ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم  عميره هاس – سلطة الخوف

هآرتس – بقلم  عميره هاس – 13/11/2019

صاروخ اصاب أمس في الساعة العاشرة صباحا الطابق الخامس في مبنى “حرارة” في مركز مدينة غزة، مقابل مبنى المجلس التشريعي الفلسطيني. هذا صاروخ كان يجب أن يصل الى اراضي اسرائيل، لكن ضاعت الفرصة من مطلقيه. الذين يتوقع أن يكونوا من الجهاد الاسلامي بالتأكيد. ولسخرية القدر أنه اصاب مباشرة مكاتب الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الانسان التي تشرف على تصرف السلطات الفلسطينية وتقدم التقارير عن الاخلال بحقوق الانسان والمواطن في الضفة الغربية وفي قطاع غزة.

مصادر اسرائيلية قالت للصحيفة إن الصاروخ غير اسرائيلي. ولكن يمكن الاستنتاج بأن الامر يتعلق بصاروخ محلي حتى من الصمت الذي فرضته على نفسها مواقع الاخبار الفلسطينية. فهي لم تبلغ عن الدمار الذي سببه للطابق الاسفل من الطوابق الثلاثة التي تحتلها الهيئة في المبنى الفاخر. في غزة يصعب اخفاء سقوط صاروخ أو قذيفة محلية في القطاع، لكن ما قيل بالهمس لا يتم الابلاغ عنه من قبل وسائل الاعلام الفلسطينية، وبالتأكيد ليس في وقت حدوثه. وحتى بدون أوامر من اعلى فان الرقابة الذاتية تعمل. بعض المواقع نشرت النبأ لصحف الهيئة، التي تريد من المجتمع الدولي التحقيق وتدين التصعيد الذي خلقته اسرائيل مع تصفية القائد الكبير في الجهاد الاسلامي، بهاء أبو العطا، الذي قتل فيه ايضا زوجته أسماء، واصيب ثمانية اشخاص آخرين.

موظفان من الهيئة في الطابق الخامس الذي اصيب صعدا قبل بضع دقائق الى الطابق السابع من اجل التدخين، وبهذا نجيا من الاصابة. نحو 8 موظفين آخرين، الذين جاءوا في الصباح، كانوا في مكاتبهم في الطابق السادس. احدهم اصيب اصابة طفيفة. رجال جهاز الامن الداخلي في سلطة حماس ورجال الدفاع المدني وصلوا الى المكان وجمعوا شظايا الصاروخ. وتصعب معرفة هل ومتى سيتم تسريب امور حول ما حدث لاحقا. هل سيتم اجراء تحقيق في محاولة لفهم لماذا سقط الصاروخ في هذا المكان، وهل سيتم توبيخ شخص ما أو ستتم معاقبته.

في الوقت الذي سقط فيه الصاروخ في مكتب الهيئة كان معروف أن نصف دولة اسرائيل اغلقت بسبب صواريخ الجهاد الاسلامي. السكان في القطاع سمعوا اشخاص اسرائيليين اجريت معهم مقابلات وهم يتحدثون علنا عن ذعرهم. هذا الذعر الاسرائيلي والتقارير عن مغادرة البيوت في غلاف غزة، اعتبر في السابق انجاز للتنظيمات الفلسطينية، وعلى رأسها حماس والجهاد. القدرة على “الرد” على الاسرائيليين على كل جولة هجمات عسكرية والتسبب بخوفهم خلال شل مؤقت لحياتهم الروتينية، رفعت من مكانة المنظمتين، لا سيما في نظر فلسطينيين يعيشون خارج القطاع. ولكن عدد لا يحصى من الجولات المشابهة للتخويف المتبادل وغير المتناظر اثبت أن عدد المصابين في الطرف الفلسطيني وحجم الضرر للاقتصاد والاملاك والبنى التحتية في القطاع هي اكبر بأضعاف. 

عندما تتبع حماس تكتيك التخويف المضاد، يمكن أن ننسب له هدف ومنطق سياسي ما. ويمكن الافتراض بأن حماس عرفت كيف تضع حدود للجولة العسكرية لأن لديها مسؤولية وعليها الاصغاء لما يعتمل في قلوب السكان. لدى الجهاد الذي ليس لديه طموحات للقيادة والمشاركة في الانتخابات، التخويف والانتقام (الحق في الرد) تصبح هدف. يصعب ان نضع لها حدود بدون هدف سياسي محدد (باستثناء تحرير كل فلسطين). أمس بعد الظهر اعلن متحدثو الجهاد بأنهم لم يردوا حقا على التصفية. تبجح أو وعد، في محادثات شخصية، الفلسطينيون في القطاع لا يضعون رقابة على انفسهم: هذا يخيفهم جدا. 

موظفو الهيئة الذين جاءوا في الصباح الى المكتب الرئيسي في غزة كانوا من سكان القطاع المعدودين الذين خرجوا من البيوت صباح أمس. تماما مثلما في المسافة بين غلاف غزة وتل ابيب، ايضا في القطاع تم الاعلان عن اغلاق المدارس والجامعات. عدد من المعلمين والمدراء ضبطهم الاعلان وهم في الطريق الى المدارس وعادوا على اعقابهم. الشوارع كانت فارغة والاسواق لم تفتح وفقط بقالات محلية فتحت من اجل أن ينزل السكان لشراء شيء ما. أم لخمسة اولاد افادت بأنها لا تعرف اذا كان الناس في القطاع فرحين بسبب ذعر الاسرائيليين. “لأننا جميعا محاصرين في بيوتنا”.

فتاة قالت إن ثلاثة انواع من الانفجارات تثير ذعر السكان: سقوط صاروخ اسرائيلي واطلاق صاروخ محلي واعتراض صاروخ من قبل القبة الحديدية. مع ذلك، الجمهور الفلسطيني، بما في ذلك ممثلو فتح وم.ت.ف موحد في اعتبار تصفية أبو العطا جريمة اسرائيلية. كصدى لذلك، بين كل التقارير العدائية له منح موقع الاخبار للجهاد “فلسطين اليوم” بعد شخصي لرسم صورة أبو العطا. لقد عرض كأب مخلص، ووعد عشية موته ابنته باحضار كعكة لها بمناسبة عيد ميلادها الذي صادف يوم الثلاثاء أمس. كما وعد، حسب قول شقيقه ايهاب، بلانتقام لقتل الشاب البدوي في مخيم العروب للاجئين الذي قتله الجنود في يوم الاثنين.

مثل كل سكان القطاع فان ممثلي الهيئة الفلسطينية لحقوق الانسان تولدت لديهم التجربة في الهجمات الثلاثة العسكرية الاسرائيلية الكبيرة وفي عشرات الهجمات العسكرية الاخرى. كلهم جربوا لحظات كثيرة من الخوف من الموت. وجميعهم لهم اقارب واصدقاء من بينهم اطفال ونساء وشيوخ قتلوا واصيبوا في هذه الهجمات. الصاروخ الذي اصاب الطابق الاول اثبت أنه لا يوجد احد يعتاد على الخوف.

ولكن قواعد الرقابة الذاتية تعمل ليس فقط على الصحافيين الفلسطينيين، بل ايضا على كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية الذين يعارضون نهج الجهاد. هم لا يستطيعون ان يقولوا بصورة مباشرة وعلنا بأن المنظمة التي تمثل عدد قليل في المجتمع الفلسطيني ليس لها الحق في أن تقرر، الى جانب وزير الدفاع الاسرائيلي نفتالي بينيت ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بأن قطاع غزة سيدخل ثانية الى جهنم الحرب.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى