هآرتس – بقلم مردخاي كرمنتسار – ليست التغطية الاعلامية بل السيطرة
هآرتس – بقلم مردخاي كرمنتسار – 4/1/2021
“ النسخة المحدثة توضح العدد الكبير للطلبات التي تم تقديمها لموقع “واللاه”، والتي تمت الاستجابة لمعظمها. لائحة الاتهام تسعى الى وضع حد للسياسيين الذين يتاجرون بسلطة الحكومة من اجل تحويل وسائل الاعلام الى مادة في أيديهم يشكلونها كما يريدون “.
لائحة الاتهام المعدلة التي قدمتها أمس النيابة العامة ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم تكن مفاجئة لأنها اوضحت رواية الدولة في الملف 4000 (قضية بيزك – واللاه). وحسب هذه الرواية فان الطلبات التي تم نقلها لموقع “واللاه” عن طريق زوجة رئيس الحكومة وابنه نقلت بمعرفة رئيس الحكومة. لذلك، يجب أن نرى فيما نشر في اعقابها كخدمات منحت لرئيس الحكومة نفسه.
لائحة الاتهام تدل على أنه ليس كل ما يمكن طلبه من المحكمة ينفع طلبه. فعليا، قد تعود التفاصيل التي ظهرت في لائحة الاتهام للظهور كسهم مرتد للدفاع عن نتنياهو بعد أن نجحوا في اجبار النيابة العامة على تقديمها. لأن نتائج المحاكمة لا يتم تحديدها حسب عدد طلبات الدفاع التي تمت الاستجابة لها من قبل المحكمة مقارنة بعدد الطلبات التي تم رفضها. ما الذي كسبه بالضبط رئيس الحكومة من التفاصيل الكثيرة حول تأثيره على موقع “واللاه”، التي حصل عليها في اعقاب طلبه تعديل لائحة الاتهام. ما يظهر على الفور هو العدد الكبير للطلبات التي تتناول نشر اخبار في الموقع: 230 طلب (تمت الاستجابة لـ 197 طلب منها)، التي موضوع النشر، منع النشر، التقليل من شأن أو ابراز: مثلا، الكذبة التي تقول إن العرب يتدفقون بجموعهم الى صناديق الاقتراع في 2015.
الحديث لا يدور فقط عن منشورات تتعلق بنتنياهو وأبناء عائلته، بل ايضا بمنشورات تتعلق بأشخاص آخرين وأبناء عائلاتهم، على الاغلب منشورات سلبية مثل حالة نفتالي بينيت التي احتلت مكان محترم الى جانبشمعون بيرس ورؤوبين ريفلين ويئير لبيد ومني نفتالي وغيرهم.
قوة التدخل ومغزاه تم استيعابها جيدا في الموقع، كنوع من التدجين أدى الى أنهم في واللاه ليس أنهم استجابوا فقط للطلبات التي وصلت اليهم، بل ايضا اضافوا عليها هنا وهناك. في 85 حالة، حسب لائحة الاتهام، حابت واللاه في التغطية عائلة نتنياهو بمبادرة منها، طبقا للرياح القادمة من أعلى والتي تم استيعابها جيدا. عدد ومضمون المنشورات تدل على أن الحديث لا يدور عن العلاقات المتبادلة، الذي يجري بين السياسيين والمراسلين، التي فيها السياسي الذي يقدم معلومات للمراسل يتم رد الجميل له احيانا بمنشور مجاملة عنه. ايضا العلاقات المتبادلة التي جرت هنا لم تكن بين مراسلين وسياسيين، بل بين سياسي وصاحب الموقع الاعلامي؛ رجال اعمال لا توجد لهم أي علاقة بالصحف ورسالتها وقيمها. ايضا لم يتم الحصول على أي معلومات من السياسي.
احيانا الكمية تصنع النوعية، وهذه الكمية ايضا تحدد الجوهر. والجوهر ليس تغطية متعاطفة مع عائلة نتنياهو، بل هو تشويه لما حدث بين نتنياهو وصاحب السيطرة السابق على بيزك وموقع “واللاه”، شاؤول الوفيتش. الحديث يدور عن تحويل الموقع الى عزبة لعائلة نتنياهو، تقريبا عزبة خاصة، الامر الذي منحه الالوفيتشيين لعائلة نتنياهو هو درجة كبيرة من التأثير على ما يتم نشره في الموقع، تقريبا سيطرة. هذه خدمة لا تقدر بثمن. واذا لم تكن لها قيمة كهذه لما كان رئيس الحكومة سيكلف نفسه عناء تفعيل شبكة قوية من التأثير على الموقع. لا يجب أن تكون عبقري كي تفهم أن خدمة بهذا الحجم لا تعطى ولا يتم الحصول عليها فقط بسبب العيون الجميلة لشخص ما. هذا رسم يجب أن يرافقه عائد حقيقي مثلما تقول الدولة في لائحة الاتهام.
الصورة التي تظهر من القراءة الاولى لما تم نشره تدل على رؤية البلاط الملكي الذي تطور في عائلة نتنياهو، والتي تقول بأنه لا يوجد أي شيء يهم مواطني الدولة اكثر من أي شيء، مهما كان قليل الشأن، لأحد أبناء العائلة شريطة أن يكون ايجابي. نحن نذكر الدعوة المؤثرة لنتنياهو لوسائل الاعلام بأن تترك زوجته وأن تنشغل به فقط؛ هذه الدعوة كان فيها شيء يأسر القلب. امام هذه الدعوة نحن نجد نتنياهو وزوجته ينشغلان بصورة استحواذية في بناء الصورة العامة لزوجة رئيس الحكومة وعائلة نتنياهو، وهي تقوم بشتم أبناء عائلة سياسيين آخرين.
يظهر ايضا التوجه لرمي الوحل على سياسيين آخرين، أي أنه لا يوجد بينهم شخص منتخب من قبل الجمهور طاهر اليدين، جميعهم ملوثون. هذا توجه يحطم امكانية النضال من اجل طهارة معايير الحكم. لذلك، هو سلاح ناجع في أيدي من يريدون التعرف على طهارة المعايير. والاخطر من ذلك هو محاولة السيطرة على صورة الواقع التي تظهر في منشورات الموقع: استبدال واقع معقد في عالم كله عسل وليس فيه أي عيب من ناحية سلوك نتنياهو الحكومي، والتشويه غير المناسب للصورة المطلوبة ومنع الانتقاد عندما يكون هذا مطلوب. أي تحويل موقع اعلامي الى أداة للدعاية تغطي نفسها بقناع وسيلة اعلامية.
ازاء لائحة الاتهام المعدلة، مطلوب العودة الى ادعاء مؤيدي نتنياهو الذي يقول إن التحقيق معه واتهامه بسبب علاقته مع وسائل الاعلام تضر بحرية الصحف وتعرضه للخطر. العكس هو الصحيح، التحقيق والاتهام تأتي ايضا للدفاع عن حرية الصحافة وعن وسائل الاعلام كمؤسسة، حتى لا تكون ممسحة يتم الدوس عليها. هم يريدون رسم حدود للسياسيين الذين يتاجرون بسلطة الحكومة التي توجد في أيديهم (التي كان من المفروض أن تخدم فقط مصالح الجمهور)، من اجل تجنيد وسائل الاعلام لخدمتهم، وأن تكون مادة في أيديهم ولسان حالهم، بينما هي تحمل اسم وسائل اعلام عبثا.