ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم ماتي شتاينبرغ – الأسهل هو الصاق التهمة بعرفات

هآرتس – بقلم  ماتي شتاينبرغ – 1/11/2020

اذا كانت شخصية عرفات، كما يقول كرمون وبيغن، هي التي وضعت العقبات أمام التوصل الى تسوية سياسية، فلماذا لا يرون في عباس شريك؟ هذا يقودنا الى استنتاج أن المشكلة تكمن في نظرتهم السلبية لمجرد التسوية السياسية التي تقوم على حل الدولتين “.

البروفيسور شيرمان كانت، المؤرخ في جامعة ييل ومن اوائل الـ سي.آي.ايه، ميز بين نموذجين متباعدين من رجال الاستخبارات البحثيين. النموذج الاول هو “النادل” – الذي يركز على المعلومة الاستخبارية المنفردة ويسارع في الابلاغ عنها. الثاني هو “الخباز” – الذي يفحص بتأن الخبر مقارنة مع الاخبار الاخرى. نصيحة كانت هي البحث عن طريق وسط. يغئال كرمون وزئيف بيغن، في رسائل ردهما (“هآرتس”، 3/10 و5/10) على مقالة يوسي بن آري (“هآرتس”، 26/9)، يشبهان “نادلي استخبارات”، في حين أن بن آري يركز على مقولة أنه لم يجد “أي اشارة لتخطيط مسبق للعنف (في اندلاع الانتفاضة الثانية) بمبادرة عرفات أو بمبادرة آخرين في المعسكر الفلسطيني”، فان كرمون وبيغن انقضا على تصريحات مختارة لياسر عرفات من اجل اثبات أنه هو الذي بادر الى الانتفاضة.

أنا افترض أن كرمون وبيغن سيوافقان على أن عدد القتلى الاسرائيليين من نشاطات الارهاب الفلسطيني هو مؤشر مهم. في السنوات الاربعة التي سبقت اندلاع الانتفاضة الثانية حدث انخفاض واضح في عدد القتلى الاسرائيليين (حسب موقع الشباك). في حين أنه في العام 1996 قتل 71 اسرائيلي، وفي 1998 قتل 11 اسرائيلي وفي 1999 اربعة اسرائيليين، وفي العام 2000، حتى اندلاع الانتفاضة في 29 ايلول، قتل اسرائيلي واحد. هذا المنحى لم يأت من فراغ. منذ العام 1996 تبلور تعاون بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية ضد حماس، وهو الذي اثمر هذا الانخفاض في عدد العمليات وعدد القتلى. في حماس يرون تلك الفترة كفترة “ظلامية”.

رئيس الشباك في حينه عامي ايلول كتب أنه في تلك الفترة “تم عقد تحالف حقق نتائج جديرة بالاشارة في مواجهة الارهاب الفلسطيني”. اعضاء هذا التحالف كانت اجهزة الامن الفلسطينية والشباك الاسرائيلي واجهزة الامن والاستخبارات في مصر والاردن. في كتاب “نيران صديقة” الذي نشره ايلون مؤخرا، تحدث عن قضية تصفية كبار شخصيات المستوى التنفيذي لحماس في الضفة الغربية، الأخوين عوض الله. هذا الوصف يشبه يدلل على كم كان مجديا التنسيق العملياتي مع السلطة الفلسطينية قبل الانتفاضة.

بعد اندلاع الانتفاضة الثانية ساد في اسرائيل الادعاء ، الذي يشارك فيه كرمون وبيغن ايضا، بأن نظام التعليم الفلسطيني هو الذي يتحمل ذنب التصعيد في اوساط الجيل الشاب. فحصت عشرات الكتب الدراسية الفلسطينية في تلك الفترة وقارنتها مع كتب من مصر والاردن، التي كانت تدرس في السابق في الضفة وفي قطاع غزة. في الكتب الفلسطينية يظهر هناك جهد لضبط النفس. ويدل على ذلك معهد ممري نفسه، الذي رئيسه ومؤسسه كرمون، وبيغن نشيط فيه. تحقيق لممري من العام 2002 وجد أن الكتب الدراسية الجديدة “تعكس محاولة عامة لتقليل سم المعاداة لاسرائيل… لقد تم تقليص الدعوات المكشوفة للعنف بصورة اساسية”. لا يمكنني صياغة ذلك بصورة افضل، ومن المؤسف أن رؤساء ممري يتجاهلون نتائج بحثهم.

عن مقاربة عرفات يمكننا أن نعرف بأنه بعد اندلاع الانتفاضة حاول وقف العنف في ثلاث مناسبات. الاولى، وقف اطلاق النار الذي استمر بنجاح من 16 كانون الاول 2001 حتى 14 كانون الثاني 2002. عندها قطعته اسرائيل عندما قامت بتصفية رائد الكرمي. ليس هناك خلاف على أن الكرمي عمل في الارهاب، لكن في فترة وقف اطلاق النار كان يمتثل لأوامر عرفات. وهكذا، حدث انخفاض في العمليات بشكل عام وفي العمليات الانتحارية بشكل خاص. يكفي مقارنة شهر وقف اطلاق النار مع الفترة التي سبقته والفترة التي جاءت بعده.

لو أن وقف اطلاق النار استمر حتى تبني مبادرة السلام السعودية، التي تحولت الى المبادرة العربية في آذار 2002، ألم تكن لتظهر طريق سياسية للخروج من الانتفاضة الثانية؟ عرفات تبنى تماما ليس فقط المبادرة العربية، بل ايضا نسختها السابقة، المبادرة السعودية، التي لم تذكر قضية اللاجئين الفلسطينيين. تصفية الكرمي خلال وقف اطلاق النار أدت الى التصعيد الذي جر للمرة الاولى اعضاء فتح لتنفيذ عمليات انتحارية. هكذا تدهورنا نحو عملية “السور الواقي”، بالضبط في نفس اليوم الذي تبنى فيه مؤتمر القمة في بيروت مبادرة السلام العربية.
محاولة اخرى لعرفات، البحث عن طريق للخروج السياسي، كانت عندما وافق على خطة “خريطة الطريق” للرباعية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة) في نيسان 2003. اسرائيل برئاسة اريئيل شارون طرحت 14 ملاحظة، لم تكن سوى شروط مسبقة، ومن بينها المطالبة بالتخلي عن ذكر مبادرة السلام العربية، وحتى المبادرة السعودية الاصلية، ووضع شرط لازب يتمثل في الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل. بهذا اغلقت الدائرة على خريطة الطريق رغم استعداد عرفات للموافقة عليها كخطة مرحلية لتسوية سياسية.

بعد عرفات تبنى وريثه محمود عباس المبادرة العربية وخريطة الطريق بكاملها. اذا كانت شخصية عرفات الحازمة والملتوية، مثلما يقول كرمون وبيغن، هي التي منعت امكانية التوصل الى تسوية سياسية، فلماذا لا يرون في عباس شريك؟ لا يوجد امامنا سوى الاستنتاج من ذلك بأن المشكلة تكمن في نظرتهم السلبية للتسوية السياسية المتمثلة في التقسيم لدولتين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى