هآرتس – بقلم عودة بشارات – ماذا لو كنت تعيش في غزة، ياالوف بن
هآرتس – بقلم عودة بشارات – 17/9/2020
“ لو كان الوف بن يعيش في غزة، ويعيش الواقع الذي يعيشه الغزيون،واقتضى منه الامر الحصول على تصريح من الادارة المدنية لأي خطوةيخطوها، لكان كتب أمورا تختلف عن الامور التي كتبها “.
لقد صاغ ماركس المقولة الخالدة “الوجود يحدد الوعي“. لو أن محرر“هآرتس” الوف بن كان يعيش في مخيم للاجئين في غزة لكان يمكنناالتخمين بأنه لم يكن ليكتب اقوال الثناء التي كتبها عن الاتفاقات التي تمالتوقيع عليها في واشنطن (“هآرتس“، 16/9). أن يعيش بدون أي قيودباستثناء قيود الكورونا، يريد أن يكون جزء من الانوار الساطعة في واشنطن،من الغنى، من البدلات البراقة، من معسول الكلام اللاصق، من الابتسامات،من دانا فايس التي تسحب مراسل عربي في منتصف تقريره – تعال الىهنا – هي تريد أن تتباهى امام المعجبين بها بالصديق العربي الذي قامتباصطياده.
لو كان الوف بن من سكان مخيم جباليا ينظر الى العالم الغريب الذييحتفل بالسلام الذي يمكن أن يكون من نصيبه، وبعد لحظة من الاقوال التيتثير الشفقة سيعود الى الاغلاق الخاص والى ظروف المعيشة التي وصفهاالخبراء الدوليون بأنها قريبة من “كارثة انسانية“، لكان كتب بطريقة مختلفة. الشاعر جبران خليل جبران كتب: “مُرة هي مواعظ السعداء على قلوبالبائسين“.
اترك غزة، يا الوف بن، وضع نفسك محل الرئيس الفلسطيني بعظمتهوجلاله. تخيل أنه في كل مرة تريد السفر من يافا الى شمال ابيب تكونبحاجة الى تصريح من موظف الادارة المدنية، الذي يتباهى بأنه منعالاوروبيين من تقديم المساعدات للفلسطينيين في المناطق ج.
من المؤسف القول إن النظرية التي تقول بأن “التاريخ يرى في احداثالسلام عملية واحدة تتمثل بقبول اسرائيل في الشرق الاوسط“، التي تحدثعنها محرر “هآرتس“، المرحوم دافيد لنداو، تناقض الواقع. أي “قبول” لاسرائيل في الشرق الاوسط عندما يقتصر التعاون بين اسرائيل وبين مصروالاردن على المجال العسكري فقط؟ ذات يوم تحمسوا للاختراع العجيبالمسمى “نقاطة“، الذي كان أداة تعريف للعقل اليهودي. ووعد العالم العربيبأمور عجيبة. ذات يوم كان في القاهرة مركز ثقافي اسرائيلي نشط. وذاتيوم كان هناك مثقفون مصريون تحمسوا من العصر الجديد الآخذ فيالتبلور.
كل هذا تحطم بعد عملية “سلامة الجليل“، التي جلبت الخراب والدمارللبنان وطرد آخر للشعب الفلسطيني. والجليل واصل المعاناة أكثر فأكثر. أي“قبول” هذا عندما يأتي فقط مبعوثون صغار لعدد قليل من الدول العربية الىالاحتفال، حتى اوروبا تجاهلت هذا “السلام“؟.
اذا كان الوف بن يقصد قبول اسرائيل في عالم التجارة الامنية، فهيمنذ زمن تعتبر الجزء الفعال فيه وليس فقط هي موجودة هناك. نحن نتذكرجيدا التعاون الامني مع نظام الابرتهايد في جنوب افريقيا، اضافة لتزويدالسلاح لبؤر النزاع الساخنة في العالم. السلاح بدلا من النقاطات – هذههي بطاقة التعريف الجديدة لاسرائيل.
وهاكم قطعة اخرى من الحلوى للاتفاق الجديد: يوجد لاسرائيل كما هومعروف تفوق عسكري في المنطقة. ولكن في اعقاب اتفاق السلام الجديدالذي يتضمن، بالتأكيد، تزويد طائرات اف35، هذا التفوق سيهتز. لذلك،اسرائيل تريد الآن المزيد من السلاح المتطور من اجل تحقيق التفوق المأمول. واذا كان الامر كذلك، فلماذا كل هذه المراوغة؟ قوموا باعادة الـ اف35 وكلشيء سيتم تدبره. يبدو أنني ساذج. لأنه في نهاية المطاف كيف سيحركوناقتصاد السلاح الذي يدر عشرات وربما مئات المليارات التي تذهب مباشرةالى ارباب المال الامريكيين ووكلائهم في الشرق الاوسط.
اجل، فقط اسرائيل العسكرية اصبحت جزء من المنطقة. وعن هذاستدفع المنطقة كلها، بما في ذلك اسرائيل، ثمنا باهظا.