ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم مردخاي كرمنتسار – الفصل بين القانون والاخلاق

هآرتس – بقلم مردخاي كرمنتسار   – 4/5/2020

المحكمة العليا ستضطر الى الحسم هل كل قرار سياسي هو محصن من تدخل قضائي – حتى بثمن المس الفوري والخطير بسلطة القانون واعطاء روح داعمة للفساد “.

من الخطير عرض تحليل اثناء النقاش في المحكمة بسبب الخوف من أن ملاحظات واسئلة القضاة التي ستكشف عن القليل يمكن أن تخفي الكثير. مع ذلك، يمكننا الاشارة الى بعض الانطباعات الاولية.

ليس كل ما يطرح في النقاش العام كحقيقة هو بالضرورة كذلك، حسب احد الادعاءات الذي حظي بصدى قوي بشكل خاص في وسائل الاعلام، في قانون الاساس: الحكومة وفي قانون الحكومة هناك اجابة صريحة وقاطعة لمسألة أهلية المرشح لتشكيل الحكومة المتهم بمخالفات جنائية. والاجابة هي أنه ليس لكونه متهم أي علاقة بهذا الامر. اذا كان هذا الادعاء حقيقي فان المستشار القانوني للحكومة لم يكن بحاجة الى عشرات الصفحات من اجل مواجهة هذه المسألة ولم يكن ليشير الى الصعوبات الكبيرة رغم أن استنتاجه النهائي كان أنه لا يوجد مانع قانوني لذلك. ايضا المحكمة العليا لا تستطيع أن ترفض الالتماسات من خلال تبني هذه الفرضية.

في المقابل، يبدو أن المحكمة يمكن أن تجد صعوبة في الانتقال المباشر من مجال القرارات الادارية، مثل القرارات بشأن درعي وبنحاسي (التي فيها تم الحديث عن صلاحية رئيس الحكومة في اقالة وزير حسب القانون)، الى مجال القرارات السياسية للكنيست أو اعضاء الكنيست مثل التوصية بمرشح لرئاسة الحكومة، موافقته على قبول المنصب واعطاء ثقة للحكومة. المحكمة ستضطر الى فحص الى أي درجة هذا التمييز مختلف، حيث أن صلاحية رئيس الحكومة في اقالة وزراء تنغرس عميقا في المجال السياسي. لذلك، رفضت المحكمة العليا التدخل في اقالة وزراء الهدف منها كان ضمان اغلبية لخطة الانفصال لشارون وذلك قبل مصادقة الحكومة عليها. يصعب أن يكون هناك قرار سياسي أكثر من هذا.

سيتعين على المحكمة أن تفحص الى أي درجة تصنيف القرار السياسي يحصنه من الانتقاد القضائي، حتى لو كان الحديث يدور حول قضية تشمل اسئلة قيمية – معيارية من الدرجة الاولى، تتعلق بطهارة المعايير والاخلاص للجمهور (مثل قضايا درعي وبنحاسي والآن قضية بنيامين نتنياهو). يجب علينا التساؤل اذا كان قطع حاد كهذا لا يخلق تشويش اخلاقي شديد، الذي بحسبه ما هو مطلوب من وزير لا يكون مطلوب من رئيس الحكومة، بالذات بسبب مكانته الرفيعة، اتهامات خطيرة ضده تمس بثقة الجمهور بأضعاف المرات. تشويه كهذا سيقوض القانون الذي يمس الوزراء، حتى لو اوضحت المحكمة العكس، حيث أن ما يقف على شيء مائل نهايته السقوط. والنظام القضائي الذي لا يشخص سخافة عندما تعترضه ويكون لديه عقل فظ، نهايته فقدان حيويته وقوة اقناعه.

مسألة اخرى تتعلق بمجال التقدير المعطى لرئيس الدولة. تباطؤ المستشار القانوني للحكومة وتأجيله للنهاية عن طريق المحكمة العليا قلص هذا المجال، حيث أنه من الواضح أنه كان اكبر في المراحل السابقة لاتخاذ التوصية من قبل معظم اعضاء الكنيست. ما الذي بقي من هذا التقدير بعد هذا التقليص.

النقاش يثير بشدة مسألة الى أي درجة تستطيع الشؤون القضائية ومسموح لها بالتغلغل تحت مسميات مثل ارادة الناخب كقيمة ديمقراطية عليا. في هذه الحالة، مورست على الناخب الاسرائيلي حملة كذب غير مسبوقة، فيها تم الادعاء بأن سلطات انفاذ القانون قامت بحياكة قضايا لرئيس الحكومة دون ذنب اقترفه من اجل اسقاطه، وانه يحق له ادعاء البراءة حتى في المجال العام. كثيرون تم تضليلهم وخداعهم. هذه الحملة نظمها شخص مشبوه ومتهم، الذي بفضل مكانته وافعاله استطاع تحقيق سيطرة حقيقية على عدد من وسائل الاعلام وتأثير بارز على وسائل الاعلام الاخرى. في دولة سليمة كان يجب عليه الاستقالة في مرحلة أكبر بكثير، مثلما طلب هو نفسه من اهود اولمرت، حينها لم يكن بوسعه أن يخدع جزء كبير من الجمهور. الخطأ الاول لاستمرار الولاية في هذه الظروف مكن ايضا من اعادة الانتخاب (بعد تبكير موعد الانتخابات بهدف استباق نشر لائحة الاتهام، عبثا). هذا لم يسبق أن حدث لدينا. ويبدو ايضا أن هذا أمر نادر في العالم. “ارادة الناخب” التي هي قاعدته، ما هو وزنها.

هناك مسألة اخرى – هل ستميل المحكمة العليا الى الاعتقاد أو ستتظاهر بأنها تعتقد أن مشكلة تضارب المصالح لدى رئيس الحكومة، الذي منصبه يشمل مسؤولية عن انفاذ القانون في الدولة، تجد رد حقيقي في الاتفاق الذي وقع عليه؟ حيث أنه ازاء تأثير نتنياهو على مجمل الاجهزة وعلى مجمل التعيينات، الرسمية وغير الرسمية، المباشرة وغير المباشرة، سواء بنفسه أو من قبل آخرين (الذين يريدون أن يعجبوه) –تقتضي رفضه. في هذه الظروف الفكرة بأن موافقته على تولي مهمة الموصى به لتشكيل الحكومة، هو أمر خاص غريب جدا.

بصورة عامة اكثر، يتعين علينا أن نسأل اذا كانت صورة وضع معقد وصعب والتي ملخصها يشكل خطر واضح وفوري للضرر الشديد بسلطة القانون واعطاء روح داعمة للفساد الحكومي، تنجح في التغلغل والتسرب بكامل شدتها عبر التقسيمات والتصنيفات والاطر الرسمية التي تميز التفكير القانوني. مطلوب بالفعل التمييز بين القانون والاخلاق. ولكن فصل خطي جدا من شأنه أن يطمس ويخفي الصورة بكاملها. هذه المسألة تظهر حتى بصورة أشد قبل مناقشة الاتفاق الائتلافي اليوم. وقد علمنا عمانوئيل كانت بأن السياسة يجب أن تلائم نفسها مع القانون وليس العكس. الاتفاق الائتلافي بين الليكود وازرق ابيض يعمل عكس ذلك تماما. فهو يتطرق الى المؤسسة التشريعية كمادة في أيدي المصنع. يمكنه أن يطيلها أو أن يقصر، بدون ذرة من الاحترام للمؤسسة القائمة. هو يصنع بدلة على مقاس نتنياهو  وبني غانتس. الاول يضمن له استمرار حكمه رغم أنه متهم (مشكوك فيه أن يظل هكذا)، والثاني رئاسة الحكومة، كما يبدو. هذا مع توزيع الحقائب الوزارية الذي لم نشاهد مثله. احتفال وهمي في اوقات الشدة، الذي ترافقه احاديث فارغة عن المساهمة في تحمل العبء لصالح الشعب والدولة.

الترتيبات المختلفة التي تظهر في الاتفاق لا يتم طرح أي تفسيرات موضوعية حولها، حيث ليس هناك خلفها أي هدف جديد. في المقابل، من الواضح أنه يكتنفها الغموض والترهل وخطر الشلل، حتى في حالة الطواري، هي تأتي الى العالم فقط كبديل عن الثقة غير الموجودة بين الطرفين. هل هذا هو مهمة الدستور؟ هل هكذا بسرعة كبيرة وبدون أي بحث مقارن وبدون التدقيق في الامور من جميع الجوانب، يغيرون من الاساس نظامنا الدستوري؟ المحكمة العليا سبق وقررت في الماضي (في قضية جرجفسكي) بأنه في اتفاق سياسي بين القوائم لا يمكن الغاء قانون احداهما مدانة به للاخرى، حيث أن الحديث يدور عن شراء سلطة بالمال.

هل تحصين اتفاق ائتلافي بواسطة سحق بنية النظام بقدم صلبة هو أمر أقل خطورة؟ كيف سيظهر درس في المدنيات عن قوانين الاساس اذا تمت المصادقة على هذا الاتفاق؟ اذا كان من يصفون انفسهم كحراس للديمقراطية يبدون هكذا فكيف سيبدو اعداءها؟.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى