هآرتس – بقلم عميره هاس – انتخابات في الغد
هآرتس – بقلم عميره هاس – 4/10/2020
“ إن خلق توقعات وآمال باجراء انتخابات في الوقت القريب هو وسيلة للحفاظ على شرعية النخبة السياسية وكبار الموظفين في السلطة الفلسطينية. وهي تشكل بديل للفعل نفسه “.
الوعد باجراء انتخابات عامة “قريبا” تردد في الشهر الاخير صبح مساء في وسائل الاعلام الفلسطينية. مع كل الرغبة في تصديق صدق هذا الوعد في هذه المرة، لا يمكن تجاهل النموذج السائد في الـ 11 سنة الاخيرة: الشخصيات الرفيعة في السلطة الفلسطينية وفي حركة فتح يخلقون ضجة ترفع التوقعات والتجند العام للمهمة الديمقراطية المقدسة. بعد ذلك، في اللحظة الاخيرة أو قبل الاخيرة، فان سبب معين أو تبرير معين سيكون كافيا لتجميد هذه العملية.
من الصعب عدم الاستنتاج بأنه مثلما في السابق، فان هذا الوعد الذي يسمع الآن في كل نشرات الاخبار هو بديل للفعل نفسه. بناء التوقعات للانتخابات هو وسيلة للحفاظ على شرعية النخبة السياسية وكبار الموظفين الذين يحتفظون بالوظائف لمقربيهم. واستبدال الفعل باقوال موصى بها هو الطريقة لضمان مكانتها، وضمان أن لا تكون هناك اضطرابات سياسية كبيرة جدا تحتج عليها. وبدون أن يقصدوا هذا عمدا فان هذه النخبة في فتح وحماس، على حد سواء، تعدان بالحفاظ على الوضع. أي وجود الجيوب الفلسطينية لأنهما لا تستطيعان منع اسرائيل من الدفع قدما بخطوات كبيرة، مشروع النهب الاستيطاني لها. قبل نحو 16 سنة جرت الانتخابات الثانية والاخيرة لرئاسة السلطة الفلسطينية. وقبل نحو 15 سنة جرت انتخابات المجلس التشريعي للسلطة والذي تم شل عمله بسرعة لأن اسرائيل قامت باعتقال العديد من اعضائه وحركة فتح رفضت قبول حكم الناخب الذي اصعد حماس الى السلطة (اعضاء حماس في المجلس في غزة يواصلون الاجتماع حتى الآن من اجل التحادث وسن تشريعات تشبه القوانين).
تقريبا مثلما هي الحال دائما في الـ 11 سنة الاخيرة فان وعد الانتخابات القريبة ترافقه خطوات مصالحة مغطاة اعلاميا بين فتح وحماس. ولكن في هذه المرة جهود المصالحة تمت في ظل الضربات الدبلوماسية التي وقعت على الفلسطينيين. هنا على الاقل لا يوجد نفاق: الطرفان الفلسطينيان المتخاصمان موحدان في معارضة صفقة القرن وتطبيع العلاقات لدول عربية مع اسرائيل. مع ذلك، هذا يبدو مثل رد: مثلما في شهر ايلول 2019 عندما وعد محمود عباس باجراء انتخابات “خلال ستة اشهر”، ايضا في ايلول 2020 الوعد هو ارسال الناخبين الى صناديق الاقتراع خلال نصف سنة، وكذلك الى ثلاث تصويتات منفصلة وليس في نفس الوقت: اولا للمجلس التشريعي وبعد ذلك للرئاسة وبعدها للمجلس الوطني (برلمان م.ت.ف) – أي في الجاليات الفلسطينية التي توجد في الشتات. وكل ذلك في زمن الكورونا مع خزينة فارغة وسفارات متعثرة.
خطوات المصالحة بين حماس وفتح تبدو دراماتيكية وسريعة، بشكل خاص في الشهر الاخير. ويشرف عليها مثلما في السابق جبريل الرجوب، السكرتير العام للجنة المركزية في فتح ورئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني. بعد بضع مكالمات هاتفية بين عباس وهنية، ولقاء احتفالي عبر الانترنت لرؤساء التنظيمات الفلسطينية، في الاسبوع الاخير من شهر ايلول، خرج الرجوب الى جولات مكوكية التقى فيها مع كبار قادة حماس: صالح العاروري في اسطنبول، وخالد مشعل وموسى أبو مرزوق في قطر. تركيا وقطر لا تستضيفان فقط، بل هما تدفعان ايضا الطرفين للتصالح. وسوية مع ايران، يشكلون محور المعارضة للتقارب العربي – الاسرائيلي. بعد ذلك واصل الرجوب عقد اللقاءات في مصر والاردن، وهما الدولتان اللتان بدونهما لا يمكن أن تسير الامور رغم أنهما لم تعارضا اتفاقات التطبيع.
حسب التقارير، تم الحديث في اللقاءات عن انتخابات وعن تشكيل حكومة وحدة وطنية بعدها. ممثلو حماس اقترحوا أن تجري أولا انتخابات فلسطينية شاملة للمجلس الوطني – وهي فكرة منذ العام 2011 (منذ ايام الربيع العربي) يطرحها ممثلو التنظيمات الفلسطينية الاصغر ونشطاء اجتماعيين – سياسيين يعملون خارج الاطر الرسمية والصدئة. ولكن موقف فتح تغلب على ذلك. في هذه الاثناء الجبهة الشعبية وجهت انتقادا. هي بالطبع تؤيد الانتخابات، خاصة للمجلس الوطني، ولكنها تخاف من أن النزاعات بين فتح وحماس ستبقي التنظيمات الاخرى خارج الاطار. ويفضل أولا تشكيل حكومة وحدة، وهي التي تتولى الدفع قدما بهذه العملية.
لقد تم الوعد بأنه ستكون جلسة ثانية عبر الانترنت للأمناء العامين للفصائل (عقدت أمس)، من اجل مناقشة التفاهمات والاعداد للانتخابات. في يوم الخميس تنكر المتحدثون باسم فتح لهذا الوعد. في مساء نفس اليوم اجتمعت اللجنة المركزية لفتح وتم فيها مناقشة الانتخابات. ولكن ايضا تقرر، حسب اقوال الرجوب، “تشكيل قيادة موحدة تتحمل المسؤولية عن تطوير المقاومة الشعبية والنشاطات الوطنية في الوطن وفي الخارج”. هذه الصياغة الضبابية والشعارية وتأجيل اللقاء عبر الانترنت، تدل على وجود خلافات في الرأي.
لا شك أن الشعب يريد المصالحة. ولكن في أيدي السلطة الفلسطينية فان الحديث عن المصالحة هو ايضا سيف من كرتون تلوح به بين حين وآخر تجاه اسرائيل. وخاصة اليوم، يصعب على اسرائيل وعلى الاسرائيليين التأثر من التطورات التي تراوح في مكانها في الساحة الفلسطينية. هناك اشارة واحدة للاهتمام بها، مع ذلك، من الجيش الاسرائيلي والشباك: في يوم الجمعة اعتقل مرة اخرى حسن يوسف، من قادة حماس في الضفة. في كل مرة تبدأ فيها عملية مصالحة معينة، تحرص اسرائيل على اعتقال اعضاء حماس المشاركين فيها.