ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم نوعا لنداو – نحن غير مرتاحين مع كل هذه النكبة وغيرها

هآرتس – بقلم  نوعا لنداو – 6/7/2021

إن اقتراح فايتس كان بالطبع مثابة “يسرقون ويبكون”. وأن التعويضات المالية لا تخفف الظلم بحد ذاته، لكنها بالتأكيد جزء من عملية الاعتراف والعدل التي استخدمت في اماكن كثيرة في العالم. وقد حان الوقت لمناقشة هذا الامر بجدية عندنا “.

“نحن غير مرتاحين مع كل هذه القصة”، هذا ما قاله رامي فايتس، والد المخرجة ميخال فايتس، وهو يتلوى امامها على الكرسي في مشهد يمزق القلوب حول دور والد جدها الاكبر، يوسف فايتس، في وضع وتطبيق سياسة الترانسفير الاسرائيلية. “أنا لا أكون مرتاح عندما يسمون جدي أبو الترانسفير، ولا أكون مرتاح عندما تفعلين ذلك”، واصل الشرح في الوقت الذي تواجهه فيه بالوقائع التي جمعتها خلال 14 سنة من خلال عملها على الفيلم الوثائقي “صندوق ازرق”، الذي يجب على كل مواطن في الدولة مشاهدته.

الفيلم يوثق مشاركة يوسف فايتس العميقة، وهو بطل عائلي وقومي ومن رؤساء الكيرن كييمت، في “تنظيف” ارض اسرائيل من العرب. “لو أنك كنت موجودة في العام 1948 لكنت ستقفين يدا بيد مع الذين فعلوا ذلك الشيء الذي قمت بقراءته لي الآن. من قلة الحكمة أن تحاكمي ذلك عندما تكونين موجودة في مكان آخر”. لخص فايتس لابنته بكلمات بسيطة الرواية الاسرائيلية كلها، بما في ذلك وربما بشكل خاص مفهوم “ذلك الشيء”، الذي يجسد درجة الجهل والاقصاء.

إن قصة عائلة فايتس هي قصة دولة اسرائيل وعلاقتها في حينه والآن بالنكبة. ومثل شعوب كثيرة وصلت في مرحلة معينة من وجودها، التي فيها البقاء يخلي مكانه لبحث الجوانب المظلمة في تاريخها، ايضا في اسرائيل يوجد الآن من اوساط ابناء وبنات الجيل الثالث لمؤسسي الدولة من يريدون تحطيم الصمت الجماعي حول الظلم الذي على اساسه اقيمت الدولة. حتى لو كان النبش في هذه الجراح “غير مريح”.

مواجهات شهر أيار الماضي بين اليهود والعرب داخل خطوط 1967 زادت الحاجة الملحة لتصويب الانظار على الماضي الذي يلاحقنا. خط واضح يربط بين الغضب الذي اندلع في اوساط الفلسطينيين مواطني اسرائيل على ما حدث في يافا والشيخ جراح وباب العامود والحرم وبين صدمة النكبة. مع كل الفروق في تفاصيل الوقائع، في نهاية المطاف فان القاسم المشترك بينها هو استمرار سياسة نقل العرب من بيوتهم وسلبهم من مظاهر سيادتهم. ايضا قضية تبييض بؤرة افيتار الاستيطانية على اراضي بيتا وسن القانون الذي يمنع لم شمل العائلات الفلسطينية والبناء المخطط له الآن في قرية لفتا، كل ذلك هو استمرار مباشر للنضال الذي لا ينتهي لضمان اغلبية يهودية على اكبر قدر من الاراضي، حتى في الايام التي تم فيها حسم ميزان القوة. وفي الوقت الذي حاولت فيه حكومة نتنياهو الاقناع بأن القضية الفلسطينية تحولت الى قضية “غير هامة” وأن النكبة هي أمر تافه فان مشروع حياة يوسف فايتس لتهويد الفضاء ما زال حي ونابض في كل جانب من جوانب حياة اليهود والعرب بين البحر والنهر.

فايتس، الذي صورته تتبدى من مذكراته الطويلة وتبرز بشكل يثير القشعريرة، عرف كل شيء عندما كان يعمل في “تدمير” القرى المهجورة واخفاء الدلائل على وجودها بواسطة تغطية الانقاض بأشجار غابات الكيرن كييمت الرعوية. وقد عرف أنه لا توجد أي كمية من الاشتال التي ستخفي الألم وتداعياته، قام انتقاد بن غوريون بسبب عدم انشغاله بمشكلة اللاجئين وطلب دفع تعويضات لهم. “تملص حكومتنا من القول بشكل صريح رأيها في مسألة اللاجئين لم يكن أمر يستحق الثناء”، كتب واضاف “إن وهم الاحتلال مريح، جاء ثمل الانتصار وغطى على التفكير بعيد المدى. وجدنا أننا كسبنا بشكل مزدوج: اصبحت لنا ارض ولم ندفع الاموال. يجب دفع الاموال للاجئين العرب مقابل اراضيهم”.

هذا الاقتراح كان يعتبر بالطبع مثابة “يسرقون ويبكون”، وتعويض مالي لا يخفف المظالم بحد ذاته، لكنه بالتأكيد جزء من عملية اعتراف وعدالة في اماكن كثيرة في ارجاء العالم. مثلا، في الحركة التي تطالب بالاعتراف ودفع تعويض رمزي لاحفاد ضحايا العبودية في امريكا. ايضا في اسرائيل حان الوقت لكي نتعلم من أبو الترانسفير كيفية النظر مباشرة الى الحقيقة غير المريحة والبدء في مناقشة مسألة الاعتراف بالنكبة وتعويض المتضررين منها.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى