلما حدث في معظم حالات الاعتقال الاخرى التي نفذت في اطار عملية تطبيق القانون، لم يتم العثور على أي أدلة ضده. ردا على ذلك، لجنة الآباء اعلنت عن اضراب جديد عن التعليم. ومرة اخرى، بعد ثلاثة ايام وبتدخل جهات من بلدية القدس، تم التوصل الى اتفاق جديد مع الشرطة. وفي اليوم التالي خرقت الشرطة الاتفاق، حيث أنه في عملية واحدة نجحت الشرطة في اهانة وتحييد القوى المعتدلة في الحي. 

في ليلة أول أمس، وبشكل متوقع، تصاعدت المواجهات وأدت الى اصابة 15 شخص، منهم رجل شرطة وطفل إبن ثمانية اشهر اصيب باستنشاق الغاز، أحد السكان الذين تم اعتقالهم، آدم المصري، ضرب بشدة من قبل الشرطة اثناء اعتقاله. وأمس المصري تم اطلاق سراحه، وهذه المرة ايضا لم يكن لدى الشرطة أي دليل ضده. 

عنف وكبسولات

تسلسل الاحداث غير المعقول هذا يقتضي التساؤل ما هو دافع الشرطة؟ في اقوالها أول أمس قالت الشرطة إن العملية أدت الى تقليص عدد الاعمال التخريبية في محيط العيسوية وفي عدد عمليات رشق الحجارة والقاء الزجاجات الحارقة على الشارع المؤدي الى معاليه ادوميم، وعلى حرم الجامعة العبرية ومستشفى هداسا. ولكن البحث في بيانات الشرطة وفي بنك المعلومات عن الاعمال التخريبية المعادية تبين أنه لا يوجد أي تسجيل لاحداث عنف في محيط العيسوية في الاشهر التي سبقت العملية. 

يجب عدم الاستنتاج من ذلك بأن العيسوية هي جارة هادئة، على العكس، من بين جميع جيران شرقي القدس، بما في ذلك التي توجد وراء الجدار، فان العيسوية هي الاكثر سياسية والتي تتميز بروح قوية من المقاومة للاحتلال. ولكن العنف، كما يؤكد السكان المرة تلو الاخرى، موجه لرجال الشرطة الذين يدخلون الى الحي. اضافة الى ذلك، السكان يميزون بين الوحدة الخاصة للشرطة التي تقوم باستخدام العقاب الجماعي وتتبع وسائل استفزازية مثل السير البطيء بشكل متعمد قرب المدارس اثناء الدراسة واقامة الحواجز والتعويق وبين رجال الشرطة بالزي الازرق الرسمي الذين يعملون في الحي.

تغيير طفيف في طريقة استخدام القوة، الاصغاء الى القيادة المحلية، واشراك البلدية والقليل من العقل السليم، كل ذلك سيؤدي الى خفض سريع وفوري في العنف وسيمنع استمرار التدهور. ولكنهم في الشرطة يرفضون الاعتراف بهذه الحقيقة. صحيح أنه حتى كتابة هذه السطور، أن لجنة أولياء الامور في الحي تفحص مرة اخرى القيام باضراب عن التعليم. هذا الاضراب سيتيح لشباب الحي ساعات راحة كثيرة تمهيدا لمواجهات مع رجال الشرطة في المساء، وسيؤدي الى زيادة اعمال العنف بشدة اكبر.

دليل على الفجوة بين صورة العيسوية والحياة اليومية فيها لاحظته في يوم السبت في حي عبيد. هذا الحي يعتبر اكثر اشكالية من احياء العيسوية الاخرى، وفيه تجري المواجهات الاكبر. ومن الاسباب الاخرى لذلك أنه هناك قتل محمد عبيد عند بداية المواجهات. في يوم السبت تجمع شباب الحي من اجل عملية خاصة – تنظيف الشارع. قاموا بغسل الشوارع والسيارات بخرطوم لاطفاء الحريق الى أن جاء رجال الشرطة، عندما بدأت المواجهات من جديد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى