ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عودة بشارات – غائبون عن الاحتجاج : أين فرق الناصرة، سخنين وأم الفحم؟

هآرتس – بقلم عودة بشارات – 31/8/2020

يجب على العرب أن يشاركوا بصورة مكثفة في الاحتجاج وفي رسم طريقه. وبدون ذلك سيبقى الاحتجاج ناقص مثل القهوة التي ينقصها الهال “.

أبو شادي، مقاول اعمال معادن، كان يغلي كل صباح القهوة لعماله. بصوته الهادر والمخنوق كان يصرخ على أحد معارفه في موقع العمل: “حاييم، تعال وصحح رأسك” (ترجمة حرفية للتعبير العربي الذي معناه استيقظ). حسب الطقوس الثابتة وببراءة زائفة، كان حاييم يجيب باستغراب: “لماذا، يا أبو شادي؟ هل رأسي معوج؟ ولكن بعد شرب القهوة بالهال، الجميع يشعرون بالحيوية والرأس يكون قد استقام.

نفس القهوة العربية مع الهال مطلوبة اليوم وبصورة مستعجلة، لتقويم الاحتجاج الذي طفح كيله في المظاهرات الضخمة في بلفور وقيصاريا، وبصورة متناوبة على مفترقات الطرق وعلى الجسور في ارجاء البلاد.

عند مشاهدة الاستطلاعات التي تعطي لحزب يمينا أكثر من ضعف المقاعد مقابل ما حصل عليه في الانتخابات الاخيرة، وبعد أن القى محرر “هآرتس”، الوف بن، قنبلة نووية صغيرة بشأن احتمالية أن يقطف نفتالي بينيت، رئيس حزب يمينا، ثمار الاحتجاج ويصعد الى السلطة في اعقاب استقالة بنيامين نتنياهو، كتبت الصحافية المخضرمة سلفي كيشت في تويتر: “عندما قرأت في الصحيفة مقال ألوف بن “هم لن يختفوا” والذي يدعي بأن كل المظاهرات يمكنها ربما أن تسقط بيبي، لكن ليس اليمين المجنون – اسودت الدنيا أمام عيني وفي قلبي”.

المثل العربي يقولو: “احرث واضرس لبطرس”. هكذا، قلبي مع المتظاهرين في بلفور، الذين عدد منهم يتظاهرون منذ سنوات ضد فساد الحكومة. وقلبي مع من ينامون منذ اشهر على الارصفة قرب مقر رئيس الحكومة، ومع الشباب الذين يأتون الى القدس من ارجاء البلاد ويتعرضون لعنف الشرطة وزعران اليمين، وعدد منهم يتم نقلهم الى المعتقلات والى مراكز الشرطة. وبعد كل ذلك يحظى بينيت بكل الصندوق. هذا هو نفس بينيت الذي توسل لحكومة نتنياهو من اجل أن يواصل المشاركة في الحكومة الى أن طرده نتنياهو بصورة مخجلة. هذه السخرية ستحدث هنا امام عيوننا المندهشة.

هناك مثل عربي يقول: “الثورة يخططها الاذكياء وينفذها الشجعان ويقطف ثمارها الانتهازيون”. لذلك، فان ما يجب فعله الآن هو تحرير الاحتجاج من بين اسنان الانتهازيين: بدون تجنيد كثيف للعرب للاحتجاج سيتحول بالتدريج الى ساحة تجارب لمخربي اليمين في الخارطة السياسية.
نعم، العرب مطلوب منهم أن يكونوا شركاء شجعان من اجل تقويم الاحتجاج وتوجيهه نحو الاتجاهات الصحيحة. توجد للعرب حساسية لمنع انزلاق الاحتجاج الى ازقة مظلمة وخطيرة – ليس لأنهم عرب، بل لأنهم المجموعة الاكثر اضطهادا في الدولة. والناس الاكثر اضطهادا، يعلم التاريخ، يمسكون بالمصباح الاخلاقي الذي يحافظ على الاحتجاج نقيا.

لن ينبت من اوساط العرب في أي يوم من سيمنح اعداء الاحتجاج ثماره (انظروا انضمام بني غانتس، رئيس ازرق ابيض، لحكومة المتهم بمخالفات جنائية). ليس فقط هذا. من تهمهم سلامة الاحتجاج يجب أن يسألوا دائما ما هو موقف العرب، الاكثر اضطهادا، والتأكد من أنهم يوجدون في داخل الاحتجاج، لكونهم جزء من الاحتجاج وايضا لكونهم نشطاء في رسم طريقه.

الآن أنا أرى المزيد من العرب يشاركون في الاحتجاج. هذا جيد، لكنه غير كاف. أين فرق الناصرة وسخنين وطمرة وأم الفحم ورهط والطيبة والطيرة وغيرها؟ قيادة الجمهور العربي، سواء في الكنيست أو في لجنة المتابعة أو في لجنة رؤساء السلطات، مطلوب منها أن تلقي كل ثقلها في هذه القضية المهمة جدا: لمنع استمرار حكم نتنياهو.

صحيح أن نتنياهو هو فرد، لكنه يرمز الى كل الشر الموجود في الدولة، خاصة الشر تجاه العرب. واسقاطه هو بداية تفكك نظام الكراهية والتحريض واقصاء العرب.

العرب هم الهال الذي بدونه فان القهوة التي يتم طبخها حول بلفور ستبقى ناقصة الطعم وناقصة الاصالة، والرأس بعد شربها سيبقى معوج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى