ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم عميره هاس – ارهاب بلدي …..!!

هآرتس – بقلم  عميره هاس  – 7/11/2021

” بنك البذور الذي يديره اتحاد اللجان الزراعية الفلسطينية ينقذ من الفناء بذور تراثية ويعمل على احياء تراث الزراعة الصديقة للبيئة. فهل هذا ارهاب بلدي؟ يجب على المجتمع الاسرائيلي والمجتمع الدولي عدم السماح لوزير الدفاع والجيش الاسرائيلي بتدمير هذا المشروع المهم “.

في كوابيسي الصيفية أنا أرى فصيل من جنود الجيش الاسرائيلي، المصابون بصدمة الادرينالين، وهم يقتحمون بنك البذور الذي اقامه اتحاد لجان المزارعات الفلسطينيات. رغم أنفي أنا اشاهدهم وهم يحطمون وينثرون بذور المزروعات البلدية قبل لحظة من توزيعها على المزارعين. ينبشون في غرفة التجميد العميق التي يتم تخزين هذه البذور فيها من اجل حفظها لسبعين سنة قادمة. أنا اشاهدهم وهم يدمرون المعدات في المختبر ويقومون بتحطيم اصص الصبار التي توجد في الممر. وما لا يحطمونه يسرقونه، أي “يصادرونه بلغة الجيش الاسرائيلي”. هذا الكابوس نتج عن اعلان وزير الدفاع بني غانتس عن المنظمات الفلسطينية الستة غير الحكومية، منها اتحاد اللجان الزراعية، بأنها منظمات ارهابية. حتى قبل ذلك اقتحم الجيش مكاتب هذه المنظمات وسلب اجهزة حاسوب ووثائق واغلق مدة نصف سنة المكتب الرئيسي لاتحاد اللجان الزراعية. تجربة صعبة لعشرات السنين تدل على أن جنود جهلة يتم تلقينهم بمفاهيم كاذبة عن المجتمع الفلسطيني، بالتأكيد هم معدون لأن يدمروا في ساعة أو في ساعتين أي عمل استمر لمدة طويلة لعشرات المنظمات ومعرفة متراكمة لمزارعين عملوا معها. جنودنا مبرمجون بحيث أنه بدون أي مشكلة سيلقون في سلة القمامة تراث زراعي استمر لمئات السنين، اذا لم يكن آلاف السنين، الذي تعمل اللجان الزراعية الفلسطينية من اجل انقاذه من الاندثار.

بنك البذور هو من المشاريع الفاخرة لهذه المنظمة الفلسطينية غير الحكومية وغير الكبيرة، التي انشئت في ثمانينيات القرن الماضي. موظفو اللجان الزراعية يجدون مزارعين ما زالوا يزرعون المزروعات البلدية. هم يجمعون ويطورون بوسائل طبيعية هذه البذور، يزيدون الكمية ويوزعونها أو يقومون ببيع بذور واشتال لمزارعين آخرين بسعر رمزي، شريطة أن يجلب هؤلاء في نهاية كل موسم حفنة من البذور البلدية الجديدة، وهذا الامر يتكرر باستمرار. 

القصة بدأت بالصدفة، في بداية سنوات الالفين. “الفترة الصعبة من الاقتحامات العسكرية والاغلاق المشدد والفقر”، قال مدير الاتحاد فؤاد أبو سيف. “لقد لاحظنا أن قطع الاراضي الزراعية الصغيرة التي كانت قبل سنة أو سنتين تنتج المحاصيل، غير مزروعة. خلال سنوات المزارعون قاموا بشراء البذور من شركات تجارية (اسرائيل أو شركات فلسطينية وسيطة). اثناء شراء البذور وعدوا بأن يشتروا من هذه الشركات كل سنة البذور الجديدة. وقد اكتشفوا أن البذور التي يتم انتاجها لا تعطي محصول جيد. بسبب اقتحامات الجيش لم يتمكنوا من شراء بذور جديدة. البذور البلدية التي تسمى تراثية، والتي عملية استخلاصها والحفاظ عليها هي طويلة وباهظة الثمن، لم تكن متوفرة. اتحاد لجان المزارعات تطوع للمهمة، ومنذ ذلك الحين هو يطور ويوسع مشروع بنك البذور.

البذور البلدية هي بذور “مكشوفة”، تهتم الرياح والنحل بعملية تلقيحها. البذور التي يتم شراءها من شركات انتاج زراعية هي بذور “مهجنة”، تم انتاجها عن طريق تهجين مراقب على يد الانسان بهدف تحسين مقاومتها. ومثلما كتبت رونيت فاردي في أيار 2015 فان “التهجين ينتج كتلة جينية غير مستقرة. ولا توجد أي ضمانة لانتقال صفات الجيل الاول للجيل الثاني. الاعتماد على شركات البذور الكبيرة أوجد انتاج موحد، الطعم كان هو المعيار الاخير في زراعتها، وأدى الى اختفاء انواع السلالات المحلية المختلفة”. 

في العالم وفي اسرائيل وفي المناطق الفلسطينية التي احتلتها اسرائيل في 1967، الزراعة الصناعية والبذور المهجنة تضمن مكاسب وانتاج وفير، لكن بثمن خسارة من نوع آخر. “الآباء زرعوا المزروعات البلدية، والجيل الحالي اصبح لا يعرف ما معنى ذلك”، قال أبو سيف. “عندما بدأنا في الالتقاء مع المزارعين من اجل العثور على بذور بلدية كبار السن في الاساس اهتموا، والشباب إما أنهم تركوا الزراعة وذهبوا للتجارة أو اهتموا بالارباح”. الاتحاد بدأ قبل بضع سنوات في اعطاء محاضرات في المدارس. “لقد شعرنا أن هناك تغيير. الاولاد ارادوا سماع المزيد حتى بعد انتهاء الدروس. الغريب هو أنه ليست لديهم أي خلفية في الزراعة، المعرفة لم يتم نقلها، بالاساس في الزراعة”. 

اضافة الى أن المزروعات البلدية تنتج بذور جديدة فانها في معظمها لا تحتاج الى الري. لذلك، المزروعات البعلية تناسب اكثر الاحتباس الحراري العالمي والواقع الذي فيه اسرائيل تمنع المياه عن الفلسطينيين. خلافا للبذور المهجنة التي تحتاج الى استخدام الاسمدة الكيميائية. الكومبست (سماد عضوي) يناسب للمزروعات التراثية، وهو صديق للبيئة.

ليس لاهداف ربحية، الاتحاد يساعد ايضا المزارعين على اعادة تأهيل الارض التي لم تتم فلاحتها منذ فترة قريبة والتي توجد قرب جدار الفصل أو في مناطق تعاني من عنف المستوطنين (شارع مخيف تقوم اسرائيل بشقه من اجل المستوطنين دمر 300 من بين الـ 1300 دونم التي قام باستصلاحها الاتحاد في منطقة حلحول). الاتحاد يعيد تأهيل ويبني سلاسل حجرية ويساعد على الانتقال لزراعة جديدة ومجدية اكثر في قطع الارض الصغيرة وتسويق زيت زيتون نوعي في الخارج. وهو يقدم ايضا البذور لنباتات برية مثل العكوب. مختبر بنك البذور تقوم بادارة مهندسات زراعيات شابات ومتحمسات. آلاف الفلسطينيين الذين توجد لهم قطع ارض صغيرة يتم استئجارها من قبل الاتحاد، وهو يقدم منح للطلاب، بالاساس للطالبات، الذين ابحاثهم تتعلق باعادة تأهيل وتطوير الزراعة التقليدية. 

هل هذا يعتبر ارهاب؟ محظور أن يسمح المجتمع في اسرائيل والمجتمع الدولي للجيش الاسرائيلي والشباك ووزير الدفاع بتدمير هذا المشروع الانساني المهم.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى