ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  مينوئيل تريختنبرغ وتومر بدلون  – التكلفة الاقتصادية لعملية “حارس الاسوار”

هآرتس – بقلم  مينوئيل تريختنبرغ وتومر بدلون  – 10/6/2021

” مثلما في جولات قتال سابقة مع حماس، ايضا عملية “حارس الاسوار” رافقها ثلاثة انواع من التكلفة الاقتصادية: العسكرية المباشرة، الاضرار بالنشاطات الاقتصادية والاضرار بالممتلكات كنتيجة لاطلاق الصواريخ من قطاع غزة “.

عملية “حارس الاسوار” حدثت في الوقت الذي كان فيه الاقتصاد الاسرائيلي في ذروة عملية نهوض من ازمة الكورونا التي أدت الى تقليص الانتاج وزيادة كبيرة في العجز وقفزة في الدين العام. من جهة، التجربة المتراكمة في فترة ازمة الكورونا ساهمت في استمرار النشاط الاقتصادي حتى في زمن الاطلاق الكثيف للصواريخ على الجبهة الداخلية الاسرائيلية. من جهة اخرى العملية العسكرية أدت الى تقليص النشاط الاقتصادي، بما يشبه ما حدث في الاغلاقات في فترة الكورونا، وتركت تساؤلات كثيرة فيما يتعلق بالتكلفة الواسعة للعملية العسكرية وتداعياتها الاقتصادية ايضا بعد انتهاء العملية.

التكلفة الاقتصادية للعملية تتكون من ثلاثة عناصر اساسية: التكلفة العسكرية المباشرة للحرب، المس بالنشاط الاقتصادي والاضرار بالجبهة الداخلية. العنصر الاول يتم التعبير عنه بأثمان الذخيرة التي استخدمها الجيش الاسرائيلي (منها صواريخ الاعتراض، القذائف الدقيقة وقذائف المدفعية)، تكلفة استخدام المنصات المختلفة (الطائرات القتالية والدبابات، وتكلفة تجنيد القوات النظامية والاحتياط. تكلفة الاقتصاد تشمل فقدان ايام عمل، اغلاق أو عمل جزئي لمصانع ومحلات تجارية، وانخفاض في الطلب. في نهاية المطاف، الضرر الذي اصاب الممتلكات، بالاساس مباني وسيارات، بسبب اطلاق الصواريخ على المدن في اسرائيل، الذي يعطي المصابين الحق في الحصول على التعويضات من الدولة. ويجب في هذه المرة اضافة الضرر الذي اصاب ايضا الممتلكات الشخصية والعامة نتيجة اعمال الشغب في المدن المختلطة.

من اجل توضيح ذلك يشار الى أنه حسب الاقتصادي الرئيسي في وزارة المالية فان عملية “الجرف الصامد” بلغت تكلفة القتال فيها 7 مليارات شيكل، في حين أن تكلفة الاقتصاد والتعويضات بسبب المس بالجبهة الداخلية اضافت 1.7 مليار شيكل. الاجمالي هو 8.7 مليار شيكل. من السابق لاوانه تقدير الاحصاء الدقيق لتكلفة عملية “حارس الاسوار” لان حساب كل واحد من العناصر يستغرق وقت، وعدد منها يمكن أن يتضح بعد اسابيع أو حتى اشهر. ولكن جولات قتال سابقة مع حماس وتنظيمات اخرى في غزة يمكن أن توفر لنا قاعدة جيدة لاجراء تقدير مبدئي مع التأكيد على الفروق البارزة بين هذه العملية وسابقاتها.

الفرق الاول هو في طول فترة العملية وقوتها. “الجرف الصامد” استمرت 50 يوم تقريبا، في المقابل “حارس الاسوار” انتهت بعد 11 يوم فقط. حيث نجح الجيش في هذه الفترة في أن يلقي على اهداف في قطاع غزة كمية مشابهة من القنابل. من هنا، عمليات القصف كانت كثيفة بخمسة اضعاف مقارنة بعملية الجرف الصامد. حماس من ناحيتها، والجهاد الاسلامي ايضا، اطلقت على اسرائيل نحو 4360 صاروخ وقذيفة هاون (ألف منها لم تجتز حدود القطاع)، مثل عدد الاطلاق في عملية الجرف الصامد.

الفرق الثاني يتعلق بتوسيع مدى المناطق التي اعلن فيها عن “وضع خاص” في الجبهة الداخلية، على بعد مسافة 80 كم عن قطاع غزة مقابل 40 كم في عملية الجرف الصامد. المعنى هو مس اكبر بكثير بنشاطات الاقتصاد، خاصة لأن توسيع المدى شمل ايضا منطقة الوسط التي فيها يتركز جزء كبير من النشاط الاقتصادي في اسرائيل. من ناحية اخرى، الفترة القصيرة نسبيا للعملية عوضت بدرجة كبيرة عن ذلك.

الفرق الثالث، ومن شبه المؤكد أنه الاكثر اهمية، هو أن اعمال الشغب التي جرت في المدن اليهودية – العربية المختلطة في اسرائيل، لا سيما في الايام الاولى للعملية، والتي تسببت بأضرار كبيرة للممتلكات والارواح ايضا. حجم نطاق الضرر الاقتصادي الذي وقع نتيجة الاحداث العنيفة سيتضح فقط فيما بعد. وضمن امور اخرى، يطرح تساؤل حول استعداد التجمعات اليهودية والعربية للعودة الى العمل والتجارة فيما بينها، أو أن هناك مخاوف وشكوك متبادلة ستضر طوال الوقت بنسيج الحياة المشتركة الهش.

احتساب عناصر التكلفة كما هو معروف حتى الآن

1- التكلفة الاقتصادية المباشرة: احدى الصعوبات في تقدير هذه التكلفة هو الاختلاف في المواقف التي تظهر في هذا السياق في كل مرة بين وزارة الدفاع ووزارة المالية، لاسباب معروفة. هكذا، فان تقدير وزارة الدفاع لتكلفة عملية الجرف الصامد هو 9 مليارات شيكل، في حين أن المالية طرحت احتساب بلغ 6.5 مليار شيكل. في النهاية المبلغ الذي تقرر هو حوالي 7 مليارات شيكل. ورغم ذلك، يمكن تقدير تكلفة القتال حسب التكلفة الاساسية، بما في ذلك تكلفة يوم قتال جوي في عملية “الجرف الصامد” (80 – 120 مليون شيكل)، وتكلفة صاروخ الاعتراض تمير للقبة الحديدية (50 ألف دولار لكل صاروخ). ولأنه في عملية “حارس الاسوار” كان الامر كثيف اكثر فمن الارجح أن تكلفة يوم القصف الجوي اكبر بضعفين من تكلفة يوم القصف الجوي في عملية الجرف الصامد. مع ذلك، طول عملية “حارس الاسوار” وتركيزها على القصف الجوي يتوقع أن تخفض التكلفة العسكرية المباشرة 4 – 5 مليارات شيكل. 

2- الاضرار بالممتلكات نتيجة اطلاق الصواريخ على اسرائيل: في الجرف الصامد عدد الدعاوى عن اضرار مباشرة بلغ 4600 دعوى وحجم التعويض بسبب هذه الدعاوى بلغ 200 مليون شيكل. أي 44 ألف شيكل في المتوسط لكل دعوى. وحسب بيان سلطة الضرائب فانه عند انتهاء عملية “حارس الاسوار” تم تقديم 5245 دعوى لصندوق التعويضات بسبب اضرار مباشرة. ومن شبه المؤكد أن الاضرار في هذه المرة ستكون أشد بسبب قدرة الاضرار الاعلى للاطلاق من القطاع، لذلك من الارجح أن متوسط الدعاوى سيكون اعلى. كتقدير مبدئي لنفترض انه سيكون 60 ألف شيكل، فان تقدير حجم التعويضات سيصل الى 315 مليون شيكل. 

3- المس بالنشاط الاقتصادي: حسب حساب مبدئي لقسم الاقتصاد في اتحاد الصناعيين فان التكلفة الاقتصادية بسبب المس بالنشاط الاقتصادي اثناء العملية بلغ 1.2 مليار شيكل. التقدير يرتكز بالاساس على فقدان ايام عمل لثلث العاملين في منطقة الجنوب، في حين أنه يقدر بأنه اثناء القتال تم تقليص ايام العمل في منطقة الوسط 10 في المئة فقط. أي أن البعد عن القطاع تبين أنه حاسم بهذا المعنى. من هنا فان عنصر التكلفة منخفض في هذه المرة 20 في المئة مقارنة بعملية الجرف الصامد (1.5 مليار شيكل). سؤال آخر يتعلق بالانخفاض في الطلب في زمن العملية، والمس بالنشاط الاقتصادي نتيجة ذلك. التجربة من عمليات سابقة تظهر أن العائلات يزيد طلبها بعد الجولات العسكرية، وهكذا تعوض بدرجة كبيرة الخسارة الاولى. نحن لا نعرف في هذه المرحلة هل سيكون الامر مشابها ايضا في الاسابيع والاشهر القريبة عندما يضاف في هذه المرة انزلاق المواجهة الى الساحة الداخلية. 

إن مواجهة عالية القوة اضافة الى اشتعال الساحة الداخلية توجد فيها امكانية كامنة لزيادة التكلفة. ولكن لا شك أن الفترة الزمنية القصيرة نسبيا لعملية حارس الاسوار ساهمت جدا في تقليص التكلفة الاقتصادية مقارنة بالتكلفة في الجرف الصامد. لذلك، يجب اضافة العوامل الخاصة التي ساعدت الاقتصاد على الانتقال من الحياة الروتينية الى حالة الطواريء والعودة مرة اخرى الى الحياة الروتينية بسهولة اكبر:

  • “العودة العامة” من سنة الكورونا – خلافا لجولات قتال سابقة، في عملية حارس الاسوار الاقتصاد كيف لنفسه بسرعة نماذج عمل تم اكتسابها في فترة ازمة الكورونا، لا سيما العمل من المنازل. لهذا فان قطاعات كثيرة لم تتضرر تقريبا. وبشكل خاص كان الاضرار بقطاع الهايتيك ضئيل نسبيا. وهو القطاع المسؤول عن 52 في المئة من التصدير الاسرائيلي. في تقليص التكلفة ساهمت ايضا قدرة جهاز التعليم على التكيف بسرعة كبيرة مع التعليم عن بعد استنادا الى التجربة التي راكمها في ازمة الكورونا. هكذا تم منع الشلل الكامل الذي كان سيزيد من تكلفة العملية نتيجة الاضرار الكبير بايام عمل الآباء.
  • تجنيد مقلص للاحتياط – التكلفة اليومية لجندي الاحتياط اكثر من 500 شيكل بقليل. في عملية حارس الاسوار تجنيد الاحتياط كان محدود جدا (اقل من 10 آلاف جندي في الاحتياط). والعملية كانت قصيرة نسبيا، لذلك كانت التكلفة منخفضة جدا، اقل بكثير مما كان في الجرف الصامد التي فيها تم تجنيد 40 الف جندي احتياط لفترة زمنية طويلة. 
  • شلل الاقتصاد فقط في نصف ايام القتال – في اليومين الاوليين للقتال القيود على الاقتصاد لم تكن كبيرة، وفي مدى 80 كم من القطاع لم يسجل غياب كثير عن اماكن العمل. ايضا في عدد من ايام العملية – عيد الاسابيع الذي استمر اربعة ايام – كان يمكن لنشاط الاقتصاد أن يكون محدود أصلا.
  • التكيف وحماية المصانع – استنادا الى التجربة التي تراكمت في جولات قتال سابقة فان معظم المصانع التي تعمل قرب قطاع غزة لم تشل، بل هي محمية وتعمل حسب انماط تمكن من مواصلة العمل رغم اطلاق الصواريخ على المنطقة.
  • السياحة – أولا، السياسة تشكل نسبة صغيرة جدا من الانتاج (2 في المئة فقط). ثانيا، نتيجة لازمة الكورونا لا يصل الى اسرائيل الكثير من السياح، وبالتالي فان الضرر الذي لحق بهذه الصناعة في اعقاب عملية حارس الاسوار هو ضرر طفيف، حتى أنه غير موجود على المدى القصير. ومن اجل المقارنة، في تقرير بنك اسرائيل لسنة 2014 التي كانت فيها الجرف الصامد، كتب أن الخسارة التي تعرض لها فرع السياحة نتيجة للعملية هو 2 مليار شيكل. 

اضافة الى ذلك، الاقتصاد الاسرائيلي يمكن أن يجد التشجيع من قوة سوق المال الاسرائيلية: في السنوات الاخيرة سجل منحى بارز يظهر أن سوق المال المحلي يتأثر بدرجة أقل بالاحداث في ساحة النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين، وبدرجة أكثر بالاحداث العالمية. في حارس الاسوار ظهر مرة اخرى كيف أن الاضرار بالاقتصاد اثناء المواجهة لم يؤثر على سوق المال المحلي، وحتى المؤشرات الرئيسية ارتفعت قليلا مقابل مستواها عشية العملية. مع ذلك يجب الاشارة الى أن استمرار طويل للعملية كان يمكن أن يضر سوق رأس المال ايضا. 

ما تمت الاشارة اليه في السابق يتناول التكلفة التي تم الكشف عنها في الوقت الحالي، لكن يجب الافتراض أن حارس الاسوار ستجر تكاليف اخرى في المستقبل. مثلا، مسألة زيادة حماية الجبهة الداخلية التي عادت لتحتل جدول الاعمال، سواء بسبب حقيقة أن عدد كبير من  المدن التي توجد في مدى النيران، لا سيما عسقلان، غير محصنة. ولأنه ربما أن الحماية القائمة غير فعالة بما فيه الكفاية. تقدير مبدئي لتكلفة حماية كاملة لعسقلان هي 1.4 مليار شيكل. ويبدو أن بلدات اخرى في المحيط سيضطرون الى تضمينها في رزمة الحماية في الميزانية. مسألة اخرى هي المس بصورة اسرائيل في العالم: شبكات وسائل الاعلام الاجنبية والشبكات الاجتماعية نشرت صور منحازة بشكل كبير للقتال، مع القاء اتهامات ثقيلة على اسرائيل. في هذه المرحلة لا توجد امكانية لتقدير الاضرار الاقتصادية نتيجة تشويه صورة اسرائيل، سواء من ناحية السياحة أو من ناحية الاستثمار والاسواق. ولكن يمكن الافتراض أنه سيكون لذلك ثمن. وبالتالي يجب الاستعداد ايضا في هذه الجبهة. مرة تلو اخرى فشلت في نقل صورة اكثر توازنا، سواء للاسباب العميقة لجولات القتال أو ما يحدث فعليا فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى