ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  موشيه جلعاد– الصراع على طواحين الريح في هضبة الجولان هو صراع على الهوية، السياحة والكثير من المال

هآرتس – بقلم  موشيه جلعاد – 15/3/2021

” في هضبة الجولان يجري صراع حول البيئة والسياحة والمال. السكان قلقون من المس بالفضاء المفتوح وتحويله الى منطقة صناعية، وآخرون يعتقدون بأن مزارع طواحين الريح ستجذب السياح، ويقولون إن المخاوف الصحية لا أساس لها “.

       اسم “وادي البكاء” يحصل على معنى جديد. امام موقع المعارك القاسية في شمال هضبة الجولان يقومون الآن ببناء 40 طاحونة ريح لانتاج الكهرباء، ارتفاع كل واحدة 136 متر، مثل ارتفاع برج السلام في تل ابيب. المشهد في هضبة الجولان في هذا الموسم رائع. فضاء اخضر، ازهار جميلة وجو نقي. اعمدة مع مراوح لا يظهر أنها تعود لهذا المكان.

       إن التخبط امام وادي البكاء كبير وواضح. يوجد هنا شرك. ظاهريا يجب أن نفرح. اخيرا يفعلون شيء ما من اجل الطاقة البديلة، النقية والرخيصة. طواحين الريح هذه في نهاية الامر ستنتج كهرباء عن طريق قوة الرياح بدون احراق الوقود. أي سعادة هذه. يتبين أن الصورة معقدة اكثر، وفي هضبة الجولان تجري في هذه الايام معارك هادئة، معظمها تحت السطح، تتعلق بالبيئة والسياحة وعلاقات الجوار والطيور الاستوائية والحرب الاهلية والكثير من المال.

       صورة الوضع الحالية هي كما يلي: اقامة اربع مزارع طواحين ريح تمت المصادقة على اقامتها في السابق في شمال الجولان. مزرعة “ايرين” على سفوح جبل الشيخ وقرب القرى الدرزية، ستشمل 26 طاحونة ارتفاع كل واحد منها 200 متر (اعلى من ابراج عزرائيلي)؛ مزرعة “رياح بروشيت” قرب موشافيونتان وتلة فارس ستشمل 42 طاحونة ارتفاع كل واحدة منها 175 متر؛ في مزرعة “الروم” ستقام 6 طواحين بارتفاع 130 متر؛ وفي مزرعة “وادي البكاء” الموجودة مقابلها توجد طواحين قيد الانشاء. الى جانب هذه هناك ايضا سلسلة من مزارع اخرى توجد في مراحل التخطيط والمصادقة، منها مزرعة “تل عسنية” التي ستستبدل فيها الطواحين القائمة، (ارتفاعها 36 متر)، بطواحين جديدة بارتفاع 80 متر، مزرعة “ماروم جولان” التي فيها يخطط لانشاء 12 طاحونة بارتفاع 200 متر، مزرعة “ادوم الروم” التي ستشمل 9 طواحين بارتفاع 200 متر، مزرعة “تل محفي” مع اربع طواحين عالية وتوسيع “الرام” باضافة 20 طاحونة.

       “ذات يوم، من جاء الى وادي البكاء تحدث عن كهلاني”، قال جلعاد غليكمان، مرشد وأحد سكان معاليه غملا. “الآن نحن في معركة على الفضاء. يتحدثون فقط عن الطواحين ولا يرون غيرها. لا يمكن تجاهلها لأنها تستحوذ على 100 في المئة من الاهتمام”. غليكمان مثل كثيرين غيره من سكان هضبة الجولان قلق من أن تغير الهضبة هويتها. من فضاءات مفتوحة تحولت المنطقة الشمالية، حسب قولهم، الى “المنطقة الصناعية التي تنتج الكهرباء”.

       “هذه الاعمدة تغير هذا الجزء من البلاد الذي نعيش فيه”، قال غليكمان واضاف “كل الموضوع اشكالي لأن الطواحين اعتبرت في اللحظة الاولى أمر جيد، تكنولوجي، نقي وجميل، لكن هذا خطأ فادح. من يقومون بالانشاء يتجاهلون اهمية هضبة الجولان الحقيقية، يتجاهلون الطبيعة والمحيط، إنهم يقومون بمحونا. الكثيرون ما زالوا لا يعرفون المعنى ويتخيلون صورة اوروبية. ولكن الواقع مختلف. ما ستتم مشاهدته حولنا سيكون اعمدة كهرباء وكوابل وطرق وصول والقليل جدا من الزراعة. السياحة يمكن أن تختفي. إبنتي (3 سنوات) لن تعرف ماذا يعني النسر في هضبة الجولان”.

       الاهمية، حسب غليكمان، ليست فقط بالنسبة لسكان المنطقة. ملايين الاسرائيليون يتجولون في هضبة الجولان كل سنة، وهم بحاجة، حسب قوله، الى هذه الفضاءات المفتوحة. ويوجد لنا واجب اخلاقي للحفاظ عليها.

       في المؤتمر الذي عقد عبر “الزوم” عرض عوفرميغد، أحد سكان “الروم”، ونيكول بخر، أحد سكان “عين زيفان”، نشاطات جمعية “حراس الجولان” في موضوع الطواحين. هذه الجمعية انشئت قبل سنتين للدفاع عن الطبيعة في هضبة الجولان، وهي تركز بالاساس على موضوع الطواحين. اعضاء الجمعية قلقون جدا. بعد أن عرضوا المزارع التي تمت المصادقة عليها في السابق والمزارع التي يخطط لاقامتها، لخص ميغد وبخر قولهما بأنه بالاجمال يتم التخطيط لاقامة 150 – 200 طاحونة ريح، نصفها تقريبا بارتفاع 200 متر، واكثر من 100 من هذه الطواحين تمت المصادقة عليها حتى الآن. والطواحين الاخرى ما تزال في اجراءات المصادقة. واذا لم يتم وقف الاجراءات فسيكون لنا قطاع طويل من الطواحين من تلة فارس وحتى مجدل شمس، التي ستقطع المشهد على طول 30 كم في شمال هضبة الجولان.

       الاسهام في قطاع الكهرباء، حسب الحسابات التي اجراها “حراس الجولان”، ضئيل جدا، 1 – 2 في المئة من استهلاك الكهرباء في اسرائيل. المزرعة في وادي البكاء ستنتج 0.003 في المئة من الاستهلاك القطري للكهرباء. وبحساب الفائدة مقابل الثمن الذي ندفعه، الجواب واضح بالنسبة لهم مثل الشمس. اصحاب حق الامتياز لاقامة الطواحين يرسمون بالطبع صورة مختلفة، سنعرضها فيما بعد.

       لقد تحدث ميغد وبخر عن تأثير الطواحين على السكان. المشكلات التي تم ذكرها هي ضجة دورية مزعجة تسمع وكأننا نوجد في مطار، وضجة خفيفة يمكن أن تتسبب بمشكلات صحية حتى لو لم يتم سماعها، مثل اضطرابات اثناء النوم وارتعاش مزعج للشمس وتأثيرات نفسية شديدة. باستثناء المشكلات الصحية، تحدثوا في “حراس الجولان” عن ضرر كبير للسياحة والزراعة، بالاساس حول تغيير الهوية.

       بعد بضعة ايام على المؤتمر التقيت مع نيكول بخر في متسبيه رونين قرب عين زيفان. امام المشهد الجميل لغور القنيطرة الاخضر، بعد أن اشارت الى المواقع التي ستقام فيها طواحين ريح جديدة، تركزت المحادثة بالاساس في التوترات الاجتماعية التي وجدت في اعقاب هذا التطور. الخلافات الداخلية في المستوطنات مركبة. المسؤولون عن الاقتصاد في هذه المستوطنات والذين يهتمون بالربح يؤيدون اعطاء الاراضي للشركات التي تقيم الطواحين. مقابل استخدام الارض تحصل الهيئات الزراعية (المستوطنات في الجولان) على نسبة من الشراكة أو مئات آلاف الشواقل مقابل كل طاحونة. لا توجد ارقام دقيقة، لكن التقدير هو أن المبلغ ربما يصل الى 250 ألف شيكل في السنة عن كل طاحونة.

       “مناعة المجتمع” هي قيمة مهمة محظور علينا أن نفقدها، والعملية الحالية تضر بها بشكل كبير”، قالت بخر. “لقد وجد هنا توتر كبير بين السكان، الامر الذي يقود الى شرخ اجتماعي. في عدد من الاماكن حاولوا استخدام عمليات جسر، وهذا ايضا لم ينجح”. الوضع، تخشى بخر، سيزداد خطورة.

       “من المهم التأكيد على أننا لسنا من اتباع من لا يهتمون بحديقتهم الخلفية”، قالت بخر. “نحن لا نقترح نقل الطواحين الى مكان آخر، بل نقول بوضوح بأنه لا يوجد في دولة اسرائيل مكان لانتاج الكهرباء بواسطة الرياح. اقتراحنا هو أن لا تمسوا بالمناطق المفتوحة القليلة التي بقيت. ليس فقط في هضبة الجولان، بل ايضا في اماكن اخرى في اسرائيل. المناطق المفتوحة هي المورد الاغلى لدينا، يمكن انتاج الطاقة النقية والمستدامة بدون المس بالمناطق المفتوحة”.

الحب الخالد

       طليع ابراهيم، هو أحد سكان مسعدة والدرزي الوحيد الذي شارك في اللقاء الذي عقدته جمعية “حراس الجولان”. في مكالمة هاتفية قال إن 99 في المئة من السكان في قرية مسعدة وقرية بقعاتا ومجدل شمس (25 ألف نسمة) يعارضون الطواحين. ونسبة الـ 1 في المئة المتبقية هم الذين اعطوا اراضيهم الخاصة للشركات التي تنشيء الطواحين وحققوا الارباح. في عدد من الاماكن الجيران لا يتحدثون معهم. في البداية لم نعرف عما يدور الحديث. اشخاص جاءوا لوالدي وعرضوا عليه ضعف دخله الذي تنتجه الارض. قالوا له يوجد لك دونم ارض يدخل عليك 20 ألف شيكل في السنة، نحن سنعطيك الضعف. والدي فلاح ولا يعرف العبرية، وتقريبا هذا العرض اغراه. كان هناك من اقتنعوا، وعندما ارتفع وعي الناس الجميع ذعروا. البساتين هي ارث مقدس بالنسبة لنا. الدروز والارض هي قصة حب خالدة. كيف يفعلون شيئا كهذا؟.

       “ما الذي سنفعله عندما تقف طاحونة في منتصف الحقل وتدور صبح مساء فوق رأسنا؟ هذا يقتل الروح. من ناحية سياحية هذا يعني الموت لمنطقتنا. لن يأتي أي أحد الى بركة رام أو الى غابة اودم. ربما لليهود من السهل محاربة السلطات. نحن قمنا بتنظيم مظاهرة فأحضروا لنا الشرطة الخاصة التي رجالها اطلقوا علينا الرصاص المطاطي، هذا أمر يبعث على اليأس”.

        عندما اسأل عن الاهمية السياسية لهذا الامر، هو يستنكر السؤال. “10 في المئة هنا مع سوريا و10 في المئة مع اسرائيل و80 في المئة مع كسب الرزق والهدوء. كنت سأكون سعيدا لو أنه كان تعاون مع المعارضين للطواحين لدى اليهود. لو كان يقف معنا يهود في هذه المظاهرة لما كانوا اطلقوا النار علينا”.

        يسرائيلايشد، احد سكان العاد وخبير في السياحة في هضبة الجولان، هو مثال على التعاون المثمر. هو كمستشار للقرى الدرزية في موضوع الطواحين صاغ في 2018 رأي خبير كتب فيه: “تصنيف السياحة في هضبة الجولان في نهاية التسعينيات استخدم مشهد الطواحين على جبل بشنيت (عسانيا) كمنطقة جذب سياحي وبحق. التحديث التكنولوجي البارز والمرئي والمساهمة الخضراء ببساطة فعلت ذلك. موقع الطواحين تحول الى أحد الامور الجذابة المعروفة في الجولان. ليس هذا هو المخطط المطروح لتطوير مزارع الطواحين في القرى الدرزية في هضبة الجولان.

       “الخط الافقي لسلسلة الجبال سيتغير كليا. اهمية المشهد الطبيعي ستتضرر ولن تكون مثلما كانت. المنطقة المقترحة تستخدم كبؤرة سياحة زراعية، وهي بيئة لرحلات سياحية جذابة سيرا على الاقدام أو في السيارة. المشهد الطبيعي، البساتين وكل الفضاء الزراعي الدرزي هي فريدة في نوعها ولا بديل لها. كل ذلك لن يستمر عندما ستكون قربه آلات ضخمة ولها ضجيج، وستمنع أي تطوير للسياحة في المستقبل في مكان له امكانية كامنة كبيرة. اضافة الى ذلك، مشروع الطواحين سيستدعي اقامة بنية تحتية من الطرق الجديدة وتوسيع الطرق القائمة ووضع كوابل ستغير المشهد الطبيعي الريفي حتى على مستوى ارتفاع الارض”.

الاهمية العلمية

       الدكتورة حجيت اولنوفسكي، مستشارة لادارة الاخطار الصحية والبيئية، ومديرة مشاركة في اس.بيانترفيس، توافق على أن تأثير الطواحين على السياحة في هضبة الجولان سيكون تأثير مانع. المشكلة الرئيسية هي، حسب قولها، شق الطرق الجديدة. مساحة المزارع صغيرة حقا، لكن الضرر من شق الطرق واستخدام السيارات الآلية هو أمر لا يمكن اصلاحه. ففضاء كان ذات يوم طبيعة لم يمسها أي أحد، سيتم تدميره. اضافة الى ذلك اشارت الى نزاعات اجتماعية شديدة ترافق هذه الاجراءات. في قرى كثيرة يوجد امتداد يعيش فيه شباب وسكان جدد. الارباح من الطواحين يحصل عليها القدامى، ولكن المعاناة هي من نصيب سكان الامتدادات الذين يعيشون بشكل عام اقرب من الطواحين.

        “اكتشاف مهم هو أنه اذا ربحت اقتصاديا من الطواحين فأنت ستعاني من ضرر صحي أقل. اذا عارضت اقامة الطواحين، لا يهم بعدك عنها، فهناك احتمالية أن تعاني من الضغط والتوتر ووجع الرأس ومشاكل في النوم. باختصار، يمكن القول إن هذا يلائم انتاج الطاقة في دول كبيرة، لكنه غير قابل للتطبيق في اسرائيل. لا توجد هنا اماكن مثالية لطواحين الريح. قوة الرياح هنا محدودة وجدواها منخفضة. القرى هنا مكتظة جدا، والحديث لا يدور عن مزارع معزولة، بل عن قرى مكتظة. هذا يبرز بشكل خاص لدى الدروز. فهناك تعتمد السياحة على بساتين الكرز والتفاح التي تتم فلاحتها بالطرق التقليدية. الفلاحة يدوية والتواجد تحت الطواحين في الحقول سيكون أمر غير محتمل. هكذا يقتلون السياحة. اذا كانوا يريدون انتاج طاقة نقية فمن الافضل أن يفعلوا ذلك عن طريق الالواح الشمسية التي سعرها الآن أرخص بكثير”.

       احد الجوانب الاشكالية في طواحين الريح هو الخطر على الطيور. جمعية حماية الطبيعة قدمت التماسين للمحكمة العليا من اجل وقف اقامة محطات الكهرباء التي يتم تشغيلها بالرياح. دان الون، مدير مركز الطيور التابع لجمعية حماية الطبيعة قال إنه لا يوجد أي شك في أن الطواحين تتسبب بالضرر. ولكن الآن من الصعب قياس هذا الضرر. “في البداية عارضنا المشروع، لكننا عرفنا أنه لا توجد أي فرصة لذلك، وحاولنا القول لهم أين يمكن اقامة ذلك وأين يحظر ذلك. بالنسبة لي، ما تمت المصادقة عليه فقد صودق عليه، لكن من المهم منع اقامة أي طاحونة اخرى. بعد ذلك سنبكي على النتائج. الطاقة المتجددة يمكن أن تصلح ظلم الانسان بسبب استخدام الوقود، لكن في حالتنا هذه يحاولون الاصلاح، لكنهم يخربون أكثر”.

       رياح بمستوى عال

       شركة “إن لايت” هي التي اقامت مزرعة الطواحين في وادي البكاء. وفي تلة فارس (شركة اينرجيكس) يمكن أن تقيم المزرعة على اراضي القرى الدرزية. تسفريريوئيلي، من مؤسسي “إن لايت” ومدير التطوير التجاري فيها وميرون كار، نائب المدير العام للمشاريع، اوضحوا في محادثة “زوم” أن مزرعة وادي البكاء سيتم تشغيلها وستنتج الكهرباء في هذه السنة، بعد ثلاثة اشهر تقريبا. الى جانب ذلك بدأ العمل في مزرعة “روح بروشيت”.

       بالنسبة للمخاوف الصحية، قالوا في “إن لايت”، هناك الكثير من المعلومات التي تراكمت في العالم. آلاف الابحاث دحضت، حسب قولهم، كليا هذه المخاوف، خاصة أن المعايير في اسرائيل متشددة جدا. الافضلية الاكبر للطواحين في الجولان تكمن، حسب اقوال يوئيلي وكار، في أنها تندمج بشكل كامل مع طبيعة القرى التي تعمل في الزراعة والسياحة.

       في “إن لايت” على ثقة من أن التوتر الاجتماعي الذي ثار في قرى هضبة الجولان سيتبدد لأنه يوجد هنا، حسب قولهم، دافع اقتصادي جديد، سيقفز بالمنطقة الى عهد أفضل. المسؤولون عن الاقتصاد في هذه القرى كانوا أول من أيدوا هذه المشاريع، وهم يعرفون جيدا اهميتها بالنسبة لسكان المنطقة. في نهاية المطاف سينتجون في هضبة الجولان كهرباء نقية كليا لـ 300 ألف عائلة في اسرائيل، وكل ذلك طاقة متجددة. فكيف يمكن معارضة ذلك؟ تساءلوا في “إن لايت”. وفي “حراس الجولان” متأكدون من أنه يجب معارضة ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى