ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عودة بشارات – غانتس : وعد – خيبة أمل – مسخرة

هآرتس – بقلم  عودة بشارات – 26/10/2020

لا اعرف كيف افترضت أنا والعديد امثالي أن هذا الشخص الذي هو غانتس بكل ما فيه من تشويه اخلاقي يمكنه ان يحدث تغييرا“.

في احدى المرات ندمت على أنني لست رساما كاريكاتيريا. كان هذا بعد فيلم الرعب لبيني غانتس، رئيس حزب حصانة لاسرائيل حينئذ. في الفيلم القصير تشاهد ارقام تتراقض على شاشة سوداء – وهذا هو عداد الجثث لسكان غزة (مخربون، باللهجة الاسرائيلية) والذين كان غانتس مسؤولا عن موتهم في عملية الجرف الصامد. العداد يتراقض كالمجنون للحاق بمعدل وتيرة الحصاد للجثت وفقط عند الرقم 1.364 يتوقف. الفم كان جافا.

أردت حينئذ  رسم جبل من الجماجم –  والى جانبه يقف رجل عسكري ضخم، يشير الى الغنيمة التي احضرها معه الى سوق الانتخابات الاسرائيلية. في نظري كان هذا هو الترجمة الحقيقية للفيلم المريض لغانتس: مجد على جبل من الجماجم.

كعادتي فكرت ايضا بالاسئلة التي من شأنها ان تطرح بعد نشر رسم كاريكاتوري كهذا – من أجل تقديم علاج مسبق للضربة. فكرت، على سبيل المثال، بانه سيكون هنالك من سيهاجمون الرسم الكاريكاتيري ويدعون بان الامر يتعلق بمنشور لاسامي؛ وخاصة آخذين بالاعتبار حقيقة ان العسكري البطل سيكون لابسا الزي العسكري للجيش الاسرائيلي. لدفاعي خططت القول: “هذا غانتس وليس أنا الذي يتفاخر بالجثث التي جمّعها”.

فكرت أيضا انهم سيقولون، “بالاجمال يدور الحديث عن مخربين” وهي صفة تمنح شرعية لقتل دون ندم. ولكن أيضا بهذا الشأن فانني قدمت علاجا مسبقا للضربة، وخططت ان اجيب: لنفترض ان القتلى هم من تقولون. ولكن ايضا لو كان الامر يتعلق بـ 1.364 ذئبا متعطشا للدماء، فان شخصا عاقلا لم يكن ليتفاخر حتى بقتل احد منها.

فقط لو فكرنا باللحظات الاخيرة لواحد أو واحدة من الـ 1.364 من هؤلاء القتلى فان ظلاما دامسا سوف يغمرك. ان تخيل الجدار الذي انهار على الجمجمة التي سحقت، والعظام التي تكسرت، والدم الذي اختلط بالرمال، وبالرأس المقطوعة والذراع المقطوعة، بعيدا عن الجسد، والاصبع الذي اختفى في رمال غزة، والدم الذي سال، بداية بتدفق قوي وبعدها اخذ يضعف، رعب الموت في العيون.

“هذه هي عجلة العالم، هي توحد في نفس المكان الفرحة الكبيرة والالم الكبير، الرائحة اللطيفة للسوائل الصحية والقذارة المتعفنة للجرح الذي سرت فيه الغرغرينة، من أجل اختراع جنة وجهنم يجب أن تعرف جسم الانسان”، كتب خوزيه سراماغو. غانتس عين مسؤولا عن جهنم في هذه المعادلة بما في ذلك امتياز واحد: جهنم شوهدت فقط من خلال شاشات البلازما في مقر قيادته. ان الذهول والخوف من صرخات الالم والموت الذي يقترب تركها لسكان غزة. بعيدا عن العين بعيدا عن القلب.

انا أكتب هذه الاقوال ازاء ما يحدث في هذه الايام في الضفة الغربية المحتلة، حيث غانتس هو المسؤول الاعلى هناك. أنا افكر بمرؤوسيه، الذين يمنعون الفلسطينيين من قطف الزيتون، بعد ان سوروا اراضيهم وابقوا لهم عدة فتحات، يغلقونها تقريبا طوال ايام العام. مرؤوسيه الذين يحمون مستوطنين يحرقون اشجار الزيتون ويسرقون المحاصيل. مرؤوسيه الذين يحمون مستوطنين ينكلون بقطعان الرعاة في غور الاردن ويطلقون الكلاب ايضا على القطعان وعلى الرعاة. وكأنه لا يكفيهم هذا فان مرؤوسي غانتس يدمرون المساكن في الغور والسكان الذين ليس لديهم شيء يبقونه لرحمة السماء. من الجيد أن هنالك سماء.  

اليوم بطل الجثث، حتى في مكانته الرفيعة كوزير دفاع، لم يعد له علاقة. بنيامين نتنياهو يبعده عن كل ضجيج الاتفاقات مع الدول العربية، وما تبقى له هو التسريب، لانه لم يعرف عن صفقة طائرات الـ أف 35 لاتحاد الامارات. هذا مثل أن نخفي عن الشيف الرئيسي في قاعة الافراح نوع الوجبة الرئيسية الذي مطلوب منه اعدادها. هو خرقة بالية تماما. بقي لي فقط أن اتساءل كيف افترضا انا والعديد امثالي أن هذا الشخص بهذا التشويه الاخلاقي المغروس عميقا في روحه يمكنه ان يحدث تغييرا. بقي فقط العودة الى سراماغو والى عجلة عالمه: ها هو احد الاشخاص تحول من وعد الى خيبة أمل وفي هذه اللحظة اصبح مسخرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى