هآرتس – بقلم عميره هاس – مسكينة اسرائيل التي قَدَر أولادها أن يكونوا هكذا الى الأبد
هآرتس – بقلم عميره هاس – 8/9/2020
“ الجنود يجدون في الاعتقالات الليلية نوع من النشاط العسكري الذي يكسر روتينهم. وهم يفضلون أن يجدوا أمامهم فلسطينيين منصاعين ومساكين. لذلك، فان أي اشارة الى غير هذا السلوك تعتبر تصرف عنيف يقتضي ممارسة العنف من جانبهم “.
“الاعتقالات هي أمر جذاب للجنود. على الاقل في البداية. هذا هو النشاط الوحيد الذي يقومون به والذي يبدو أنه حربي. وكل النشاطات الاخرى هي نشاطات شرطية. في حين أنه هنا توجد مهمة عسكرية اكثر”، هذا ما قاله جنديان مسرحان قبل سنة تقريبا. “لقد قمنا بجولات، تدريب على الرماية، تصببنا عرقا – وفي نهاية المطاف نقوم بفتح البوابات للعمال في الصباح. الاعتقالات هي الجزء الوحيد في هذا الروتين العملياتي الذي يطبق فيه الجنود الامكانيات الكامنة لديهم والمهمات التي تم اعدادهم من اجلها”. هل الجنود الذين اقتحموا في 23 آب الماضي بيت عائلة التميمي في النبي صالح في الساعة الثالثة فجرا، جسدوا مهماتهم عندما اصيبت الجدة حليمة (74 سنة) بالاختناق بسبب غاز الفلفل وعندما بكى حفيدها الصغير سامر؟ هل شعروا أنهم في نشاط حربي عندما اعتقلوا حمادة إبن 21 سنة؟.
“الاعتقالات هي هدية. حق. هناك ما يمكن التحدث عنه للاصدقاء”، قال الجنديان المسرحان اللذان قدما افادات لـ “نحطم الصمت”. وقد قالا: “لكونك جندي فانه توجد لديك اجندة روتينية جدا، تفتح البوابات وتعزز المفترقات. الاعتقال هو أمر هام. الدخول الى قرية في الليل مع رصاصة في البندقية يزيد افراز الادرينالين. الجنود يحبون ذلك”.
حمادة تفاجأ من سؤالي: من الواضح أن الجنود قاموا باجلاسه على ارضية السيارة العسكرية ويديه مكبلة وراء ظهره وهو معصوب العينين. أليس هذا هو الامر المعتاد؟ في محادثة معهم، أحد الجنود السابقين فجأة استوعب: “لقد كان من الطبيعي جدا بالنسبة لنا أن المعتقلين يتم اجلاسهم على ارضية السيارة لأنه لا يوجد مكان على المقاعد من “كثرة عدد الجنود”. على الارض كل شيء يتم لاسباب لوجستية. لا يتم ارسال سيارة خاصة للاعتقال. عندما يعودون الى الموقع يضعون المعتقل في الغرفة الفارغة الموجودة، حتى ليوم كامل”. أي أنه ليس كل معاملة مهينة ومؤلمة هي متعمدة. احيانا يكون الامر يتعلق باكتظاظ وموازنة. حمادة كان عالق لمدة اربع ساعات في احد المواقع، وبعد ذلك حوالي عشر ساعات في موقع آخر، مقيد ومعصوب العينين، والجنود يتجولون حوله. هذا هو روتين الجنود. ومن الامور الروتينية بالنسبة لهم أن يحتجزوا اشخاص بهذه الصورة – مقيدين ومعصوبي العينين.
المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي أكد بأن الاعتقال نفذ “بناء على طلب قوات الامن”. ولكن في ايام اعتقاله الاربعة فان حمادة التميميم لم يتم التحقيق معه حتى ولو لدقيقة واحدة. ليس من قبل الشباك أو من قبل الشرطة. اذا من بقي من قوات الامن والذي طالب باعتقاله؟ يجب تمديد الاعتقال خلال 96 ساعة منذ اللحظة التي تم فيها أخذ الشخص من قبل الجنود. “اختطف” مثلما يقول الفلسطينيون. قبل انتهاء الفترة المحددة للسلطات، حمادة لم يكن في قائمة المعتقلين التي أعدتها الشرطة للمحكمة العسكرية من اجل تمديد اعتقاله. وقد تم اطلاق سراحه في مساء 26 آب. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي أكد أن الاعتقال نفذ بناء على اعتبارات عملياتية. ما هي هذه الاعتبارات؟ حاجة الجنود الى التمرين؟ أو من اجل أن يوضحوا للقرية، المتعبة من نضال استمر لعشر سنوات، أن لا يتجرأوا ويقلقوا راحة مستوطني حلميش الذين سيطروا على النبع فيها وعلى اراضيها.
“ابناء عائلة التميمي تصرفوا بعنف”، شرح المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي لماذا قام أحد الجنود في الغرفة المغلقة برش غاز الفلفل عليهم. كذب. ابناء العائلة لم يتصرفوا بعنف. هم فقط رفضوا الصمت والانصياع لأوامر مقتحمي بيتهم. هم ايضا صوروا ما يحدث. الجيش الاسرائيلي – كممثل أصيل لاسرائيل – يفضل أن يكون الفلسطينيون خانعين ومساكين.
عندما وصل عنف قوات الامن الى ابعاد استثنائية ومصورة، فهنالك اسرائيليون ما زالوا مصدومين. هذه الصدمة لا تدلل على انسانيتهم، بل على تطبيع العدوانية اليومية، غير الاستثنائية كما يبدو، لجنود على البوابات الزراعية، دفاعا عن مستوطنين في اراضي ليست لهم، وعلى الحواجز الطيارة وفي الاعتقالات الليلية. مساكين الجنود، الذين مهماتهم هي ابقاء عدد قليل من السكان المدنيين، تحت حكمنا الاجنبي والعدائي، واعتبارهم عدو عسكري. ومسكينة اسرائيل، التي تعد اولادها ليكونوا هكذا الى الأبد.