ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  غيدي فايس – الهوس هو الذي أسقطه

هآرتس – بقلم  غيدي فايس – 22/11/2019

مرت اربع سنوات تقريبا منذ وصلت الى الشرطة المعلومات الاولى عن أن ارباب المال ومن بينهم المخرج في هوليوود ارنون ملتشن يقدمون للزوجين نتنياهو الهدايا. وقد مرت ثلاث سنوات ونصف منذ أن تم ضبط التسجيلات المتفجرة في هاتف آري هارو  عن اللقاءات السرية بين بنيامين نتنياهو ناشر صحيفة “يديعوت احرونوت” نوني موزريس، التي ناقشا فيها تفاصيل صفقة الرشوة – صحيفة مقابل حكم. وقد مرت سنتين تقريبا منذ تم التحقيق مع سلطة الاوراق المالية الذي تناول صفقة مشكوك في أنها خداع من قبل شاؤول الوفيتش في “بيزك”. واظهرت اشارات واضحة بأن موقع الاخبار المشهور “واللاه” تم استخدامه كمنصة لتقديم منافع لرئيس الحكومة.

لوائح الاتهام ضد نتنياهو وموزيس والوفيتش ولدت اليوم بشكل متأخر بسبب حبل سري قاس ومؤلم. لقد كانت هناك لحظات، بالاساس في بداية الطريق، فيها القابلة افيحاي مندلبليت لم يكن متحمس جدا لاخراج الأجنة الى العالم وشكك في قدرتها على السير بقواها الذاتية. الانعطافة بدأت في بداية 2018 عندما تم اطلاع المستشار بالتدريج على أدلة في الملف 4000 الذي تم التحقيق فيه بشكل سري: الشهادات التي قدمها مدير عام “واللاه” ايلان يشوعا فيما يتعلق بالسيطرة العنيفة لعائلة نتنياهو على الموقع برعاية صاحب البيت؛ تبادل الرسائل الفاضحة بين اللاعبين الرئيسيين؛ محاولة التشويش على التحقيق في لقاء ليلي على نمط العالم السفلي في فيلا في شمال تل ابيب، واقوال جهات رفيعة في وزارة الاتصالات التي تحدثت عن المنافع التنظيمية من العيار الثقيل من نتنياهو الى الوفيتش. ملف 4000 هو الذي جعل المستشار يتخذ القرار النهائي: رئيس الحكومة مشتبه بتلقي الرشوة. ليس صدفة أنه تم منذ ذلك الحين تسريع علاج الملفات الألفية.

قضية واللاه – بيزك – نتنياهو – الوفيتش امتدت لاربع سنوات، لكن يبدو أن نقطة ارخميدس استمرت بالاجمال (ربع ساعة – 20 دقيقة)، كما قال الشاهد الملكي شلومو فلبر. لقد كان ذلك لقاء “الكراسي” في مكتب رئيس الحكومة في منتصف 2015، بعد فترة قصيرة من اتخاذ نتنياهو قرار تجنيد فلبر، رئيس حملته الانتخابية (“لقد جلبت له 30 مقعدا”، قال الشاهد بتواضع) وتعيينه في وظيفة مدير عام وزارة الاتصالات.

في العام 2017 تم التحقيق مع فلبر تحت التحذير في سلطة الاوراق المالية بعد أن اظهر بينات كثيرة لوجود اشتباه ثقيل بأنه استخدم وكيلا لبيزك في المكتب الذي اداره. فلبر قال إنه عمل من اجل الشركة الاحتكارية على مسؤوليته الخاصة، وسلطة الاوراق المالية أوصت بتقديمه للمحاكمة بتهمة التحايل وخرق الامانة. وقد مرت بضعة اشهر وتفجر فيها ملف 4000 واعتقل فلبر. وبعد يومين من التحقيق تحول الى شاهد ملكي.

المعلومة المهمة جدا التي قدمها فلبر لمحققي الشرطة هي وصف اللقاء الذي بدأ على طاولة عمل نتنياهو واستمر في جلسة مريحة على الأرائك في المكتب. رئيس الحكومة زوده في حينه بتعليمات للعمل: مساعدة الوفيتش في تطبيق صفقة بيزك – يس، التي كانت تساوي بالنسبة لرجل الاعمال مليار شيكل (“الوفيتش تحدث معي… وقال لي قم بعلاج هذا الامر وأنهيه”). وتخفيف الاصلاحات في سوق الجملة بحيث تتناسب مع مصالح بيزك. فلبر مثل امام المحققين حركة يد نتنياهو وهو يشير من اعلى الى اسفل.

في جلسة الاستماع امام مندلبليت اراد المحامون هز فرضية الرشوة بطرق غير قليلة من التبريرات. الجهد الاكبر ركزوه على محاولة تحطيم الشهادة المدينة لفلبر. لقد اعتبر حبة جوز يصعب كسرها اكثر من الشاهد الملكي الآخر، نير حيفتس، الذي شهد على نفسه بأن “الذاكرة ليست الجانب القوي لديه”. شهادة فلبر كانت محسوبة ومتواضعة ولم تنبعث منها رائحة الانتقام. منذ بدء التحقيق عرف مندلبليت بأن هذه الشهادة الأهم في الملف. ويبدو أن نتنياهو ايضا عرف ذلك. وليس صدفة أن رئيس الحكومة طلب أن يواجه ببث مباشر الشاهدين الملكيين؛ وليس صدفة أن ارسل رجاله سيارة مع مكبرات صوت الى اسفل بيت فلبر. تراجعه كان يمكن أن ينقذ نتنياهو من الاتهام بالرشوة. شهادته في المحكمة المركزية في القدس يتوقع أن تكون لحظة حاسمة في هذه القضية.

احيانا تكون مهمة المحاكمة الجنائية هي حماية الاغلبية من الاشخاص ذوي النفوذ والمال، الذين عقدوا حلف سري. من هذه الناحية، لوائح الاتهام في ملف 4000 وملف 2000 تلبي هذه الحاجة الاجتماعية الحاسمة. في العقدين الاخيرين حاول ناشرون وارباب مال جشعون استخدام وسائل اعلامهم والمراسلين الذين يعملون فيها مثل البيادق في خدمة مصالح اقتصادية. لقد قاموا بسحق حرية التعبير واستخفوا بمهنة الصحافة. وقد قاموا باعمال الرقابة على التحقيقات وأمروا الخاضعين لهم بالمس بسياسيين لم يخدموهم أو لم يخدموا حلفاءهم من اصحاب السلطة. لقد اعتقدوا بأنه اذا كانت لديهم الاموال فمسموح لهم أن يبيعوا للقراء والمشاهدين معلومات مصطنعة وكاذبة، تقوم بتجميل ورفع من يمكنهم أن يردوا لهم المعروف بمكرمات حكومية على حساب المصلحة العامة.

“ما يهمني هو كسب المال”، قال موزيس لنتنياهو في احد اللقاءات السرية المسجلة بينهما. “من الامور التي تبعث على الازعاج أننا لا يمكن أن نرد الجميل بالمثل لشخص رفيع بسبب عدد من الاشخاص التافهين”. مع مرور الوقت وضعت امام الناشر والسياسيين اشارات ضوئية تحذيرية على شكل تحقيقات ومقالات حذرت من أن هذه العلاقة المعيبة تجسد ضرر حقيقي بالقيم الاساسية للديمقراطية. ولكن بسبب أنهم واقعين في وهم الحصانة التي جاءت مع القوة، فانه لم يخطر ببالهم في أي يوم بأنهم سيجدون أنفسهم في غرف تحقيق الشرطة.

للدهشة، في الاشهر الاخيرة انضم مراسلون الى جهود نتنياهو ومبعوثيه للتقليل من الاهمية الكبيرة لملف 2000 و4000 وتسويقها على أنها قضايا صغيرة وتافهة. لقد قالوا للقراء والمشاهدين بأن النقاش المسموم بين نتنياهو وموزيس هو أمر معتاد حتى منذ عهد بن غوريون، وأن المطالب اليومية لالوفيتش من رجاله، الخضوع لنزوات عائلة نتنياهو، هي على الاكثر “تملق للشخص المنظم” من جانب وسيلة اعلامية عديم الاهمية.

وبدلا من أن يفهموا بأن احضار الملفات للمحكمة سيضمن حمايتهم وحماية مهنتهم وحرية التشغيل وحرية التعبير وقدرتهم على القيام بمهمتهم الصحفية التي هي صراع ضد مظالم الحكم، اصابتهم متلازمة ستوكهولم.

افيغدور ليبرمان خمن مؤخرا بأن مندلبليت لن يتهم نتنياهو بالرشوة. واذا حدث ذلك فستزداد احتمالات تشكيل حكومة في الـ 21 يوم القادمة. يصعب التقدير بأن ليبرمان كان محقا. ويصعب أكثر التخمين حول كيفية تصرف رئيس الحكومة. الاشخاص الذين التقوا معه مؤخرا قالوا بأنه بين حين وآخر طلب أن ينعزل ويفكر. الآن تقف امامه ثلاثة خيارات: الاول، الاكثر الحاحية، هو محاولة مكررة للتحصن في ظل الحصانة؛ الثاني هو محاكمة يناضل فيها على براءته. والثالث هو السعي الى صفقة تبعده عن الحكم ولكنها ستضمن “أنا لن انهي حياتي مثل اولمرت”، مثلما قال ذات مرة لملياردير مقرب منه. السؤال هو هل بقي مكتب المستشار القانوني العنوان لصفقة كهذه بعد حملة تشويه السمعة الملوثة التي ادارها نتنياهو ضده وضد رجاله في الاشهر الاخيرة والتي استمرت مساء أمس في عرض مخجل ومهين للضحايا والتحريض.

الشهود في ملفات نتنياهو والذين عملوا معه خلال سنين كثيرة، وصفوه بأنه شخصية مزدوجة. فمن جهة هم تحدثوا عن شخص متزن وحذر جدا وشكاك وفعال ويقوم باقصاء المقربين منه. في المقابل، يظهر في الشهادات كشخص غير متزن ويعتبر الوقائع كأمر يتعلق بالتدليل له ولابناء عائلته من ارباب المال. وبالاساس صورته في وسائل الاعلام الرئيسية، الضرورية بالنسبة له من اجل بقائه السياسي. وقد أحسن وصف البعد غير المنطقي في شخصية رئيس الحكومة المقرب منه شلدون ادلسون، الذي رفع الصحيفة واسعة الانتشار التي أسسها نتنياهو الى درجة إله تقريبا. لقد قال ادلسون في شهادته في ملف 2000 بأنه “لم أحصل على ما يكفي من الصحف لصالحه”. هذه الامراض هي التي حسمت أمر نتنياهو وهي التي جعلته يجتاز الخطوط الحمراء والتي حولته مساء أمس الى رئيس الحكومة الاول في تاريخ الدولة الذي يتهم بتلقي الرشوة وهو في منصبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى