ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم ميخائيل سفارد – يجب علينا أن نتعلم من اخطاء اوسلو

هآرتس – بقلم ميخائيل سفارد – 20/11/2020

الكاتب يعترف بأنه هو ايضا لم يقدر بصورة صحيحة المغزى السياسي الهام للعلاقة التي يشعر بها الشعبين بالبلاد جميعها. لهذا يجب أن يشمل أي حل هذا الجانب. وهذا ما يحققه حل “بلاد للجميع”، الذي يتضمن دولتين مستقلتين وفي نفس الوقت حدود مفتوحة وحرية اقامة للجميع “.

في الاسبوع الماضي نشرت محكمة اتحاد اسرائيل – فلسطين قرار حكم حول المسألة التي تشغل المواطنين في اسرائيل الذين يعيشون في فلسطين منذ فترة طويلة. هذه المحكمة، التي يقع مقرها في القدس، الغت قرار حكم المحكمة الفلسطينية العليا وقررت بأن الاسرائيليين من سكان فلسطين يحق لهم نفس الامتيازات الضريبية الممنوحة لمواطني فلسطين، واعلنت عن الغاء البند ذي الصلة بقانون ضريبة الدخل الفلسطيني بذريعة أنه يخرق حلم البلاد الواحدة.

هذا بالطبع لم يحدث في الاسبوع الماضي، وما حدث هو أن فوز جو بايدن على دونالد ترامب في الانتخابات الامريكية حرك خلايا دماغ كانت في سبات عميق خلال اربع سنوات، وفجأة بدأت مصطلحات مثل “مفاوضات” و”عملية سياسية” و”حل الدولتين” في شق طريق عودتها الى الخطاب العام. ومن المبكر التقدير هل سنشهد استئناف “العملية السلمية” القديمة والدؤوبة، وبالاساس هل تم استخلاص الدروس من الاخفاقات السابقة. ولكن من المهم القول لكل من يدفعون لاستئنافها بأنه ممنوع العودة الى العوامل التي رسمت اتفاقات اوسلو بدون استخلاص العبر من اخفاقاتهم حتى الآن واجراء التعديلات الحادة الضرورية.

الفلسفة السياسية التي توجد في اساس اتفاقات اوسلو تقوم على فرضيتين. الاولى هي أن الشعبين الموجودين في هذه البلاد يريدان تطبيق حقهما في تقرير المصير بصورة سياسية، وأنهما لن يتنازلا عن هذا التطلع في المستقبل المنظور. لذلك فان مسار اوسلو يقود (رغم عدم قول ذلك بصورة صريحة ولم يتم فعل ذلك بصورة فعلية) الى دولتين مستقلتين. والفرضية الثانية هي أنه بعد اكثر من مئة سنة على النزاع بين شعبين يكرهان بعضهما البعض فان الاستقرار يحتاج الى الفصل الكامل بينهما، بما يشبه الطلاق بين زوجين لا يوجد لهما اولاد وليسا بحاجة الى ترتيبات لرؤيتهم. لهذا فان حلم اوسلو هو بدرجة كبيرة حلم حزين يمكن تشبيهه بصورة اسرائيليين وفلسطينيين يقفون وظهرهم الواحد للآخر. هؤلاء ينظرون نحو الغرب واولئك ينظرون نحو الشرق وبينهما يفصل جدار عال يضمن أن كل واحد منهما سيتبخر من حياة الآخر. ليس بالضبط رؤية يوم القيامة، بل هو اشبه باتفاق هدنة.

مسار اوسلو لم ينجح في اطفاء نار النزاع لاسباب كثيرة. فللطرفين توجد اسهامات كبيرة في الفشل رغم أن اساس المسؤولية يقع على اسرائيل التي هي الطرف الأقوى والمحتل. ومنذ أن وقعت على الاتفاقات زادت سرقة الاراضي، وزادت بأكثر من ثلاثة اضعاف عدد المستوطنين. ولكن هذا ليس كل شيء. ففحص دقيق وشجاع لمباديء اوسلو يستوجب الاعتراف بأنه كان فيه عيب منذ الولادة. ففي حين أن الاتفاقات رسمت طريق كان يمكن أن تجيب على حاجة الطرفين الى تحقيق سياسي لطموحاتهما، وبهذا استبقا معالجة احدى غرف قلب النزاع. وقد قاموا بشل الغرفة الثانية من خلال الارتكاز على فكرة الفصل وتقسيم البلاد بازميل، التي الكثيرين من الشعبين يرونها وحدة واحدة. قبل كل شيء لأن تقديس الفصل هو استمرار للتعامل مع الطرف الآخر كعدو خطير يثير الاشمئزاز ويجب الابتعاد عنه وابعاده. وأوهام “نحن هنا وهم هناك” تعكس الكراهية وليس المصالحة، وتنمي عدم الثقة والخوف التي هي نبوءة تجسد نفسها، يا الله، كم جسدت نفسها في السنوات التي انقضت.

علاوة على ذلك، مثلما يوجد هناك اسرائيليون غير مستعدين للتفكير بأنه سيضطرون الى القيام بزيارة في الحرم الابراهيمي كسياح، وفي شيلا وبيت ايل، هكذا بالنسبة للفلسطينيين فان يافا وحيفا لا تقل فلسطينية عن رام الله وجنين. العلاقات الثقافية، التاريخية والدينية للشعبين هي في كل البلاد وليس في جزء منها. هذا الفهم الهام لا يبدو لمهندسي اوسلو باعتباره عائق، وأنا اعترف بأنني، بصفتي شخص علماني ولا توجد لدي أي صعوبة في ترك مواقع التوراة خلف الجدار الحدودي، لم أقدر بصورة صحيحة المعنى السياسي المهم للعلاقة التي يشعر بها الكثيرين في الطرفين بالبلاد كلها. هذه الصعوبة الى جانب الاستيطان والقمع الوحشي والنهب المنهجي من جانبنا وموجات العنف والعمليات من جانبهم، قوضت بصورة متواصلة فضاء المصالحة وشرعيتها، الى درجة أن الشعبين فيهما اجزاء واسعة تنصلت من هذه الطريق التي رسمت في اوسلو، أوسع من أن تسمح بالقيام بمصالحة تاريخية (“مؤلمة”).

بسبب ذلك، في الوقت الذي فيه المبدأ الاول لنموذج الدولتين يرتكز على فرضية صحيحة – أن الشعبين يريدان استقلال وطني على صورة دولة ذات سيادة (ليغفر لي من يؤيدون الدولة الواحدة): الجمهور في فضائنا لم يظهر أي دلائل على الانتقال الى عهد ما بعد القومية في القريب) – فان تبني المبدأ الثاني، فصل وتقسيم شامل للبلاد، عكس الفشل في فهم مغزاه من ناحية ابقاء العداء بين الطرفين ورفع الثمن المطلوب دفعه من قبلهما في اتفاق الحل الدائم. بناء على ذلك فان أي استئناف للعملية السياسية يحتاج من جهة الى الحفاظ على فكرة الدولتين، ومن الجهة الاخرى يحتاج الى التنازل عن فكرة الفصل. هذا يبدو متناقض؟ ليس بالضرورة.

إن مبادرة اسرائيلية – فلسطينية باسم “بلاد للجميع”، التي تعمل منذ بضع سنوات في اسرائيل وفي الضفة الغربية، تستهدف تربيع الدائرة. وقد أسسها الصحافي ميرون ربابورت والمحلل السياسي والناشط في فتح عوني المشني، وقد كنت مشاركا معهم ومع آخرين في صياغة مبادئها. المبادرة تعترف بالحاجة الى دولتين، ولكن ايضا بحقيقة أن مساحتها هي وحدة تاريخية، دينية وثقافية واحدة.

بناء على ذلك فان المبادرة تقترح كونفيدرالية بين دولتين مستقلتين في حدود مفتوحة، فيها مواطنو الدولتين هم في نفس الوقت سكان البلاد جميعها. اسرائيليون، من بينهم مستوطنون، يعيشون الآن في الضفة الغربية يمكنهم أن يكونوا سكان في فلسطين. والمواطنون الفلسطينيون، من بينهم ايضا لاجئون سيصبحون مواطنين في فلسطين، يمكنهم أن يختاروا أن يصبحوا من سكان اسرائيل، بما يشبه الوضع في الاتحاد الاوروبي. ليس فورا وليس الجميع – كل ذلك طبقا لقدرة استيعاب الدولتين، تحت مبدأ أنه لا يمكن اصلاح الظلم بظلم، والسعي الى التمكين بحرية الاقامة الكاملة في جميع ارجاء الفضاء.

هذا النموذج الذي يحافظ على العلاقة بين كلا الشعبين والبلاد جميعها، يرعى من جديد فضاء المصالحة ويخفف الصعوبة المرتبطة بترسيم حدود سيادية – مثلا على الخط الاخضر. وبدلا من تقسيم البلاد بين شعبين فان “بلاد للجميع” تقترح على الشعبين المشاركة فيها. وفي فرضية مناقضة تماما لفكرة الفصل فان نموذج الكونفيدرالية يقترح أن يكون للدولتين مؤسسات مشتركة في مجالات مختلفة، منها محكمة عليا لحقوق الانسان، التي ستضمن بأن حقوق سكان الدولتين الذين ليسوا من المواطنين فيهما، تكون محفوظة.

أنا افترض أن الكثير من القراء يتساءلون في هذه المرحلة عن المادة التي قمت بتدخينها. أنا أتفهم التشكك، لكني ايضا واثق من أنه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية فان من تجرأ على أن يقترح أن تكون هناك بين المانيا وفرنسا حدود مفتوحة وعملة واحدة وحرية اقامة للجميع، كان يجب عليه أن يذهب الى علاج نفسي. الاوروبيون اسالوا في النزاعات بينهم اضعاف الدماء التي اسالها الاسرائيليون والفلسطينيون، وفي نهاية المطاف فهموا أن الفصل ليس هو الحل، بل الاتحاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى