ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم نير حسون – الاف السنين تدفقت المياه الى النبع الهام في التاريخ، وعندها جاء سموتريتش

هآرتس – بقلم  نير حسون  – 8/3/2020

تقرير سلطة الطبيعة والحدائق الاخير يحذر من أن اقامة القطار التحت ارضي في البلدة القديمة في القدس يمكن أن يضر بتدفق المياه الى نبع جيحون بشكل غير مسبوق “.

قبل نحو 3100 سنة، في منتصف العهد البرونزي استوطن الناس فوق تلة غير مرتفعة وغير متميزة في جبل يهودا. وقد تحولت هذه التلة بعد ذلك الى مدينة داود ومن ثم الى القدس. بالنسبة لتلال اخرى في المحيط، كانت هذه التلة منخفضة وغير هامة استراتيجيا، بعيدة عن أي طريق هام، ميناء أو كنز من كنوز الطبيعة. لماذا بالذات هناك؟ الجواب موجود على سفح التلة، في المكان الذي ينبع منه نبع جيحون. “لو لم يكن نبع جيحون لما كانت القدس”، قال البروفيسور روني رايخ، عالم الآثار الذي حفر تلة مدينة داود في العقود الاخيرة.

جيحون هو النبع الاكبر في منطقة جبال يهودا، وتدفق مياهه ثابت طوال السنة. وخلال آلاف السنين رافق القدس كمصدر للحياة. وفي المقابل، الحاجة الى الدفاع عنه شكلت حصون المدينة القديمة، وبعد ذلك تحول الى مكان مقدس. كل ذلك حوله الى أحد الينابيع المشهورة جدا في تاريخ البشرية، وأدى الى وضعه الحالي كموقع للسياحة في قلب سلوان، حيث يدار من قبل جمعية العاد. والآن يحوم حول هذا النبع الاستثنائي التهديد الاكبر في تاريخنا. التقرير الذي ينشر هنا للمرة الاولى يكشف الخطر الذي يحدق باستمرار تدفق المياه. اذا خرج الى حيز التنفيذ مخطط اقامة القطار الثقيل التحت ارضي في محيط البلدة القديمة. الخطة يدعمها وزير السياحة بتسلئيل سموتريتش خلافا لمواقف جهات مهنية في وزارة المواصلات وفي ادارة التخطيط.

التقرير طلبته سلطة الطبيعة والحدائق من البروفيسورين عاموس برونكن ورونيت عمئيل، وهما باحثان في معهد ابحاث الكهوف في الجامعة العبرية. وحسب تقديرهما فان الانابيب الصخرية الطبيعية التي تضخ المياه الى النبع تصل من عدة اتجاهات وتلتقي في البلدة القديمة وفي تلة مدينة داود. لذلك، فان حفر نفق القطار في منطقة هذه القنوات التي تسمى انابيب قشرية، هو أمر خطر بشكل خاص. “جيحون يتأثر بشكل كبير من افعال الانسان، ويمكن أن يتضرر أكثر من النفق المستقبلي”، كتب في التقرير. “هذا النفق، وباحتمال عال، سيقطع مسارات التدفق القشرية، لا سيما اذا نفذ تحت البلدة القديمة، جبل صهيون ومدينة داود. في هذه الحالة النفق يمكن أن يضر بتدفق مياه النبع، وفي اقصى الحالات أن يقطعه تماما عن مصادر مياهه”.

حالة مشابهة حدثت اثناء حفر نفق الأمة بغرض اقامة سكة القطار الجديد من تل ابيب. على مدخل القدس، بعمق 80 متر، أضر النفق بشبكة قشرية وأوجد نبع جديد تحت الارض، انجرفت مياهه من نبع لفتا.

الباحثون يفسرون بأن احتمالية العثور مسبقا على الانابيب القشرية وعدم قطعها بسبب النفق، ضئيلة. واذا تقرر مع ذلك حفر النفق فان الخبراء قالوا بأنه ستكون حاجة الى اجراء تخطيط جيولوجي دقيق، وفي حالة العثور على قنوات قشرية ستكون حاجة الى ايجاد حل هندسي لاستمرار تدفق المياه. “يجب حفر انفاق فقط في حالات ضرورية”، كتب في استنتاجات التقرير. “والامتناع عن حفر الانفاق تحت البلدة القديمة وجبل صهيون ومدينة داود بسبب وجود احتمال عال جدا لقطع الانابيب القشرية التي تؤدي الى نبع جيحون في هذه المنطقة”.

“حسب رأيي يوجد خطر كبير”، قال البروفيسور فرونكين، “مياه النبع تأتي بالضبط من الاتجاه الذي ينوون بناء محطة القطار فيه. ويجب التذكر أن هذه المحطة ليست فقط بعمق 80 متر، بل هي تشمل فراغات كثيرة تصل الى سطح الارض”.

ومثلما نشر في “هآرتس” فان الجهات المهنية في ادارة التخطيط وفي وزارة المواصلات لم تصادق في البداية على خطة القطار الثقيل الذي يوصل على حائط المبكى. ولكن في اعقاب ضغط من قبل وزير المواصلات سموتريتش تم اعادة المخطط لنقاش اضافي.

خطأ تاريخي

نبع جيحون يتوجه نحو الشرق. في الصباح الباكر تضيء أشعة الشمس موقع النبع. وحسب اقوال البروفيسور رايخ، هذه الحقيقة لم تغب عن أعين سكان القدس القدامى، لذلك سموه “عين الشمس”. “جيحون”، حسب قوله هو خطأ تاريخي متواصل: “هذا الاسم ذكر في كتاب الملوك على اعتبار أنه المكان الذي نزل اليه الملك سليمان كي يتم تعميده كملك. ولكن في النص ليس واضحا اذا كان جيحون هو نبع على الاطلاق. حسب اقوال رايخ، جيحون هو اللقب الذي اعطي لشبكة المياه الكبيرة التي اقامها اليبوسيون في القدس. والدليل على ذلك هو أنه  في التوراة ذكرت ثلاثة ينابيع في القدس: عين شيمش وعين روغل وعين تنين.وجيحون ذكر كموقع وليس كنبع. عين شيمش في المقابل ذكرت في التوراة كعلامة على الحدود التي تقع بين سبط يهودا وبنيامين في شمال عين روغل (التي توجد الآن في وسط سلوان) ووادي بن هينوم. ولأن اسم جيحون ترسخ، اضطر الباحثون الى العثور على نبع آخر واعطائه اسم عين شيمش. هذا الاسم اعطي لنبع صغير في العيزرية في شرقي القدس. ولكن هذا المكان، حسب رايخ، لا يناسب الوصف في التوراة.

ومهما كان الامر فان جيحون في زمننا (عين أم الدرج حسب المسلمين أو عين العذراء حسب المسيحيين) هو النبع الذي يتدفق بشكل استثنائي يبلغ 600 ألف كوب مياه في السنة. التدفق الاكثر من بين ينابيع المنطقة. وللمقارنة، فان نبع لفتا في غربي القدس يضخ 125 ألف كوب مياه في السنة. والى جانب الغزارة اضطر سكان القدس القدماء الى مواجهة خلل ظاهر في النبع وهو موقعه المنخفض، قرب وادي قدرون الذي صعب الدفاع عنه. وحسب رواية اخرى، اليبوسيون، مؤسسو القدس، اقاموا قبل نحو اربعة آلاف سنة تحصينات ضخمة حول النبع، وهي ما زالت قائمة حتى الآن. ولكن في السنوات الاخيرة بدأ علماء الآثار بالتشكيك بهذا الاعتقاد. والآن يقول عدد منهم بأن هذه التحصينات لم تتم اقامتها في عهد الكنعانيين، بل بعد ذلك بألف سنة على أيدي ملوك يهودا.

في القرن الثامن قبل الميلاد أمر الملك حزقياهو ببناء نفق شيلوح الذي استهدف نقل المياه الى مكان آمن يسهل الدفاع عنه عند حدوث حصار للمدينة. التراث والاثريون يؤيدون هذه الرواية. خلال مئات السنين ضلل هذا النفق سكان القدس الذين اعتقدوا أن المنبع الحقيقي يوجد في نهاية النفق وليس في النبع الذي تم اكتشافه مجددا فقط في العصور الوسطى للعهد المملوكي.

في العشرين سنة الاخيرة، برعاية سلطة الآثار وجمعية العاد، تطور بشكل كبير البحث حول النبع والآثار التي توجد قربه. ولكن مصادر مياهه بقيت لغزا. هذا اللغز تم حله نتيجة حدث مؤسف: في عيد الاسابيع في 2002 بدأت تتدفق فجأة مياه المجاري من النبع. بلدية القدس وشركة جيحون، شركة المياه والمجاري في القدس، بدأتا في البحث عن مصدر التلوث. وقد عثر في البلدة القديمة عن عدة تسربات صغيرة تم اغلاقها، ولكن هذا الامر لم يؤد الى تحسن مياه النبع. وفي نهاية المطاف تبين أنه في اعمال الاصلاحات في الطرف الثاني في المدينة، في شارع السلطان سليمان، تم تحطم انبوب كبير للمجاري. وبعد اسبوع من اصلاحه بدأت مياه النبع في الصفاء. وبعد شهر تدفقت مياه النبع كالسابق. بفضل هذه الحادثة اكتشف الباحثون بأن الحجم الادنى لحوض تدفق مياه النبع يشمل البلدة القديمة وخارجها.

في موازاة اكتشاف الخطر الذي يمكن أن يحدث بسبب اقامة القطار فان التقرير الحالي يظهر ايضا تميز نبع جيحون وحوض تدفقه الضخم الى جانب تحليل شبكة المياه تحت القدس. وضمن امور اخرى، أجرى الباحثون من اجل التقرير الجديد مسح جيولوجي وفحص كيميائي وبيولوجي للمياه من اجل اكتشاف كل منطقة جمع مياه نبع جيحون. البروفيسوران فرومان وعمئيل توصلا الى استنتاج بأن المنطقة التي ينبع منها النبع تمتد على مساحة 10.6 كم مربع. وأن المياه تتدفق الى جيحون من خلال شبكة تحت الارض تبعد أكثر من 4 كم عن النبع. وفي داخل منطقة تدفق النبع توجد البلدة القديمة والاحياء التي تقع شمالها حتى تلة الذخيرة. ايضا الاحياء التي توجد غرب البلدة القديمة حتى جفعات رام وجسر السلسلة.

وقد ظهر في التقرير أن مياه الامطار تتسرب وتسير تحت المدينة خلال بضعة اسابيع من خلال شبكة انابيب قشرية طبيعية الى أن تخرج في جيحون. ومن اجل توضيح ذلك فان الامطار التي تهطل في منطقة الكنيست أو في منطقة جسر السلسلة يمكن بعد بضعة اسابيع أن تتدفق في النبع الموجود في سلوان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى